دخان الذكريات لم يحمل معه صورا عن الماضي بل حمل كل المشاعر و الأحاسيس التي حدثت، جان الظلام كان يئن محاولا إخفاء دموعه تحت الغطاء. أركنيا تغيرت بعد الحادثة وذلك الوشم تسبب في جنونها.
(إنه يبكي هو أرق مما اعتقدت، فكر غريب)
في هذا الوقت كان غريب منغمسا بفك التعاويذ الموجودة على الخوذة، التعاويذ كانت في الجهة الداخلية وجزء منها كان مكتوب بلغة قديمة، لم يستطع غريب فكها بل لم يتمكن حتى من معرفة أي لغة كانت
"لقد شعرت بكل شيء بحزنها، بخوفها بغضبها و حتى جنونها، عندما رفضت تصديق أن عائلتها ماتوا على يديها ...."صوته اللطيف كان يظهر مدى تعاطفه مع أركنيا
"لكن من الذكريات فإن أركنيا كانت مقاتلة و لم تكن ساحرة، ......أتستطيع أن تفسر لي سبب تغير لون بشرتي و تحولي لجان الظلام؟"
"تحولك إلى جان الظلام هذا أسخف شيء سمعته، جان الظلام كانوا موجودين منذ مئات السنين قبل ظهور أركنيا، لقد كانو فرعا من جان الغابة و يعرفون بجان الكهوف ، بشرتهم السمراء و شعورهم الفضية هي صفتهم منذ الولادة، و لا يزالوا موجودين حتى الآن"
اهتز الجان في مكانه غير مصدقا لكلمات غريب
" جان الظلام موجودون في وقتنا الحالي ! مستحيل كيف يعقل هذا؟"
"بالطبع موجودين، و للأسف بسبب خرافة أنهم أتباع أركنيا و لون بشرتهم بسبب طقوس السحر الأسود فهم غير قادرين على إظهار أنفسهم للملأ " تحدث و الإنزعاج باد عليه
" و ماذا عني، تغير لوني و قوتي المدمرة التي لا تشبه قوة الجان ،طاقة الرياح؟ " تساءل الجان
"أنت نصف جان ونصف بشري،أليس كذلك"
"كيف عرفت ذلك؟"
" هذا يفسر كل شيء، الأمر في غاية البساطة أن تعرف الفرق بين مركز طاقة الجان و البشر"
"البشر يوسعون مركز طاقتهم لتخزين أكبر كمية ممكنة، وكلما خزنوا أكثر ارتفعوا في المستوى أكثر، أما الجان فمركز طاقتهم يمتص الطاقة الخارجية ليحولها إلى قوة هجومية أو دفاعية"
" لذلك أنا أقول أن الأمر في غاية البساطة ،أنت ورثت شكل وجسد الجان( نظر إلى جسده البدين و اضاف) تقريبا، لكنك ورثت طاقة الضوء النادرة من نصفك البشري، و كون جسدك يستمر في امتصاص ضوء الشمس الذي هو أساس طاقة الضوء ،تغير لون بشرتك .......لقد حصلت على سمرة بسبب الشمس"
تحت المنديل فم الجان المفتوح لم يغلق ، فكر غريب بنزع المنديل لرؤية ملامحه المرسومة على وجهه، لكنه تراجع عندما تذكر كل تلك الأدوية الغالية، إضافة أنها لم تكن فقط مواد علاجية كما اخبره فالهدف الحقيقي من المنديل هو التخلص من الوشم الذي حفر في وجهه بسبب النقوش في الجهة الداخلية للخوذة.
" سمرة، أنا اكتسبت سمرة بسبب الشمس.....أتسخر مني أتعرف كم عانيت في حياتي، عشيرتي تخلت عني ، المدة التي قضيتها سجينا معزولا و بعد هروبي ، بقيت وحيدا في الغابات و الجبال، كل ليلة استيقظ مرعوبا بسبب كوابيس تحولي إلى الوحش المدعو أركنيا.....كل ذلك الخوف و الوحدة كل ذلك الألم .... وأنت تقول لي أنها مجرد سمرة" اختنق صوته بالبكاء رثاءا على نفسه
تنهد غريب و لم يعرف كيف يخفف عنه لذلك قال مازحا
"أنت تعرف الحقيقة الآن ، و إن سيطرت على قوتك فبشرتك ستصبح أفتح و ستتخلص من وزنك الزائد"
"حقا....هل بدانتي هي أحد الأعراض طاقة الضوء؟ " صوته الحزين تغير إلى بهجة في لحظة، و على الرغم أن غريب كان يمزح لكنه بسماع صوته الفرح لم يستطع التراجع عن مزحته
" بالطبع عليك إتباع حمية، و أن تتعلم السيطرة على قوتك ( كان غريب لا يزال يحمل الخوذة في يده و يحول فك طلاسمها)
.... أوه هذه تعويذة لنزع الدرع عن جسدك" قرأ بعض الكلمات بلغة الجان
"توقف لا يمكن أن تزيل درعي......" صرخ الجان بقوة
*طاك طاك*
سقط الدرع الملتصق بجسده على الأرض ليظهر لباس أبيض رقيق يغطي المنحنيات على صدر الجان ،دام الصمت لثوان قبل أن ببدأ الجان في الصراخ
"آه.... استدر بسرعة أيها المنحرف" على الرغم أن وجهها كان تحت المنديل لكن كانت تسطيع أن ترى و لو بشكل غير واضح خيال غريب الواقفأمامها، أذنها الطويلة الوحيدة الظهرة من تحت المنديل كانت حمراء من شدة خجلها.
استدار غريب و راح يشرح
"لم يخطر في بالي أنك فتاة، الشعر الطويل هو ميزة الجان والدرع كان يخفي صدرك تماما و ...."
" هل توقفت عن ذكر صدري في حديثك" صاحت مضطربة فهي لا تزال غير قادرة على الحركة بسبب التعويذة
"أنا فقط لم أرى فتاة جان من قبل بصدر كبير..... يبدو أنها ميزة بشرية أخرى ورثتها"
" قلت توقف عن ذكر صدري و حررني من هذه اللعنة" اضطرابها زاد و هي عاجزة عن تغطية نفسها، و فورا صاح غريب و وجهه في الجهة الأخرى
"تحرير....بامكانك نزع المنديل الآن ، في نهاية الكهف هناك ينبوع (أخرج من خاتمه بعض الملابس) هذه ملابس رجالية لكنها نظيفة " وخرج فارا قبل أن تبدأ الصراخ ، من شدة توتره تعثر و كاد يسقط.