لا زال ساو يي ينظر للحسناء الغامضة غير مصدق أنها خرجت من البعد الظلامي بمنتهى السهولة و فوق هذا لقد تجاهلته بشكل تام و استمرت في استخراج بعض الحبوب و أعشابا مختلفة من مكعبها بحثا عن شيء مفيد لآلام المعدة
" هذا فعلا مربك، أي واحدة مفيدة يا ترى؟"
أكثر شيء مرعب في الجميلة الغامضة هو هدوءها و حديثها اللطيف، و كأنها البحر لحظة صفاءه جميل و آسر، لكن في أي لحظة قد يهيج لترتفع أمواج قادرة على إغراق أعتى السفن.
*سيدة السيف، اقضي عليها *
دون أي مزيد من التردد، استدعى ساو أقوى أسلحته، هيئة السيدة الأولى المسجونة في مكعبه الأحمر لمواجهة الشقراء الغامضة.
هيئة أثيرية لإمرأة ترتدي دروعا شبيهة بمقاتلي الساموراي ذات لون أحمر مخططة بالأسود تحمل سيف كاتانا طويل ظهرت،مع هالة و ضغط ساحق لقوة قاربت أن تلامس عالم السماء الأولية
*فوووش*
استحقت هيئة المقاتل المسلح تصنيفها كأقوى الهيئات الروحية و مع تلويحة بسيفها رسمت أخدودا في الأرض و قطعت الصخور كالتوفو، لكن موقف الشقراء لم يتغير و اكتفت بالتعليق مع إبتسامة
"أهذا تحذير، أتقولين أنك غير راغبة في إيذائي....."
توقفت الشقراء فجأة عن الحديث و راحت تحدق بعيون لامعة أقرب إلى عيون طفل فرح برؤية هدية العيد في يد ساو
"م.. م...م...مكعب أحمر، يا لفرحتي أخيرا عثرت على واحد "
كالمجنونة راحت تصفق و تقفز في سعادة بلا مبالاة و لم تتوقف إلا بعد أن انقطعت أنفاسها
" المكعب هو وسيلتي للقاء زوجي، أنت و سيدك عليكما الخروج منه فورا"
لوحت الشقراء لتختفي الهيئة في عمود ضوئي، لكن ذلك الضوء لم يكن هجوما بل شبيها بسحر العلاج و قد تلاشى بعد ثواني دون أن يترك خدشا على الهيئة
"ما الذي تنتظرانه ،غادرا المكعب بسرعة"
ما حدث بعد مخاطبتها للهيئة هو ما لن يصدقه أحد، حتى ساو يي ولي العهد سابقا مع كل ما حصل عليه من تثقيف و معرفة، و بكل خبراته كزعيم لمستخدمي الظلام كان يقف كالأحمق مع عيون كالفناجين وفكه يلامس الأرض و قد رأى المستحيل بأم عينيه.
لم تكن ردة فعله نتيجة البريق المخيف من عيون الشقراء الذي جمد الدماء في عروقه و جعل شعر بدنه ينتصب، و لا لتفاعل هيئة سيدة السيف الذي تراجعت أمام هذا التهديد
## أنقذيني ##
الهيئة الروحية التي على شكل إمرأة أثيرية ترتدي دروعا حمراء و تحمل سيفا طويل النصل تحدثت بلسان بشري مسموع و مفهوم طالبة المساعدة.
إذا امتلكت الهيئة وعيا فهي تمتلك بالضرورة صوتا، لكنه ليس باللغة التي نفهمها فمن نغمة الكرة يين إلى حفيف سيدة القوس تغيرت الأصوات لكن لم تكن يوما بلسان البشر.
و قد تمكن أفضل المقاتلين بإجراء تواصل تخاطري بمساعدة ساحر ذو قوى روحية
لكن الحديث بصوت مسموع و لشخص غير صاحبها ، هو ما لم يشهده و لم يسمع به أحد
'اللعنة، ماذا تكون هذه المرأة؟ '
بقي ساو متسمرا في مكانه عاجزا عن تحديد خطوته القادمة، هذه المرأة كتاب مغلق لا يستطيع تبين خباياه مهما حاول، حتى و إن لم يتبين طبيعة هيئتها فحضورها بالتأكيد يعود لمقاتل فكيف يعقل أن تمتلك قوى روحية تسمح لها بمخاطبة الأرواح، إذا كان من الأساس هذه الميزة لا يمتلكها إلا واحد من بين ألف ساحر.
"أنت عاجزة عن الخروج؟....إن لم تخني الذاكرة فيفترض أن الضوء يمتلك سبع أطياف لونية، كذلك هو الحال مع أنواع السحر"
*تطهير*
قبل أن يستوعب ساو المغزى من كلامها، كانت عيونه قد أصابها العمى من الضوء الذي غطى المكان، و في اللحظة التي عاد إليه بصره
كان المكعب الأحمر قد اختفى من يده، لكن ليس هذا ما أرعبه بل الوميض الصادر من العيون الزرقاء التي حدقت به راغبتا في تمزيقه.
الهيئة هي من تنظر إليه لكن تلك ليست بعيونها، إستغرق ساو بعض الوقت ليستوعب الأمر
الهيئة تغيرت ملامحها و قد أصبح لها وجه جديد و كذا لون شعرها صار أبيضا كما تميز حضورها بهالة من النبل.
لقد اندمجت السيدة الأولى مع هيئتها الروحية و تولت السيطرة عليها.
' أصبح الآن واضحا كيف أن الهيئة تحدثت سابقا، لكن كيف تمكنت تلك المرأةبفعل ما عجز عنه السحرة و دمج المقاتل مع هيئته'
لم يكن لتساؤلاته أجوبة ، التفت هان ايدا المندمجة مع هيئتها ، إلى الشقراء التي تتفحص المكعب الأحمر مع عيون مشرقة و كأنه أجمل مجوهرات راتها في حياتها
"شكرا سيدتي على المساعدة، لن أنسى جميلك"
بعد الشكر عادت نية القتل خاصتها بالإرتفاع
"أنت ميت"
دون أي تردد أطلقت السيدة الأولى هجوما و النصل القادر على قطع أي شيء في هذا العالم لمع راسما قوسا قطع الفضاء .
هذا الإندماج ليس أمرا معتادا و من الطبيعي أنها ليس في كامل قوتها، هجوم مركز حاد و سريع وضعت فيه ايدا هان كل طاقتها.
"هان غوان، حياته بين يدي"
ساو الذي رأى رأسه يفصل عن جسده كانت ردة فعله سريعة كفاية ليخرج البطاقة الوحيدة القادرة على إنقاذه من غضب السيدة الأولى.
و تماما كما توقع، غيرت السيدة مسار القطع الناجم عن هجومها لينحرف بضع سنتمترات و يمر فوق رأسه
' اللعنة هذه الحركة استهلكت كل قوتي'
تكمن قوة السيدة الأولى في السيطرة التامة على هجاماتها، ففي قاموسها لا توجد جملة قد سبق السيف العذل، و الأنصال التي ترميها بوسعها دائما تغيير إتجاهها و لذلك قيل أن لا أحد تمكن يوما من تفادي نصل سيفها.
بإستثناء ليلة أسرها، فقد فقدت تركيزها يوم لمحت وجها يفترض أن صاحبه قد توفي منذ سنوات، و ها هي الآن تسمع إسمه من فم زعيم الظلاميين.
هان غوان هو اسم أخيها المتوفي، و والد الطفل الذي ادعت أنه من صلبها هان سانغ.
" أين هو أخي؟، و ماذا صنعت به؟"
سألت هان ايدا في غضب
" لا داعي للغضب فسأستدعيه فورا، أيها الفارس هلم إلي"
من البعد الظلامي لبى الفارس الأسود النداء، و خرج ليقف أمام زعيمه، كان الضباب الأسود يلفه بالكامل حتى قد يخطأ المرء، و يظنه مخلوق ظل
"أخوك ساحر الأبعاد بالفعل شخص مميز، قد يكون الوحيد الذي تغلب على نقطة ضعف السحرة و جعل من نفسه مقاتلا لا يستهان به"
أمام عيون السيدة الأولى التي تحدق في من يلفه الضباب الأسود راحت تتذكر لقاءها القصير و الوحيد مع أخيها تلك الليلة.
بسبب والدها الذي أخفاها عن العيون و أرسلها لتعيش بعيدا عن القصر، لم تعرف هان ايدا معنى العائلة و الأخوة، إلا أن جاء ذلك اليوم قبل ثمانية عشر سنة ،ليقف أمام عتبة بابها زوجان، أحدهما نبيل مع شعر أبيض و المرأة سيدة من الأوريس.
هذا الشاب الذي ارتكب جرما لا يغتفر بزواجه من جنس الأوريس، كان فارا يطلب النجاة لزوجته و إبنه الذي لم يولد بعد نحو جزيرة الأسلاف.
لكنه لحظة علم بأنه يمتلك أختا شقيقة، غير الفتاة المتبناة ، لم يستطع الرحيل قبل أن يراها و هو يدرك حقيقة أنه لن يعود إلى عالم البشر ثانية.
" واو .... أنت جميلة، هذا ليس عدلا ، كل أفراد هان معروفين بوسامتهم ما عداي "
علق ساخرا و هو يشير إلى شفاهه العريضة
"ايدن، أخوك الأكبر حاول طويلا أن يكون الإبن الذي تمناه والدنا، لكنه أفسد تدريبه بتركيزه على الفروسية و السحر في نفس الوقت، في فترة ما كنت قد سئمت الحياة و فكرت بالإنتحار"
جذب هان زوجته إليه و أضاف
" إنها من أنقذتني ، و جعلت من هذا الفاشل رجلا ذو هدف في الحياة، طريقي طويل لكن السلام بيننا و بين الأوريس ليس مستحيلا، أختي هلا بقيتي لجانب والدي حتى يحين موعد عودتي"
خرجت السيدة الأولى من بحر ذكرياتها، و الحزن يعتصر قلبها على المصير الذي أصاب أخاها و عائلته
"ما الذي صنعته بأخي؟"