قبل أسبوع.....

في مطعم ضوء القمر أحد أشهر مطاعم البوابة الشمسية، كانت الأجواء متوترة حتى أن الزبائن خرجوا مسرعين دون أن يكملوا وجباتهم.

صاحبة المطعم و هي سيدة فاتنة بكل ما تعنيه الكلمة، رمقت بعيونها الحادة نظرة غاضبة على المتسبب في تدهور أوضاع العمل و خاطبته بلا خوف

"سيد تي،إذا كنت تريد منا الإستمرار في دفع الضريبة فعليك أن تترك كلابك خارجا"

العروق الدموية ظهرت على جبين مرافقي تي لينغ و قد احمرت عيونهم من الغضب، لكن لم يكن في وسعهم سوى أن يصروا على أسنانهم و يكتموا غيضهم.

الزعيم معجب بالطباخة الفاتنة، و عليهم فقط التحمل.

ابتسم تي لينغ في وجهها، غضبها و عنادها جعل فقط هوسه بها يزداد

" عليك أن تشكريني، فلم أهد المطعم على رؤوسكم بعد فعلة فانغ تشنغ الشنيعة"

"زوجي!!"

الطباخة الحسناء هي سيدة متزوجة، لكن هذا لم يمنع تي لينغ من أن يرغب في الحصوال على هذا الجمال الذي أسره من أول نظرة.

كانت طويلة القامة نحيلة مع شعر و عيون بسواد الليل، ميزتها هي ملامح وجهها ،باردة بلا تعابير بدت في عيون الناظرين كمنحوتة من جليد ساحرة و غامضة.

كانت نادرا ما تبتسم، لكن تلك الإبتسامة أشبه بشعاع شمس في يوم شتوي بارد، يستحق الإنتظار.

أما سعيد الحظ زوجها فهو فانغ تشنغ أشهر الطباخين و أمهرهم، ليس في المدينة فقط بل في كامل المملكة.

"و ما الجرم الذي إرتكبه زوجها ؟، ليغضب فخامتكم"

من المطبخ الموجود في مؤخرة المطعم، خرج زوجها فانغ تشنغ متسائلا عن ذنوبه التي لم يقترفها.

عند وصول الضيوف الغير مرغوب فيهم، أصرت زوجته عليه البقاء بالداخل و عدم مواجهتهم، لكن من الواضح اليوم أنهم لن يغادروا بسهولة.

"أمسكوه"

أعطى تي الأمر لتابعيه بالتقدم

"خطوة أخرى و سأنحر عنقك"

وجهت السيدة تشنغ، سكين الطبخ في وجه السيد تي لانغ بلا خوف، بالرغم أنها ليست مقاتلة موهوبة و بالكاد بلغت أواخر عالم الروحإلا أنها الشجاعة لم تنقصها ، و لم تكن لترضخ لنزوات إبن الأكابر.

"اهدئي، لن يصيبه مكروه ...... على الأغلب"

أجاب تي مع إبتسامة خبيثة و أضاف

"زوجك المصون، الذي رفض أن يطبخ لي في قصري، تنازل و طبخ اليوم لمغامر مجهول.... يا لها من وقاحة"

"وقاحة..."

ردت الزوجة بكلمة واحدة، و قد طغى على ملامحها الباردة الغضب، الجميع يعرف بالحادثة التي أوشكت أن تأخذ ذراع زوجها و التي بسببها أصبح شبه متقاعد.

المعالج السحري بالكاد تمكن من إنقاذ ذراعه من البتر، لكن و لأن فانغ تشنغ ليس مقاتلا بل رجل عادي فلم يشفى بشكل تام و بالكاد يستطيع استخدام ذراعه للأعمال البسيطة.

ما جعله اليوم يتناسى ألمه و يدخل المطبخ بعد أن فارقه لمدة طويلة هو شغفه بالطبخ، لم يستطع الجلوس ساكنا عندما رأى أحد أفخر أنواع اللحم بين يديه إنه لحم ثور الجبل البالغ ثلاثمائة سنة أمامه.

كلما تقدم ثور الجبل في السن كلما أصبح لحمه أطرى و ألذ، و كذلك أصبح طهوه أصعب و سريع الإحتراق، يعتبر لحم الثور ذو الثلاثمائة عام أفضل اللحوم على الإطلاق و أندرها، في الوقت ذاته فإن طبخه شبه مستحيل.

إنه التحدي الذي يحلم به الطهاة و يبين حقيقة معدنهم.

"اسمع يا هذا، لم نقاوم الاحتلال لسنوات كي تأتي أنت و لصوصك و تتنمروا علينا،أنا أطبخ لمن أشاء "

"حقا.... اسحبوه و اكسروا ذراعه التي يطبخ بها لمن يشاء"

"توقفوا.."

قفزت السيدة تشنغ مدافعة عن زوجها، لكن هالة تي لينغ من عالم الإنصهار قذقتها إلى الخلف لتصطدم بالجدار و تضرب رأسها بقوة فغشي عليها.

"عزيزتي.... ابتعدا عني"

مع أصوات الصراخ و الشجار سحب التابعان الرجل المسكين الذي كانت ساقاه تتخبط في الهواء مع مقاومة لا جدوى منها.

"انتظرا لحظة"

أوقف تي لينغ حراسه، و قد خطرت في باله فكرة

"سأعفوا عن وقاحتك، لكن في المقابل عليك أن تختار،إما أن تكسر ذراعك بنفسك، و إما تعيرني زوجتك الجميلة لليلة واحدة"

"أيها المأفون اللعين، سأقتلك إذا لمستها"

" دعوه، أطلقوا سراحه... لنرى كيف يمتلك طباخ مع يد شبه مشلولة القوة لقتلي"

الحقيقة مرة و الحياة ليست عادلة، على رغم الغضب الذي يشعر به الطباخ تشنغ و على الرغم من رغبته الجامحة في تمزيق لحم هذا المتعجرف بأسنانه إلا أن شعوره بالضعف و العجز أجبر ثورة غضبه على الزوال.

الغضب لن يمنحه القوة الكافية لهزيمة وحش كاسر، وقف تشانغ بلا حراك .

عاد تي يرسم إبتسامة ساخرة على وجهه، سحب من مكعبه فأسا صغيرا يحمل بيد واحدة، و جزءه الخلفي يشبه المطرقة و ألقاه عند قدمي الزوج الكسير

"بما أنك ذكي كفاية، لنعد إلى لعبتنا..... ذراعك أم زوجتك.... و لا تقلق اقسم بأسلافي أنني سألعب بنزاهة"

عامل البشر من قارة آلتانيا أسلافهم بقداسة، احترموا وصاياهم و سعوا لتنفيذها، و القسم على اسمهم يوازي قسم الدم.

بعد سماع قسمه و دون أي لحظة تردد، و بكل قوته مع الجزء الذي يشبه المطرقة أنزل الرجل على مرفقه ضربة سحقتها

*آآه*

صوت صراخه أيقظ زوجته من غيبوبتها، لتفتح عينيها على المشهد المرعب و قد خرج العضم الأبيض من اللحم و شكلت الدماء بركة على الأرض.

أغلقت المرأة فمها بيديها مانعة نفسها من الصراخ و راحت تحدق بوجه زوجها الشاحب، و قد أدركت ما حدث

"واو... يا رجل.... لم أتوقع أنه سيفعلها"

"كقمامة فلديك بعض الشجاعة، أعترف بذلك..... ماذا الآن يا زعيم؟"

التابعان اللذان ألقى بتعليقاتهم سألوا رئيسهم عن الخطوة التالية، و الذي بدى عليه الإنزعاج لخسارته في الرهان

"القسم هو القسم، سألعب بنزاهة..... و بلطف... و برقة... بعد أن أنتهي من زوجتك سأعيدها إليك دون خدش واحد"

"أيها اللعين"

شد الزوج على مقبض الفأس و رماه في وجه تي، لكن مع كل الضرر الذي لحق به وقع الفأس بعيدا دون أن يصيب هدفه

" لقد أقسمت بأسلافك و أخلفت، نهايتك ستكون وخيمة و سأكون حاضرا لرؤيتها"

و كأنه يرى ما يخبئه المستقبل، توعد الظالم بمصير مشؤوم قبل أن يقع أرضا مغشيا عليه.

أما زوجته، فكانت عازمة على أن تموت و لا يمس شرفها، عضت بقوة بأسنانها على لسانها و دموع الوداع في عينيها.

"هاي، هاي.... لا تفكري في ذلك، لقد أقسمت على أن يصيبك خدش واحد"

أطبقت قبضة تي لينغ على فمها بقوة كادت أن تكسر فكها ، في حين يده الأخرى شدت على ثوبها تمزقه

في لحظات يأسها قاومت بكل ما لديها و حررت هالتها، لكن للأسف تم قمعها بكل سهولة و تشتيتها من هالة المغتصب الغاشم ،حتى الموت لم يعد متاحا للهروب من المحتوم.

"لماذا أشم رائحة لحم محترق...... لحمي..... لقد احترق لحم ثور الجبل ذو الثلاثمائة عام خاصتي"

انفجر عند مدخل المطعم صراخ شاب بصوت يملؤه الأسى و عيون تبكي و كأنه فقد أحد والديه

"لحمي..... ثوري....يا أسفي..."

2019/12/25 · 885 مشاهدة · 1014 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024