جثة مهشمة بالكامل، اختلطت عظامها المحطمة مع لحمها لتسبح في بركة دمائها أما الرأس الذي كان اول ما وصل لسطح الأرض فقد انفجر إلى أشلاء و قذف ما بداخله خارجا ليلتصق بخد من كان يتحدث
" آآآه...... يا للقرف.... لقد انتحر فعلا"
صرخ الرجل في اشمئزاز و انتابته نوبة من وسواس النظافة فراح يمسح وجهه تكرارا و مرارا ، لكن لا أحد سمع كلامه و لا رأى تصرفاته لأن عقول الجميع و تركيزهم كان منصبا على الحراس الواقفين على علو عشرات الأمتار
" لقد .....قفز شخص آخر "
واحدا بعد الآخر و في موجة انتحار جماعي قفز الحراس في هبوط حر نحو حدفهم، و قد تحولوا لحظة ارتطامهم بالأرض إلى قنابل دمية خلفت لحما مفروما و عظما مسحوقا
بشاعة ما يحدث جعلت قلوب الجميع ترتعش و قد تناسوا حربهم
##توقفوااااا ##
صرخ الملك السماوي كوحش غاضب، و قد كان الضحايا هم أتباعه و حرسه المخلصين، الذين و لأول مرة تجاهلوا أوامره
" هينتا، افعلي شيئا ؟"
التفت الملك السماوي إلى ساحرته سائلا المساعدة، إلا أن هذه الأخيرة هي الأخيرة و أكثر من أي شخص آخر كانت في حاجة للمساعدة
ساحرة مملكة الجزر العظيمة كانت ركبتاه ترتجف و عيونها فارغة، مع تعبير شخص مرعوب تحدق ببلاهة في الجزيرة الطافية.
" إنه.....هو.... إنه قادم لأجلي.... علي الهرب..... سيدي علينا أن نهرب "
دائرة سحر الإنتقال كانت بالفعل قد تشكلت تحت قدميها، متناسية أبسط مبادئ السحر مما يعني أن عقلها لا يعمل بشكل جيد.
فساحة المعركة تحت تأثير سحر الأبعاد الذي يؤثر سلبيا على سحر الإنتقال بعيد المدى، نسبة نجاح القدوم إلى هنا هي خمسين بالمئة، في حين نسبة الخروج هي صفر بالمئة.
" هينتا، اجمعي شتات نفسك......"
عيون الملك السماوي اتسعت على آخرها و قد ابتلع كلماته قبل أن ينهيها، فمن العدم ظهر رجل خلف الساحرة العظيمة و أسقط يده على كتفها، و بصوت هادئ همس في أذنها
" لماذا يوجد أثر كائن مقدس عليك؟"
كنتيجة حتمية فشلت محاولة الهرب، وقلب الساحرة سقط في قدميها،كان العرق البارد يتصبب من كل شبر من جسدها و عاجزة تماما عن إيقاف ارتعاشها، حتى الأعمى سيدرك أن هذه السيدة مذنبة.
مع عيون مبللة، حدقت في الرجل الذي من أجله وصلت إلى هذه النقطة، و في يأس سألته المساعدة
" س......س.... سيدي"
حدق الرجل الواقف خلفها إلى من نادته بسيدي، و رسم إبتسامة على وجهه
لعثوره على الشخص الذي طار بالجزيرة خصيصا لمقابلته
" أنت إذا الخطيب ، لقد قطعت البحر فقط لرؤيتك"
" ابتعد عن ساحرتي"
أطلق الملك السماوي العنان لهالته دون تحفظ حتى أنه دمج هيئة النمر خاصته بجسده فظهرت مخالب نصف شفافة على كلتا يديه
" أتحاول تهديدي بمخالب القطة خاصتك."
تنهد الرجل و هو يهز رأسه محبطا
"تريد الساحرة و لما لا .....تستطيع الحصول عليها"
مع دفعة بسيطة مشت ساحرة مملكة الأنهار المرعوبة بضع خطوات نحو الملك السماوي.
عيون الجميع كانت مثبتة على المشهد، لا أحد يفهم ماذا يجري هنا، و لماذا إثنان من أقوى الأشخاص في هذا العالم خائفان من رجل عادي لا تصدر منه و لا ذرة واحدة من الطاقة.
تقدمت الساحرة ببطئ، و لم تجرؤ ان تلتفت إلى الخلف خشية أن يغير الرجل الذي تنبأت بأنه سيعذبها إلى الموت مستقبلا رأيه.
مع كل خطوة كانت أمالها ترتفع، إذا ابتعدت عن هذا الوحش بما فيه الكفاية فلن يكون قادرا على كسر سحرها، المهم الآن هو الحصول على مسافة آمنة ، بعدها اذا وحدت قواها مع الملك السماوي و أتباعه فقد يكون لديهم فرصة ضده، و إن ساء الوضع فكل ما عليها هو الخروج من منطقة سحر الأبعاد و من ثم باستخدام سحر الإنتقال.
في هذه اللحظة صوت شيء معدني يتدحرج على الأرض قطع سلسلة أفكارها، على مرأى بصرها كانت هناك أداة حمراء اللون
"لقد ذكرت أنه بوسعك الحصول عليها، لكني لم أحدد الوقت بعد"
بمجرد أن أنهى الرجل الغامض حديثه حتى ارتفع عمود ضوئي أحمر اللون ابتلع الساحرة العظيمة بداخله، بعد ثواني تلاشى العمود الضوئي تاركا فقط مكعبا أحمر.
" سجن.... المكعب الأحمر!!!"
ترددت نفس الكلمات همسا بين الجميع، ليست من المفاجأة فالكل على علم مسبق بهذه التقنية و قدرتها على أسر أشد المقالين و السحرة.
لكن شروط تنفيذها تستلزم وجود أربعة أشخاص ذوي قوانين مختلفة يحاصرون الهدف لمدة تتجاوز خمس دقائق أو اكثر ، و إذا حدث ان أصيب أحد الأربعة او فقد تركيزه فالعملية بأكملها ستفشل.
و مع هذه الشروط فإن تنفيذها في ساحة المعركة هي امر مستحيل، مئة بالمئة، و رغم هذا و أمام أعين الجميع تم أسر ساحرة عظيمة و في رمشة عين.
" أيها المأفون، فلتمت"
زأر الملك السماوي كالوحش الغاضب، كان لا يزال مندمجا مع هيئته الروحية و مخالب النمر لمعت كالسيوف على كف يده
في خطوة واحدة أرجح مخلب النمر ليقطع به جسد الرجل الغامض.
*وووش
حلق جسد الرجل الغامض في خط أفقي و بسرعة جنونية و كأنه كرة بيسبول تم رميها بيد لاعب محترف، و لم يتوقف حتى وصل جسده إلى احدى السفن الراسية في النهر و قد أحدث حفرة في هيكلها
كانت هذه مهارة مقاتل من عالم السماء العميقة و قد تسببت هجومه في إحداث موجة قذفت من كان قريبا إلى الخلف، كما غطى هجوم المخلب مجالا واسعا فظهر اثره على الأرض في شكل أخاديد عميقة ، امتدت حتى بلغت النهر من خلفهم و شقته، وقد ابتلعت الأخاديد مياه النهر كحفر لا قاعة لها.
كل من رأى الهجمة و أثرها لم يجد إلا أن يبلع ريقه، وقد شاهدوا بأعينهم أن قصص الأسلاف عن قوة السماويين و بطشهم كانت حقيقة و ليس مجرد أساطير.
حدق أتباع الملك السماوي في سيدهم بفخر و زهو ، لو لا فقدانهم للساحرة العظيمة توا، لانفجروا في الصراخ و التهليل
إلا ان تلك العيون المعجبة انقلبت في ثانية إلى اضطراب و قلق
** بواااااا
صبغت الأرض بالدماء السوداء، و قد أمسك الملك السماوي صدره و راح يتقيأ دما بلا توقف، عيون الجميع كانت حائرة الملك هو من هاجم أولا فمتى تم إصابته، بل من في الدنيا قادر على أذية سيدهم السماوي
" حقا...... أهذا كل ما لديك؟؟"
حدق الجميع غير مصدق في الصوت القادم من السفينة المحطمة، ببطىء و هدوء ارتفع الرجل الغامض محلقا في الهواء.
" مستحيل..... إنه يطير!!!"
كان الطيران في عالم ألتانيا محصورا على السحرة، اما المقاتلين فباستثناء من امتلكوا هيئات روحية ذات أجنحة، فلا احد منهم قادر على ذلك ، إلا إذا حدثت المعجزة و اخترق إلى عالم السماء.
و رؤية شخص ليس بساحر يحلق في الهواء ليس له تفسير غير انه بلغ عالم السماء ، رغم عجزهم عن اسشعار هالته الروحية
"في أيامي كان السماويون أشد بأسا، أقله سيتركون خدشا على جسدي"
صر الملك السماوي على أسنانه و لم يجب، عيونه كانت تحمل مشاعر مختلطة ، فالسيناريو الأسوء الذي عمل جاهدا لتجنبه، و النبوءة التي ضحت ساحرته العظيمة بقدرتها على رؤية المستقبل لمنع حدوثها قد وقعت فعلا.
حدق الملك السماوي في الاسطورة التي ذكرها التاريخ، و مسح فمه من الدماء سائلا
" ما الذي تنوي فعله؟........ أشتيريا"
سماع الإسم الذي تم مناداة به الرجل الغامض جعلت الجميع يحدقون ببعضهم البعض متسائلين إذا كانوا قد اخطؤوا السمع.
منقذ البشرية، محطم الأغلال، قاهر الوحوش، البطل من الأساطير الذي يسكن عالم الخلود، هو بالفعل موجود و يقف الآن أمامهم.
" لقد عرفتم للتو من أكون، فما بال ردة الفعل هذه؟؟"
رن صوت أشتيريا في السماء و سمعه الجميع بلا استثناء، لم يعروفوا إذا كان ذلك بتأثير نفسي عندما علموا هويته، أم أنه استخدم سحرا غامضا أثناء حديثه، لكن المؤكد أن الجميع سواءا من جيش الملك السماوي ، أو من أعضاء المقاومة، كانت قلوبهم ترتعش في رهبة و خوف و إجلال.
"انا أشتيريا....... فما بالي ............."
كان يتحدث ببطئ و يتعمد التوقف بين الكلمة و الاخرى و كأنه يعزز الرعب الذي دب في قلوبهم و مع آخر لفظ كان بالفعل حطم إرادتهم
" أراكم ......غير........***** راكعيين****"
كلمة واحدة اقشعرت لها الأبدان و جعلت الساحة تهتز، كل السامعين لصوته بإرادتهم أم لا و في اللحظة ذاته و في نفس واحد صوت عشرات الركب و هي تلمس الأرض سمعت في كل أرجاء المدينة.
عشرات المقاتلين من الفصيلين المتنازعان، ركعوا تحية للرجل الأسطورة، .......أشتيريا