الفصل 92: العم تشن... شيطان سجن السماء، تشن ووشين

كان سجن السماء صامتًا، بلا اسم، بلا هوية، لا يحدّه سوى جدران صخرية عظيمة، وبوابة حديدية شاهقة النقش والتشكيل، ترتفع عشرات الأمتار، كثيفة وسوداء كأنها سدٌّ يحجز ما وراءه من أهوال.

كل السجن كان محاطًا بتشكيل دفاعي من مستوى طائفة الحماية الصغرى، تم تشكيله من قِبل السيّد المقدس لأرض تيانيان، تشن تيانلين، بمساعدة عدد من خبراء مستوى شبه الإمبراطور.

ليس فقط العامة، حتى الطوائف القوية إن أرسلت كامل قواتها، فلن تقدر على اختراق هذا المكان، فضلًا عن إنقاذ أحدٍ منه.

بل لعلّهم يُبادون قبل أن يدركوا حتى أنهم وقعوا في فخّ الطائفة.

والواقع أن مجرد الوصول إلى هذا المكان، الواقع في أعماق أرض تيانيان المقدسة، يعد ضربًا من المستحيل.

في أعين الآخرين، من يُسجن هنا، فكأنما تم دفنه حيًّا في قعر الجحيم.

إلا إن فتح السيّد المقدس بنفسه البوابة… فلن يُفتح قفل هذا الجحيم أبدًا.

...

"تحيةً للسيد الشاب!"

كان المتحدث هو تشن ووشين، الحارس الأعلى لسجن السماء. وما إن بلغه وصول تشن مو حتى هرع إلى البوابة، دون تردد.

ابتسم تشن مو وقال بلطف: "عمي، لم كل هذا؟ لا داعي للرسمية، نادني شياو مو فحسب."

قهقه تشن ووشين بحرارة وربّت على كتفه قائلًا: "حسنًا، أيها الفتى... أنت تمتلك موهبة يعجز عنها معظم الناس، ومع هذا لا ترى في نفسك شيئًا، لا غرور ولا تكبّر. لو كنت في طائفة أخرى، لكانوا قد نسوا حتى آباءهم."

ضحك، وضرب كتف تشن مو بحفاوة. كانت نظرته مليئة بالإعجاب.

يي تشينغتشنغ، التي رافقت تشن مو، كانت تتابع الموقف في صمت، وداخلها يردد: كلامه صحيح تمامًا.

هي نفسها، بسبب موهبتها، كانت في الماضي متغطرسة داخل طائفة السيف السماوي، لكنها أدركت لاحقًا كم كانت نظرتها ضيّقة.

منذ دخولها أرض تيانيان المقدسة، أدركت ما تعنيه الموهبة الحقيقية… موهبة تفوق السماء نفسها.

أما هي؟ مجرد ضفدعة في قاع بئر.

تساءلت مع نفسها: لو كان لي مثل موهبة تشن مو وخلفيّته، كيف كنت سأتصرف؟ لا شك أنني سأجنّ من الغرور.

لكن تشن مو؟ دائمًا هادئ، ثابت، لا تهتز له نظرة، لا تُقرأ على وجهه عاطفة.

عيناه عميقتان، لا يمكن سبر أغواره.

موهبة لا تضاهى. خلفية تسندها قوى السماء. وحكمة تسبق عمره بأجيال.

يي تشينغتشنغ كانت على يقين: من يُعادي هذا الرجل… لن يعرف كيف مات.

...

قال تشن مو بابتسامة هادئة: "مديحك مبالغ فيه، يا عمّي."

"بالمناسبة، شياو مو، ما الذي جاء بك إلى هذا السجن الملعون؟" سأل تشن ووشين وهو يعود إلى صوته الجاد.

رد تشن مو: "أكملتُ مؤخرًا تدريب تقنية جديدة. أحتاج إلى تجربة حقيقية… لكن لا أريد إيذاء أيٍّ من إخواني في الطائفة."

لم يقل أكثر من ذلك… لكن المعنى كان واضحًا.

أومأ تشن ووشين بفهم، وقال دون تردد: "لا بأس، هؤلاء الأوغاد يستحقون. وإن خدموا هدفك، فليعتبروا ذلك شرفًا، وتكفيرًا عن خطاياهم."

ثم التفت إلى الداخل وزأر بصوتٍ اخترق الجدران:

"افتحوا بوابة السماء!"

كان صوته كالطوفان، فيه من الهيبة ما يُسكت الوحوش.

حتى يي تشينغتشنغ، التي بلغت مرحلة لا يستهان بها، شعرت برعشة تتسلل إلى قلبها.

...

"لنذهب." قال تشن مو وهو يتقدّم.

"آه... حاضر!" ردّت وهي تفيق من ذهولها.

خطت خلفه، ودخلا معًا عبر البوابة التي كانت تتفتح ببطء، تُصدر صريرًا كأنه صراخ الأرواح.

...

ما إن دخلا، حتى أحاطت بهما جدران من الطوب الخاص، متينة، سوداء، كل واحدة منها منقوشة بتشكيلات تقوية.

يي تشينغتشنغ كانت على يقين، أن ضربة سيفها الكاملة بالكاد ستترك أثرًا على تلك الجدران.

السجن كان واسعًا، لكن الهواء فيه خانق، ثقيل، كأن الجدران تضغط على الأرواح.

السلاسل المعلّقة، الحلقات الحديدية، الخدوش، آثار الدم…

كلها دلائل واضحة على ما عاناه من سُجن هنا.

لكن يي تشينغتشنغ لم تشعر بالشفقة.

وكلما توغّلوا، ازدادت الرهبة.

في الزنازين، كانت ترى السجناء، أو ما تبقى منهم، عظامٌ، أجسادٌ نخرها الوقت، عيونٌ حمراء ترقب الداخلين.

دودٌ أبيض يزحف… فئران تتسلل… صوت السلاسل وهي تحتكّ… أنين، صراخٌ كأنه صدى أرواحٍ لم تغادر.

المكان بارد، مقفر، كأن الحياة نُزعت منه.

في لحظة، شعرت يي تشينغتشنغ بندمٍ شديد على مجيئها.

فكل من سُجن هنا… ليس بشريًّا عاديًا.

ضغطٌ روحي كثيف، أشبه بجبلٍ يطحن من يقف أمامه.

أبقت رأسها منخفضًا، لا تجرؤ على النظر.

...

"وصلنا."

توقّف تشن ووشين أمام زنزانة مظلمة.

في الداخل، رجلٌ مهترئ الثياب، متسخ الشعر، قابع في الزاوية، مكبّل اليدين والقدمين بسلاسل داكنة ضخمة، محفورة عليها تشكيلات كأنها أختام مقدسة.

قال تشن ووشين بصوتٍ ثقيل: "هذا المجنون… كان ذات يوم من أهل الأرض المقدسة. لكنه خلال التدريب، فقد السيطرة على طاقته، وذبح أكثر من ثلاثين تلميذًا."

"أنا من طرحه أرضًا بيدي، وسُجن هنا منذ أكثر من عشر سنوات."

ثم التفت إلى تشن مو: "إنه أنسب من يُستخدم في تجريب تقنيتك. لكنه ليس آمنًا… قد يجنّ في أي لحظة، فكن حذرًا، إن أصابك بسوء، فلن أقدر أن أشرح للسيّد المقدس."

أومأ تشن مو بهدوء: "اطمئن، أعرف حدودي."

وما إن فُتح باب الزنزانة، حتى اقترب السجناء من قضبانهم، يتفرّجون.

"من هذا الفتى؟ يريد العبث بالمجنون؟"

"يريد الموت؟ بلا شك!"

"سمعت أن هذا المجنون أكل لحومًا بشرية حين فقد صوابه… هل تريد الطائفة استمالته؟"

"هذا الفتى يبدو طريًّا… لذيذًا ربما."

"هاهاها، أنت أيضًا فقدت عقلك على ما يبدو!"

لكن…

"اصمتوا جميعًا!"

زمجرة واحدة من تشن ووشين، بمستوى شبه الإمبراطور، أسكتت الجميع.

رغم أنهم في الجحيم، إلا أنهم يعلمون: الحياة، ما زالت أثمن من الموت.

...

في وسط هذا السكون، قال تشن مو في سره:

(النظام، اعرض عليّ مستوى هذا الرجل.)

【المستوى: القديس المحارب – الطبقة الثالثة | ملاحظة: في حالة ختم】

ختمٌ روحي؟

نظر تشن مو إلى السلاسل المخترقة لكتفي الرجل، ورأى الضوء الخافت المنبعث من نقوشٍ روحية دقيقة.

من المؤكد أن تلك السلاسل هي ما يُبقيه عاجزًا.

فجأة…

"رررغغغ!!"

زأر الرجل المجنون، وقفز للأمام، وجهه كوحشٍ مسعور، عينيه مجنونتان، أنيابه بارزة.

"احذر، سيدي!" صرخت يي تشينغتشنغ وهي تسحب سيفها.

لكن تشن مو رفع يده… وقف بثبات، لا يتحرك.

المسافة محسوبة… الرجل لم يصل إليه.

كان ثابتًا كالجبل.

فهذا المكان لا يزال داخل مجاله الذي لا يُقهر .

حتى لو لم يكن الرجل مختومًا، حتى لو وصل إلى مستوى الإمبراطور، فلن يتغيّر شيء.

بنظرةٍ واحدة… يمكنه سحقه.

لكن تشن مو لم يكن هنا ليقاتل… بل ليختبر تقنية "التهام السماء" .

رفع يده، وقبض على وجه الرجل المجنون.

ضغطة بسيطة… وصوت العظام يتكسر تسلل إلى أذنه.

【تم تفعيل تقنية "التهام السماء"! الرجاء اختيار نوع الطاقة المطلوب التهامها!】

【1: القوة الروحية】 【2: الطاقة الحيوية】 【3: الذكريات】

---------------------------------------------

ملاحظة:

في هذا الفصل، استخدم "تشن ووشين" لقب "شياو مو" عند مخاطبة "تشن مو"، وهي صيغة ودّية شائعة في الثقافة الصينية، حيث يُستخدم "شياو 小" (ويعني "الصغير") قبل الاسم للإشارة إلى القرب العائلي أو الاحترام الحميمي

2025/05/05 · 141 مشاهدة · 1032 كلمة
Frankenstein
نادي الروايات - 2025