بمقدار غلي إبريق الشاي تلاشى الدخان، التفت يزن لأخيه سائلا

" أين أنا و كيف وصلت هنا ؟......أنا لا أتذكر شيـــ........اه ما كل هذه الأموال هنا؟" قفز على البطاقات و راح يقبلها ويحضنها ويتمتم أنا غني أنا ثري

حاول مازن جاهدا التذكر ما كانوا يفعلون قبل وصولهم إلى هنا و ما قصة الثروة المرمية على الأرض، لكن عبثا فآخر شيئا يتذكره يعود لصباح هذا اليوم. و عندما تعب من ذلك أمر أخاه بإخفاء البطاقات و العودة إلى المدينة.

و ليس بعيدا عنهما كان هناك ظلان قد اختفيا داخل احدى الكهوف

"مهما كان الذي تريده مني فأنسى، أنا لن أخضع لك أو لأي كان...... الختم لن يحجزني للأبد"

" يا رجل ألم أخبرك سابقا أنه علينا التحدث ......لو توقفت فقط عن عنادك لما أضعنا كل هذا الوقت، اجلس و ابقى ساكنا"

بالطبع لم يكن يرغب في ذلك لكن لم يكن له الخيار، أخرج غريب إزميلا و بعض أدوات النقش و اقترب إلى الخوذة ليبدأ بالنقش عليها

"لا تضيع وقتك، فمهما حاولت فلن تتمكن من نزعه"

*طك طك طك*

صوت طرطقة بعدها سقطت الخوذة أرضا، رائحة كريهة عمت المكان فكان من الواضح أن الخوذة لم تنتزع منذ وقت طويل، وجه الجان كان أكثر سوادا و عليه بعض التقرحات و قد التصق الشعر المنسدل من جبهته على وجهه، ابتعد غريب خطوة ليخرج منديلا و بعض القارورات ،أفرغ محتواها كله مغرقا بها المنديل، ثم رماه على رأس الجان

"دعه على وجهك سيتشفى تقرحاتك خلال وقت قصير"

زاد استغراب الجان فالشاب حضر لكل شيء مسبقا كما أنه كان يخطط للأمر مسبقا

"من أنت، وماذا تريد؟" الصوت كان رقيقا وجميلا بدى مختلفا عن الصوت المخنوق من خلف القناع الذي تعود سماعه

"أنت تريد الاستماع ،هذا جيد.....أنا هنا لأتحدث عن أركنيا ساحرة الدمار،أجبني ماذا تعرف عنها ؟"

"ما يعرفه الجميع .....ساحرة من الجان جلبت الحرب و الدمار للممالك"

"من الجان ....أركنيا لم تكن يوما من الجان، أركنيا هي بشرية من مملكة ريشة الثلج المملكة الباردة كما يسميها البعض"

على الرغم من أن وجهه كان مغطى بالمنديل لكن لاحظ و بسهولة أنه فتح فمه متفاجئا،ابتسم وقال

" أركنيا لم تكن دائما ساحرة الظلام التي سمعنا عنها، لقد كانت سيدة فنون قتالية ،تبنتها عائلة نبيلة نظرا لمهارتها و اتقانها للكيمياء ،لكن فقدت قوتها بعد إصابة بالغة ضد أحد الخصوم ليتم بذلك نبذها من الطائفة و طردها

منكسرة الخاطر سافرت وحيدة حتى وصلت إلى مدينة المجد على حدود مملكة ريشة الجان، هناك قابلت شخصا غير حياتها، الباحث روشان ، أول من صنع الخواتم الفضائية كان وقتها مجرد باحث صغير بطموحاته الكبيرة هذا الرجل العادي الذي لم تكن لتنظر إليه في أيام قوتها ساعدها على الشفاء و صار شريكها في تطوير الكيمياء، ثم لاحقا زوجها و والدة ابنتها."

الجان كان يستمع من تحت المنديل و هو غير مصدق للأمر، فقاطعه

" أركنيا كانت بشرية و كانت لديها إبنة، كيف لم يسمع أحد بهذا من قبل؟و كيف علمت أنت بذلك؟"

أخرج غريب قنينة و فتحها ليخرج منها خيط دخاني، رفع المنديل قليلا تاركا الجان يستنشق الدخان

"هذا جزء من ذكريات أركنيا ، سيجيب على كل أسئلتك"

بعد استنشاقه للدخان كاد أن يغمى عليه في البداية ،لكن بعدها أخذت صور و أصوات تتشكل في رأسه ،فتح عينيه ليرى نفسه أمام سيدة سمراء جميلة و فتاة في غاية الظرافة

"أمي.....أمي هذه الأزهار من أجلك" رفعت الفتاة بيدها الصغيرتين وريدات بيضاء

"شكرا بنيتي إنها جميلة....." التقطت السيدة الورود و بعد لحظات تغير لونها إلى الرمادي و تبدأ في التفتت، أخفت الورود خلف ظهرها و صنعت ابتسامة على وجهها

"هلا ناديت لوالدك....." هرعت الصغيرة راكضتا لتعود مع والدها

"أركي ماذا هناك ؟" أرته الورود و قالت

" الوضع يزداد سوءا، أنا أفقد السيطرة بسبب قلة النوم، وإذا نمت ينتهي الأمر بتدمير كل ما حولي....أنا أخشى أن أؤذيكم"

كانت مرعوبة و عيونها اغرورقت بالدموع.

الجان لم يصدق ما يراه أهذه الذكريات عن أركنيا، هذه السيدة الضعيفة التي تبكي في حضن زوجها هي نفسها الوحش الذي تخشاه الممالك السبع بأسرها.

"أركي، تبكين و زوجك العبقري هنا.....( التفت لابنته و تابع) صغيرتي لقد حان وقت الكشف عن المفاجئة"

قفزت الطفلة فرحا وكأنها كانت متشوقتا لسماع هذه الكلمات بالذات أمسكت يد أمها وسحبتها إلى منزل صغير غير بعيد عن مسكنهم، نزلوا بضع درجات ليمشوا على رواق ضيق في نهايته غرفة واسعة كانت أرضيتها مغمورة بالمياه ، الرواق يمتد لوسط الغرفة حيث الجزء المرتفع عن المياه حيث كان هناك سرير فاخر جميل بلون أبيض ناصع الشراشف الوسائد و حتى الهيكل كله باللون الأبيض

"أمي إنها هدية ميلادك، أنا ساعدت أيضا" قفزت الطفلة وهي تصفق ،نظرتأركنيا لزوجها و قد غمرتها الدهشة

"ماذا هذا المكان و ما قصة السرير و المياه التي تغمر الغرفة"

"عزيزتي أركي، إنها غرفة نومك الجديدة، المياه ممزوجة بكرستال الجليد ، و هيكل السرير من عظام الماموث الشيطاني، أما الشراشف من خيوط فراشة الرياح، كلها مكونات تختم القوى الروحية "

" لكن عزيزي هذه الأشياء تكلف ثروة طائلة " ابتسم روشان

" و ما فائدة المال، إن لم تستطع رسمة البسمة على محبوبتي أركي"

دمعة سالت على وجنةأركنيا، و قد عجزت عن الكلام ، لكن إبنتها بدأت تئن و الدموع في عينها

"أمي لماذا تبكين ألم تعجبك الهدية؟........" عانقتها وقالت

"أوه صغيرتي، إنها دموع الفرح، الكبار يبكون أحيانا عندما يفرحون بشدة"

توقفت الصورة للحظة قبل أن يلمع وميض قوي ، لتظهر صورة أخرى في عقله للسرير الأبيض غير أنه لم يعد أبيضا بعد الآن فقد تحول إلى الرمادي.

2017/10/15 · 1,082 مشاهدة · 849 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2025