"يبدوا أن رحلتنا لمملكة الأنهار ، أصبحت حدثا عظيما"
تنهدت ليان و هي تنظر إلى قوافل القوارب المحملة بمختلف البضائع، آخر ما توقعته أن تتحول دعوة ولي العهد إلى المملكة المجاورة من أجل التأكد من نسبها إلى منافسة تجارية ضخمة.
من أجل أن تستمتع قديسة جناح اللوتس قرمزية الشعر برحلتها، قرر ولي العهد تورا تيان إتخاذ تدابير خاصة، فهو لا يحاول مطلقا إخفاء إعجابه بها و أيضا مستمر في التقرب منها و حريص تماما على جعل هذه الرحلة لا تنسى.
لدرجة أنه حول مسار الرحلة إلى الطريق النهري، و أعطى أوامره برفع السد السحري العملاق الذي أبقى المسار النهري مغلقا منذ أيام الحرب.
هذا المسار النهري هو أحد أكبر الطرق التجارية و أكثرها أهمية، فهو يربط الممالك الثلاثة معا وصولا إلى أرخبيل أكواليا، المدينة السياحية التجارية الأعظم في قارة البشر.
لذلك كان من الطبيعي رؤية كل هذه القوارب لمختلف المجموعات التجارية، و هي تتسابق نحو مدينة أكواليا.
تورا تيان الذي وقف على مقدمة القارب الخشبي، نظر إلى القوارب التجارية التي عجز عن عدها و تنهد مع بعض الإحباط، و هو يحدق بالحسناء ليان و رفيقاتها من فتيات مملكة الجوهرة السماوية.
" هذه ليست الرحلة البحرية التي كنت أخطط لها"
دياني كانت ترى من خلال أفعاله قررت وضع حد لمغازلته، و تحدثت بحزم
" سيدي الأمير، نقدر اهتمامك الكبير و سهرك على راحتنا، لكن بقاءك في قارب الفتيات قد يساء فهمه"
" معك حق"
'علي التفكير في طريقة مناسبة لأتفرد بليان'
همس تورا لنفسه و هو غارق في أوهامه قبل أن يقفز إلى قاربه الخاص، عندها لاحظ أن حارسه الشخصي يحدق في قارب المخصص للفتيان و تحديدا إلى دو باي
"ألا زلت تفكر في هزيمتك ضد ذلك الأسمر"
مر أسبوعان على سوء التفاهم الذي أدى إلى قتال دو باي مع الحراس الشخصيين لولي عهد مملكة الأنهار اللامتناهية، و يمكن القول أنهم ليسوا ممن يتقبلون الخسارة بصدر رحب.
"الأمر ليس كذلك مولاي،من قبل كنت متأكدا أنه بإمكاني الفوز لو واجهته ثانية، لكن الآن...."
شد الحارس الأصلع قبضته على سيفه و صر على أسنانه كأنه يرفض الحقيقة التي يراها، قبل أن يستسلم أخيرا
"ذلك الفتى قد ازداد قوة عن آخر مرة رأيته فيها، و بشكل ملحوظ"
تفاجأ تورا بالأمر، رغم أن جواسيسه أخبروه مسبقا بكل كبيرة و صغيرة عن الفتى الذي اقتحم مقره في وقت سابق، لكن لا يزال إرتقاءه السريع مرعبا،حتى أنه حدق لا إراديا نحوه هو الآخر
"في النهاية، هو من أزاح هان سانغ صاحب هيئة الأسلحة التي لا تحصى من عرش أقوى مقاتل من جيل المستجدين"
تفحص الحارس الأصلع بقية الفتية و الذين بدورهم لم يكونوا بذورا سيئة، اللغز في المسألة ليس مستواهم بحد ذاته، بل كونهم جميعا من العامة، حتى النبلاء مع مواردهم و تقنيات النمو المتوارثة سيجدون صعوبة في الإرتقاء
" من أين تراهم حصلوا على مواردهم و تقنيات النمو خاصتهم؟، هل لديهم مدرب خاص أو ما شابه؟"
كذلك حدق تورا تيان بهم، لكن عيونه لم تكن فضولية كحارسه بل كانت عيون جشعة، كتاجر يحصي ذهبه
' قريبا جدا، ستخبرونني عن أسراركم، و ستتوسلون إلي لتصبحوا من أتباعي'
الحارس الشخصي أدرك سريعا المغزى من تلك النظرات، رغبات و نزوات سيده دائما و أبدا و بأي طريقة ممكنة ستتحقق.
أخيرا و بعد رحلة نهرية طويلة، برزت من بعيد مباني رفرت على قممها رايات لمملكة الأنهار، و كذلك تمثال ضخم لمخلوق نصفه سمكة و نصفه إمرأة يرمز لسيدة البحار و الأنهار المخلوق الأسطوري، حورية البحر أكواليا
"كال، هل تظن أنهن موجودات؟"
رفقة دو باي و كال مينغ ، كان هناك كيرا صاحب هيئة العنكبوت ،شيروذو الشعر الأحمر مستخدم الخناجر و تابو مستخدم الدرع.
شيرو الذي أصبح قليل الكلام بعد فقدان حبه الأول، صديقته الشقراء ميني صاحبة هيئة القوس لصالح رفيقه تابو، أشار إلى تمثال الحورية مستفسرا
"لا توجد دلائل على وجودها في عالمنا، لكن من يدري فهناك عوالم غيرنا "
"إنها مخلوقات جميلة، أتمنى لقاء أحدها"
تمتم شيرو، ليتدخل دو باي معترضا
"جميلة!!، لا تهذي عن جهل، أتعرف أن حوريات البحر هي مجرد صورة تجميلية لمخلوقات السايرن"
"سايرن!!"
سأل كيرا مستغربا، و كله فضول لمعرفة معنى الاسم الذي لم يسبق له أن سمع به.
" إنها مخلوقات مرعبة تسكن البحار، يقال أنها تغري البحارة بصوت غنائها العذب لتسحبهم لأعماق البحر و تمزقهم بأسنانها الحادة و تلتهم لحمهم،يقال أيضا أنها......."
توقف دو عن الكلام ، عندما رأى الجميع يحدقون ببعضهم البعض غير مصدقين أن هذا المثقف واسع المعرفة هو نفسه دو باي الذي يعرفونه.
"في كل مرة ردة الفعل ذاتها، أنا أيضا أعرف بعض الأشياء"
صرخ دو الذي قرأ أفكارهم في غضب.
في الحقيقة الأشياء التي يعرفها دو باي كلها تتعلق بالأساطير و الخرافات و تحديدا قصص الإناث منهم.
ألقى شيرو نظرة ثانية على التمثال و قال
"حتى و لو كان كلامك صحيحا، فلا تزال جميلة في عيني"
"ما الجميل في إمرأة نصفها السفلي سمكة.... ها ها ها"
" أقله أنا لست طفلا يؤمن بوجود فتيات الظل؟"
"من تنادي بالطفل يا محب السمك"
الحوار البسيط تحول لعتاب، و تشاجر الإثنان أدى إلى إهتزاز القارب حتى أصواتهما لفتت إنتباه الجميع.
أسرع بقية الشباب لإيقافهما لكن العنيدان استمرا في التدافع على سطح المركب حتى سقط شيرو في النهر.
" إنه لا يجيد السباحة"
صرخ تابو و هو يققز خلف رفيقه، دامت الدقائق طويلا و تمكن التوتر من الجميع.
أخيرا أخرج تابو رفيقه الغريق، لحسن الحظ كان الشاطئ قريبا فسحبه إليه و استمر في الضغط على صدره حتى أخرج الماء من رئيتيه.
" شكرا للسماوات"
تنهدت الفتيات و قد تنفسوا الصعداء أخيرا.
رمقت ليان دو باي بنظرة غاضبة و أنبته بصوت مسموع
" دو، أيها الأحمق ما الذي فعلته؟"
"إنه ليس خطئي، الذنب كله يقع على كاهل شيرو"
تأنيب ليان لم يعطي نتيجة و نكران دو زاد الطين بلة، فنغ شيرو الذي استعاد وعيه كان يحدق في الفتى الأسمر بغضب و انفجر في السب و الشتم بلا هوادة
"لعناء، دائما نفس القصة بالطبع ليس خطأك، فكيف يعقل مقارنة صهر النبلاء بالعامة مثلنا"
" شيرو، أرجوك لا تبالغ"
حاول كال مينغ التدخل، لكن هذا الأخير انفجر به هو الآخر لائما
"أكيد ستقف لجانبهم ، لطالما كنت تجيد تملق النبلاء"
"ما الذي قلته؟"
رد كال و جسده الدهني يهتز من الغضب، بينما استدار شيرو مغادرا ، رافضا البقاء رفقتهم
" من البداية كان قدومنا رفقتكم خطئا، و من الآن أنتم في طريق و أنا من طريق"
لم يكن ممكنا تغيير رأيه و قد استولى الغضب عليه، لذلك لم يحاولوا إيقافه و فضلوا الإنتظار حتى يهدأ.
" أنا سأذهب خلفه"
"و أنا أيضا"
كل من رفيقيه تابو و ميني ، قفزا من القوارب و ذهبا خلفه.
' هل يخطط لشيء ما؟'
ولي عهد مملكة الأنهار ، لم يستصغ الأمر مع طبعه المتشكك شعر أن ردة فعل الغريق المدعو شيرو مبالغ فيها و ربما حتى تكون متعمدة.
" شباب، لا أعتقد أنه من الصواب ترك هؤلاء الثلاثة لوحدهم".
أضاف كيرا و هو يحاول شرح وجهة نظره
"كما تعلمون، شعور شيرو نحو ميني لم يكن مجرد إعجاب،هي حبه الأولو لم يتجاوز الأمر بعد ....."
** لما لم تقل هذا من البداية **
ليان و دياني صرخن في وجه كيرا، لدرجة أنه تراجع رافعا يديه و قد أدرك أن لا أحد على علم بالمسألة.
"أخبرتكم أنه لم يكن خطئي"
* اخرس يا عديم الإحساس*
قفز دو باي على المعلومة الجديدة ليبرر ما حدث، لكن ردة الفعل كانت أسوء، و قد أصبح الجميع متعاطفا مع من غرق في الحب و الماء في الآن ذاته.
' يبدوا أنني بالغت في الحذر'
تورا تيان الذي كان يفكر في إرسال أحد خلفهم غير رأيه، و قد زالت شكوكه نحوهم
" كيرا، اذهب خلفهم و اسأل ميني العودة"
أكبر خطأ هو بقاء الفتاة التي كسرت قلبه أمامه، و لذلك ليان أعطت الأمر بعودتها لينطلق كيرا منفذا.
و هكذا و تحت عيون ولي عهد مملكة الأنهار و حرسه، تفرقت المجموعة إلى نصفين.