الفصل السادس والعشرين: مبارزة [2]
استل دانيال سيفه من الأرض، دافِعًا المانا في عضلاته ليعزز جسده. دون تردد، انطلق نحو أزيلاس، عاقدًا العزم على الهجوم.
"فشش!"— اخترق الهواء بسلاحه، موجهًا ضربة خاطفة.
لكن أزيلاس لم تحرك ساكنًا. لم تبدُ عليها أي نية للرد. فقط رفعت سبابتها نحوه، بحركة خفيفة تكاد تكون غير مكترثة.
عندما بلغ دانيال مسافة معينة، ارتفعت سبابتها للأعلى.
في لحظة، انعدم إحساسه بالأرض. ثقل جسده تلاشى فجأة، قوى غير معروف رفعته من مكانه.
"أوه!" اتسعت عيناه وهو يندفع نحو الأعلى بسرعة غير معقولة
لم يدرك ما يحدث إلا حينما ارتطم ظهره بالحاجز الذي أنشأه البروفيسور فيليب.
الصدمة اخترقت عموده الفقري، كشرارة كهربائية انفجرت، بينما دوى صوت الاصطدام في المكان، مترددًا بين الجدران.
عنف الصدمة غزا عموده الفقري، لكنه لم يملك الوقت لاستيعاب الألم.
في اللحظة التالية، وجهت أزيلاس سبابتها نحو الأسفل.
"بوم-!!" سقط كالنيزك، هبط على الأرض بعنف.
موجة غبار اندفعت من حوله، وتردد صدى الارتطام في القاعة.
"اغغ…!" خرج صوت مكبوت من حلقه. جسده كله اشتعل بالألم. حاول النهوض، لكن عضلاته لم تستجب كما يريد.
بالكاد رفع نفسه على ركبتيه، أنفاسه ثقيلة، نبضه يخفق بعنف، فيما كان الألم يتغلغل في كل عظمة بجسده.
شعر كأن جبلًا يجثم على ظهره، يكبله بثقله الهائل، يمنعه من النهوض.
رسم ابتسامة واهنة على شفتيه، بالكاد تتشكل تحت وطأة الألم الثقيل.
دفع جسده عن الأرض، رغم الضغط الساحق الذي كاد يطحنه، حرك ذراعيه بحذر، يحمي نفسه من حدة الارتطام.
عندها، اشتعلت هالة من اللهب الأزرق، اجتاحت كيانه بالكامل، ترنح الهواء حوله مع اشتعال هالته.
نظر للأمام، وعينيه تتوهجان ببريق حاد.
"حسنًا… سأبذل جهدي أيضًا، لا أريد أن يُقال إنني لم أحترم مقام الأميرة المبجلة."
"وشش-!" اندفع بسرعة، تاركًا خلفه دوامات هوائية تتلوى في أثره.
في لحظات، تقلصت المسافة بينه وبينها، ولوح بسيفه بضربة خاطفة.
أزيلاس، بثبات مريب، أشارت نحوه.
أربعة أمتار— اقترب.
ثلاثة أمتار— بدأ سيفه يترنح.
متران— تباطأ جسده، وثقل سيفه كأن الهواء نفسه يقاوم تقدمه.
متر واحد— توقف النصل تمامًا، على بُعد أنفاس من وجهها.
“أوي… هل عكستِ الجاذبية نحوي؟" تساءل دانيال، عاقدًا حاجبيه.
"ربما… " ردت أزيلاس، وفي اللحظة ذاتها، ضغطت قدمها على الأرض.
"هذا؟" تراجع دانيال فورًا، مستشعرًا تغيرًا غريبًا في الأجواء.
تصدعت الأرض تحتها، وتناثرت الصخور والبلاط حولها بلا نظام.
ثم، بحركة خفيفة من معصمها—
شعر بضغط هائل يجتاحه، كأن جدارًا غير مرئي يدفعه بعنف إلى الخلف.
"وشش-!!"
توقفت الصخور التي كانت تطفو بحرية، قبل أن تنطلق كالرصاص، تشق الهواء مباشرة نحوه!
"تسك..!"
انقبضت عضلاته، التوتر يشد أوتاره كقوس مشدود على وشك الإطلاق.
قبضته تشددت حول مقبض السيف، أنفاسه تتباطأ، والعالم من حوله يغدو أكثر وضوحًا—كل تفصيلة، كل حركة، كل احتمال.
— فن عائلة ألستر —
~ الأسلوب الأول: اختراق الحياد ~
وهج قرمزي تسلل إلى نصل سيفه، كشرارات تتراقص على حافة الانفجار.
حدق بالصخور القادمة، وعقله يحلل المسارات في جزء من الثانية.
"وشش-!!"
بضربة خاطفة، شطر أقرب صخرة أمامه، فتطايرت شظاياها في الهواء.
في اللحظة ذاتها، قفز، لكن الجاذبية العكسية سحبته للخلف قليلًا، فاستغلها ليستدير في الهواء بانسيابية غير طبيعية.
توهجت قدمه بالمانا، والقوة تتدفق عبرها—
نظر لأقرب صخرة قادمة نحوه، وركلها بكل ما أوتي من قوة.
"دوم-!" دوى الاصطدام، وارتجف الهواء من حوله.
لكن الكتلة الصخرية لم تتحرك كما كان يترقب. ظلت ثابتة، وكأنها تتحداه، رافضة الانصياع لتأثيره، مدفوعة بقوة الجاذبية العكسية.
شد عضلات قدمه بكل قوته، ضاعف الدفع، وركز بالكامل على الهدف، مصممًا على تحريكه بأي ثمن.
"اغغااا-!!"مع صرخته، انعكس تدفق الكتلة فجأة، لينحرف مسارها.
"بوم-!!"
كرصاصة سريعة، اندفعت الصخرة كقذيفة، تشق الهواء بصفير حاد، متجهة مباشرة نحو أزيلاس!
"تسك..!"اهتز جسدها، عند الشعور بالقوة المهولة خلف الركلة.
رفعت كفها بسرعة، وأحكمت قبضتها، محاولةً فرض سيطرتها على الكتلة الصخرية المتسارعة نحوها عبر قدرتها في التلاعب بالجاذبية.
استجاب الحجر لتأثير القوة المعاكسة، وتباطأت حركته تدريجيًا، لكن الزخم المكتسب لم يتبدد بالكامل!
"سيء!" عضت على أسنانها، ثم انحرفت بجسدها نحو اليسار في اللحظة الأخيرة، متجنبة الاصطدام بأقل هامش ممكن.
"بوفف—!!"
اندفعت الصخرة بجانبها بسرعة تقارب سرعة مقذوف مدفعي، مولدةً اضطرابًا هوائيًا عنيفًا، دفع تيارات الهواء المضغوط حولها، مما جعل خصلات شعرها تتطاير بفوضوية.
في اللحظة ذاتها—
"وشش—!!"
انشطرت الكتل الصخرية المستهدفة لدانيال بدقة متناهية، متحولة إلى شظايا صغيرة تناثرت في جميع الاتجاهات.
تاركة أثرًا من الغبار والجسيمات العالقة في الهواء.
وسط هذا المشهد، وقف دانيال بلا اكتراث، عينيه تتابعان الشظايا المتساقطة قبل أن تتحول نظرته نحوها مباشرة. عندها، ابتسم بثقة وقال:
"في النهاية، لا يزال تحكمك بالمجال الجاذبي غير مثالي."
"أوقفتِ المجال الجاذبي العكسي تمامًا لتركيزه في نقطة واحدة… ومع ذلك، لم تتمكني من إيقافها بالكامل."
رفع حاجبه قليلًا وأضاف بصوت هادئ لكنه نافذ:
"بغض النظر عن شدته، يظل لمجالك حدود…فهو غير قادر التأثير على الأجسام فائقة السرعة تمامًا، أليس كذلك؟"
فور أن انتهى حديثه اختفى فجأة!.
-فن عائلة ألستر -
تتبعت عيونها تحركاته، لكن جسدها بقي ثابتًا. بلا تردد، أدارت نفسها بسرعة 180 درجة، حركة دقيقة ومحسوبة.
لم يكن القتال الجسدي سلاحها—لم تحتج إليه.
أمامها، بدا دانيال كالوميض، جسده متذبذب بفعل سرعته.
ملوح بسيفه، تراقصت حوله شرارات زرقاء، امتدت من جسده إلى حواف نصلِه.
عيناه كانتا حادتين، ونظرته شديدة.
بإيماءة خاطفة، رفعت يدها.
في اللحظة التالية، انفجرت كرة شفافة في الفراغ أمامها، متلوية بجنون، تتقلص وتتمدد كأنها كائن حي يقاوم الانقياد. الطاقة حوله اهتزت، الهواء تمزق، والضغط ارتفع في محيطها.
كانت مستعدة للهجوم.
~الأسلوب الثالث: قربان السيف ~
ثم، وفي لحظة حاسمة، تلامست الشفرة مع الكرة الشفافة.
"بومممم-!!!" اهتزت الأرض تحت وقع الانفجار، واهتز الهواء من شدة الصوت المدوي.
تطايرت شظايا البلاط في الهواء، مخلفةً وراءها موجة من الدخان الكثيف.
***
***
"هاها، هذا قوي جدًا." تحدثت شابة بشعر أبيض قصير، وعيون بنية جوهرية تبدوا متحمسة.
التفتت إلى الشاب الجالس بجانبها، الذي بدا وكأنه غارق في ملله، عينيه شبه مغلقتين وهو يراقب المعركة دون أي اهتمام يذكر. "أليس كذلك، إيثان؟"
أجاب بلامبالاة، صوته منخفض، لم يكلف نفسه عناء النظر إليها: "أجل." لكن خلف تلك الإجابة، كان ذهنه في مكان آخر تمامًا.
محظ اهتمامه كان الأميرة أزيلاس..كان مفتونًا بقدرتها.
السحر هو تجسيد للظواهر الغير الطبيعية، وفهمه وإعادة تشكيلها هو جوهر عمل الساحر.
لهذا، فإن معظم أنواع السحر ما هي إلا محاكاة للكوارث التي عصفت بالطبيعة.
لكن ما الفارق بين السحر والأسبر؟..كان هذا السؤال يراوده دون إجابة واضحة.
هناك تعاويذ يمكنها التلاعب بالجاذبية، ولكن لا يوجد سحر قادر على التحكم بها بالطريقة التي تفعلها الأميرة.
لم تكن تتلاعب بالجاذبية بل تأمرها.
لو كان له أن يصف قدرتها بدقة أكبر، لربما قال إنها "سلطة" اكثر من كونه سحر.
أطلق نظراته بعيدًا عن ساحة المعركة، نحو الشابة ذات الشعر الأزرق الغامق الذي تتخلله تموجات خضراء فسفورية، تجسد أضواء الشفق القطبي.
كانت عيناها التركوازيتان الداكنتان تتناغمان مع شعرها بشكل مذهل.
ومع ذلك كان أكثر ما يلفت الأنظار إليها هو القرنان البارزان على رأسها، مثل قرون الظباء.
كانت تراقب ساحة القتال بصمت، على ما يبدو غارقة في تأملاتها.
ربما تشاركني الرأي ذاته. زفر نفسًا عميقًا، ثم أغمض عينيه.
"واه!.."
صرخة حماسية فجرت سكون اللحظة، اخترقت أذنيه كطلق ناري، أجبرته على فتح عينيه مجددًا.
تلاشى دخان الانفجار، متكشّفًا عن مشهدٍ مرعب.
في قلب الساحة، كان دانيال راكعًا على ركبة واحدة، جسده العاري مشوه بندوب قديمة وجراح جديدة تنزف بلا هوادة.
أنفاسه الثقيلة كانت كفيلة بإثبات أنه ما زال على قيد الحياة. كان يتكئ على سيفه المغروس في الأرض، قبضته ترتجف، كان السيف هو آخر ما يمنعه من الانهيار.
وعلى الحاجز الذي صنعه البروفيسور، كان هناك جسد آخر غارق…
أزيلاس.
معلقة عليه كدمية مهشمة، وجرح غائر يمتد بشكل مائل من كتفها إلى خصرها، ينزف بغزارة.
"بحق الجحيم… أهذه معركة طلابية؟!" خرجت كلمات إيفان مخنوقة من هول المشهد.
لكن صدمته لم تدم طويلًا. قُطِعَت على الفور عندما قفز عدة أفراد من المدرجات نحو الساحة.
كان من المفترض أن يصطدموا بالدرع الحاجز، لكن…
عبروا خلاله بسلاسة، كما لو لم يكن موجودًا.
حاجز داخلي؟
حاجز يحبس من في الداخل، لكنه يسمح للآخرين بالدخول بحرية. بالمختصر سجن شفاف.
أغمض إيفان عينيه للحظة، ثم فتحهما مجددًا، متفحصًا المتسللين.
أربعة… ثلاثة فتيان وفتاة. أجسادهم مغطاة بوشوم سوداء تتلوى على جلودهم.
الأقرب إلى دانيال رفع يده ببطء…
حينها، وكأن صاعقة ضربت دماغه، أدرك إيفان على الفور ما كانوا ينوون فعله.
"ليلى!" صرخ محذرًا.
لكن…
عندما استدار بجانبه، لم يكن هناك أحد.
***
"يها الحقير، وإن كنت ابن ألستر، فقد تجاوزت الحدود!"صرخ شال، وشعره الأسود الطويل يضرب كتفيه، وعيناه السوداوان تشتعلان بالغضب.
الوشم الأسود الذي يلتف حول كفه كان يضيف تناسقًا غريبًا مع مظهره.
رفع يده إلى الأعلى، وانبثقت كرات سوداء متعددة من العدم، كأنها نجوم مظلمة.
"هاهاه… هوف!" لكن المفاجأة كانت في رد دانيال.
ضحك ضحكة متعبة، فارغة جوفاء.
أضاف برتابة وضرب بحدة: "تدعي القوة وأنت تعلم أنني في أسوأ حالاتي… مثير للشفقة."
"أنت!" لم يكمل كلماته، بل مد يده تجاه دانيال، ووريد ينبض على جبينه، نظراته الحادة تغوص في أعماق الرجل الجالس أمامه.
"وشش—!!" انطلقت الكرات بسرعة مدمرة، صوتها تردد في الهواء.
لم يلحظ حتى دانيال تحركها، فغمض عينيه في محاولة يائسة لتحمل الألم الذي يتوقعه.
"بام-!!"
"بام-!!"
"بام-!!"
كانت الصدمات في الأصوات أكثر مما كان يتوقع. وتفاجأ، بأنه لم يشعر بأي ألم.
صوت الاصطدامات كان حقيقيًا، لكنه لم يكن هو المستهدف.
"ها؟" فتح عينيه ببطء، فغطى ظل ضخم جسده الجالس.
"هاهاها..!" ضحكة مألوفة اجتاحت أذنيه.
رفرف شعرها الأبيض في الهواء، أعطته ظهرها، لم يرَ تعابير وجهها، لكنه كان يعلم جيدًا ماذا ستكون..تلك الابتسامة المتحمسة.
المهووسة فكر داخليًا.
"عديم الرجولة، محاولة ضرب شخص جريح لا يقوى على القتال."
هالة صفراء اشتعلت حولها، كأنها نار متوهجة عصفت حولها.
"قاتلني!"
*
"من أنتِ بحق الجحيم؟ !" قال الشاب ذو الشعر الأسود بانزعاج، نظراته الحادة كانت تراقب الفتاة أمامه.
أن تتصدى لهجومه بجسدها العاري؟!… راقبها بحذر أكبر.
رفع يده، فتشكلت فوقه عشرات الكرات السوداء، تطفو في الهواء، تهتز بطاقة قاتمة.
خلفه، تحرك شاب آخر، جسده عضلي، شعره بني قصير، ووشم غطى رقبته، بدا وكأنه أدرك هويتها، فصاح متحمسًا: "ليلى كاميلان!"
في اللحظة ذاتها، التوى جسده فجأة… بشرته تحولت إلى لون رمادي، عروقه انتفخت، وعضلاته اشتدت، ممزقة حدود لباسه الضيق..مظهرًا الوشم الذي امتد لكتفه.
"وشش-!!"
في ومضة، اندفع أمام ليلى مباشرة، يده ممدودة بقبضة فولاذية، لكمها بلا تردد!
لكنها لم تدافع… بل هاجمت أيضًا!
اصطدمت قبضتاهما بقوة.
"بومم-!!"
ضربة أخرى!
"بومم-!!"
ثم أخرى!
"بومم-!!"
كل لكمة تترك خلفها شرارات نارية، أجسادهم لم تعد تبدو بشرية… بل شفرات قاتلة تتصارع.
ضحكت ليلى بصوت عالٍ، عيناها تلمعان بجنون: "تبدو أكثر رجولة من صديقك البائس!"
"بومم-!!"
اهتز جسد الشاب الرمادي، تراجع خطوة للخلف…كان اول من يتراجع للخلف.
ضخك و الأخر، ناظرًا إلى الكدمة على قبضته قائلاً: "أتفق معكِ، يبدو فعلاً فاقدًا لرجولته."
لم ينتظر ردًا، وأطلق لكمة مفاجئة "بومم-!!"
"بومم-!!"
"بام-!!"
قبضاتهم بدأت تنزف، الدم لطخ أناملهم، لكن أياً منهما لم يتوقف.
قهقهت ليلى بجنون: "كياهاها! أعتقدت ذلك!"
فجأة، غيرت مسار قبضتها، لتسدد لكمة مباشرة إلى معدته!
"بامم-!!"
قُذف جسده بضعة أمتار للخلف، غرز قدميه بالأرض، وأنين مكتوم خرج من شفتيه وهو يثبت قدميه بقوة، مانع نفسه من السقوط.
"وشش-!!"
وفي اللحظة نفسها، عشرات الكرات السوداء غطت مجال رؤية ليلى.
عندما كانت تستعد للرد، انبثق صوت خافت…
[الدائرة الثالثة: بارييرا]
"وشش-!!"
من العدم، غطى حاجز دائري شفاف كلاً من دانيال وليلى، متشابكًا كحاجز صلب من الطاقة.
"بوم-!!"
"بام-!!"
"بومم-!!"
تلاطمت الكرات السوداء عليه كأمواجٍ هادرة، لكنها لم تخترقه.
من بعيد، وقف إيفان على حافة منحدر مدرجات الحضور، خطوة واحدة فقط… وسيسقط إلى ساحة المعركة.
"أوقفوا هذا الهراء!"
صوته اخترق الفوضى، حادً كحد السيف.
"القتال انتهى بالفعل، فما أنتم فاعلون؟!"
لكن في ذات اللحظة، الفتى والفتاة من حزب الأميرة، اللذان كانا يراقبان بصمت، مستعدين للركة—
قبل أن يقطع تفكيرهم صوت منخفض، لكنه غطى الكولوسيوم بأسره.
"كفى..!"
ثم—
“بوم-!!"
ضغطٌ طاغي اجتاح الساحة، الهواء ذاته قد ثقل، جثا الجميع تحت وطأته.
"هـ… ها..!" سقطت ليلى على ركبتيها، عيناها متوسعتان بالذهول، جسدها أرتعش من الضغط المفاجئ.
أما الآخرون، أولئك الذين تدخلوا في المعركة، فقد كانوا بنفس وضعها و أسوء، رُكَبهم تخورت، وعرقهم تصبب على وجوههم.
دانيال، الذي كان يقاوم، لم يستطع التحمل أكثر—
"بام-!!"
ارتخت قبضته، أفلت سيفه، وسقط على معدته..أنفاسه خافتة.
وحده إيفان، الذي لم يدخل الساحة، لم يشعر بشيء… على الأقل، هذا ما ظنه، إلى أن انسابت قطرة من العرق على خده.
شعر بها.
"هالة مرعبة كهذه…!" بلع ريقه.
لكن الأكثر رعبًا لم يكن قوته، بل تحكمه المذهل بها—
لو أطلقها بالكامل، لسقط جميع من في الكولوسيوم مغشيًا عليهم، أو انتهوا في وضع مشابه لليلى.
ببطء، صوته صدح عبر الصمت، يلفظ الأسماء واحدًا تلو الآخر:
"دانيال ألستر، أزيلاس ستارلينغ، ديميتري بلاكويل، نيكولاس كوينسي، ليلى كاميلان، إليسا فاندربيلت، أوغست فيتزجيرالد..إيفان فرايبورغ."
ثم، بنظرة مظلمة لا تقبل الجدل، نطق بالحكم—
"جميعكم معاقبون!"
*****
عيدكم مبارك