"اللعنة، سأموت صغيرا...... وقبل أسابيع من زفافي....... لحظة هناك من يستخدمون قوانين الماء بينهم"

دو باي يعيش و يتصرف وفقا لحدسه، نادرا ما يستخدم عقله و لذلك عندما تخطر في باله الفكرة فعلى الأغلب ستكون سخيفة للغاية أو جيدة للغاية.

يتصرف الجنود عادة وفقا لتدريباتهم، و من عادة الجيوش أن يتم توزيعهم إلى فرق وفقا لقدراتهم و قوانينهم، و قد لاحظ دو باي أن صفوف المهاجمين الأخيرة أغلبيتهم من مستخدمي قانون الماء المنتشر بكثر في مملكة الأنهار اللامتناهية.

بأسرع ما يستطيع ركض دو باي إلى ركن من أركان الساحة، و من خلفه الحراس المطالبين برأسه

* جدار الجليد*

مستغلا تقاطع السورين أنشأ دوباي جدارا جليديا بلغ ارتفاعه عدة أمتار، لكن الغريب في الأمر هو أن موضع الجدار كان خلف الجنود و ليس قبلهم.

التفت الجنود إلى الجدار الجليدي من خلفهم، ثم نظروا إلى الطفل المتسلل أمامهم قبل أن ينفجروا في الضحك

" أيها الأحمق ، حاصرت نفسك بجليـ......."

توقف الرجل عن الكلام بعد أن لمعت عيناه أجنحة أثيرية شفافة انبثقت من ظهر الشاب الأسمر

" الوداع أيها الحمقى"

سجن الجليد لم يكن وسيلة للدفاع كما ظنوا ، بل ليفصل من وضع عينه عليهم عن البقية.

دو بسط جناحاه لينقض نحو مقاتل يحمل سيفا تشكل من قانون الماء

"خذ هذه "

صرخ المقاتل الذي هاجمه دو باي و لوح بسيفه المائي الذي إمتد كالسيل ، لكن قبل أن يصيب هدفه كان خصمه قد التف من خلفه و أفقده توازنه و قد تشتت هجومه المائي في الأرجاء مبللا الأرضية و من كان بقربه، و قبل أن يأخذوا أنفاسهم إنقض الرجل الطير نحو ضحية أخرى و التي صادف أيضا أن يكون مستخدما لقانون الماء

تموج الماء بين يدي المقاتل ليندمج مع هيئته الروحية، سمكتان من الشبوط العملاق قفزت تسبح في الهواء.

" هااا، لا شك أنه نائب القائد الذي ذكره ذلك الثرثار"

بتعرفه على خصمه أخذ دو باي حذره و ناور ببراعة ليتفادى هجمات السمكتين الأثيريتين،و رغم أنه لا يمتلك خطوات قانونية إلى أنه يجيد الفرار، مع حركاته الرشيقة و الإنقضاض السريع بفضل جناحيه جعلت إصابته مهمة مستحيلة

" الجدار البشري"

أصبح التسلل خلف الخصوم حركة دو باي المفضلة، و قد أمسك بأحدهم و دفعه نحو نائب القائد، التفت هيئة السمكتين عمن أسماه بالجدار البشري، و حجزته في فقاعة مائية بهدف إغراقه.

مع صوت سبلاش انفجرت الفقاعة المائية بعد أن ألغى صاحب السمكتين هيئته الروحية

نظر دو باي إلى المقاتلين الغارقة ثيابهم في الماء و على وجهه سخرية تقول أنه كان محقا في فصلهم عن البقية

" كما توقعت قانون الماء هو الأضعف، إنه لا يصلح إلا للإستحمام، هههه"

"أيها الوغد المأفون، سأريك قوة قانون الماء خاصتي"

النائب صاحب هيئة السمكتين أجاب في غضب و رفع يديه لينشأ عمودا مائيا بإمكانه إغراق مدينة بأسرها، لكن صراخ غضبه تحول إلى صراخ ألم.

دو باي الذي كان يتصيد الفرصة مثل صياد محترف يتربص بفريسته، أسقط رمحا ثلاثيا جليديا على العمود المائي ليخترق السمكتين معا و يترك مالكهما مغشيا على الأرض لا يدرون إن كان ميتا أو حيا.

في الوقت ذاته من كانوا معزولين بجدار الجليد شقوا طريقهم خارجا ليتفاجؤوا بهزيمة نائب القائد و كذلك سيل الماء الذي أوشك أن يغرقهم.

" كنت أخشى أني لا أمتلك ما يكفي من الطاقة، لكن مع كل هذا الماء، أصبح الأمر هين"

حلق دو عاليا و عيونه تلمع بنجاح خطته ليرسم على ثغره إبتسامة المنتصر، و راح يرتل ترنيمة القانون

// يا جليد العالم السفلي البارد فلتلبي النداء //

* أرض الجليد*

طبقة من الجليد تشكلت تحت أقدام المقاتلين، تسببت في إنزالاقهم و فقدان توازنهم، و تلك فقط كانت بداية سلسلة الهجمات

* مسامير الجليد*

* رماح الجليد*

* جليد، جليد ، جليد..... جلييييييد*

"تريدون رأسي فلنرى من سيموت أولا.... أو لنقل من سيتجمد أولا...ههههههه"

لم يتوقف دو باي عن الهجوم إلا بعد أن إنقطعت أنفاسه، و النتيجة كانت عشرات الضحايا، المحظوظين منهم علقوا في الجليد و الغير محظوظين إما اخترق الجليد المدبب أجسادهم و إما تحولوا إلى تماثيل جليدية

نجى فقط مستخدموا النار، و الأشخاص الأذكياء كفاية للتراجع حتى مرور العاصفة الجليدية.

كان هناك عاملان لنجاح هجوم دو باي، أولهما وجود مستخدمي قانون الماء و الذي سمحوا له بتوسيع مجال هجماته الجليدية، حتى أصبحت توازي هجوم ساحر عظيم، و الثاني هو إستخفاف الجنود به كما أن طمعهم في المكافأة جعلهم يتخلون عن العمل الجماعي.

" اللعنة، هذا الشقي في متوسط عالم الإنصهار، إن لم نتكاتف و نقضي عليه فسيعلق القائد تايلر رؤوسنا على البوابة"

أومأ الجنود بالموافقة، و شكلوا فرقة يتقدمها مستخدموا قانون النار، لتضيء الساحة باللوني الأحمر و الأصفر، و أخذت النار أشكالا مختلفة في أياديهم لكن لحظة إقترابهم من خصمهم حدث ما لم يتوقعوه

" ما هذا،نيراني تخبوا؟"

" و أنا أيضا، كيف يعقل هذا؟"

رؤية درعهم الناري ينهار ترك الجنود في إ رتباك، و خصمهم لم يكن ليفوت الأمر، إلا أن سلسلة المفاجآت لم تنتهي

" هل يعقل أن صقيعك بارد لدرجة تجميد النيران؟؟"

على غير المتوقع خصم جديد ظهر على الساحة، و أطلق ضحكات حماسية ساخرة

*ههههه*

" تخيلوا فقط، مظهر النار و هي تتجمد "

لم يضحك أحد على نكتة المقاتل الذي بدى مع عضلاته و صدره العاري كمحارب بربري، بل تراجعوا للخلف و هم يؤدون التحية الرسمية و وجوههم تفيض حماسة

"سيدي القائد، تولى أمره"

" كلنا ندعمك، فلتره أن جليده لا يساوي شيئا أمام نيرانك"

القائد ذو المظهر البربري انحنت شفاهه عن إبتسامة عريضة كشفت عن ما في عقله من غرور، ليحرر هيئة روحية غاشمة و هالة تتناسب مع سمعة مقاتل في أواخر عالم الإنصهار

خلف القائد البربري وقف مقاتل أثيري يلفه اللهب و يرتدي تاجا يشتعل بنار زرقاء

" فلتجثوا أمام هيئة ملك النار خاصتي "

رفع القائد تايلر كلتا يديه و رأسه للسماء مزهوا بنفسه، فراحت النيران المتقدة في أسلحة و هيئات المقاتلين من خلفه تتجمع و تتكاثف في نقطة واحدة، قبل أن يلمع التاج الأزرق فوق الهيئة الروحية و يمتصها بالكامل

هيئة ملك النار، تماما كإسمها بمقدورها التحكم في القوانين النارية التي بجوارها ليضاعف حجم و قوة و شدة لهبه

ملك النار أصبح جلمودا عملاقا على رأسه تاج ناري أزرق و جسمه يشع بضوء ناري أحمر، مخيف و مهيب و يكاد لا يقهر كالجبابرة الذين قاتلوا الآلهة في الأساطير اليونانية.

"يبدوا أن آلهة الحظ تبتسم لي، كنت أخشى أن يتحول الأمر لمعركة إستنزاف، عندها فعليا كان أمري سينتهي"

ردت فعل الفتى أمام هذا العملاق الناري الذي بمقدوره جعل ركب أشجع المقاتلين تصطدم ببعضها، فاجأت الجميع حتى أنهم نظروا إلى خصمهم الصغير بإحترام.

لكن سرعان ما غيروا رأيهم، فأفعال الشاب الأسمر تناقض أفعاله، الذي راح يتراجع ببطئ إلى الخلف

" أيها المخادع الصغير لقد كدت أصدقك، و الآن لننهي هذه المهزلة....."

صمت تايلر فجأة و قد أحس بإضطراب في هيئته الروحية، ليس و كأنه يخسر قواه بل على العكس هالته كانت تتصاعد بإستمرار و قوتها ترتفع بجنون، كما أخذت الهيئة تتضخم و أصبح لون نيرانه يميل للأزرق شيئا فشيئا

" ما الذي يحدث هنا؟، أنت ما الذي فعلته بهيئتي؟"

ابتسم دو باي مجيبا

" قبل وصولك بلحظة، نيران رفاقك كانت تخبوا، فقط للعلم لم يكن ذلك بسبب قانون الجليد بل بسبب قانوني الثاني"

اتسعت عيون القائد تايلر في حذر، ازدواجية القانون أمر نادر و هذا الفتى عرف كيف يلعب بطاقته الخفية في الوقت المناسب

* باام*

قبل أن يفكر تايلر في ماهية القانون االثاني، ارتجف جسده مع الصوت الذي تفجر في كتف هيئة ملك النار خاصته، حتى مع درجة الحرارة المتصاعدة كان ظهره يقطر بالعرق البارد منبها للخطر القادم

*بام، بام،بام........بوووم*

ما بدأ الأمر بإنفجار صغير، تلاه عدة إنفجارات متتالية و التي راحت شدتها تتصاعد أعلى و أعلى و تلك فقط بداية الكارثة

" اهربوا "

صرخ القائد بأعلى ما في حنجرته، و ملامح وجهه تدل على مدى الهلع الذي أصابه بعد أن فقد السيطرة على هيئته إلا أن تحذيره جاء متأخرا.

مدينة أكواليا إهتزت بأكملها على وقع إنفجار مهول أضاء ليل سمائها،في ثانية تحول الحصن إلى أنقاض و من كان محظوظا و لم يلتهمه الإنفجار و النيران دفن تحت حجارتها.

غير بعيد عن مكان الكارثة، كان دو باي يكافح و هو يسحب جسده للخروج من النهر.

فقبيل الإنفجار ابتعد بأقصى ما لديه محلقا في السماء لكن ضغط الهواء أفقده توازنه و أسقطه، و يبدوا أن آلهة الحظ فعلا تبتسم له ليسقط في النهر بلا إصابات تذكر.

و هو ينظر إلى أثار صنيعه، لم يصدق أنه السبب في هذه الكارثة

" هذا خطأ كال، عندما أخبرني أنه لا يجدر بي استخدام قانون الهواء لتعزيز قانون النار، لم يشرح أن هذا ما سيحدث"

كعادة دو باي من السهل عليه لوم الآخرين على أن يتحمل المسؤولية، و في الوقت ذاته أبدى إعجابه بذكاء صديقه الذي توقع مقدار الضرر الذي قد يتسبب فيه قانونه النادر.

من خلال القدرة على التحكم في كمية الأكسجين في الهواء بمقدور دو باي إصابة الآخرين بالإغماء، و كذلك إخماد النيران، من جهة أخرى بإمكانه فعل العكس و تعزيز قانون النار لدرجة الإنفجار.

2020/07/01 · 533 مشاهدة · 1395 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024