الفصل السابع عشر: أطلال كاثلوب [17]

حدقت في الدماء اللزجة المتكدسة على حواف القناع، تمتزج بظلال الأرضية مثل بقع متخثرة تنضح برائحة الحديد.

كانت تتجمع ببطء، كأنها ترفض الاندماج مع المكان، تثير شعورًا غريبًا من الاشمئزاز.

تمتمت بصوت خافت، لكنه حمل ثقل الإدراك:

"فهمت…"

رفعت عيني ببطء نحو وليام، مُثبتًا نظرتي عليه.

"لهذا السبب، قام هنري بقطعك من خط الخلافة."

للحظة، ارتجفت نظرات وليام، ارتعاشة خفيفة بالكاد ملحوظة، لكنها لم تفُت انتباهي…

تركت كلماتي صدى ثقيل في الهواء قبل أن أتابع:

"ليس لأنك لم ترث دمه."

وليام، الذي كان راكعًا على الأرض، نهض ببطء.

ثقل جسده بدا واضحًا في حركته، ووجهه كان مشدودًا بانزعاج لم يحاول إخفاءه.

"ولكن… لا تنطبق عليك مبادئ الفروسية، مهما حاولت تقمصها."

الصمت الذي تلا كلماتي كان أكثر قسوة من أي رد.

ابتسمتُ بتكلف، وكأن ردة فعله لم تكن إلا تأكيدًا على ما كنت أعلمه مسبقًا.

"أتعلم…؟ أنت مثير للشفقة أكثر مما سمعت عنك."

ارتسم الانزعاج على ملامحه، لكنه لم يمنحني سوى إجابة باردة، صوته مثقل بالألم وهو يضغط على معدته بيده المرتجفة:

"لا يهمني رأيك."

ضحكتُ بصوت خافت، ليس سخريةً بقدر ما كان ازدراءً خالصًا.

"لا أعتقد أنه يهمك حقًا… لشخص يحاول يائسًا إرضاء والده، حتى لو كان الثمن التخلي عن قناعاته وأفكاره، فقط ليجعلها تتناسب معه."

اهتزت حواجبه للحظة، لمحة عابرة من التوتر لم يتمكن من إخفائها تمامًا.

مددت يدي ببطء، مستحوذًا على كامل انتباهه، قبل أن أنطق بكلماتي بحدة خالية من الرحمة:

"هذه النظرة… تناسب تمامًا تربية الأحياء الفقيرة."

لم يطرأ أي تغيير على تعابيره، بقيت باردة، جامدة كقطعة جليد لا تتأثر بشيء.

ومع ذلك، كانت عيناه تحملان قتامة غريبة—لو كان بمقدور النظرات أن تقتل، لكنت قد لقيت حتفي آلاف المرات بالفعل.

حدّقت فيه بصمت، مراقبًا تفاصيله… لباسه غير الرسمي، أسلوبه الذي يفتقر إلى نبالة حقيقية، وأخيرًا، سيفه الملطخ بالسم.

ضحكت بسخرية، صوتي كان أجشًا، واهنًا.

"فروسية… هراء."

شعرت بقواي تنهار تحت ثقل السم الذي انتشر في جسدي، ساقاي لم تعدا تحملانني، فسقطت على ركبتي، أنفاسي متقطعة.

ثم، وسط الظلام الزاحف في رؤيتي، ظهر الإشعار—

[تحققت الشروط. تم تنشيط {التكيف}.]

أخيرًا…

**

قبل لحظات…

صوت كال الداخلي انفجر بالقلق.

<أدن، ماذا يحدث؟!>

جاء الرد الآلي بلا تردد:

[تم المسح الضوئي. خلايا غريبة تنتشر في الجسد… إنه سم، سيدي.]

اتسعت عينا كال، جسده تيبّس للحظة.

<متى بدأ هذا؟!>

[منذ اللحظة التي خدش بها رقبتك بسيفه.]

قبض كال على يده، أنفاسه تسارعت قليلاً، قبل أن يفكر نبرة أكثر حدة:

<ولماذا لم تخبرني بذلك فورًا!؟>

[أعتذر، سيدي. أدركت ذلك متأخرًا، بعد أن أعطيتني أوامر بالصمت.]

مرّ شعور غريب عبر أطرافه—ليس ألمًا، بل إحساسًا تدريجيًا بالضعف، كأن شيئًا ما كان يسحب منه قوته ببطء.

<ما الحل إذن؟>

[عليك كسب بعض الوقت، حتى يتم تحقيق شروط {التكيف}… والتي لا تزال غير معروفة بالنسبة لي.]

كال صمت للحظة. عينيه اشتعلتا بحدة.

<شروط {التكيف} لا تزال غير معروفة… هذا قمار.>

[سيدي، بناءً على التحليل البيولوجي، تُظهر سمة {التكيف} قدرة على إعادة هيكلة الاستجابة الفسيولوجية لمواجهة العوامل الشاذة التي تخترق النظام الحيوي للجسد]

توقف الصوت الآلي لبرهة قبل أن يستأنف: [ لقد سبق أن تكيفت مع تدفق المانا غير المتوافق، مما يشير إلى احتمالية استجابة مماثلة للسم الحالي… ومع ذلك، البيانات غير مكتملة، ويظل التكيف عملية غير محددة المدة الزمنية أو الميكانيكية.]

الصوت تلاشى في ذهنه، لكن الفكرة كانت واضحة—المبدأ العلمي منطقي، لكن التطبيق محفوف بالمجهول.

لا خيار لديه سوى المضي قدمًا.

"فهمت…"

رفع كال عينيه ببطء نحو وليام، مُثبتًا نظرته عليه.

"لهذا السبب، قام هنري بقطعك من خط الخلافة."

**

الوقت الحاضر..

فجأة، شعرت بحرارة غريبة تغمر جسدي، دافئة وعميقة، تتسرب عبر خلاياي كما لو أنها تحترق من الداخل.

كانت شديدة، ولكن في نفس الوقت، كان هناك شعور غامض بالتحمل، وكأنها لم تكن تهددني بل تدعوني لتقبلها.

"وشش-!" انفجر الدخان من بشرتي، خفيفًا كالضباب الرمادي الذي يتسرب من بين أصابعي.

لم يكن هناك ألم، فقط شعور غريب بالتحول.

كانت السموم تتغلغل في جسدي، ومع كل ذرة تتسلل، كنت أشعر بشيء يترسخ داخلي.

راقبت نفسي بأهتمام، تغيرت تفاعلي مع السم، لم يعد هناك ألم.

لم يعد السم يشكل تهديدًا، بل أصبح جزءًا من كياني، يعزز جسدي بدلًا، من ان يضره.

[ أنتهت العملية، تم إيقاف تنشيط {التكيف}]

وقفت من مكاني، شعور القوة بدأت في استعادة توازني.

نظر إليّ وليام، عينيه تراقبني بتركيز. لاحظ الدخان الذي بدأ يحيط بي، لكن ذلك كان متأخرًا جدًا.

ابتسمت بسخرية، والابتسامة كانت أشبه ببرودة تكتسح الموقف.

"لقد سبقتك… لم يعد سمك يؤثر بي بعد الآن."

كان هناك صمت قصير قبل أن تتسع عينا وليام، بينما بدأ الحيرة تظهر على وجهه.

كان يتداول طاقته السحرية بسلاسة من البداية، يعمل على شفاء المناطق المتضررة في جسده تحت ستار حديثه، لكن الأمر بدا له غير قابل للتصديق.

"ها؟"

ضحكت بخفة، وأنهكت نفسي بالكلمات التالية.

"لم تكن الوحيد الذي حاول استغلال الوقت وإطالة الحديث من أجل الشفاء."

في لحظة، اختفى كال.

"وشش-!!" كان وليام يتنفس بسرعة، لكن سرعان ما شعر بشيء يلتف حول معصمه.

فجأة، كان كال أمامه.

قبل أن يستطيع أن يتصرف، قبض كال على معصمه بقوة لا تُحتمل. حاول وليام التملص، لكن كال كان أسرع من ذلك.

دوَّر كال معصم وليام في الهواء بحركة مفاجئة وسريعة، ثم دفعه دفعة قوية جعلت جسده يدور في الفراغ.

لحظات، شعر وليام العالم انقلب رأسًا على عقب، حيث فقد كل إحساس بالاتزان

قبل أن يلتقط وليام أنفاسه، شعر فجأة بالسيف يُسحب من يده.

"تسك! " نقر لسانه بانزعاج، ثم دفع قدميه في الأرض، محاولًا استعادة توازنه في الهواء.

بنظرة حادة، سدد ركلة قاطعة نحو كال.

"بومم-!! " صدى قوي أحدثه التصادم، دفع كال عدة أمتار للخلف، حيث اهتزت الأرض من قوة الضربة.

أوشك كال على التراجع أكثر، لكن سرعان ما ثبت نفسه على قدميه.

"أوتش! " تململ في مكانه، ثم نظر إلى معصمه المتورم، الذي أنقذه في اللحظة الأخيرة بفضل دفاعه العاجل.

"لم أكن أتوقع ردة فعل بهذه السرعة… " تمتم، وهو يعيد ترتيب نفسه ببطء، عينيه وتراقب وليام.

أستل وليام سيفه بسرعة، وأخذ وضعية قتالية جديدة بينما كانت عيناه تتسعان بالنظرة الحادة التي تغمرني.

شعر كال بقشعريرة تسري عبر عموده الفقري، وكأن شيئًا ثقيلًا يلوح في الأفق.

وفجأة…

"وشش-!! " هالة عنيفة ومشوهة غطت الأجواء، بدت وكأنها تقتلع الأرض من جذورها.

سحب وليام قدمه للخلف بشكل سريع، متهيئًا للجري، وكان يبدو كالموجة التي تسبق العاصفة.

-فن عائلة روتشليد-

ومضة خاطفة، ثم وُجد أمام كال في لحظة، حتى أن الهواء نفسه اهتز مع الحركة العنيفة.

كال، الذي كان يدرك تمامًا صعوبة صد هذا الهجوم باليد العارية، قام بحساب المسافة بينهما في لحظة واحدة.

تجسدت الكاتانا السوداء في يده وكأنها ظهرت من العدم، شفراتها تتلألأ في الهواء استعدادًا للاصطدام.

~الأسلوب الأول: طغيان أرغون~

ثم، في لحظة تقاطع، ارتطم السيفان في الهواء.

"بومممم—!! " انفجار مدوٍ هز المنطقة بأكملها، وكأن السماء نفسها قد تحطمت.

أرسل التصادم موجة من الصدمة التي اجتاحت الأجواء وجعلت الأرض ترتجف تحت الأقدام.

"وشش-!!"

كانت ضربات السيوف تصدح، كل واحدة تحمل رنينًا حادًا يتداخل مع هواء المعركة المكهرب.

تراجع كال قليلاً تحت وطأة الصدمة، لكنه حافظ على توازنه، وأبقى عينيه مشدودتين إلى وليام الذي كان يتنفس بصعوبة.

أسلوب طغيان أرغون، يعتمد على تركيز الطاقة السحرية في السيف، حيث يتم تكثيفها على الحافة فقط.

تقنية تتطلب تحكمًا دقيقًا يمنع السيف من الانفجار أو التشوه، رغم الضغط الهائل الذي يتعرض له.

هذا مرعب، ولكنه يبرز تحكمه الاستثنائي بالمانا.

"هوف… هف…" التقط كال أنفاسه ببطء، وهو يقف ثابتًا، متأهبًا لخطوة وليام القادمة، يراقب كل حركة بتركيز.

فجأة، سمع صوت احتكاك حاد في الهواء، صوت اخترق الصمت مثل سكين حاد.

نظر كال إلى السماء بتركيز، نقطة سوداء صغيرة تتشكل في الأفق، تتحرك بسرعة.

كان من الواضح أن شيئًا ضخمًا يقترب.

أضاق كال عينيه للحظة، في محاولة لتقدير حجمها. "إنها تتسارع…" أدرك أنه لا وقت للانتظار.

"وشش-!!"

في لحظة، اندفع كال إلى الوراء بكل قوته، متجنبًا الهجوم القادم.

قفز عشرات الأمتار في الهواء، بينما الأرض من تحت قدميه اهتزت، وكأن زلزالًا قد اجتاح المكان.

"بومم-!!"

الصدمة كانت رهيبة، حيث تحطم كالنِيزك الساقط، وتحولت الأرض إلى سحابة من الغبار الكثيف الذي غطى المنطقة بأكملها.

كان الصوت كالانفجار، والموجة التي أحدثها التدمير جعلت الغبار يلتف حول جسده.

"كح.. كح!" حاول كال أن يتنفس، لكن الهواء كان ملوثًا بالغبار الكثيف، الذي جعل تنفسه صعبًا.

على هذا المنوال سيصيبني الربو.

فجأة، كما لو أن الغبار تم انتزاعه بعنف من قِبَل عاصفة قوية، اختفى في لمح البصر.

تسارعت أنفاس كال، وتضاقت عيناه، وهو يراقب المشهد بترقب.

أمامه، كانت هناك شخصية جديدة تظهر من بين الغبار.

ظهرت أمامه امرأة ذات ملامح حادة، بشعر أسود طويل يتناثر في الهواء مع خصلات زرقاء داكنة تتخلله.

عيناها حمراوان تتوهجان بلون ناري، تحملان شيئًا من البرود القاتل.

كانت شفاهها رقيقة وواضحة، وفكها مستدق وحاد، مما يضفي على وجهها مظهرًا من القوة والجمود.

بشرتها كانت شاحبة ولكنها ناعمة كالعاج، وعظام وجنتيها بروز واضح يميز ملامحها.

وجفنها العلوي كان مشدودًا، مما أضاف مزيدًا من الحدة على نظرتها.

أغمض كال عينيه لحظة، وهو يدرك من هو القادم.

"وصلت ضوضاء قتالكم إلى حدود مدينتي." صوت أنثوي هادئ، ولكن كان هناك شيء في نبرتها يكشف عن حدة غير مرئية.

إيفاندا ألستر.

الأخت الكبرى لبطل اللعبة، وشخصية متقلبة المزاج.

هذا التحول في الأحداث سيء!.

***

متى دخلنا الرتبة الخامسة..لا متى دخلنا الرتبة الثاني عشر حتى؟.

لا اعرف ولكن مبارك لي.

2025/03/05 · 211 مشاهدة · 1449 كلمة
Drbo3
نادي الروايات - 2025