كان الفجر بالكاد يشرق، الضوء الباهت يزحف ببطء عبر نوافذ الكوخ الصغيرة، عندما أيقظه الصوت المألوف لراندولف.

"انهض، فينسينت. يوم جديد ينتظرنا."

تمتم فينسينت ببعض الكلمات الغاضبة، لكن صوته بالكاد كان مسموعًا تحت طبقة الإرهاق التي خيمت على جسده. جلس على السرير الخشبي، يمرر يده في شعره الفوضوي.

"هل نمت على الإطلاق؟ أشعر وكأنني بالكاد أغمضت عيني."

"النوم للضعفاء، وأنت لست هنا لتكون ضعيفًا."

كان صوت راندولف حادًا كعادته، لكنه يحمل صبرًا غريبًا.

بعد دقائق، خرج فينسينت من الكوخ، الهواء البارد يلسع وجهه، وضباب الصباح يلتف حول الأشجار الكثيفة. كانت الغابة مختلفة في هذا الوقت من اليوم؛ الطيور لم تبدأ بالزقزقة بعد، وكل شيء كان يبدو كأنه يحمل سرًا ينتظر الكشف عنه.

"اليوم سنتعلم شيئًا جديدًا." قال راندولف بينما كان يمشي بخطوات هادئة بين الأشجار.

"الصيد، أليس كذلك؟"

أومأ راندولف. "لكي تفهم القتل، عليك أن تفهم الحياة أولاً. والغابة معلم صامت لكنها صارمة."

بينما كان يتبع راندولف في صمت، بدأت أفكار فينسينت تتسلل إلى حياته السابقة. كان هناك دائمًا شيء ما في رائحة الغابة، في الصمت المشوب بالخطر، يعيده إلى تلك الليالي التي كان يقضيها في التسلل عبر الأزقة الضيقة والممرات المظلمة.

تذكر أول عملية اغتيال له. كان مجرد فتى، بالكاد يفهم وزن السكين الذي يحمله. الرجل الذي كان هدفه في ذلك اليوم كان نبيلًا صغيرًا، بالكاد أكبر منه بعشر سنوات. يتذكر كيف اختبأ في الظلال، يراقب الرجل وهو يتحدث ويضحك مع أصدقائه.

"هل تعرف ماذا تفعل؟"

كان الصوت في رأسه واضحًا، صوت معلمه القديم، ذاك الرجل الذي علمه أن يكون سلاحًا.

"القتل ليس مجرد طعن. إنه فن. إنه السيطرة الكاملة على نفسك وعلى فريستك."

تذكر كيف أمسك بالسكين في ذلك الوقت، يداه ترتجفان، لكنه نفذ المهمة على أي حال. الشعور الأول الذي اجتاحه لم يكن الرضا أو الفخر، بل الفراغ.

"الفراغ هو البداية." قال معلمه في تلك الليلة.

والآن، بينما كان يسير خلف راندولف في الغابة، شعر بنفس ذلك الفراغ يتسلل إليه مجددًا.

"فينسينت."

أعادته نبرة راندولف العميقة إلى الحاضر.

"أين كنت؟"

"فقط أفكر."

"توقف عن التفكير في الماضي. هنا في الغابة، الماضي لا يعني شيئًا."

3. درس القوس والصبر

توقف الاثنان عند بقعة مفتوحة، تحيط بها الأشجار من كل جانب. كانت هناك بركة صغيرة في المنتصف، الماء ساكن يعكس الضوء الباهت للشمس.

"هذا المكان مثالي." قال راندولف، وأخرج قوسًا بسيطًا وسهامًا من حقيبته. مرر القوس إلى فينسينت.

"سوف تبدأ هنا."

نظر فينسينت إلى القوس وكأنه شيء غريب تمامًا.

"أعتقد أنني أفضل السكين على هذا."

"القوس لا يتطلب قوة، بل صبرًا ودقة. وهذا ما تحتاجه الآن."

أمسك فينسينت القوس بتردد. حاول تثبيت السهم لكنه فشل عدة مرات، والسهم يسقط من يده كل مرة. راندولف لم يساعده، بل وقف يراقبه بصمت، عينيه تحملان مزيجًا من الحدة والانتظار.

"هل ستقف هناك فقط؟ ألا يمكنك أن تعلمني كيف أستخدم هذا الشيء؟"

"التعلم يأتي من الفشل. استمر."

بعد عدة محاولات، تمكن فينسينت من إطلاق سهم. السهم طار لكنه بالكاد تجاوز بضعة أمتار قبل أن يسقط على الأرض.

ضحك راندولف بصوت منخفض.

"على الأقل لم تؤذِ نفسك."

"مضحك جدًا."

...

مرت ساعات من التدريب، وكان فينسينت يتحسن ببطء. لكنه كان يشعر بالتعب، ويديه تؤلمانه من شد القوس.

فجأة، توقف راندولف وأشار نحو بقعة مظللة تحت الأشجار.

"انظر هناك."

تبع فينسينت إشارة راندولف ورأى غزالًا صغيرًا يشرب من البركة. كان الحيوان يبدو مسالمًا، رأسه منحني وعينيه الواسعتين تحملان براءة طبيعية.

"هذا هو هدفك."

شعر فينسينت بشيء يشبه العقدة في معدته. أمسك القوس بيدين مرتجفتين، وسحب السهم ببطء.

"خذ وقتك. لاحظ الرياح. لاحظ حركته."

تذكر كلمات معلمه القديم: "لا تقتل بسرعة. امنح نفسك الوقت لتفهم هدفك."

لكن يديه كانت ترتجفان، وقبل أن يتمكن من إطلاق السهم، شعر بهبة ريح خفيفة. أطلق السهم على أي حال.

السهم أصاب الغزال، لكنه أصاب ساقه فقط. قفز الحيوان وركض، يترك وراءه آثار دماء.

"لقد أصبته!"

"لكنه ليس ميتًا. الآن، علينا تعقبه."

...

تبع الاثنان آثار الدماء حتى وصلا إلى الغزال. كان الحيوان ملقى على الأرض، يلهث وعيناه تحملان مزيجًا من الخوف والألم.

"أنهِ عملك." قال راندولف وهو يمده بخنجر.

نظر فينسينت إلى الخنجر، ثم إلى الغزال. للحظة، تداخلت صورتان في ذهنه: الغزال أمامه، والرجل الأول الذي قتله في حياته السابقة.

"لماذا يجب علي فعل هذا؟" سأل بصوت منخفض.

"لأنك تريد القوة. والقوة تأتي من مواجهة ما تخشاه."

جلس فينسينت بجانب الغزال، ووضع يده على جسده المرتجف. شعر بنبض قلبه يتباطأ.

"شكرًا لك." همس للحيوان قبل أن ينهي حياته بخنجره.

عندما عاد الاثنان إلى الكوخ مع حلول المساء، كان فينسينت صامتًا. جلس أمام النار، يراقب اللهب يتراقص أمامه.

"كيف تشعر؟" سأل راندولف وهو يقلب قطع اللحم على النار.

"فارغ."

"هذا جيد. الفراغ يعني أنك تفكر. والذين يفكرون قبل أن يقتلوا هم الذين ينجون."

نظر فينسينت إلى اللهب، مسترجعًا ذكريات ماضيه. كان يعلم أن الغابة ليست فقط مكانًا لتعلم الصيد، بل مكانًا يواجه فيه شياطينه القديمة.

"غدًا، سيكون أصعب." قال راندولف.

ابتسم فينسينت ابتسامة صغيرة، وغمغم:

"بالطبع سيكون."

ومع ذلك، في أعماقه، كان يشعر بأنه أقرب خطوة إلى فهم نفسه، وإلى القوة التي يسعى إليها.

2024/12/17 · 22 مشاهدة · 783 كلمة
Ashura
نادي الروايات - 2025