في مملكة الجوهرة السماوية

في القصر الملكي الذي يتربع على أعلى هضبة في عاصمة الليلة البيضاء، و تحديدا في السراديب السرية التي بنيت من أجل الهروب في حالة الطوارئ، لمع العمود الحجري الخاص بسحر الإنتقال بضوء يعمي الأبصار و بعد تلاشيه كشف عن مجموعة من الرجال مكتسحين بالسواد.

ارتسمت على وجه زعيم الظلاميين إبتسامة مخيفة، بالنسبة لرجل فقد عينه اليمنى و بالكاد نجى من فقدانه عينه اليسرى بعد معركته الخاسرة ضد زوجته السابقة كانت معنوياته عالية جدا

" هان اليوم ستكون نهايتكم"

لإستخدام العمود الحجري الخاص بسحر الإنتقال الآني، تحتاج إلى إحداثياته و شفرة دائرته السحرية،لن يصدق احد أن هذه المعلومات التي تعتبر سرية حتى بين أفراد العائلة الملكية سيقوم بكشفها و بكل سهولة ساحر المملكة العظيم و ركيزتها الداعمة السيد ني بو ساي.

لمع العمود السحري ثانية ليكشف عن قدوم المزيد من جنود الظلاميين، من بين الوافدين الجدد برز مقاتل ضخم البنية مع درعه الخشبي ذو اللون الأسود و سيفه العريض

نظر إليه ساو يي و إبتسامته تزداد إتساعا

" هان تاتسو، اليوم لن يكون عليك أن تكبح نفسك"

*بوووم*

اهتز القصر بعنف على أثار الإنفجار المهيب ، و قد أضاءت النيران المتصاعدة هذه الليلة المشؤومة التي غاب عنها ضوء القمر

" ما الذي يحدث؟، من يهاجمنا و كيف ظهروا من العد......."

لم يتمكن أحد الحراس المتفاجئين من أن يكمل سؤاله قبل أن تخترق إحدى الجذور السوداء المشؤومة التي انبثقت من بذور تيفا التي زرعوها بأجسادهم صدره و تبدأ في امتصاص دمه.

" الظلامييون...."

الحارس المسكين عرف ماهية خصمه لكن بعد فوات الأوان و تحوله إلى مومياء.

في الدقائق الموالية إرتفعت مع صوت الإنفجارات أصوات الصراخ المؤلم للضحايا ما بين جنود و خدم القصر، المعركة كانت تأخذ جانبا واحدا

فحتى أضعف مقاتل ظلامي تجاوزت قوته عشرات الجنود بفضل تعزيز بذور شجرة الموت و الدمار تيفا، مما زاد الطين بلة هو قلة عدد الجنود المتواجدين بالعاصمة حاليا

عندما تم الكشف أن الأوريس هم بشر في الحقيقة و أن كل الحروب السابقة كانت بلا سبب وجيه، ألقى الملك اللوم على بعض من قادة جيشه و اتهمهم بالتعصب ضد باقي الأجناس.

هذه التهم كانت كفيلة بتهدئة شعبه لكنها أدت في نفس الوقت إلى إنقسامات خطيرة في الجيش، و لتفادي أي محاولة إنقلاب تم تقسيم الجيش إلى عدة فرق تم توزيعها على المدن الحدودية، و الآن نتائج كل تلك السياسات الظالمة و القرارات الخاطئة انفجرت دفعة واحدة في وجوههم.

--------

في الجانب الآخر من المدينة لم تكن الأوضاع أحسن، فقد شن الظلاميون هجمات متفرقة على مناطق مختلفة من المدينة، لكن تلامذة ومشرفوا معهد تنين الأرض الذين يعتبرون خط الدفاع الرئيسي و الوحيد تقوقعوا داخل معهدهم و لم يتحركوا قيد أنملة.

" هذه هي فرصتنا، سننتقم لخسارتنا الماضية"

أعلن ساحر ظلامي مزهوا بنفسه قبل أن ينزل هو و رفاقه هجوما مشتركا على المعهد، فلمعت السماء بعدد لا يحصى من الكرات نارية التي سقطت كالنيازك.

دوت الإنفجارات المتتالية بشكل جنوني، لكن إبتسامة الساحر و رفاقه إختفت من وجوههم عند رؤية كل هجماتهم تتلاشى على حاجز مانا عملاق دون أن تترك خدشا واحدا

"دفاع ساحر عظيم!!، كيف يعقل هذا؟"

نظر الظلاميون إلى بعضهم في حيرة متسائلين عن الساحر الذي حل محل ني بو ساي.

"اللعنة على هذه الحالة، كلهم خانعون و لا أحد منهم يريد التحرك؟"

داخل جدران المعهد لعن نويان في سخط،و هو ينظر إلى حال المقاتلين و السحرة الذين تكوروا حول أنفسهم مرتجفين و مضطربين كمرضى المستشفيات العقلية.

محاولة لمسهم فقط كفيلة بأن تسبب في ارتعابهم و دخولهم في نوبات هستيرية، فكيف له أن يحاول إقناعهم للدفاع عن أنفسهم و مدينتهم .

"زي، هل إنتهيت من إنشاء الحاجز؟"

"أجل"

أومأت زي يون بالإيجاب، تزامن عودتها رفقة نويان من البوابة الشمسية وقت هجوم الظلاميين كان مجرد صدفة، لكن هذه الصدفة هي من أنقذت الجميع من موت لا مفر منه.

"جميعهم على هذه الحال، حتى مدير المعهد غلق على نفسه في مكتبه و يرفض أن يخرج"

"أستطيع عكس تأثير سحر الخنوع، لكنه سيستغرق وقتا طويلا"

منذ عثورها على هذا السحر الممنوع في البوابة الشمسية و هي تحاول إيجاد طريقة لعكس تأثيره، كان الرعب ينتابها لمجرد فكرة أن يطبق سحر كهذا في ساحة القتال، لم تتوقع أن أسوء كوابيسها سيتحقق و بهذه السرعة.

هناك أيضا نقطة أخرى مهمة، يستحيل أن يكون منفذ السحر من خارج المعهد و هذا يعني أن هناك خائن.

أول شخص عالجته زي يون، كان أمين المكتبة، ربما بسبب عادة النوم خاصته أبدى مقاومة أكبر و لم يفقد كامل شجاعته ، فسحر الخنوع هو نوع من التنويم المغناطيسي

" زي...... علي المغادرة"

" سأفتح لك طريقا عبر الحاجز"

لم تسأل الساحرة عن وجهة نويان فهي الأخرى استشعرت قوى مظلمة تقتحم القصر الملكي.

" سأرافقك"

انطلق نويان رفقة أمين المكتبة بأقصى ما لديهما لكن سرعان ما توقفوا عند سماعهم لأصوات الإنفجارات في المناطق السكنية

" اللعنة، علينا أن ننفصل "

هجوم الظلاميبن على العامة جعل نويان يطلب من أمين المكتبة أن يفترقا فكمقاتل فبمقدوره قهر عشرات الأعداء لكن في مهمام الإنقاذ فلا أفضل من السحرة

" سأتولى أنا الأمر، تقدم أنت"

وافق الساحر بلا تردد على إقتراحه و في اللحظة ذاتها، سمع كلاهما صوت خطوات خفيفة تقترب إليهما

"سيد نويان.....سيدي المشرف"

اتسعت عيون نويان لرؤية كل من النبيلة هان سول و تلميذة خطيبته لي تشوي

" أنتما ألم تكونا في جزيرة الأسلاف، كيف وصلتما إلى هنا؟"

"لقد جئنا من نفس الطريق الذي استخدمه الظلاميين، و الذين بالمناسبة كانوا أيضا في الجزيرة رفقة اللعين ني بو ساي الذي خاننا"

كعادتها هان سول وضعت إصبعها مباشرة على الجرح، تاركتا الرجلان يحدقان في بعضهم البعض غير مصدقين

"إن كنتم قلقين من تحرك الساحر العظيم ضدنا فلا داعي لذلك، فهو لم يعد عظيما بعد الآن هذا إذا نجى أساسا"

شرح سول المقتضب ترك نويان و أمين المكتبة في حيرة أكبر، إذا كان إيذاء السحرة العظماء سهلا لما أصبحوا أعمدة الممالك

" لنركز على مشكلتنا الحالية أولا، تشوي بصفتك ساحرة قومي بمساعدتي لإنقاذ العامة، و أنت سول ساعدي السيد نويان لإنقاذ العائلة الملكية"

رغم الخلاف و الإنشقاق الكبير بين القصر و المعهد، لم يتردد أمين المكتبة لحظة لمساعدتهم ضد الهجوم الغادر من العدو المشترك، إلا أن ردة فعل سول جعلته حائرا

"علينا فقط الإهتمام بالشعب، أما بالنسبة للعائلة الملكية فبمقدورهم حماية أنفسهم، و في حال ما إذا فشلوا، فذلك هو قدرهم..... ربما يجدر بنا التفكير لمن نسلم دفة الحكم "

"سول يا عديمة الإحساس، لقد تحدثنا عن الأمر سابقا"

تحديق لي تشوي بها جعل سول تصمت، لكن و من العدم جاء شخص آخر لينتقدها أيضا

" على غرار والدتك فأنت قاسية القلب، سأتولى أنا الأمر، اهتموا بالعامة"

التفت الجميع إلى الصوت النسائي ليتفاجؤوا بإمرأة جميلة ذات مظهر نبيل وشعر أبيض طويل، يفيض جسدها بهالة دافئة ، اكتفت بإماءة من رأسها كتحية لهم قبل أنتمر بجانبهم متجهتا نحو القصر بخطوات ثابتة

" السيدة الأولى!!......كيف تحررت!؟"

اتسعت عيون الجميع لآخرها برؤية من يفترض أنها أسيرة في قبضة الظلاميين حرة طليقة و أقوى من أي وقت سابق.

إنها السيدة هان إيدا، إبنة الملك هان تسو و المالكة لهيئة المقاتل المسلح سيدة السيف التي جعلتها الشخص الأقوى في المملكة.

فجأة توقفت السيدة الأولى و تحدثت دون أن تلتفت إلى من خلفها

" أيها المشرف، الصغيرة على حق....... بعد نهاية هذه الأزمة يجدر بكم التفكير في من سيكون ملكا مستقبلا"

بينما علامات التعجب تطوف فوق رؤوس من سمعوها، كانت هناك إبتسامة عريضة على وجه هان سول الذي أشرق بالبهجة

"سآتي برفقتك، لن أسمح لأحد بإيذاء الملك و حاشيته...... فأنا أريد رؤية وجوههم عندما سيتم عزلهم"

2020/07/07 · 568 مشاهدة · 1170 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024