الفصل التاسع: أختبار القبول [3]
كان كايل يلهث، العرق يتصبب من جبينه بينما يقف عند طرف الجبل، أنفاسه متقطعة بعد الركض المستمر.
عيناه تتجولان في المكان بجنون، يبحث عن أي إشارة… أي علامة.
"بوووم!!"
اهتزت الأرض تحته، دوي الانفجارات وأصوات القتال المتلاحم كانت تقترب بسرعة.
كل ثانية تمضي تجعله أكثر توترًا. إما أن يجد الزنزانة الاصطناعية المخفية، أو سيخسر مكانه في الفصل S.
وفي أسوأ الأحوال… سيتعين عليه كشف قواه.
لكن كل قدراته تنتمي للجانب المظلم—الاغتيال، سيف الظلال—مهارات كفيلة بجعله موضع شك فوري إن انكشفت.
ركض مجددًا، قدماه تدوسان الصخور بينما يغير مساره باستمرار، عيناه تمشطان الجدار الحجري بلا توقف.
ثم لمحها—
علامة دائرية سوداء، بالكاد مرئية وسط الصخور المغبرة.
"وجدتها!! " صرخ، عينيه تلمعان بالحماس.
"ما—ماذا وجدت؟ " جاء صوت إيفلين من خلفه، نبرة مليئة بالملل، لكنها كانت تتبعه طوال الوقت رغم كل شيء.
التفت نحوها سريعًا: "إيفلين، ضعي إصبعك على الدائرة السوداء وضعي بصمة المانا الخاصة بك."
تنهدت بكسل، عينيها تتجهان نحو الدخان المتصاعد من ساحة المعركة القريبة. أصوات القتال تثيرها… لكنها كبحت رغبتها بالقوة. "أين يكن."
مدت سبابتها إلى منتصف الدائرة السوداء، وأطلقت نبضة مانا.
"وشش—!"
توهجت العلامة، وبدأ الجدار الحجري يتفكك ببطء، أحجاره تتراجع مثل قطع ميكانيكية معقدة، محدثة صوت "تيك-تيك-تيك-تيك! ".
خلف الجدار، كشف الظلام عن ممر طويل، خانق.
أشار كايل إلى الداخل: "ادخلي."
كانت إيفلين مترددة للحظة، لكنها قبضت على سيفها واستجمعت شجاعتها قبل أن تتقدم.
ما إن وضعت قدمها داخل الممر حتى همس كايل لها: "إيفلين، إذا أردت الفوز بسهولة، عليكِ اتباع تعليماتي دون نقاش."
هذه المرة، لم تجادله، بل اكتفت بإيماءة صامتة.
عندها، ابتسم كايل بخبث وأضاف: "أوه صحيح… لديكِ الحرية في استخدام فن عائلتك، لا يوجد مراقب هنا."
على الفور، اتسعت عيناها بالحماس، جسدها ارتعش بالإثارة قبل أن تندفع إلى الداخل بسرعة.
كال تابعها بنظرة باردة، ثم زفر بهدوء.
—لقد كانت كذبة.
***
في قاعة واسعة، اجتمع المعلمون في مقاعدهم المرتفعة.
يراقبون ساحة القتال حيث يخضع الطلاب لاختبار شامل يقيس مهاراتهم القتالية، تكتيكاتهم، وقدرتهم على التكيف تحت الضغط.
كان البروفيسور فيليب، أحد أقدم الأساتذة وأكثرهم خبرة، يداعب لحيته الكثيفة بينما يراقب بشغف.
"هذا الجيل مذهل بالفعل… الآن فهمت سبب تسميتهم بالجيل الذهبي."
لفتت معركة الثلاثي—دانيال، إيفان، وليلى—أنظار جميع الحاضرين. كل حركة منهم كانت سلسة، كل قرار كان محسوبًا بدقة.
"هل هم حقًا مجرد أطفال؟ " تساءل أحد المعلمين بدهشة.
في قلب الساحة، دانيال كان يقطع تعاويذ السحر التي تُلقى نحوه بسيفه، متحركًا بانسيابية تُظهر خبرته العالية.
في نفس اللحظة، قام بركلة سريعة استقرت في معدة ليلى، لكنها استغلت الضربة للارتداد للخلف والمراوغة.
بدون تردد، أطلق دانيال سيفه الطائر نحو إيفان، مستهدفًا نقطة ضعف مكشوفة.
بينما يكبح قبضة ليلى التي حاولت مهاجمته من الجانب، لينخرط معها في قتال مباشر باستخدام الفنون القتالية اليدوية.
كل حركة كانت تعكس سنوات من التدريب الشاق والانضباط الجاد.
"إنهم بالفعل نعمة عظيمة للإمبراطورية."
رنّ صوت بارد خلفهم، متزنًا لكنه محمل بهالة تفرض الاحترام.
"المدير أولفير؟! " اتسعت عينا فيليب بصدمة وهو يستدير.
لم يكن يتوقع حضوره شخصيًا.
عبر أولفير بيتركس من الباب المزخرف بشكل مبالغ فيه، وجوده وحده كان كافيًا لسحق جميع المعلمين بهالته المتفجرة.
كان رجلًا وسيمًا، يبدو في أواخر العشرينات، لكن الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك.
شعره الرمادي يرفرف مع كل خطوة، وعيناه البرتقاليتان الحادتان تخترقان كل شيء بنظرة تحليلية، كأنهما تران خلال كل شيء.
تحت فمه شامة صغيرة تزيد من جاذبيته، أما جسده فقد بدا كأنه منحوت على يد أمهر الحرفيين.
كان حضوره ساحرًا… لكنه في الوقت ذاته مرعب.
أحد أعمدة القارة—أولفير بيتركس.
رجل في ذروة المستوى الثامن، على أعتاب شبه المستوى التاسع. وحش بشري يتجاوز عمره المئة عام، ومع ذلك لم يظهر عليه أثر الزمن.
وقف في منتصف القاعة، عاقدًا حاجبيه قليلاً. "شعرت بشيء مثير للاهتمام… لذا قررت أن أتي بنفسي."
تبادل فيليب نظرات مشوشة مع بقية المعلمين، ثم سأل بحذر: "شعرت بشيء؟ بسببه وجودك كان ضروريًا؟"
أولفير ابتسم ابتسامة غامضة ولوّح بيده بلا مبالاة. "هاها، لا داعي للقلق، إنه مجرد أمر شخصي."
ثم فجأة، ظهرت أمامه شاشة سحرية متوهجة.
عينيه البرتقاليتان تابعتا الصورة الظاهرة على الشاشة، قبل أن يرفع زاوية شفتيه باهتمام.
في الشاشة، ظهرت فتاة تقاتل وسط قطيع من الذئاب الضارية. لم تكن تحاول النجاة… بل كانت تذبحهم بلا رحمة.
بومضة سيف، تحولت رقبة أحد الذئاب إلى قطع متناثرة.
"هيه… " أولفير ضحك بخفوت، قبل أن يغمغم لنفسه: "يبدو أنني سأوفي بوعدي أخيرًا… يا صديقي الراحل."
لكن عينيه سرعان ما تحولت إلى شيء آخر في الشاشة.
خلف الفتاة، كان هناك شاب يتحرك بصمت.
من يكون هذا الشاب؟
***
كان من المستحيل أن يكون هذا المكان خاليًا من المراقبة، وإلا كنت سأمسح آثارها بنفسي منذ البداية.
هذا ليس اختبارًا عاديًا… بل اختبار خفي تم تصميمه من قبل أولفير بيتركس ، أحد أعمدة الإمبراطورية وأحد أقوى وحوشها.
يحتل الترتيب الثالث في قائمة أقوى الشخصيات في الإمبراطورية، مكانته لم تكن مجرد لقب، بل حقيقة ترسخت عبر عقود من القوة المطلقة.
أما الترتيب الثاني ، فهو محجوز لشخصية أكثر غموضًا— البابا الأعلى لكنيسة الضوء ، خادم حاكمة الضوء، ريثا .
قوته ليست مجرد قوة قتالية، بل قوة روحية وسياسية تجعل حتى أقوى الفرسان يخشون غضبه.
أما المرتبة الأولى ، فهو مقعد مزدوج يحتله شخصان:
سيف القارة الحامي، درع الدفاع الأول، هوغو ألستر —رئيس عائلة ألستر ووالد دانيال.
والآخر هو إمبراطور الإمبراطورية المقدسة، سياف الضوء نفسه.
جميعهم في شبه المستوى التاسع —حافة العظمة المطلقة.
الفرق بين المستوى التاسع و شبه المستوى التاسع ليس مجرد فجوة… بل هو كالفارق بين السماء والأرض، وأشبه بالفرق بين المخلوقات الفانية والحكام.
لا يمكن للعقل البشري استيعابه.
لكن المدير أولفير لم يكن مجرد شخصية قوية… بل كان أيضًا صديقًا قديمًا لوالد إيفلين .
"هاهاهاها!!"
ضحكة مليئة بالإثارة دوّت في الهواء، تزامنت مع انقضاض شفرة سيف لامعة، لتقطع رأس ذئب ضخم بضربة واحدة، كما لو لم يكن شيئًا سوى دمية من القماش.
في اللحظة التالية، قفزت ثلاثة ذئاب أخرى ، كل واحد منهم بحجم عربة صغيرة .
البخار يتصاعد من أفواههم، عضلاتهم المشدودة تفيض بقوة وحشية.
لكن إيفلين لم تتراجع، بل على العكس—عيناها اشتعلتا بالحماسة.
—فن عائلة ريبالت—
~الأسلوب الثاني: قطع الذوات~
"وششش-!!"
مرّ سيفها كوميض برق، وفي ثانية واحدة، سقطت الجثث الثلاثة إلى الأرض، مشطورة إلى نصفين، الدماء تتطاير في كل اتجاه.
"فيووو!! هذا كان ممتعًا، كال!! " صرخت إيفلين بحماس، وهي تلوّح بسيفها المغطى بالدماء.
لكن كال لم يشاركها الحماسة، بل أشار إلى الأمام بعينيه الحادتين.
"لم ينتهِ الأمر بعد. انظري هناك."
استدارت إيفلين، لتجد بابًا ضخمًا يقف شامخًا في نهاية الطريق، هالة ثقيلة تحيط به.
"أوه؟ هل هذا هو زعيم البوابة؟"
"أجل."
"رائع! لنذهب!!"
دفعت الباب دون تردد.
"تششش!!"
"اه…!"
اندفع ضغط هواء كثيف بمجرد فتح البوابة.
في الداخل، كان الظلام يحيط بكل شيء، لكن في عمق الغرفة، ظهر كائن هائل الحجم.
ذئب بحجم شاحنة على الأقل ، مستلقي بهدوء على الأرض. كان جسده مغطى بندوب قديمة.
وأنفاسه بطيئة وثقيلة، لكنه لم يكن مجرد وحش عادي… بل كان سيد هذه البوابة الاصطناعية.
وفي اللحظة التي فُتِح فيها الباب…
فتح عينيه بحدة…!
حدق بهما مباشرة، وهالة ضغطت على الغرفة بأكملها.
لكن كال، الذي راقب المشهد بتركيز، أتخذ قرار بسرعة، "إيفلين، إنه في أضعف حالاته! لقد استيقظ لتوه!"
لم تتردد لحظة.
"حاضرر!!"
اندفعت بسرعة، قدماها تخترقان الأرض، قفزت برشاقة أمام الذئب الهائل، وسيفها يشتعل بهالة قاتلة.
—فن عائلة ريبالت—
***
نظر المدير أولفير إلى الشاشة أمامه، تأملها بنظرة تحمل مزيجًا من الاهتمام والحنين.
يراقب أفلين وهي تتقاتل مع الذئب الشرس، تتحرك برشاقة، تهاجم وتراوغ كأنها راقصة وسط العاصفة.
لكن ما لفت انتباهه أكثر لم يكن أسلوبها، بل الأوامر التي تتلقاها باستمرار—
[تقدمي، راوغي هجومه بعد أربع ثوانٍ.]
[تراجعي، استعدي للدفاع.]
[هاجمي حوض الذئب.]
[استهدفي يده المصابة.]
عيناه ضيقتا قليلاً وهو يركز على الشاب الذي يقف خلفها، ذاك الذي يراقب القتال ببرود.
يقرأ تحركات الذئب كما لو كانت كتابًا مفتوحًا، ويوجهها بعبارات مختصرة لكن حاسمة.
"ما هي علاقتهما؟"
بغض النظر عن قوة إيفلين، لم يكن من المنطقي أن تتقدم بهذه السرعة دون خطأ…خاصة ضد خصم بهذا المستوى. لكن تحت قيادته، لم تخطئ خطوة واحدة.
"لديه عقلية قيادية فذة…"
نبرة صوته حملت نغمة إعجاب نادرة.
كان من المؤسف أن تُدفن موهبة قيادية كهذه في الفصول السفلية…
لحظة صمت مرت قبل أن يقرر.
"بما أنه صديق جيد لإيفلين، فسأضعهم جميعًا في الفصل S."
لكن سؤالًا آخر تسلل إلى ذهنه.
"هل يعرف خلفيتها الحقيقية؟"
ابتسامة خفيفة ارتسمت على شفتيه.
"حسنًا… هذا شيء سأكتشفه مع الوقت."
***
-فن عائلة ألستر-
بضربة واحدة، انطلق سيف دانيال، يشق الهواء بخفة مرعبة، مستهدفًا ليلى مباشرة.
عيناها ضيقتا وهي تراقب الهجوم القاتل يقترب، لتتخذ قرارها على الفور.
-فن كاميلان العسكري-
~تغيّر الهيئة: الحصن العظيم~
رفعت ذراعيها في وضعية دفاعية، وجسدها كله أصبح أشبه حصن صلب، مستعد لتحمل أي صدمة قادمة.
لكن—!
"بومم-!!"
الهجوم لم يكن موجّهًا لها.
دانيال تخطّاها بالكامل، متجهًا نحو الهدف الحقيقي خلفها.
إيفان، الذي أدرك الموقف في اللحظة الأخيرة، استجمع كل قطرة مانا متبقية في جسده، وأطلق تعويذته النهائية.
[الدائرة الثالثة: النيزك الصغير]
"وششش-!!"
من العدم، تشكّلت دائرة سحرية ضخمة فوقه، بقطر خمسة عشر مترًا، انبثق منها حجر ناري هائل، اندفع بسرعة مذهلة نحو دانيال.
"بوفف-!!"
النيران التهمت الهواء، والحرارة جعلت الساحة تهتز.
لكن دانيال لم يتحرك.
لم يرمش حتى.
ثمانية أمتار — شدّ عضلاته.
ستة أمتار — عدّل وضعيته.
ثلاثة أمتار — رفع سيفه.
متر واحد…
~الأسلوب الثالث: قربان السيف~
"بوممممم-!!!!"
بضربة واحدة، انقسم النيزك إلى نصفين، وكأنما كان مجرد وهم.
"وشش-!!"
الرياح الناتجة عن الضربة كانت كافية لمسح آثار المعركة من حوله.
لكن أحد نصفي النيزك لم يختفِ—
بل واصل اندفاعه نحو ليلى، التي لم تملك وقتًا للرد.
"بوممم-!!"
ارتطم بها بقوة، ليطير جسدها بعيدًا، رغم أن أسلوب "الحصن العظيم " حماها من الضرر الفعلي، إلا أن الصدمة كانت كافية لإبعادها عن ساحة القتال.
"تبًا…!!"
إيفان، يلهث، يحدّق في دانيال القادم نحوه، خطواته ثابتة، نظراته لا ترحم.
"هل… هل خسرت؟"
لم يتبقَ لديه أي مانا، جوهره فارغ بالكامل.
عليه تقبّل مصيره.
إن استشعر السوار إصابة مميتة، سينقله تلقائيًا خارج الساحة، لن يكون هناك خطر حقيقي.
لكن الألم النفسي للخسارة…
-فن عائلة ألستر-
دانيال أغلق عينيه للحظة، ثم رفع سيفه.
~الأسلوب الأول: اختراق الحياد~
اندفع السيف بسرعة جنونية نحو إيفان—
لكن…
[الدائرة الثالثة: الجدار المقدس]
"وششش-!"
من العدم، ظهر جدار ذهبي متوهج، صادًا سيف دانيال بقوة ساحقة.
تراجع دانيال خطوة للخلف، حاجباه مرفوعان قليلاً، لم يكن يتوقع تدخّلًا مفاجئًا كهذا.
استدار سريعًا، وعيناه مسلّطتان على الفاعل.
كانت فتاة.
شعرها الأسود القصير يصل بالكاد إلى رقبتها، وعيناها العسلية تحدقان فيه بثبات.
ملامحها كانت هادئة، لكن النظرة التي تحملها لم تكن ودية.
دانيال لم يتذكّر رؤيتها من قبل، لم يسمع عنها أي شائعات، لا أحد بهذا المستوى كان مجهولًا بالنسبة له.
"من أنتِ؟" سأل، صوته يحمل مزيجًا من الفضول والحذر.
لم تتردد لحظة.
بنبرة ثابتة، نظرت إليه مباشرة وقالت:
"رام."
***
لوّحت بقوة، مصدّة مخلب الذئب العملاق المتشقّق بالجروح والإصابات العميقة.
"تراجعي..!"
بمجرد سماع الأمر، تراجعت خطوة والتقطت أنفاسها، لكن الذئب لم يمنحها لحظة للراحة. اندفع مباشرة نحوها، أنيابه اللامعة تتوهج في الظلام.
كانت على وشك المراوغة، فالفراغ خلفها كان يحدّها، والمواجهة وجهًا لوجه ستكون ضربًا من الحماقة.
لكن صوت كال أوقفها.
"إيفلين، عند اقترابه، اقفزي بأقصى ما لديك."
ألغت فكرة التهرب، لم يكن لديها أدنى شك الآن—كال لم يكن يرمي أوامر عشوائية.
كان يقرأ الموقف كما لو أنه يعرف بالضبط كيف سيتحرك الذئب.
كيف؟.
لم يكن لديها وقت للتفكير.
الذئب يقترب، الأرض تهتز تحت وطأة خطواته الضخمة، وصدى زئيره يشقّ المكان.
"غرررررر!!!"
قبل أن ينقضّ عليها، خففت تعزيز المانا عن أطرافها وركّزته بالكامل في ساقيها. بقفزة مذهلة، تخطّت الوحش العملاق.
"بوممم!!!"
الذئب، الذي لم يكن قادرًا على التوقف بسرعة، اصطدم بالجدار بكل قوته، محطّمًا بعض الحجارة بفعل الصدمة العنيفة.
“أفلين! هذه فرصتك!" نادى كال، واقفًا بالقرب من باب الزنزانة، مستعدًا للتدخل إذا ساءت الأمور.
هبطت إيفلين برشاقة، عززت جسدها بالكامل، وانطلقت كالسهم.
-فن عائلة ريبالت-
سرعتها كانت أشبه بوميض برق، وفي غمضة عين، وجدت نفسها فوق رقبة الذئب.
~الأسلوب الثالث: الطعن الرمحي~
دفعت سيفها إلى الأمام مثل رمح يخترق الهواء، مستهدفًة نقطة ضعفه—
"بوووممم!!!"
سحابة كثيفة من الغبار اجتاحت المكان، حاجبة الرؤية بالكامل.
عمّ الصمت.
كال، الذي كان يراقب من الخلف، عقد حاجبيه. "أفلين؟"
انتظر للحظة، ثم سمع سعالًا خفيفًا يخرج من وسط الغبار.
"هوف… كح… كح… هوف."
تدريجيًا، بدأت الرؤية تتضح، ليظهر المشهد أمامه.
إيفلين، واقفة وسط الدخان، تحاول التقاط أنفاسها، وسيفها مغروس عميقًا في عنق الذئب الميت.
نظرت إلى جسد الوحش الهائل، ثم إلى السيف، وعيناها متسعتان قليلًا.
"واو…!" تمتمت، تكاد لا تصدق أنها فعلتها.
اتجه كال نحوها، ابتسامة صغيرة ترتسم على شفتيه، ورفع يده نحوها.
"أنتي بارعة أكثر مما توقعت."
ارتبكت إيفلين قليلًا، ثم تبسمت بفخر، وسعلت. "أحم…"
لكنه لم يمنحها فرصة للرد.
"دييت-!!"
"دييت-!!"
قاطعهم صوت السوار اللحظة، وبدأ ضوءه الأرجواني بالوميض.
"ماذا؟ هل انتهى الاختبار بالفعل؟!"؟تساءل كال، لكن قبل أن يحصل على إجابة—
"وشش-!"
اختفى جسدا إيفلين وكال في لحظة، تاركين الزنزانة الاصطناعية تغرق في الظلام، وكأنهما لم يكونا هناك أبدًا.
***
"هاها… عدو آخر؟ لن يشكّل أي فرق."
ضحك دانيال بثقة، متجهًا بعيدًا عن إيفان الذي ظلّ واقفًا في مكانه، مصدومًا من عجزه.
لكن قبل أن يتقدم خطوة أخرى—
"كياهاهاهاها!"
ظهر ظلّ من العدم بسرعة خاطفة، وقبل أن يدرك دانيال ما يحدث—
"كيوغ-!!"
ركلة ساحقة أصابته في ضلوعه، لتُطيّره عدة أمتار، محطمًا عدّة أشجار خلفه، تاركًا وراءه سلسلة من الدمار.
تدحرج على الأرض قبل أن يثبّ نفسه، يلهث بصدمة. لم يكن يتوقع هذا على الإطلاق.
نهض بسرعة، وعيناه تتوجهان فورًا إلى المهاجم الجديد—
ليلى، واقفة بثقة، عيناها تلمعان بحماس واضح.
"تسك. " نقر دانيال لسانه بضيق.
كان خطأً كبيرًا افتراضه أن النيزك سيمنحها وقتًا أطول للعودة.
أدار معصميه، وشدّ قبضته، مستعدًا لاستئناف القتال—
لكن…
"بيب-!"
"بيب-!"
رنّ صوت السوار، متحولًا إلى اللون الأرجواني، مقاطعًا المواجهة قبل أن تبدأ.
توقف الجميع. للحظة، ظل دانيال صامتًا، قبل أن يتنهّد، بنبرة تحمل استياءً واضحًا.
"يوم حظكم."
ابتسمت ليلى، وكأنها لم تتأثر بوقف القتال المفاجئ. "يمكننا القتال في أي وقت."
أما رام، التي لا تزال متوترة بسبب تدخّلها غير المتوقع، فلم تقل شيئًا.
قبل أن يتمكن أحدهم من قول المزيد—
"وشش-!!"
اختفت أجسادهم جميعًا، تاركين المكان فارغًا كما لو أن المعركة لم تكن سوى سراب عابر.