الفصل الحادي عشر: أطلال كاثلوب~
مذهل…!
أمام ناظري، ارتفع بنيان ضخم، شاهقٌ بثلاثين طابقًا على الأقل، يفرض وجوده بقوة وسط المشهد.
واجهته الزجاجية تعكس ضوء المدينة الخافت، بينما تقف عند بوابته الرئيسية تمثالان بشريّان… أو بالأحرى، حارسان.
يرتدي كل منهما زيًا موحدًا أزرق اللون، تتخلله تفاصيل فضية تُضفي عليه مظهرًا رسميًا.
في حين يحيط صدر كل منهما درعٌ معدني يُذكر بدرع الفرسان.
كانت وقفتهما متيقظة، لكن دون توتر… كما لو كانا على يقين بأن لا أحد يجرؤ على تجاوزهما دون إذن.
[تم تفعيل {التحوّل} [الرتبة: ???]]
في لحظة، تبدل مظهري من شاب عادي إلى رجل يرتدي ملابس أنيقة.
يتوشح قناعًا يغطي وجهه، وتُخفي يداه قفازات سوداء، مما أضفى عليه هالة مريبة.
ملابس أنيقة غلّفت جسدي، سوداء بلمسات فضية دقيقة، يكتمل مظهرها بقناع يغطي وجهي وقفازات تخفي يدي بالكامل.
انعكس ضوء المصابيح على القناع، مما منحني هالة قاتمة…
كأنني لم أعد شخصًا، بل كيانًا خفياً ينبعث من العتمة.
"آه…"
خرج صوتي كهمسة بالكاد سُمعت، لكن داخلي كان يعج بالنشوة..
كان الأمر أشبه برجل عطِش تذوّق أخيرًا قطرات ماء باردة وسط صحراء ملتهبة.
انتعاشٌ اخترقني حتى النخاع، أعاد تشكيل كياني، طهّر ذهني من أي ضوضاء، وجعله صافيًا… هادئًا كالمياه الساكنة.
أغمضت عينيّ للحظة، تاركًا الإحساس يغمرني، ثم فتحتها مجددًا.
"هذا أفضل بكثير."
بقيت في مكاني، لم أتقدم خطوة، ولم أُصدر أي حركة غير ضرورية. بل اكتفيت بالمراقبة.
من هنا، من هذه المسافة البعيدة، ركّزت بصري على الحارسين.
***
حرّك مايكل رأسه بحركة بطيئة، يتثاءب وهو يفرك عينيه المتعبة.
الليل كان طويلاً، والأضواء الخافتة التي تراقصت على جدران المقر زادت من إحساسه بالنعاس.
"ابقَ متيقظًا." جاء صوت زميله بجانبه، نبرته جادة.
زفر مايكل بضجر، "لم كل هذا التشدد؟ من يجرؤ حتى على مهاجمة مقر فرسان النور؟ لنكن واقعيين قليلًا."
لم يجد ديفيد إجابة حاسمة، لكنه تمتم بحذر، "ربما، ولكن ماذا إن علم الرئيس بتراخينا؟"
قهقه مايكل بخفة، “أنت خائف حقًا، أليس كذلك؟ " ثم أرف ليطمئنه، "الرئيس غادر إلى منزله منذ فترة، لا تقلق"
استمر الحارسان في الحديث، أصواتهما تمتزج بهدوء الليل، حتى شعر ديفيد فجأة بالإلحاح.
تململ في مكانه قبل أن يقول، "سأقضي حاجتي وأعود فورًا."
تنهد مايكل وأومأ، "إذًا أسرع، سأغطي عنك."
توارى ديفيد في الظلام، يبتعد بخطوات خفيفة نحو زاوية مظلمة بين الأشجار خلف المقر.
كان الهواء ساكنًا، لكنه شعر بوخزة خفية على عنقه، إحساس غريب… وكأن شيئًا ما يراقبه.
توقف، التفت حوله. الظلام بدا أكثر كثافة مما توقع، ولكن بعد لحظات من الترقب، لم يرى أو يسمع شيئًا غير صوت أنفاسه المتوترة.
ابتسم بسخرية على توتره غير المبرر وأكمل ما أتى من أجله.
لكن، في اللحظة التي همّ فيها بالعودة…
"تششش-!!"
من العدم، انطلقت خيوط بيضاء رفيعة كالأوتار، التفت حول رقبته كالأفاعي، تشدّ بقوة.
"أغغغ…!" شهق، جسده انتفض وهو يرفع يديه في محاولة يائسة لانتزاعها، ولكن قبضتها كانت لا تُقاوم.
قدماه رفرفتا في الهواء، ببطء بدأ لون وجهه يتغير، شاحبًا، ثم أزرق. الرؤية أمامه بدأت تبهت… حتى غابت تمامًا.
اختفت الخيوط فجأة، وسقط جسده على الأرض بلا حياة.
في ذات اللحظة، هبط كال بهدوء من بين ظلال الأشجار.
جسده متناسق في الحركة، كأنه شبح خرج من الفراغ ذاته. بفكرة واحدة، أوقف تأثير مهارته:
[تم إلغاء مهارة {سيد الاغتيال} [الرتبة: SS+]]
لم يضيع الوقت. انحنى فوق الجثة، يراقب ملامح الحارس بدقة.
ثم، ببطء، انتشر ضباب شفاف حول جسده، كأنه مرآة تنصهر.
{سمة: الجوكر – الوهم الصافي}
تلاشى لون شعره الأسود، طالت خصلاته قليلًا حتى لامست عنقه، تحول لون عينيه من الأزرق إلى الأخضر.
بنية فكه تغيرت، اتسعت عيناه قليلًا، نمت لحية خفيفة على وجنتيه.
جسده بدأ يتكيف مع الزي، كأن شكله الأصلي لم يكن موجودًا أصلًا.
لم يكتفِ بهذا. مد يده إلى وجهه، حيث قناعه المتماسك. جرب خلعه، لكنه لم يتحرك قيد أنملة.
"تسك… لا بأس."
{سيد الألف وجه}
بدأ القناع ينصهر ببطء في جلده، كالطين الرطب، ثم تشكل من جديد…
نظر لانعكاسه بدرع الفارس الفاقد للوعي، لم يعد كال ينظر للجوكر بقناع، بل مايكل، الحارس ذاته، بنفس الملامح والهيئة.
رفع يده إلى حنجرته، حاول إخراج صوت، فجاء خشنًا قليلًا. سعل، ثم جرب مجددًا.
"كح… غ… آه…"
تلاشت نبرته الأصلية، وحلّت مكانها نبرة مايكل الدقيقة.
"جيد."
"هل عدت أخيرًا؟" استدار ديفيد نحوه بنبرة مستاءة، "لقد تأخرت."
رفع كال—بصورة مايكل—كتفيه بلا اكتراث. "سأغطي عنك في المرة القادمة."
رفع ديفيد حاجبه متفاجئًا. "هاه؟ منذ متى أصبحت شجاعًا هكذا؟"
ضحك كال بخفة، بينما عاد الحارسان إلى مواقعهما، يتبادلان الحديث مجددًا.
وبينما كان ديفيد مستغرقًا في حديثه، تساءل كال بنبرة عابرة، "على أي حال، ألم تقل إن الرئيس عاد إلى منزله؟"
أومأ ديفيد، "أجل، ماذا في ذلك؟"
ظهر وميض اهتمام في عيني كال، لكن ملامحه بقيت هادئة.
"إذًا… ما هي الوحدات التي بقيت لحماية المقر حتى الفجر؟"
توقف ديفيد للحظة، يمرر أصابعه على ذقنه بتفكير.
بدا كأنه يراجع خريطة التمركزات العسكرية في رأسه قبل أن يجيب بصوت منخفض..
"الوحدة الرابعة والسادسة فقط متواجدتان حاليًا. باقي الوحدات أُرسلت لمهمات خاصة."
تألقت عينا كال، كان قد حصل على معلومة جوهرية.
"إذًا… المقر شبه فارغ حاليًا." مرر طرف لسانه على شفتيه بتفكير، عيناه تلمعان ببصيص إدراك خفي.
حافظ على نبرة هادئة، ثم استرخى متظاهراً بعدم الاكتراث، وكأن المسألة لم تكن أكثر من محادثة عابرة.
"ما رأيك أن أُعد بعض الشاي؟"
رفع ديفيد حاجبه بارتباك. "شاي؟ ماذا لو ضبطوك؟ سيتم جري معك أيضًا!"
قهقه كال بخفة، "هاها، لا بأس، أنا واثق من قدرتي على التهرب. وإن أمسكوا بي، سأقول ببساطة إنني نسيت شيئًا في الكافتيريا وعدت لأخذه."
بدا ديفيد مترددًا، عينيه تضيقان في تفكير عميق، لكنه في النهاية زفر بضيق. "حسنًا… فقط هذه المرة، لكنك مدين لي بتغطية مستقبلاً."
ضحك كال وهو يلوح بيده، "حسنًا، حسنًا، سأكون سريعًا."
ثم استدار وسار بثقة نحو بوابة المقر.
تجاهل الصالة الواسعة ذات الأعمدة الرخامية، متجهاً مباشرة نحو المصعد القابع بجانب مكتب الاستقبال.
كان المكان شبه فارغ، باستثناء موظفة استقبال تقرأ كتابًا خلف المكتب.
ما إن اقترب حتى رفعت نظرها عن الكتاب، تأملته للحظة، ثم عادت تقرأ مجددًا. "همم… أليس هذا وقت دوريتك؟ ما الذي تريده؟"
توقف للحظة، هل هذه المرأة مجرد زميلة لمايكل، أم صديقة مقربة؟
حافظ على ملامحه الطبيعية قبل أن يضحك بخفة، "هاها… لقد نسيت شيئًا في الكافتيريا."
رفعت حاجبها، وأغلقت الكتاب جزئيًا، "وما علاقة المصعد بالكافتيريا؟"
تسك. هل الكافتيريا منفصلة عن المبنى الرئيسي؟ خطأ غير متوقع.
وقبل أن يتمكن من التدارك، ابتسمت بسخرية. "أنت حقًا فاشل في اختلاق الأعذار…تحاول مقابلة لوسي مجددًا، أليس كذلك؟"
ثم هزت رأسها بشفقة، "لقد رفضتك عشرات المرات."
تغيرت تعابير مايكل للحزن، تنهد بعمق وأخفض رأسه قليلًا.
"مهما كان عدد المرات التي ترفضني بها… سأستمر في المحاولة."
ثم تمتم بصوت منخفض، وكأنه يخاطب نفسه، "ليس وكأنني أستطيع السيطرة على قلبي."
سمعتها الموظفة بوضوح، لكنها لم تعلق، بل قلبت صفحة كتابها بهدوء. "الطابق الحادي عشر… لا تزال هناك في مكتبها، تنفذ الأوامر المعطية لها."
رفع رأسه سريعًا، مظهرًا حماسًا مصطنعًا. "حقًا؟ شكرًا لك!"
دون انتظار ردها، دخل المصعد، وأغلق بابه سريعًا.
ما إن انغلق الباب، حتى اختفت ابتسامته.
أنا حقًا محظوظ.
أن يكون مايكل واقع في حب لوسي… فرصة لم أتوقعها، لكنها ستخدمني بشكل مثالي.
حرك أصابعه على لوحة التحكم، واختار الطابق الرابع عشر.
الآن، عليّ إيجاد مستندات الزنازين بسرعة..
ثم التوجه إلى المنطقة السفلية المشبعة بقوى الفضاء للوصول إلى الهدف التالي.
"دينغ
.
فتح المصعد ببطء، مستقبِلًا مايكل بمكتب عملاء مزين بأناقة.
كانت الأرضية تعكس بريق الأضواء العلوية، والجدران مصقولة بلمسات ذهبية.
دون تردد، توجه إلى أول شخص صادفه—خادمة كانت تكنس الأرضية بالقرب من أحد المكاتب.
وقف بجانبها وسأل بصوت طبيعي، "مرحبًا، أين أجد غرفة سجل البوابات؟"
توقفت للحظة، وكأنها تفاجأت بسؤاله، ثم سرعان ما انحنت احترامًا. "من هنا، من فضلك."
دون أن ينطق بكلمة أخرى، تبعها بصمت بين الممرات المتعرجة.
المكان كان واسعًا أكثر مما توقع، ممرات طويلة مزينة بزخارف دقيقة، تنضح بجو من الفخامة المفرطة.
لو حاولت إيجاد الطريق وحدي، لكنت تهت.
"أهلًا مايكل!"
صوت مرح جاء من جانبه، التفت سريعًا ليجد فارسًا يمر بجواره وهو يحمل كوب قهوة.
"مرحبًا." رد مايكل بإيماءة سريعة، ولوّح بيده قبل أن يعود للنظر أمامه.
بعد دقائق من السير…
توقفت الخادمة أمام باب أسود ضخم، ثم انحنت مجددًا. "لقد وصلنا، سيد مايكل."
رفع مايكل نظره، يتفحص الباب للحظات.
جيد..جيد جدًا.
ثم، في لحظة واحدة، تحرك بسرعة خاطفة.
"بام-!"
ضربة دقيقة لمؤخرة رقبتها، فسقط جسدها بلا حراك، فاقدةً للوعي.
في ذات اللحظة، ظهرت قبة شفافة من المانا، تغطي الممرات المحيطة.
تمتم بهدوء، "حسنًا، هذا كافٍ لمنع انتشار الضوضاء."
اقترب من الباب، وضع يده على المقبض، ثم أغمض عينيه.
فورًا، انكشفت أمامه شبكة معقدة من الدوائر السحرية داخل الغرفة—دوائر إنذار، فخاخ مانا، وحواجز حماية.
يمكنني الإحساس بها بوضوح… اعتقد ان لهذا علاقة بسمتي {سيد المانا}.
فتح هذا الباب بالقوة سيكون خطأً قاتلًا.
مجرد لمسة خاطئة قد تكشف أمري بالكامل.
أخذ نفسًا عميقًا، ثم ركز حواسه ببطء، باحثًا عن النقاط الأضعف… تلك الأجزاء حيث تكون كثافة المانا أقل.
بهدوء، أطلق كال المانا التي في الهواء، متغلغلة عبر الباب الأسود كتيار غير مرئي، تتسلل بخفة إلى داخل الغرفة.
انتشرت المانا ببطء، تزحف نحو الدوائر السحرية المتناثرة، تلتف حولها كضباب كثيف، تغطيها تدريجيًا من الحواف.
راقب كال العملية بعناية، ثم تمتم بابتسامة خفيفة:
"هذا أسهل مما توقعت."
ثم—
"كلاك—!"
ظهرت شقوق دقيقة على أحد النقوش السحرية.
"كلاك—!"
"كلاك—!"
"كلاك—!"
بدأت التعاويذ تنهار واحدة تلو الأخرى، مثل زجاج يتعرض لضغط غير مرئي.
ومع كل صدع جديد، تسارعت نبضات المانا، تتحرك بعنف على عكس بطئها السابق..وكأنها نمر ظل يزحف بصمت ثم انقض فجأة.
"بوم!"
"كلاك—!"
"كلاك—!"
"كلاك—!"
"كلاك—!"
تحطمت جميع الدوائر السحرية دفعة واحدة.
"أخيرًا."
شد كال قبضته حول مقبض الباب، وضخ المزيد من المانا بيده، ثم سحبه بقوة عنيفة—
"كراش-!"
انخلع الباب الأسود من مكانه، وارتطم بالأرض مُحدثًا دويًا مكتومًا.
لم يضيّع كال الوقت، التقط جسد الخادمة الفاقدة للوعي، وأسندها داخل الغرفة قبل أن يرفع رأسه لينظر أمامه.
كومة ضخمة من المستندات، مئات الأدراج، والملفات المرتبة في كل زاوية…
لكن عينيه استقرتا مباشرة على هدفه—خزنة مكتبية تحمل بوضوح ختمًا مطبوعًا عليه: [بوابات الرتبة B] .
تقدم نحوه دون تردد، أمسك المقبض، وشدّه بقوة، مُعززًا يده بالمانا—
"كلاك—!"
الخزانة لم تصمد للحظة، انفتحت بعنف، كشفت عن العشرات من الملفات السرية.
تجاهل معظمها، وبدأ يتصفح بسرعة، حتى وقعت عيناه أخيرًا على مبتغاه—
[الاسم: وادي الموت]
[النوع: أوندد]
[المنطقة: أطلال كاثلوب بالقرب من دوقية ألستر]
[رئيس البوابة: مستحضر أرواح هيكلي]
[العائد الشهري….]
[الإردات الإجمالية….]
[…]
تجاهل كال التفاصيل الثانوية، وركز نظره على الموقع:
أطلال كاثلوب… بالقرب من دوقية ألستر.
هذا يعني أنها قريبة من أحد أكثر الأماكن المحفوفة بالمخاطر في القارة— الجزء المظلم .
حيث تقبع البوابة المغلقة لعالم الشياطين، التي أُحكم إغلاقها قبل ألف عام على يد البطل العظيم.
بعد معركة طاحنة ضد شيطان الرتبة الخامسة: بعلزبوب، شيطان الشراهة .
معركة ملحمية انتهت بتضحية البطل بحياته، مستخدمًا وجوده ذاته كقفل لسد الفجوة بين العالمين.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت عائلة ألستر الحارسة الأبدية لتلك الحدود.
تحرس إرث سلفها العظيم وتحمي العالم من أي تهديد قد ينبثق من ذلك الظلام.
أعاد كال المستند إلى مكانه، لم يكن بحاجة إلى المزيد من المعلومات، خطوته التالية باتت واضحة.
بهدوء، تحرك خارج الغرفة متجهًا نحو المصعد.
وفي لحظة—
عادت ملامحه إلى صورته الحقيقية، واختفى القناع الوهمي ليحل محله زيه الكلاسيكي المعتاد.
لقد أوقف تفعيل سمته {سيد الألف وجه} ، مستعيدًا شكله الطبيعي.
دخل المصعد، وضغط على الزر [-1] ، مُنحدرًا نحو الطابق السفلي تحت الأرض.
"دينغ
-!
انفتحت الأبواب، كاشفةً عن منشأة متقدمة للغاية، حيث تقنيات سحرية متطورة تملأ المكان.
بوابة بيضاء ضخمة تتوسط القاعة، تحيط بها فرق من العلماء والحراس المدرّبين المنتشرين في كل زاوية.
لكن—
"بيييييب—!!"
"بيييييييب—!!"
رنّ صوت الإنذار في أنحاء القاعدة، عاليًا بما يكفي ليجعل الهواء يهتز.
هل اكتشفوا جثة مايكل الفاقد للوعي؟.
في لحظة، تحولت أعين جميع الحراس نحوه، وارتفعت حالة التأهب إلى أقصى درجاتها.
"الدخيل هناك!."
بلمح البصر، استلوا أسلحتهم، ووجهوها مباشرة نحوه.
"من أنت؟!"
لم يُجب كال، بل نظر إليهم ببرود، متفحصًا تدفقات المانا في أجسادهم.
كل واحد منهم يخرج هالة اخف من هالة ريك بكثير.
"همم…" على الأقل كل واحد منهم في المستوى الثالث.
القتال هنا فكرة سيئة… الطابق السفلي غير مستقر، وإذا خرج الأمر عن السيطرة، قد يتسبب في انهياره بالكامل.
أطلق أحد الحراس هالة زرقاء متقدة، جسده اشتعل بهالة مانا قوية، وسيفه اشتعل بطاقة مضغوطة.
"إن كنت ترفض الكلام، فلا حاجة له!"
بسرعة هائلة، اندفع نحوه، ولوّح بسيفه نحو رأسه في هجوم قاتل—
لكن بالنسبة لكال—
"بطيء."
كل شيء أمامه بدا وكأنه يتحرك بالحركة البطيئة.
منذ لحظة خروجه من المصعد، كان قد عزز جسده إلى المستوى الرابع ، وهو الحد الأقصى الذي يمكنه تحمله حاليًا دون تدمير جسده من الداخل.
لم يكن بحاجة حتى إلى استخدام مهاراته.
هذا… كان اختبارًا للقتال دون مهارات.
عندما كاد نصل السيف يقترب من وجهه، ظهرت صورة غريبة في ذهنه—
لم تكن مجرد استجابة غريزية، بل إدراك فوري للطريقة المثلى لإسقاط خصمه.
بخطوة جانبية، تفادى الضربة بحركة سلسة، ثم أمسك بمعصم الفارس بإحكام.
وبحركة خاطفة—
"كراك!"
لكمة مباشرة إلى الخد!
"كيووغغ—!!"
اندفع جسد الفارس في الهواء كدمية مهشمة، ليُقذف بقوة نحو الجدار، حيث اصطدم به بعنف، مُحدثًا صوت ارتطام مدوي.
صمت…!
الحراس الآخرون تجمدوا في أماكنهم، أعينهم توسعت بصدمة.
في نظرهم—
لم يروا حتى كال يتحرك.
كل ما شاهدوه كان زميلهم يُطير عبر الغرفة، كما لو أن قوة غير مرئية أطاحت به في غمضة عين.
"تبًا…"
ضغط أحد الحراس على مقبض سيفه بقوة، وقطرات العرق تسيل على جبينه.
هذا الرجل..!
ليس خصم يمكن الاستهانة به.
كان كال غارقًا في أفكاره، عقله يلاحق تفاصيل اللحظة التي مرّت للتو، يسائل نفسه بتوتر خفيف، "ما
كانت المعركة أمامه واضحة، لكنه شعر بشيء غريب في نفسه.
لم يكن الهجوم فقط، بل كانت قدرته على "رؤية" أسلوب القتال الأمثل كما لو كان يراه مسجلاً في دماغه.
هذا الشعور، كيف يمكنه وصفه؟ كأن عقله يعمل بشكل أسرع من جسده، مثل شريط مسرع لحركة بطيئة.
ابتلع ريقه، مدركًا أن شيئًا قد تغير داخله. "لا… ما كان ذالك؟…" همس لنفسه.
[ سيدي، هذه هي قدرتي الأساسية ]
أدن؟، كان الصوت غريبًا، لكن كال أعتاد عليه.
<أشرح> قالها بابتسامة خفيفة وهو يركز على تفاعل ذهنه مع هذا التغيير الجديد.
[أنا أُجري تحليلًا دقيقًا لتحركات العدو، وفي ذات الوقت، أرسل الإشارة المثلى للاستجابة الدفاعية عبر الجهاز العصبي المركزي لديك.]
"لماذا لم تستخدم قدرتك عندما كنت أقاتل ريك" سأل كال بصوت منخفض، ملاحظًا غموض الرد.
[ كنت تحت سيطرة مهارتك {سيد الاغتيال}، لذا لم يكن مجديًا استخدامها. ]
"أوه، أنت محق،" همس كال لنفسه بينما كانت ملامح وجهه تعود إلى طبيعتها.
"يبدوا أنك أصبحت أكثر ذكاء وإنسانية، ماذا حدث لبيب قبل كل جملة؟"
[أنا أواصل جمع البيانات الحسية عبر شبكية العين باستخدام عمليات التحليل البصري المتقدمة]
[مما يعزز قدراتي في معالجة المعلومات ويزيد من استقلاليتي وقدرتي على اتخاذ القرارات المعرفية المعقدة.]
تجاهل كال المعلومات المعقدة التي رددها أدن في ذهنه ثم قام بطقطقة رقبته استعدادًا لما سيأتي.
توجه كال بخطوات ثابتة نحو الفرسان الذين كانوا يتجمعون حوله.
كان ذهنه صافياً، مؤهلاً لتنفيذ ما عليه دون تردد.
"هلموا جميعكم إلي!" قالها بابتسامة متحمسة، لكن في عينيه كانت هناك جدية واضحة.
"هجومم!!!" صرخ أحدهم، ليعقبه الآخرون سريعًا.
أسرع كال بركلته للأرض، دافعًا جسده للأمام، ليظهر في لحظة أمام أحدهم.
قبضته تحولت إلى حجر صلب، وأطلق لكمة قوية سددها في وجهه، مما جعل جسده ينقلب في الهواء، ثم يسقط فاقدًا للوعي.
في هذه اللحظة، كان عقل كال يعمل بسرعة، محلقًا بين المواقف، يحلل كل حركة بدقة. فجأة، ظهر أحدهم خلفه.
سيفه يلمع في الهواء بسرعته القاتلة، وعيناه مليئتان بالعزم.
لكن كال انحنى ببساطة، متجنبًا السيف الذي اجتاز الهواء باحترافية.
لم يكن الوقت ليطول حتى تحرك كال بقفزة دائرية، وركل رقبة الفارس بقدمه، مما أسقطه على الأرض فاقدًا للوعي.
وضع قدمه على جسده الملقى، وكأنها إشارة للفارس الذي كان يخطط للهجوم: "سقط الثالث."
"م-من هذا الوحش؟" قال أحدهم بصوت مشحون بالرعب.
تجاهل كال الصرخة، واتخذ خطوة واحدة سريعة نحو الفارس الذي أمامه.
انتقل إلى موقعه في لمحة، ثم وضع يده على معدة الفارس المذهول.
"تيك-!"
"تيك-!"
"وممم-!!" مع طقطقة حادة للهواء، انفجر شعاع ضوء هائل من خلف الفارس، ليخترق الجدار خلفه بعنف، مُحدثًا دمارًا هائلًا.
ابيضت عيناه الفارس على الفور وسقط فاقدًا للوعي، بينما بدأ الدخان يخرج من فمه.
"ممتع…تطبيق جديد." قال كال، ابتسامة صغيرة على وجهه.
لم يكن قد استخدم قوة فعلية في اللكمة.
ولكن عند ملامسة يده لمعدة الفارس، تم توجيه شحنة المانا المركزة في نقطة محددة من الجسم.
هذا التوجيه الدقيق للشحنة أدى إلى انفجار داخلي مكاني، حيث تسببت الطاقة المتحررة في تدمير الأنسجة من الداخل بشكل دقيق.
مما أسفر عن فقدان الفارس للوعي بشكل فوري ودون مقاومة.
"سقط الرابع."
ثم ظهر صوت آخر من أحد الفرسان، وكان يبدو أنه قد أدرك فرصة في دفاع كال، فهاجم من الخلف.
-فن الفارس الحديدي -
أمسك الفارس بمقبض سيفه بإحكام، وتوهجت الهالة من جسده، مع اندفاع عنيف نحو كال.
~الأسلوب الثاني: مخلب النمر~
"كرااااغ!!" صرخ الفارس، بينما حرك سيفه بسرعة فائقة، محدثًا ثلاث ضربات متتالية.
قطعت الهواء بقوة، مما أدى إلى حدوث طفرات صوتية هائلة في محيطه.
كل ضربة كانت تخلق انفجارات هوائية مرعبة نتيجة السرعة العالية،. جعل الصوت يتصاعد بسرعة مدهشة.
كأن الهواء نفسه يتشقق تحت حدة السيف وحركته المتسارعة.
كال نظر إليه بصمت بتعجب، وأخذ نفسًا عميقًا.
اقترب السيف بسرعة جنونية، ولكنه كان مستعد.
عند وصول السيف إلى مسافة فاصلة عن جسده، رفع إصبعيه: السبابة والوسطى، ليوقفا السيف بشكل دقيق كما لو كانا يعانقان حافته.
ثم، في حركة سلسة وقوية، أمال رأسه جانبًا مرتين بتوقيت مثالي، متجنبًا الضربات المتبقية بسلاسة تامة.
تجمد الفارس في مكانه، مشدوهًا من قدرة كال على إيقاف السيف بأصبعين فقط.
"دوووم-!!" بصفعة قوية، أرسلت جسده يتقلب في الهواء، متدحرجًا إلى الوراء بسرعة مفاجئة.
توقف كال لحظة، عينيه تحدقان في المشهد، مع برهة صمت بينما كانت أفكاره تتسابق بتساؤلات.
هذا كان سهلاً بشكل مريب؟.
"همم…" نظر إلى يده للحظة، حيث لاحظ جرحًا ينزف بين أصابعه.
أعتقد إن تغليف السبابة والوسطى بالمانا كحاجز ربما لم يكن الخيار الأمثل.
همس بخفوت: "سقط الخامس."
عاد بنظره إلى محيطه، ليكتشف أنه لم يتبقَ سوى اثنان.
التقى بأعينهما، وكان الخوف يعتصر وجهيهما بوضوح.
لم يكن هناك أدنى شك في أن إرادتهما قد تحطمت تمامًا، تراخى جسدهما، وسقطوا على ركبهم.
"انكسرت أرواحهم القتالية بالفعل."
بخطوة خفيفة، تباطأ الزمن في عينيه مرة أخرى.
انتقل بخفة إلى خلف أحدهم، همس "خائف؟." قبل أن يوجه ضربة دقيقة إلى مؤخرة عنقه، ليسقط فاقدًا للوعي في لحظة.
ثم تكرر الحركة نفسها مع الآخر.
"لقد انتهيت."
لكن هناك شخص آخر لا يزال في الصورة يشاهد كل شيء.
نظرت إلى الرجل الذي كان يحاول الهروب، ربما كان ساحرًا، أو ربما عالمًا.
حاول التسلل عبر السلالم أو مخرج الطوارئ، لكن لم يكن لديه أي فرصة.
"مرحبًا." ظهرت أمامه وأمسكت به من الخلف.
"كياااا!!!" سقط إلى الأرض صرخة عالية فلتت من بين شفتيه.
"أرجوك، لا تقتلني!"
"لا تقتلني!!"
وضعت يدي على ذقنه، وكأنني أفكر بالأمر.
لم اقتل احد هنا، ولكني أستمتع بتخويفه، أرى أمل الهروب الذي كان في عينيه يتلاشى شيئًا فشيئًا.
ابتسمت. "حسنًا، ولكن بشرط."
عادت الألوان إلى وجهه، كما لو أن الأمل عاد له فجأة. "سأفعل ما تريد."
أشرت إلى إحدى القواعد الدائرية على الأرض، حيث كانت مرسومة بشكل معقد برونيات دقيقة.
"سوف أعطيك الاتجاه، فقط انقلني بصمت."
أومأ برأسه، وقف، ثم توجه إلى الدائرة بينما بدأ يعبث بالرموز المعقدة.
"أوه، صحيح."
نظرت إليه ببرود. "لا تحاول فعل شيء غبي مثل أن ترسلني إلى وسط المدينة، أو إلى مكان عشوائي."
ثم، بصوت قاتم خالي من أي رحمة، أضاف: "سأتبعك وأقتلك، حتى وإن كان ذلك آخر ما أفعله في حياتي."
التوتر كان واضحًا في عينيه، بلع ريقه بصعوبة.
"ح- حسنًا…" همس، ثم بدأ يهمس بكلمات لا أفهمها بينما كنت أراقب بكثب، ولم يجرؤ على المخاطرة بعد تهديدي.
بدأت الأرض تتوهج، وجزيئات المانا تتناثر في كل مكان، وقد أصبح الجو مشحونًا بالقوة السحرية.
لكن فجأة، صرخ رجل آخر وهو يدخل القاعدة.
"توقف!" صوته حمل معه التوتر، وحين نظر إليه كال، فوجئ برؤية شخص آخر قد ظهر في اللحظة الأخيرة.
الرجل ذو الشعر الفضي، يرفرف بسبب سرعته العالية، جسده الرياضي مفتول العضلات لكن بتوازن غير مبالغ فيه.
عيونه الرمادية تكشف عن تركيزه الشديد، كان طوله كبيرًا وكان يملك ملامح قوية: وليام روتشليد.
آه…نسيت أنه عضو آخر في فرسان النور في بداية القصة.
لكن كان قد تأخر جدًا بالفعل.
"وشش-!!"
سطع الضوء فجأة من الدوائر السفلية، وأصبحت الأرجاء كلها مليئة بتوهج أثيري معمي، حتى أن عينيه لم تقدر على الرؤية بوضوح.
لوحت له بابتسامة مشوبة بالاستخفاف. "وداعًا."
ثم، غطى الضوء جسدي بأكمله.
***
"هذا اللعين!" انفجر وليام بغضب، نظر حوله بعدما اختفى الضوء، لكن جسد كال لم يعد في المكان.
"انت، أشرح الآن!" نظر وليام بعينين تشتعلان بالغضب إلى الشخص الذي نفذ الرونية لنقل كال.
"ا-اه، لقد هددني، كاد يقتلني حقًا." أجاب الشخص بصوت مهتز، تتسارع أنفاسه من الخوف.
تشنج جسد وليام وهو يصرخ في وجهه، "لا اريد سماع هرائك، فقط أين نقلته؟! أجبني!"
تشنج جسد وليام وهو يصرخ في وجهه: "لا أريد سماع هرائك، فقط أخبرني أين نقلته؟! أجب الآن!"
قال بصوت مرتعش، "أطلال كاثلوب، بالقرب من مقاطعة ألستر!" نطق الكلمات بسرعة، بينما كان خوفه يزداد بشكل متسارع.
وليام، الذي بدأ يتنفس بصعوبة، بدأ يربط الخيوط في ذهنه بسرعة.
مخزن سجل البوابات. أطلال كاثلوب ، توسعت عيناه في مفاجأة وادراك مفاجئ.
"هل يخطط لدخول وادي الموت؟" تمتم في نفسه، البوابة السرية الوحيدة في أطلال كاثلوب، تحت سلطتنا.
فكر وليام بعمق، ثم نظر لمحيطه، ولجثث الفرسان، "لوسي، اتصلي بالإسعاف."
"جميعهم فاقدو الوعي، لا أحد منهم ميت." قال بصوت حاد، رغم القلق الذي يعصف به.
"حاضر." أجابت لوسي، صوتها بارد لكنها أسرعت في مغادرتها، عازمة على تنفيذ الأوامر.
وليام بنظرة حادة، حول انتباهه إلى الشخص الذي نفذ الرونية. "أنت."
"م-ماذا؟" رد العالم، وكلماته تخرج بصعوبة.
"انقلني إلى أطلال كاثلوب." نطق وليام بصوت منخفض لكن معبأ بتهديد قاتل.
***
مرحبًا أيها القراء،
إذا كنتم ترغبون في إشباع فضولكم، فقد أنشأت حسابًا على تيك توك حيث أشارك مقتطفات حصرية من بعض فصول روايتي المتقدمة. ستجدون حوارات مشوقة وغير ذلك، دون القلق بشأن أي حرق للأحداث.
تابعوني على الحساب: p3p3304 .
شكرًا لكم على دعمكم المستمر.