فتح فينسينت عينيه على ظلام الكهف الكبير. كان يسند ظهره على واحدة من الأعمدة الحجريّة العملاقة، بينما كانت توجد نفحة من ضوء الأحجار الكريمة الخضراء في المنطقة.
كان جسده قد بدأ يستعيد طاقته، على الرغم من انه لا يستطيع ان يقاتل بنفس الشدة التي كان يقاتل بها، إلا انه على الأقل يستطيع الركض الان.
خطوات
سمع فينسينت فجأ صوت خطوات قادم من الظلام الدامس، لم يكن صوت الخطوات مهيب وكبير مثل الوحوش الشبيهة بالعناكب، بل كان خفيف وبطيء.
عرف على الفور انها لوريا، وبعد القليل من الوقت، ظهر شكلها من خلال الظلام.
كان شعرها الأزرق الغامق مثل عمق البحر فوضوي، ايضا ردائها الذي كان مرتب الان شبه مقطع ومليء بالدماء.
كان الجرح الذي سببه على كتفها الأيسر مشوه جدا، والدماء تسيل منه وتقطر على الارض.
كان كفّها الأيمن مليء بالدماء ايضا، ولكنه لم تكن دماء حمراء فقط، بل مزيج من الأحمر والأخضر اللاذع، يبدو انه دماء واحدة من تلك الوحوش.
سارت لوريا ببطئ حتى وقعت على الارض، وهي تلهث، لم تستطع ان تقف بعد الان، ولا حتى ان تستخدم ابسط قدراتها، سواء من الأرواح او الماء، ناهيك عن استعمال السحر المبكر، لم تستطع ان تقاتل حتى بدون ان تقع على الارض.
اقترب فينسينت بحذر وهو ممسك بنصله الفضي اللامع، كان اذكى من ان يقلل من حذره امام هاته الحورية. بعد ان تأكد من انها لن تستطع ان تفعل شيء، هدئ قليلا وتحدث:
" انظر من سقط في النهاية".
فتحت الحورية أعينها قليلا ونظرت بضعف نحو فينسينت، الذي بدوره نظر إلى أعينها مباشرة.
لم تتحدث لوريا، في الحقيقة لم يكن لديها الطاقة لفعل هذا.
"ماذا؟ بعد كل هذا في النهاية حتى لن توجهي بضع لعنات؟. يجب ان اقول، توقعت اداء اكثر من هذا. لقد هزمتك حتى من دون ان استخدم نصلي".
ضحك فينسينت قليلا، في محاولة في ان يجعلها تغضب قليلا، ولكن بالنسبة لحورية الروح، لم تتفاعل مع استفزازه وكأنها جبل جليدي ارتطم به قارب صغير.
" هل تظن ان فعلت ذلك الشيء الكبير في هزيمتي. دعني أقولها لك، انت حتى احقر من معظم الوحوش. انت لست سوى كائن ضعيف ليس الا".
اخيراً تحدثت، وهي مليئة بالغضب. كانت الهزيمة شيء، والهزيمة على يد بشري شيئا آخر. وبالنسبة للحورية التي لم تهزم من قبل، كان هذا امر شائن.
" اوه حقا، هل هذه هي الحقيقة. إذا ما رأيك ان توجه نصلي هذا في منتصف صدرك، لنعرف من هو الضعيف هنا".
تفاجأ فينسينت قليلا من ردة فعلها، ولكن لم يهتم كثيرا في الأمر.
" افعلها، ولكن ماذا سوف تستفيد، في النهاية، لست انت من أوصلني لهاته الحالة وجعلني ارتمي على الارض".
تحدثت لوريا بنبرة تحدي، في محاولة لتغير موقف فينسينت، ولكن لم يكن هناك جدوى. ابتسم فينسينت قليلا، بينما رفع نصله.
" لا يهم من جعلك في هاته الحالة. ما يهم اكثر هو من ينزل الضربة الأخيرة. هذا هو ما يذكر من كل القتال، ليس من ألقى ضرر اكبر".
" اي كلمات اخيرة... كلا، حسنا".
كان فينسينت على وشك ان يهبط بنصله لقتلها ولكنها فتحت فمها:
" أحذرك، إذا قتلتني الان، فسوف تعرف جميع قبيلتي بهذا الأمر، وبعدها، سوف يلاحقوك وشيوخ القبيلة سوف يخرجون روحك من جسدك ويدمرونها".
توقف فينسينت قليلا، ووجه اصبح اغمق. اهتزّت يده الممسكة بالنصل قليلا، ولكن بعدها زفر.
" إذا كان هكذا هو الأمر، إذا فليكن. سوف اقتلهم جميعا مثلما سوف اقتلك الان".
بعد قوله لهذا الأمر. هبط النصل الفضي، وحفر في صدر لوريا مباشرة.
انتشر الدم الطازج في جميع أنحاء الارض وغرق النصل باللون الأحمر القرمزي.
...
في ليلة مثل اي ليلة يمكن ان تتواجد في قارة ازفورث. علق قمر بنفسجي في الأفق حيث تتواجد بقية الأقمار. كانت سماء الليل المرصعة بالنجوم جميلة، جميلة كما كانت جميلة في اي يوم آخر ، ولكن كان هذا يوم مختلف كليا عن اي يوم آخر.
خلال اروقة قصر عظيم، كانت الجدران طويلة مع اللواح وزخرفات على السقف.
وقف الحرس على جوانب الطريق، بينما ذهب الخدم في وظائفهم الاعتيادية.
سار رجل لديه مظهر عادي، مع شعر قصير اسود مع بعض اللون الرمادي فيه، ممشط للخلف بدقة، ولكن فوضوي عند النهاية، كان يرتدي رداء خشن مع قفازات سوداء تناسب جوه المظلم والغامض.
انحنى الخدم قليلا بينما مر من جانبهم ومتوجه نحو نهاية الرواق.
امام باب كبير ذهبي غامق. وقف فارسان عملاقان مع سيوف تناسب حجمهما، كانت دروعهم الحمراء الذهبية مشهورة في جميع أنحاء القصر والأرض كلها حتى، عندما رأوا الرجل، انحنيا قليلا وفتحى الباب العملاق.
خلف الباب، كانت توجد قاعة عملاقة جدا، يمكن ان يتواجد بها 800 شخص ولن يكون هناك اي تزاحم. كان يوجد أعمدة بيضاء مثل الثلج على الجوانب، مزينة من الأعلى بشريط احمر، وبعض الزخارف الغريبة التي تحيط بجميع أنحاء العواميد.
في نهاية القاعة، تواجد عرش برونزي لديه ظهر طويل، كان منقوش عليه عين من دون بؤبؤ مع ثلاث دوائر اسفلها، كان شعار بسيط ولكن الجميع يعرف ما هو.
على العرش، جلس رجل لديه جو من الهدوء. كان يرتدي ملابس بيضاء وسوداء عادية، وكأنه واحد من العامة. كان يضع ذقته فوق يده وهو ينظر بملل نحو الرجل ذو الرداء الأسود.
عندما وصل امام العرش، انحنى بدقة بعدها أعاد استقامة ظهره، وتحدث بهدوء.
" جلالتك، توجد بعض الظواهر الغريبة التي حدثت مؤخراً".
" ما هي ".
تحدث الرجل الذي على العرش بملل.
" أمور مثل العائلات الإثني عشر بدأوا في اداء أضحيات اكثر من قبل، ولأكون تحديدا، هم ثلاث عوائل. ايضا، توجد حركة غريبة في الشمال، واتتني اخبار من الكشافة، ان مملكة الثور الجليدي قد دخلت في التحالف الشمالي. توجد أمور أخرى، ولكن يمكن مناقشتها في المجلس، هذه كانت اهمهم".
أخذ الرجل ذو الرداء الأسود نفس طويل بعد ان أنهى حديثة.
لم يتحدث الرجل الذي على العرش، وابقى على تعبيره الممل والهادئ.
" ارسل رسالة للبرج المقدس، تقول بدأ تدريب سيد اختام مناسب ، ارسل رسالة أخرى للسهول الشمالية، اطلب من ارشدوق ثورديس العودة للعاصمة".
قال ذلك بإيجاز، ولم تتغير نبرة الملل ولو قليلا.
" كما تأمر يا سيدي... اوه أمر آخر، رصدنا حركة في الغرب من جنود عائلة آرشون، قرب غابة القمر الشمالي".
"همم، إلى ماذا يخططون هؤلاء المجانين. لا يهم الان، فقط افعل ما قلته لك، وأخبرني إذا كانت توجد اخبار جديدة".
" مثلما تريد جلالتك". بعدها، انحنى الرجل ذو الرداء الاسود، وسار خارج القاعة، ذاهبا لإكمال مهمته.
" ايها ألجآنيّ العجوز. هل كان عليك حقا ان تستقيل في هذا الوقت من التاريخ".
" حسنا لا يهم الان. سيكون هناك من يأخذ مكانك قريبا".
_______
رأيكم في الفصل