ساحة القتال التي كانت تعج بدوي الإنفجارات وصليل الأسلحة وصراخ المقاتلين و تأوهات المصابين أصبحت هادئة تماما،و في سكون المقابر.
عشرات المقاتلين من الفصيلين المتنازعان، نزلوا على ركبتهم رغما عن إرادتهم في تحية للمقاتل الأسطوري، باستثناء الملك السماوي وبعض الأقلية
"ليس سيئا،كان سيخيب أملي لو سقط الجميع بلا مقاومة"
بعيدا عن نظرة أشتيريا الساخرة،كانت زي يون تعصر عقلها لمعرفة السر حول القوة التي أجبرت أعتى المحاربين للركوع خانعين.
عيونها مسحت المكان سريعا بحثا عمن لم يسقطوا أمام هيمنة أشتيريا
"الملك السماوي، كيرا، العملاقان و الحورية.......ما المشترك بينهم؟"
"اللعنة،ما الذي حدث للتو؟"
"كال!!"
انضم لصف الغير خاضعين كال مينغ،لكن هذا الأخير كان يقاوم بصعوبة و قد تشكل العرق على جبينه حبيبات،عودة كال ازاح بعض العبئ عن كاهل زي يون،لكنه لم يساعدها على كشف السر،حتى تحدث العملاق عم دياني
"لا أصدق ما أراه،إنه فعلا أشتيريا و هذا فعلا هجوم الهيمنة خاصته...لا أصدق أنني عشت لأرى الأساطير تتجسد ثانية!!"
التفت العملاق عم دياني في حجمه البشري إلى كال مينغ و أضاف
"ليس سيئا أيها البدين ، لم أسمع قبلا عن بشري غير متعاقد قاوم الهيمنة.....قد يعود ذلك لأن أشتيريا لم يسترجع كامل قوته بعد، لكن لا يزال ذلك مبهرا عليك أن تفخر بنفسك"
" بكلمة واحدة جعل العالم يركع أمامه، و تقول لم يسترجع كامل قوته.... اللعنة علينا إذا"
تعليق كيرا لم يجد اعتراضا، من نية القتل الصادرة عن أشتيريا واضح أنه ليس غاضبا من الملك السماوي و حسب بل إمتد حقده إلى كل البشر.
أي فرصة لهم و قد جعل جيشان راكعين خاضعين، يرفضون التحدث أو الوقوف إلا بأمره، و لو سألهم قتل أنفسهم لما ترددوا، البشرية أجمعها في خطر و هم عاجزون عن فعل شيء.
" هذه هي"
صرخت زي يون و كأنها استنبطت شيئا من حديثهم، و أشارت إلى الحورية و العملاقان
" مقاومتكم العقلية أعلى لأنكم لستم من البشر، و نحن قدراتنا العقلية تعززت لتعاقدنا مع هيئات روحية ذات وعي، و كال مينغ هو عبقري بالفطرة"
" و المغزى!!...."
سأل كال مينغ فبالرغم من أنه فهم كلامها لم يعرف ما تصبوا إليه.
"الهيمنة هي سحر عقلي، و كل سحر يمكن إبطاله لكن أين هي الدائرة السحرية؟"
اكتشاف زي يون أعاد الدماء إلى وجوههم الشاحبة، أقله الآن سيكون بمقدورهم المقاومة أو حتى الهرب إذا اضطروا و لن يبقى الجميع عبيدا لأشتيريا يأتمرون لأمره.
لكن هذا الأمل سرعان ما تلاشى لسببين، الأول هو عدم وجود أي أثر للدائرة السحرية، و الثاني هو أن ما يخشونه قد حدث، أشتيريا يتحدث ثانية و قرر إعطاء أوامر جديدة لأتباعه الراكعين.
" أليست الحياة مؤلمة.... ألم يحن الوقت ...... لإنهائها"
"اللعنة عليك أيها المأفون"
صرخ الملك السماوي في غضب، أشتيريا أخذ منه ساحرته و الآن سيجعل أتباعه ينتحرون أمام عينيه.
كالمجنون قفز الملك السماوي على أقرب جندي إليه و أوقعه مغشيا عليه قبل أن يذبح نفسه
## توقفواا##
صرخ الملك السماوي و أطلق العنان لهالته، و انطلق كالبرق يهاجم رجاله ليفقدهم وعيهم قبل أن ينهوا حياتهم بأيديهم ، لكن كيف عساه يكون أسرع من رجل يحمل سيفه بيده و يستهدف نفسه.
بالنسبة لأشتيريا كان مستمتعا جدا بالعرض، و قد تمكن من تحويل المقاتل السماوي إلى قرد سيرك، يقفز من مكان إلى مكان.
مع صوت *سبلاش* تدفق الدم كالشلال و تطاير على وجه الملك السماوي وسقط على عينيه، في اللحظة التي أغمض فيها عينيه لا إراديا،تفجرت عشرات التأوهات و الأنين في أذنه معلنتا عن إنتحار المقاتلين.
تلك الثواني كانت الأطول في حياة الملك و حملت معها شعورا لا يوصف بالقهر و العجز.
مسح الملك السماوي الدم عن عينيه ليتفاجأ بأن عددا من جنده لا زالوا أحياء و لم يقتلوا أنفسهم بعد، ليكتشف أن أعداءه ساعدوه عن طريق الخطأ.
السر خلف ذلك هو أنه في اللحظة ذاتها الذي أصدر فيه أشتيريا حكمه، تصرف جنود مملكة الأنهار بالطريقة ذاتها منكبين على الإنتحار هم أيضا، و لم يكن هناك أمام رفاقهم الغير خاضعين حل سوى تقييدهم.
و قد نشر كيرا خيوط العنكبوت خاصته مقيدا رفاقه تابو، شيرو و ميني، و كل قريب منه، و كذا فعلت زي يون مع سحر التقيد و قد نشرته على مجال واسع حتى وصل التأثير إلى جنود مملكة الجزر الطائرة.
" ها..... هل أصبحتم حلفاء الآن؟"
تذمر أشتيريا في حين شكر الملك السماوي الساحرة على هذا الخطأ الغير مقصود، و انطلق محاولا إنقاذ ما يستطيع من أتباعه.
لكن و بعد مدة طويلة من القتال ضد الساحرة هينتا، لم يعد لزي يون القدر الكافي من المانا للحفاظ على سحر بهذا الاتساع.
فبدأ السحر يضعف،و الدائرة السحرية تتقلص أكثر فأكثر، وقد تمكن أحد جنود الجزر الطائرة المستميتين لتنفيذ أمر الإنتحار من تحرير نفسه، لكن هذا الأخير كان غريبا بعض الشيء فقد كشفت ملامحه عن إبتسامة غريبة
" النار..... النار هي من ستمحي ذنوبي و تكفر عن أخطائي"
اندلعت النيران تلتهم جسد المقاتل الذي نفذ قانونه على نفسه، متحولا بذلك إلى شعلة بشرية،و لم يكتفي بذلك بل راح يستخدم طاقة عالمه الروحي كوقود لنيرانه
ما فعله هذا الرجل كان قمة الجنون فالعالم الروحي هو البعد الذي تسكنه الهيئة الروحية، و استنزاف طاقة هذا البعد بهذا الأسلوب لن يؤدي سوى لنتيجة واحد، ألا و هي تحطيم الهيئة الروحية.
بصوت مسموع تحطم جسد المقاتل مع ظهور شقوق دموية نارية،و قد انتشر صدى صراخه الشنيع من شدة الآلام التي لا يمكن للعقل تخيلها.
دام الأمر كله بضع أنفاس قبل أن يتحطم و يتحول إلى رماد، لكن فضاعة المنظر جعلت الجميع يشعر و كأنها دامت أطول بكثير،كانت تلك أبشع طريقة للموت يمكن تخيلها.
عدوى تدمير الهيئة الروحية انتقل إلى البقية، و واحدا خلف الآخر راح أتباع الملك السماوي يحترقون في نيرانهم أو يصعقون ببرقهم أو يختنقون بمياههم.
الفظاعة...... كلمة هينة لوصف ما يحدث.
كانت حياة الجنود في هذا العالم القاسي بلا قيمة، و في كل حرب يسقط المئات بل الألاف دون السؤال عنهم، لكن الموت ذودا عن الوطن، أو في سبيل تحقيق حلم سيدهم و ملكهم هو ما يعيش من أجله المحارب إنه شرفه و فخره الأهم من أي شيء آخر عنده.
أشتيريا اليوم لم يقتل الجنود بأبشع الطرق و حسب بل حطم شرفهم و فخرهم و عزتهم،و وضع وزر كل هذا على كاهل سيدهم،الذي تمنى أن يتمزق جسده ويتم تعذيبه حتى الموت و لايرى هذا المشهد.