بالرغم من أن هدف وفد النجمة السماوية هو التوجه إلى عاصمة مملكة الأنهار، من أجل مراسم التحقيق لنسب الآنسة ليان، لكن يستحيل أن تطأ أقدامهم أكبر منطقة تجارية دون التجول بين أزقتها و المشاركة في مزاداتها.

و لذلك قررت مجموعة النجمة السماوية المكونة من ليان، دياني ، دو باي و كال مينغ، الإستقرار هنا بضعة أيام، و الإستراحة في أحد الفنادق لكن هدفهم الحقيقي لم يكن التسوق.

" هذا فضيع"

اقشعر بدن دياني عند سماعها الحقيقة الصادمة من فم كال مينغ.

منذ أكثر من سنة و في حادثة الزومبي الشهيرة التي استهدفت إغتيال ملك الأوريس، تمكن كال مينغ من الإطلاع على سجلات التجسس الخاصة بهم ضد مملكة الأنهار.

أكثر شيء كان صادما في لائحة الممنوعات و التصرفات اللاإنسانية التي تحدث عنا في الخفاء هو ما يعرف بمشروع الدمى.

تحت ستار التجارة و السياحة وقع عشرات المقاتلين و السحرة في فخ مملكة الأنهار.

سواءا كنت في مطعم تتناول وجبتك، أو تتناول مشروبا مع مضيفة جميلة في ملهى، أو تحتفل لحصولك على عنصر نادر من المزاد ،سيصلون إليك و سيقومون بتسميمك.

مزيج أختير بعناية من الأعشاب المهلوسة و المدمرة للأعصاب و التي لا تهدف إلى القتل بل إدخال الضحية في حالة إدمان.

تبدأ الأعراض مع التعرق الشديد و التهاب البشرة لتسبب حكة مزعجة وصولا إلى الإرتعاش و اصطكاك الأسنان، مع رغبة عارمة في تناول المزيد من الحبة الأرجوانية.

أقوى الرجال و أجمل النساء و أكثرهم نفوذا ليس فقط في مملكة الأنهار بل من كل بقاع العالم و من مختلف الأجناس أصبحوا دمى خيوطها في يد منفذ هذا المشروع الجهنمي.

" أتعتقد أنه سوف يتم تسميمنا نحن أيضا"

سأل دو باي في قلق ليجيب كال مينغ

"ولي العهد أذكى من أن يقوم بخطوة غير مدروسة، لو كنت مكانه لاستهدفت من يمتلك علاقة وثيقة بشخصيات مهمة، إضافة لإمتلاكه منصبا غير ملفت للإنتباه و في نفس الوقت منصب حساس "

أشار كال إلى نفسه، في النهاية هو رئيس الفرع الخارجي المسؤول عن المستلزمات اليومية لطلاب المعهد، و رغم بساطة منصبه فبإمكانه و بسهولة الحصول على معلومات تفصيلية للمتدربين الحاليين و حتى القدامى.

رأى كال القلق في عيون الجميع فابتسم مطمئنا

"تمثيلية اليوم ليس فقط لمنح رفاقنا حرية الإتصال بجاسوسنا ، هي أيضا لصرف إنتباه تورا تيان عني ، بجعله يعتقد أن شيرو هو الحلقة الأضعف كونه غير مستقر عاطفيا"

الجميع كان يحدق في كال في ذهول، هذا البدين هو تجسيد لمقولة أن الأذكياء هم أكثر الناس خطورة في العالم.

خطته ستمنحهم الوقت الكافي لمعرفة سر المخدر، و كشف خفايا هذا المكان.

"لا زلت تذهلني ،تماما مثل أول لقاء لنا، تلك الجمجمة فوق أكتافك لا تقدر بثمن"

علقت دياني و هي تتذكر كيف قلب الطاولة عليها هي و رفيقيها ديكل و جادو، يوم حاولوا خداعه.

كان كال مينغ هو أول شخص لم يتأثر بقانون القبول، الذي يشبه تأثير السيطرة على العقل و يجعل المرء يؤمن و يفعل أي شيء يطلب منه.

خدش كال رأسه في خجل

"ذاكرتي هي ميزتي، لكن لو تحدثنا عن الخطط و المكائد فلا أحد يتفوق على جين"

" تعني جيان"

صحح دو باي، ففي ذاكرته كان هان جيان هو المخطط الداهية.

قد يبدوا الأمر مجرد خطأ، لكن البدين ليس الشخص الذي يخطأ في لفظ الأسماء، فكما قال ذاكرته هي ميزته.

تحت أنظار الجميع كانت أصابع كال مينغ تلعب في الهواء، إنه الآن في عالمه الخاص في قصر العقل خاصته.

أمام مئات الكتب التي سجلها في عقله، بحث كال على كل شخص حمل إسم جين.

" إنه محمي....... كيف يعقل هذا؟"

لأول مرة في حياته يعثر مينغ على كتاب لا يتذكر أنه صنعه في عقله، و فوق هذا امتلك الكتاب قوة غامضة منعته من قراءته.

" تاي جين...... من يكون ؟، و كيف لا يزال هناك فرد من تاي ، غير زوجة سي مار؟"

" كال..... كال، الأرض تنادي كال"

على صوت دو باي و يده الذي تهزه خرج من قصره، و هو في قمة الحيرة.

لكنه لم يذكر شيئا، فلم يكن هذا الوقت المناسب.

"أتعتقد أن تان سو، أصبحت إحدى الدمى"

توجهت ليان مباشرة نحو ما يقلقها،أحد أسباب قدومها إلى هذه المملكة هو البحث عن صديقتها الساحرة.

ففي الوقت الذي كانوا في مجال الأعشاب يواجهون الزومبي، الساحرة الصغيرة تان سو المعروفة بطباعها السادية، توجهت إلى مملكة الأنهار من أجل مهمة خاصة، و من حينها لم يسمعوا عنها أي خبر.

"بخصوص ذلك، حتى و لو كانت تان سو محتجزة، فلن تكون ضمن مشروع الدمى، فأنا أشك أن تلك المخدرات سيكون لها أي تأثير عليها"

"كال..... ما الذي تخفيه عنا؟"

" حسنا..... لنقل أن دياني ليست الغير بشرية الوحيدة التي تعرفونها"

"ماذا؟؟"

سأل الجميع في ذهول.

---------------

في برج العاج التجاري، طابق الكيمياء

" أيها المجنون، ما الذي فعلته؟"

" من تنادي بالمجنون؟"

أحد الحراس الذين اقتحموا المكان بعد سماعهم لعويل الكيميائيين، صرخ في غضب في وجه جين، لكن في اللحظة التي التفت فيها أبيض الشعر إليهم مع نية قتل خانقة تشع منه

تراجع الحراس و الخوف في عيونهم

' اللعنة، إنه هو .....'

نظرا لأهمية ما يصنعه الكيميائيون فرتبة الحراس لم تكن منخفضة، في الحقيقة لقد تم إختيارهم بعناية و هم من صفوة المقاتلين في أواخر عالم الإنصهار، ثلاثتهم معا بمقدرهم هزيمته بالتأكيد.

لكن ثمن ذلك في أحسن الأحوال هو موت أحدهم.

" تراجعوا جميعا"

القصير قبيح المنظر الذي دخل للتو، ما هو إلا المبعوث الملكي و أحد أكبر التجار في أكواليا.

مع سلطته لم ينبت الحراس ببنت شفا، و تراجعوا للإهتمام بالمصابين

" ما سبب كل هذا أيها الفتى؟"

الفتى الذي كانت يداه تقطر بالدماء، أجاب في هدوء

"لقد تذكرت اسمي فنادني بجين"

*طاخ*

قدم المبعوث ضربت الأرض و تطاير اللعاب من فمه، فما كان من جين إلا أن تراجع و هو يغطي وجهه منتظرا مرور عاصفة البصاق

" ما الذي فعلته بالكيميائيين؟،ما هدفك من هذه المجزرة؟"

"مجزرة!!....أنا فقط أحاول مساعدتهم للتخلص من متلازمة تقبيل الأقدام"

مع إبتسامة شخص لم يقم بأي خطأ أضاف

"لا تعطلني، فعلي معالجتهم من متلازمة مطاردة النساء"

" الرحمة...... توقف .....أرجوك"

صرخ أحدهم في يأس و قد تسببت فكرة فقدان رجولته في جعله يزحف على الأربعة بسرعة فاقت أي حيوان زاحف، لحسن حظه ترجيه لقي أذانا صاغية و وقف المبعوث بينهما ليمنعه.

المبعوث كان على علم بعجرفة الكيميائيين، كان ذلك نتيجة طبيعية لمشروع الدمى الذي رفع من قيمتهم فبعد أن كانوا أشخاصا من العامة أصبحوا فجأة ذو شأن.

متعتهم الكبرى و نشوتهم العظمى هي رؤية النبلاء و الأقوياء يتوسلون و يتذللون للحصول على الحبوب الأرجوانية.

" هذا لا يبرر فعلتك"

هذا ما كان سيقوله المبعوث، لكن العيون القرمزية المشبعة بنية القتل أطلقت خناجر نحو نحره جعلته يصمت و يستمع و يعي

"تبدوا غاضبا، هل ترغب أنت الآخر في أن أقبل قدمك؟"

بلع المبعوث ريقه، و تشوش عقله بسبب المنظر الشنيع من الأقدام المبتورة و سط برك الدم، إلا أنه استجمع شجاعته من أجل إيقافه و إنقاذ ما بقي من كيميائيين

"إذا قتلتهم جميعا فمن سيصنع الحبوب،أنت و فتياتك و الكثيرين سيفقدون عقولهم قبل أن يموتوا مع آلام لا تحتمل"

"حسنا، حسنا..... كما تأمر حضرتكم، في النهاية أنا حارسك الشخصي و تابعك المخلص"

كانت هذه هي وظيفة جين بعد تجنيده كدمية، بالنسبة لشخص فاقد لذاكرته و لا يمتلك قوى روحية فلا يمكن إستخدامه كجاسوس.

بطريقة ما تمكن المبعوث من سحب حارسه الشخصي بعيدا، ليتنفس الكيميائيون الذين لا يزالون يحتفظون بأحد أقدامهم و ما بين ساقيهم الصعداء،درس اليوم سيبقى في أذهانهم إلى الأبد و من هذه اللحظة لن يكونوا متعجرفين.

2020/06/01 · 601 مشاهدة · 1161 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024