"لحمي..... ثوري العزيز.... طعامي اللذيذ..."

التفت الجميع إلى فتى السادسة عشر الذي راح يئن وينوح على طعامه المحترق

"أيها الفتى إنقلع من هنا إذا أردت أن تعيش ليوم ......."

اتسعت عيون الحارس الذي هم بطرد الزبون الحزين، فقبل أن يكمل كلامه كان الفتى قد اختفى من بصره ليظهر في المطبخ.

بين المكان الذي وقف فيه، و المطبخ في ركن المطعم ما يزيد عن خمسين قدم، إلا أن الفتى الغامض قطعها في خطوة واحدة.

*طاخ...طاخ*

أصوات أواني الطبخ و القدور هزت المطعم، الفتى قلب المكان رأسا على عقب و هو يتمتم بعيون دامعة

"كله.... احترق.... لحمي العزيز لم يستطع النجاة.... أصبح رمادا"

"تشنغ أيها اللعين، كيف تركت ذلك يحدث؟؟....تشنغ....سيد تشنغ هل ما زلت حيا؟"

أخيرا تفطن الفتى ثلجي الشعر لما حوله، ليجد الطباخ بذراع مهشمة مغمى عليه، و زوجته تحت قبضة أحدهم.

"أنتم إذا السبب في احتراق لحم الثور خاصتي"

"إلى متى ستبقيان متفرجين كالأصنام، تخلصوا من هذا اللقيط"

تي لينغ المنزعج ممن أفسد عليه متعته صرخ بمرافقيه، لكن صراخه لم يلقى أذانا مسموعة فالحارسان كانا متجمدان في مكانهما بلا حراك، كفأر وجد نفسه وجها لوجه ضد أفعى.

صحيح أنهما في عالم القانون و أقل قوة من تي، لكنهما عاشا كمرتزقة و واجهوا الموت أكثر من مرة، مع هكذا خبرة أصبح لديهم وسائلهم الخاصة لمواجهة من يفوقهم قوة، و إن لم تجدي المقاومة فلديهم أيضا خطط احتياطية للهروب.

لكنهما فقط تجمدا مع وجوه شاحبة، لم يحاولا حتى الفرار و قد تبللت أجسادهما المتجمدة من الخوف بالعرق البارد، و حتى ذلك لم يدم طويلا

عرقهما أصبح دافئا، حرارة أجسادهما أخذت في الإرتفاع وحتى مع المزيد من العرق الذي نضحت به أجسادهما لا إراديا لم يخفف الحمى الغامضة التي أصابتهم

ببطئ و على نار هادئة أصبحت أجسادهما تغلي حتى تحول العرق إلى بخار، ملامح وجوههم تشوهت و عضلات أجسادهم التي اعتادت أن تبطش بالآخرين انتفخت و برزت منها العروق وديانا كأنها على وشك الإنفجار.

راحوا يصرخون بصوت مبحوح كأن حنجرتهم لم تلمس الماء منذ أيام و هم يمزقون ثيابهم التي لم تعد بشرتهم تحتملها بعد أن أصبحت حمراء و قد نضجت من شدة الحرارة، و كيف تتحملها و قد أصبحت كلحم مطبوخ .

"هاي.... أنتما .... ما الذي أصابكم؟"

سأل تي لينغ في رعب و الجواب كان كلمة واحدة متقطعة

"ا....ه....ر.....ب (اهرب)"

و لم يصدر عن ألسنتهما، بل صرخت به عيونهما المتورمة مع خيط من الدموع الحمراء.

وقع الإثنان على الأرض يتخبطان كالدجاج المذبوح، و ملامحهما أكبر دليل على عذابهما الذي يبدوا أنه لن ينتهي إلا بموتهما، و لا يزال ذلك بعيدا.

قلب تي امتلأ من الخوف، هو لحد الساعة لم يستطع معرفة طبيعة الهجوم الذي قضى على مرافقيه، و كما يقال الخوف من المجهول هو غريزة البشر.

لتغطية ارتجاف ساقيه و صوت أسنانه التي تصطك صرخ تي بكل قوته مانحا لنفسه لحظة من الشجاعة

"ما الذي فعلته بهما، أيها الوغد المأفون؟"

ليجيب الفتى بسخرية

"ماذا أقول، مهاراتي في الطبخ سيئة..... نسيت أن أضيف بعض التوابل"

لم يعلق تي لينغ على هذه السخرية،كان يخشى أن يلحق بمرافقيه و يتم طهوه هو الآخر، كان عليه التفكير مئة مرة في خطوته القادمة.

"اغرب عني"

السيدة تشنغ استغلت ارتباك تي لينغ لتدفعه بعيدا و تركض إلى زوجها، أسرعت لتضميد ذراعه المهشمة و أخرجت حبة علاجية

"عزيزي...استيقظ عليك أن تتناول هذه"

حالتها لم تكن أفضل من زوجها، ناهيك عن ثيابها الممزقة و أثار الضرب أثناء مقاومتها، تسبب إقحام هالة الإنصهار عنوة إلى مجالها الروحي في ضرر كبير، حتى أنها تسعل دما.

"سيدة شنغ!!"

أخيرا لفت إنتباه الفتى أمر غير لحمه الثمين، و حدق في لينغ تي في إحتقار و هو يشير له بإنتظار عاقبته

" سأعود إليك"

لكن لا تزال الأولوية لطبقه المفضل، و لسبب ما دخل المطبخ ثانية و راح ينبش في كل مكان

"وجدتها..... آآه بالكاد تكفي لوجبة واحدة... و لا يوجد من يستطيع طبخها"

على ما يبدوا فإن الطباخ لم يتحمل إغراء لحم بهذه الندرة و احتفظ بقطعة لنفسه.

"احذر"

تنبيه السيدة جاء متأخرا.

تي لينغ لم يكن ليضيع اللحظة التي أخفض فيها خصمه حذره،لذلك فجر كامل قوته دفعة واحدة،الهالة الزرقاء ارتفعت بجنون لتحيط بفأسه ذو اللون الذهبي و النصل العريض.

مع طاقته من عالم الإنصهار و مع كل ما يمتلك من قوة أنزل تي فأسه على رقبة الشاب أبيض الشعر بزخم يقطع أقصى الصخور مثل التوفو

"فلتمت أيها اللعين.....هههه"

الضحكة لم تدم طويلا، ففأسه توقف على بعد سنتمترات من عنق العدو لكنه لم يقطعها، بل لم يتسبب حتى في جرحها

*آآآآه*

صرخ تي و ألقى عدة ضربات متتالية لكنها كانت بلا فائدة و لم تخترق جلد الخصم حتى.

و هو يشعر بالإرتعاش في يديه من شدة الإصطدام تراجع خطوات للخلف و عيونه تنطق في كفر و عدم تصديق

"كيف يعقل هذا...... يستحيل أن تكون بشريا.....أنت شيطان"

ما كان يبدوا لتي لينغ كشيطان مع جلد فولاذي، هو في الحقيقة الخط الدفاعي الأول للسحرة حاجز المانا.

الفتى ببساطة لفه حول جسده حتى بدى في نظر خصمه أنه لا يقهر، التأثير على معنويات الخصم من أهم عوامل القتال و هذه الخدعة أعطت مفعولها

"شيطان!!، أجل أنا كذلك، ألم تراني و أنا أحطم الرجل و أحاول اغتصاب زوجته"

*تاب*

ردا على هجوم الفأس، اكتفى الشاب بضربة خفيفة بكف يده على بطن تي لينغ، و رغم هذا فالشعور بالألم الذي يشبه مغصا معويا، جعله مرعوبا، فأي هجوم هذا الذي يتسبب في تلبك معوي.

تراجع خطوة للخلف ليتفاجأ بإضطراب في مجاله الروحي،تماما كما قام بإضرار مجال السيدة الروحي من خلال إقحام هالته، حان الوقت ليتذوق من نفس الكأس.

" هل أنت فعلا من عالم الإنصهار، هل رضعت الإكسير بدل الحليب، أساسك هش للغاية؟"

السخرية كانت في موضعها، إذا امتص المجال الروحي طاقة تفوق سعته فإنه بطبيعة الحال سيتضرر

هذا أحد الأسباب الأساسية التي تجعل أي مقاتل منخفض المستوى يشعر بالضغط أمام هالة من يفوقونه بأكثر من عالم قتالي واحد.

عند بلوغ عالم الإنصهار يصل المجال الروحي إلى حالة التشبع و لا يتأثر بهالة الآخرين.

لكن الإسراع في رفع المستوى دون التركيز على الأساسيات يخلف ثغرات في المجال الروحي، و الخبراء يستطيعون بسهولة استغلال ثغرة كهذه.

2019/12/25 · 857 مشاهدة · 946 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024