في أقصى شمال قارة الجبل الأبيض و في أعالي السماء الصافية و على مد البصر إخترقت عشرات الجزر الضخمة عنان السحاب وقد خلقت الممرات الهوائية أقواسا شفافة راسمتا طراقا تربط بين هذه الجزر الخضراء المورقة بينما انحدرت مياه الشلالات من الأعالي متلألئة عاكسة أشعة الشمس إلى أطياف الألوان السبعة.

لتشكل بذلك منظرا يخطف الأنفاس أشبه بأرض الأحلام التي سمع عنها الناس في القصص و الأساطير

هذه هي أكبر ممالك البشر الثلاث و أقواها، إنها مملكة الجزر الطائرة ،و اليوم ............. هو آخر يوم لقيامها.

---------

* كــــــــاااااااااااااااااااااااا *

الزئير المرعب القادم من الأعماق السحيقة ،هز أرجاء الجزيرة و الموجات التي خلقها زلزلت الجبال و صنعت شقوقا متشعبة على الأرض امتدت لأمتار.

العشرات من أسياد عوالم القتال رجالا و نساءا و الذين اجتمعوا من مختلف الممالك الثلاثة، و قد ذاع صيتهم على أنهم تنانين مشت على الأرض و طيور عنقاء نشروا أجنحتهم في السماء، وقعت قلوبهم إلى ركبهم التي اصطكت مرتجفة كما غرقت أجسادهم في العرق البارد و تثاقلت أنفاسهم

كيف لا و هذا هو هدير الهاوية الثالث و الذي كلما سمعوه حلت كارثة راح ضحيتها آلاف الأرواح

البداية مع زلزال مملكة الجوهرة السماوية ثم تلتها فياضانات مملكة الأنهار اللامتناهية و الآن ها قد وصل البلاء لآخر ممالك البشر

" هلا أوقفتم قعقعة ركبكم المرتجفة، فهي تؤلم أذني، و لا تقلقوا بعد أن أنتهي من ختمه، سيكون لديكم ما يكفي من الوقت لتفروا قبل أن تهوي هذه الجزر الجميلة أرضا و تتحول إلى ركام"

بصوت مليء بالسخرية تحدث رجل في بدى في الثلاثينات مع حضور منخفض كنسمة هواء، كان قصير القامة مع شعر أسود و ملامح هادئة ،لم يبدوا عليه أي تميز و لم تصدر منه أي هالة لو مشى في شوارع المدينة فلن يلتفت إليه أحد حتى.

بالرغم من ذلك و وسط أسياد فنون القتال المجتمعين كان يمشي مزهوا بنفسه غير عابئ بهم و لا بصيتهم و قوتهم التي بلغت الأقاصي و تغنى بها الشعراء ، و الأصح هم من كانوا مرعوبين و خائفين منه.

"لا.......... لن أدعك تفعلها، ليس قبل أن تخطوا على جثتي "

لم يكن بمقدور مدير معهد تنين السماء إلا أن يصرخ عاطفيا فالمملكة وطنه و المعهد حياته، و لن يقف مكتوف اليدين و هو يرى هذا المجنون يحطمها كما فعل بالمملكتين السابقتين.

إنفجرت هالته مشوهتا الفضاء من حوله، و بين يديه تكثفت هيئته مشكلتا سلاح صولجان عملاق مع لهيب ناري أحمر قادر على تحويل كل ما يلمسه إلى رماد.

أمام أمواج الطاقة و لهيب النار المتزايدة و نية القتل المتصاعدة، انحت شفاه الشاب لترسم ابتسامة استهتار و لا مبالاة

*آآه *

صوت تحطم العظام غلب صرخة الموت اليائسة،لا أحد تمكن من رؤية ما حدث وفي طرفة عين لكمة الشاب هشمت وجه المدير و دقت عنقه فتلاشت هالته و الصولجان في الهواء ليخر جثة هامدة على الأرض.

تاركا البقية في ذهول و قد اقشعرت أبدانهم،كانت الضحية مقاتلا قريب المدى من عالم الإنصهار ،عند الوصول لهذا المستوى تتضاعف القوة الجسدية و تعجز السيوف العادية عن تقطيع لحمه و مع ذلك و حتى بعد أن عزز دفاعه بهالته، اخترقت لكمة هذا الوحش البشري الذي يقاتل بيديه العاريتين كل الحواجز و صنعت حفرة في رأسه.

سحب الشاب قبضته الدامية من الحفرة التي صنعها برأس المدير و تحدث ببطئ و هدوء محطم للأعصاب

"ها أنا ذا أخطوا على جثتك ، هل هناك آخر سئم العيش و يريدني أن أرسله إلى مثواه الأخير ؟"

تسمر الجميع في أماكنهم عاجزين، و قد اخترقت نظرات عينيه الحادة كالسكين قلوبهم، كانوا أسياد فنون القتال و أبطال اهتز العالم تحت أقدامهم لكنهم اليوم و أمام هذا الوحش الذي ظهر من العدم مهددا بإزالة مملكة البشر تناسوا خلافاتهم و توحدوا لكنهم لا زالوا يسقطون كالذباب الواحد خلف الثاني.

* أيها اللعين سأقتلك بيدي *

هدير دوى صداه الأرجاء و صيحة مقاتل من عالم السماء العميقة كسرت حاجز الصمت، ليلتفت الجميع إلى صاحب الدرع الذي انعكست عليه أشعة الشمس فزادت لونه الذهبي لمعانا، و هو يحلق في الهواء لينزل ببطئ أمامهم ، و ما إن وطأت قدماه الأرض حتى قفز ظل وحش مع إرتفاع يزيد عن مترين ليقف بجانبه، زأر النمر الأبيض و راح يحفر الأرض بمخالبه استعدادا للهجوم.

كان ذلك ملك الجزر الطائرة و وحشه المروض خاصته، النمر الأبيض العملاق.

انفجرت هالته القرمزية لتزيد من هيبة حظوره الملكي ثم راحت تندمج ببطئ مع هذا السنور المرعب من الدرجة السادسة ليتغير لون فروه إلى الأحمر.

كانت هذه أندر التقنيات، فكما يتم دمج الأسلحة مع الهيئات من نفس النوع، كان للملك القدرة على دمج هيئته مع هذا النمر المروض.

استرجع عشرات المقاتلين و السحرة مع إنظمام المقاتل السماوي لهم شجاعتهم، لكن ذلك لم يمحوا الشعور المضطرب داخل قلوبهم.

في هذا السيناريو، و ضد هذا الوحش البشري الذي مرغ بهم التراب هم ليسوا أبطالا بل هم حلفاء الرجل الشرير.

فهذا الملك هو أساس البلاء فلو لم يستفز هذا الوحش المجنون لما وصلوا إلى هذا الحال و لما كانت ممالك البشر تحت تهديد الفناء.

مع ذلك أدركوا أنه قد سبق السيف العذل، و إن لم يساندوا الملك فستكون نهايتهم

#ألديك خطة؟#

استخدمت ساحرة شقراء جميلة القد و القوام، سحر التخاطر سائلة الملك،فأجابها

#إنه ذنبي و علي تحمل خطيئتي ،سأستخدم المكعب الأحمر و أسجن نفسي معه #

بات الأمر واضحا،سيحاولون جميعا إضعافه بالقدر الكافي كي يتمكن الملك من سحبه معه و سجنه في المكعب، الملك تعلم الدرس بالطريقة الصعبة فالمدير لم يكن أول الضحايا .

هذا المكعب الذي لا يتعدى إرتفاعه البوصتين هو ملاذه الأخير، إنه أقوى أداة روحية عرفها البشر إنه سجن غميق لا عودة و لا مهرب منه.

بينما كانت الساحرة الشقراء تستعد لإيصال رسالة الملك إلى البقية تخاطريا، قاطعها كلام خصمهم والذي لم تختفي الإستهزاء و السخرية من لهجته

" هل يعقل أنك تخطط لسجني في إحدى لعب الأطفال الحمراء تلك، أهذا ردك لأني أرسلت ساحرتك العظيمة في صندوق"

الخطوط السوداء طغت على وجه الملك، منذ أيام فقدت مملكة الجزر الطائرة واحدا من ركائزها، ساحرتهم العظيمة تم قتلها على يد هذا الرجل و بوحشية تقشعر لها الأبدان .

ثم قام بحشرها و هي لا تزال تلفظ أنفاسها الأخيرة في صندوق حديدي لا يكاد يتسع لطفل في العاشرة من عمره.

الملك و لحد الساعة لم يفارق المظهر البشع لوجه رفيقة السلاح و هي وسط الصندوق الذي امتلأ بدماء أطرافها المهشمة و قد تم ضغطها و سحقها داخل الصندوق.

و الأسوء من كل هذا أنه تعمد أن لا يلمس وجهها حتى بخدش واحد كي تبقى ملامح الرعب و آلام التعذيب واضحة للعيان.

ارتعش جسد الملك غضبا و حدق في غريمه بعيون حمراء.

بينما واصل الشاب كلامه البطيء و الهادئ و الذي كان في هكذا موقف مزعجا و محطما للأعصاب و قد أخرج صندوقا حديديا آخر.

"أليست طريقة تفكيرنا متماثلة، أنا أيضا أرغب في سجنك في صندوق لكن ليس الآن فالوقت لا يزال مبكرا جدا لذلك، لكن ذلك لا يعني أن لدينا الكثير من الوقت لتضييعه، و لذلك سأخبرك سرا صغيرا، لعبتكم الحمراء لن تنفع ضدي فأنا هو صانعها "

عيون الملك و الساحرة اتسعت من فرط المفاجأة و ليس لأنه اكتشف خطتهم بل لأن في كلامه تصريح عن هويته

"مستحيل، تلك مجرد أسطورة"

تحدث أحدهم و قد أدرك ما يقصده بكلامه

" و من أين تأتي الأساطير في رأيكم، أو ليست تحويرا و مبالغة في سرد الحقائق ،أنا هو بدمه و لحمه تلك الأسطورة"

==========================

تأليف:Magicien

مرحبا شباب ، ها قد عدنا ثانية فأرجوا أن تكون العودة في المستوى

و ان تستمتعوا بالفصل

2018/11/11 · 2,033 مشاهدة · 1163 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024