قبل أيام، و قبل زيارة توا تيان لمملكة النجمة السماوية وتحديدا في مدينة البوابة الشمسية.

دياني التي ودعت رفاقها ديكل و جادو، قبل عودتها التقت بالساحرة الجميلة زي يون و خطيبها أحد قادة الأوريس نويان، و التي أصرت على بقائها معهما إلى حين إتمام مهمتهما و العودة معا.

في اليوم الموالي و بينما كانت دياني تستمتع بتفحص الأغراض و الملابس التي عرضها الباعة المتجولين على أرصفة الطريق، شعرت أن نظرات الشاب أحمر البشرة مفتول العضلات الغاضبة مثل السهام توخز ظهرها.

في النهاية انفجرت و لم تعد تحتمل أكثر

"سيد نويان توقف عن التحديق بي، ما الذي تريده مني؟"

نويان الذي كان يطير فرحا و هو يشارك مهمة مع حبيبة القلب، سرعان ما أصيب بالإحباط من الفتاة الطويلة عديمة الإحساس التي لم تراعي الوضع و بقيت برفقتهم، و في أول فرصة أتيحت له قرر التخلص من العجلة الثالثة

"اصنعي عذرا، و عودي إلى المعهد... قولي أن لديك بعض الأشغال، أو قولي أنك مريضة و تعانين من الإسهال"

"إس...إسهال.... ما مشكلتك أيها الغبي؟"

كان صراخ العملاقة حتى و في شكلها البشري ثاقبا للأذان، لكن نويان لم يبالي بصراخها و لا بعيون من لفت شجارهما إنتباههم و رد في غضب

"مشكلتي أنني لا أجد وقتا لأنفرد به مع حبيبتي، الإسهال هي حجة مناسبة لتغادري"

أرتبكت الفتاة بوجه محمر ، و همست لنفسها متذمرة

"لا أصدق أنه خطيب السيدة الرقيقة زي يون ، هو شخص جلف، أبله و وقح .... إنه نسخة حمراء من دو باي".

تنهدت دياني ثم طمأنته بالقول

"توقف عن التحديق بي، أنا مغادرة بأي حال فلدي رسالة مهمة للآنسة ليان، سأقول أنني لا أرغب في عرقلة المهمة هل هذا جيد؟"

هذه الأيام لم تعد تقتصر مهمة مشرفي المعهد على تدريب الجيل الصاعد، بل أصبحوا قوة سياسية موازية، تتولى المهمات الخاصة و تتدخل بشكل صريح في القرارات السياسية.

لقد تعلم مدير المعهد الدرس بالطريقة الصعبة، البقاء على الحياد سيؤدي فقط إلى تلفيق تهمة له و لمرؤوسيه و رميهم في غياهب السجن، كما حدث منذ زمن في حادثة الظلاميين.

في البداية كان من الصعب على المعهد تحقيق النتائج المطلوبة، لعدم قدرتهم على الحصول على الأخبار و المعلومات من باقي المقاطعات و الممالك المجاورة، إلا أن الوضع إختلف عندما تولى أحد طلابها مهمة تشكيل شبكة جوسسة تأتيهم بالأنباء.

تحت الإسم الحركي العين، كال مينغ جند المئات من العامة و التجار و أصحاب الحرفكجواسيسو بذلك رفع قوة المعهد لأعلى الدرجات.

بعد مرور بعض الوقت عادت زي يون مع ملامح لا تبشر بالخير،و قد أنهت حديثها مع الجاسوس الذي يعمل لصالح المعهد و الذي منحها شرحا تفصيليا للأوضاع السائدة

لاحظ نويان إنزعاجها فسأل

" ما الأمر زي؟"

"الأحوال في المدينة كانت كارثية، و أسوء بكثير مما اعتقدنا، و نحن للأسف وصلنا متأخرين"

المهمة التي جاؤوا من أجلها، تتعلق بالنبيل الذي تم تعيينه مؤخرا رئيسا على المدينة.

بعد إعلان سي مار أنه سيقف إلى جانب مملكة النجمة السماوية إذا لم يتخلى مملكة الأنهار عنها، اضطرت هذه الأخيرة لسحب قواتها و هكذا تم استرجاع البوابة الشمسية، لكن المشاكل لم تنتهي فالمرتزقة الذين استعانت بهم مملكة الأنهار للسيطرة على المدينة، أصبحوا عاطلين عن العمل و اتخذوا من إبتزاز و تهديد المواطنين حرفة لهم.

و ما زاد الطين بلة هو أن المسؤول الجديد من مملكة النجمة السماوية و بدلا من ردع هؤلاء المرتزقة، أخذهم تحت جناحه و جعلهم ذراعه التي يبطش بها.

و هكذا أصبح حال مدينة البوابة الشمسية أسوء مما كانت عليه أيام الاحتلال.

عدلت الشقراء الجميلة نظاراتها و أضافت قائلة

"النبيل تي لينغ الذي تم تعيينه زعيما على المدينة كان مثال حي لعجرفة النبلاء و طغيانهم، هو تجبر و عاث فسادا لأبعد الحدود، و كل من اعترض على أفعاله رمي به في السجن، في النهاية استفز اشخص الخطأ و ..... عليكم أن ترو بأنفسكم"

أشارت زي يون إلى رجل في الثلاثين يجلس على الرصيف، كان المتشرد يرتدي ثيابا حريرية ممزقة و الإجهاد و الشحوب من قلة النوم واضحة عليه، ما أن رآهم يحدقون به حتى ركض إليهم و راح يحني رأسه مرارا و تكرارا

" أنا آسف لما بدر مني، أنا أعتذر بشدة على حماقاتي، عيوني ترى لكنها لا تميز فخامتكم، فأرجوا أن تغفروا لي"

أحنى السيد رأسه و لم يرفعها ثانية، و كأنه في انتظار تلبية رجائه، نويان و دياني الحائرين لم يفهما ما علاقة هذا المجنون الذي يعتذر لأشخاص يراهم أول مرة بمهمتهم فنظروا إلى زي يون متجاهلينه

"ألن تسامحوني.....ألن تغفروا لي.... أرجوكم.... أتوسل إليكم"

غادرت الدماء من وجه المجنون و جثى على الأرض ممسكا برجل نويان و هو يتوسل و يستجدي و قد امتلأ وجهه بالدموع و المخاط

"أرجوك....سأفعل أي شيء سأعطيك كل ما أملك.... فقط اقبل اعتذاري... إن لم تفعل ... فسيعود من أجلي..... الشيطان.... الشيطان سيعود ثانية و سيعيدني إلى القفص..."

أمسكت دياني بذراع الرجل و ساعدته على الوقوف و ابتسمت في وجهه لتهدئته

"نحن نقبل إعتذارك، فلتهدأ"

كطفل سعيد بحلوى قدمت له كترضية، مسح دموعه و ركض يطلب المغفرة من شخص آخر.

"ما كان ذلك، و من يكون؟"

سأل نويان، لتجيبه زي يون

"إنه من جئنا لأجله، إنه رئيس المدينة، الطاغية تي لينغ.... أو ما تبقى منه "

مع وجه كله إندهاش، و فك يلامس الأرض سألت دياني غير مصدقة

" ما الذي حل به؟، و ماذا عن المرتزقة الذين يجندهم"

"وفقا للتحريات فيبدوا أنهم استفزوا الشخص الخطأ...و دفعوا ثمن ذلك حياتهم"

2019/12/25 · 833 مشاهدة · 831 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024