" إبتعدوا عن الخيوط..... إنه فخ "

صرخ أحد الجنود، لكن تحذيره جاء متأخرا في رمشة عين تم تقيده هو و عشرات الجنود الآخرين بخيوط كيرا ليصبحوا مثل الحشرات في شبكة العنكبوت ينتظرون موتهم

و لم تدم مدة ربطهم بضعة أنفاس لتنزل عليهم هجمات البقية من كل حدب و صوب، و قد لمع خنجر شيرو و هو يتحرك بسرعة البرق و لا يمر على أحدهم إلا و تفجرت الدماء من أعناقهم.

كما برزت حاملة القوس شيرو ،و قد عرفت سهامها مناطق الضعف في دروعهم و اخترقت أجسادهم

كذلك ترس تابو العملاق، الذي أطلقة هجمات متتالية من الهالة، و التي لم تصب أحدا إلى أجبرته أن يبصق الدم من فمه

كل واحد من هؤلاء الفتيان كان بارعا و متفوقا، و رغم هذا كانوا يقاتلون بطريقة خبيثة، و يهاجمون المقيدين العاجزين عن الدفاع عن أنفسهم.

" أيها الطويل اللعين، كن رجلا و واجهني وجها لوجه"

أحد المقيدين الذي رأى رفاقه يسقطون الواحد بعد الآخر دون مقاومة، صرخ ساخطا محاولا إستفزاز صاحب شبكة العنكبوت.

" طويل!!، هذه أول مرة يلقبني فيها أحد بالطويل!"

استلزم كيرا بعض الوقت ليدرك أن الأحمق أخطأه معتقدا أن دياني التي تقف خلفه هي المتحكمة بالخيوط.

فجأة تغيرت الأجواء، و شعر المحيطون بهم بالبرودة تنتشر بالمكان و القشعريرة تجتاح ظهورهم.

" كن رجلا..... أتقصدني...... أنا .... بهذا .....الكلام"

محاولة الإستفزاز باءت بالفشل، بل جاءت برد فعل عكسي و قد استشعر قرب نهايته و هو ينظر إلى العيون الحمراء للفتاة الغاضبة، و للأمانة خطأه كان غير مقصود فقد كانت تقف خلف كيرا و لم يتبينها جيدا

*بووم

اللكمة التي انفجرت على وجه المقاتل، حققت أمنيته و حررته من قيوده لتقذفه إلى السماء محلقا بلا أجنحة

"عـ.....عـ.....عملاق"

جاء الصياح من بعيد، فراحت دياني تحدق بنفسها ظنا أنها تحولت إلى عملاق دون أن تدري

" دياني..... هناك عملاق في النهر"

عندما ألقت دياني بصرها حيث أشار، تفاجأت بمنظر لا يصدق، عملاق ملتحي ذو بطن بارزة،تجاوز طوله العشرين متر ،عبر النهر بأقدامه الحافية و كأنه يعبر الساقية.

" ما هذا؟؟، هل هو من كنا ننتظر؟"

سأل هيونغ، ليجيبه كال مينغ مع إبتسامة مصطنعة

" إنه الطليعة، فالقوة الرئيسية لم تصل بعد؟"

الحقيقة هي أن كال ليس لديه أي فكرة عن العملاق، كل ما يعرفه جاء من رسالة جين الغامضة التي مفادها أن كل شيء سيكون على ما يرام.

إهتزت الأرض لحظة وطأت قدم العملاق المبللة الضفة ، و قد تسببت نظرات الإزدراء من جبل اللحم و العضلات و كذلك الدهون في إسقاط قلوب الرجال.

كل حركة من العملاق جلبت الدمار، لكماته وحدها أحدثت أعاصير و قذفت الرجال إلى السماء

" مسـ..... مستحيل، هو بالذات لن يخالف قسم الأجداد و يغادر المنفى"

همست دياني التي تعرفت فورا على العملاق القادم من عالمها في عدم تصديق، في الماضي إغتر العمالقة بقوتهم و تجبروا و نتيجة طغيانهم الذي كان سيودي بدمار مركز الأطلال جلبوا الدمار لأنفسهم،و تم نفيهم على يد أحد أسياد الكرة إلى بعد مقفر و قد أقسم الأجداد على عدم العودة تكفيرا لذنوبهم ، و لا أحد بإستثناءها تجرأ على مخالفة هذا القسم.

" أكيد.....هو الوحيد القادر على تحريرهم من ذلك القسم"

لم يدم الأمر طويلا، لتعرف دياني الجواب، سيد الكرة العظيم الذي نفاهم في الماضي هو فقط القادر على إعادتهم.

" فلتروني ما لديكم أيها الأقزام"

بالنسبة للبقية فقبل أن يستوعبوا قصة هذا العملاق الغامض و ما الذي يريده منهم ،ضم العملاق قبضتا يديه لتنزل على الأرض مثل النيزك و تحدث إنفجارا مدويا ليرتفع الغبار إلى عنان السماء حاجبا الرؤية.

لم يرى أحد شيئا فقط سمعوا صوت *كراك* تبعه إهتزازت قوية، حتى الذين كانوا بعيدين لم يقدروا أن يحافظوا على توازنهم و سقطوا أرضا.

بعد عدة ثواني تلاشى الغبار كاشفا عن حفرة توافق حجم قبضته الضخمة و حولها عدة تصدعات تشبه شبكة العنكبوت.

و رغم هذا فلا احد نظر إلى الحفرة و الدمار الذي تسبب فيه العملاق، فالعيون كلها ركزت على ضحايا هذا الهجوم الغير إعتيادي.

فقد سقط العديد من المقاتلين القريبين في الشقوق التي أحدثها الهجوم، و قبل أن يسحبوا أجسادهم خارج التصدعات، تم إغلاقها ثانية مع قانون الأرض لتقفل عليهم و تسجنهم.

منظر الجنود و هم يصارعون لسحب أقدامهم أو أجسادهم من تحت الأرض كان مضحكا، خصوصا أصحاب الحظ السيء الذين ابتلعتهم الأرض حتى صدورهم.

" أرض شباك العنكبوت!!"

التقت عيون دياني بعيون العملاق و راح هذا الأخير يلوح لها كما أظهر صفا من الأسنان وسط لحيته الكثيفة

" دياني، هل يستطيع عنكبوت خطيبك فعل هذا ؟"

" دياني.....من هذا العجوز؟، و من أين يعرفني ؟"

سأل كيرا من تحت صرير أسنانه

" إنه عمي و هو من قام بتربيتي، و يبدوا أنه قابل سيد الكرة العظيم"

" صدق المثل عدو الرجل صهره...... آسف كال لكن علي أن أعرف هذا الملتحي حجمه"

من مكعب الأبعاد خرجت لفافة سحرية، آن هذه اللفافة كانت مختلفة فبدلا عن الدائرة السحر كتب بين طياتها قانون التعزيز الشهير

//* حياة المرء شقاء، بين ماضي قد فات و مستقبل لا يعلم من يخبئه *//

الهالة الحمراء إلتفت حول فتى العنكبوت، و على كتفه تموضع هيئة أثيرية لعنكبوت أبيض ذو عيون حمراء كالدم، و قد بدى الفتى القصير مهيبا مع شعره الرمادي الذي رفرف في الهواء بفعل الطاقة التي تفجرت من جسده ليقفز مستوى كامل في ثانية مباشرة لعالم الإنصهار.

" يا له من قانون تعزيز مرعب"

قلوب مقاتلي المقاومة كانت ترتجف، فقد سبق و أن أعطاهم كال مينغ فكرة مبسطة عن قانون الحكمة خاصته، لكن عندما رأوها على أرض الواقع أدركوا أن هذا الملك الصغير ليس هينا على الإطلاق و في جعبته الكثير من الخفايا.

*سووييش*

خيوط كيرا من عالم الإنصهار أصبحت تتموج كالثعابين و كأن الحياة قد دبت فيها، هذه الخيوط بعد أن كانت رفيعة لا تكاد ترى و تستعمل أساسا في التقييد، تجمعت في كلتا يديه لتشكل سوطين، ضربا الأرض بشدة حتى تركا أثرا واضحا

//* أيتها النار العظيمة فلتحرقي أعدائي حتى الرماد* //

اندلعت النيران في السياط المصنوعة من خيوط العنكبوت، مما تسبب في سقوط أفواه المشاهدين غير مصدقين أن يرتبط قانون النار مع طبيعة الهيئة الحشرية

و قبل أن يفيقوا من الصدمة انطلق كيرا بسرعة جنونية ، حركاته الرشيقة أشبه بالرقصة و قد تسبب حركات يده المستمرة في تموج السوطان بسرعة مضاعفة .

المرعب في هذا الهجوم هو أن كل سيء حظ أصابه السوط، أصبح مقيدا عاجزا عن الحركة.

السر خلف ذلك هو أن السوط مصنوع من عشرات الخيوط، و في كل مرة يضرب فيها السوط يترك خلفه فتيلا ناريا يقيد ضحاياه.

وصل كيرا أخيرا حيث يقف العملاق الملتحي، ليقف أقصر شخص في الساحة قبالة الأطول.

" ما رأيك في نيران شباك العنكبوت "

في نوع من التحدي الصريح أطلق كيرا على هجمته الأخيرة نفس اسم الذي أطلق الملتحي على هجمته الأرضية

" هذا هو فن التقييد خاصتي ، و قيدي أنا لا أحد يهرب منه، عكس شبكة شقوقك الأرضية "

" أيها القزم...... هل تجرؤ على أن تتحداني؟"

" أرني ما لديك أيها العملاق البدين"

وسط ساحة المعركة ، كان الأجواء بين الفتى كيرا و صهره على أشدها، لثواني بقي الإثنان يحدقان في بعضهما البعض مع مزيج من الغضب و التحدي، أخيرا كسر العملاق الصمت

" أليس الوضع أهدأ من اللازم؟، و من أين جاء هذا الجليد الذي يقيد قدمي؟"

لفت كلام العملاق الملتحي انتباه كيرا، عندما التفت لاحظ أن الجميع كان يفر مبتعدا عنهم، حاسته العنكبوتية أنبأته بإقتراب خطر مميت، رفع رأسه للسماء ليتفاجأ بسقوط جبل جليدي عليهم"

" ما......هذا؟؟


2020/07/11 · 570 مشاهدة · 1159 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024