وقف غريب لمدة طويلة منتظرا خروجها من الكهف، لكنها لم تخرج ، و عندما ضاق الحال به دخل و هو يكح
" احم... الم تنتهي بعد، من الاستحمام؟"
كانت واقفة وجهها قد شفي تماما عيونها الخضراء الكبير و شعرها المبلل الأشقر مع سمرتها أعطت مزيجا جميلا ،كانت قد ارتدت ملابسه التي تركها، لكن القميص كان ضيقا عليها و صغيرا لذلك استمرت في جذبه للاسفل.
" أنه صغير بعض الشيء، أشعر بالحرج......." توقف غريب عن التحديق ثم تذكر شيئا، أخرج صفارة من خاتمه الفضائي لينفخ فيها لكن لم يخرج أي صوت ثم عاد و أخفى الصفارة
"ربما يجدر بنا المبيت هنا وغدا سنمر على المدينة و نشتري لك بعض الملابس الجديدة"
عيونها أشرقت و الحماس بادي عليها
"حقا ستشتري لي ملابس جديدة ، هناك ثوب أريده لقد كان أزرقا سماويا و عليه زخارف جميلة"
استغرب غريب من ردة فعلها لكنه خمن أنها في النهاية مجرد فتاة ، عانت كثيرا في الماضي
" سأشتريه لك إعتبريه اعتذارا لرؤيتك في ذلك الوضع"
"قلت لك أن لا تذكر الأمر ثانية"، وضربت الأرض بقدمها غاضبة
"أنا جائع، ألا ترغبين في تناول الطعام؟" حاول تغيير الموضوع تفاديا لغضبها
إختفت ملامح الغضب و أومأت بالإيجاب ،(انها تهدأ بسرعة ما تغضب، فكر غريب)
"أنا لا أحسن الطبخ، كنت أقوم بشوي بعض الوحوش باستخدام طاقة الضوء، لكن بدون درعي فأنا عاجزة على تجميع الطاقة"
فكر غريب قليلا في كلامها، هي عاجزة عن التجميع إذا، من أعطاه الدرع كان يعرف ذلك و بالرغم من هذا....حدق بها ثم صاح
"هل قلتي للتو أنك تشوين اللحم باستخدام طاقتك، هل أنت مجنونة، العناصر المشكلة لا تستخدم بهذه الطريقة"
"و ما الخطأ في ذلك، هذا أسرع من إشعال النيران كما أن النار....تخرج عن السيطرة و تحرق كل شيء و ....تجذب... الوحوش"
كاد غريب أن يغمى عليه، وهو يسمع تفسيرها المجنون، أهذه فعلا جان الظلام صاحب مكافئة المئة مليون رياشي، لو علموا بدرجة سذاجتها لانتحروا من الإحراج لأنها ظنوا أنها تشكل خطرا على الممالك السبع .
" إنه ليس ذنب النار، إن لم تستطيعي السيطرة عليها،.....لنفترض أن أحدهم يمتلك تشكيل الماء، فهل يجدر به شرب مائه إذا عطش،.....ما يحيرني كيف لم تشعري بأي آلام أو توعك بعد أن قمت بتناول طاقتك"
نظرت إليه و هي لا تفهم سبب غضبه
" بما أنك ذكرت الأمر فأحيانا كنت أشعر بالصداع و ألم المعدة بعد الوجبة.....و لكن ( وبتعبير حازم و جدي) أهناك من يمتلك عنصر الماء لم يسبق أن رأيت واحدا رغم أنني قاتلت الكثيرين، إنه مجرد ماء كيف يمكن استخدامه في القتال"
غريب الشاب الهادئ تحت كل الظروف كان غاضبا بشكل كبير حتى ظهرت العروق على وجهه ، لأول مرة يفقد أعصابه
"أنت تركزين على المسائل الخاطئة هنا، يجدر بك التفكير في ألم بطنك و ليس في الهجوم المائي، ألا تعلمين أن الطاقة المشكلة سواءا الحيوان أو النبات، تكون خطيرة بسبب نسبة الشوائب العالية فيها، ولذلك يجب تنقيتها أولا، و طاقة البشر ليست للأكل إنها مسمومة بالكامل"
"لكنني شويت بها اللحم و لم أكلها مباشرة" تحدث و هي غير مقتنعة بحديثه
"إنه نفس الشيء أيتها الحمقاء، طاقتك ستبقى في اللحم ،ستؤذين نفسك و يمكن أن تموتي حتى" صرخ بها ثانية
"غريب...........؟"
"أنا لم أخبرك بإسمي فكيف عرفته؟"
"هل اسمك غريب، .....إسمي هو أسينا. ... أنا فقط استغربت الأمر على الرغم أنك تصيح بي لكني لا أشعر بالإنزعاج، على العكس إنه شعور جميل أن يوبخك أحد ما خوفا عليك، يمكنك أن توبخني متى شئت" ابتسامة جميلة رسمت على شفتيها
جعلت غريب محتارا فيما يقول
"هل طلبت مني للتو أن أوبخك ثانية، هل هذا يعني أنك ستتوقفين أم لا "
تنهد غريب و شعر أنه فقط ازداد جوعا، بنقاشه العقيم معها و لم يستطع حتى معرفة إذا اقتنعت بكلامه أم لا
(يقولون لا يجدر بك مجادلة امرأة، و يقولون لا يجدر لك مجادلة أحمق، فماذا يمكنكم القول إذا عن مجادلة امرأة حمقاء، )
صرخ غريب بكل هذا .......في عقله و لم يجرؤ على قول ذلك علنا
شعوره بالهزيمة يقهره ، وعناده لا يسمح له بتقبل الخسارة خطرت في باله فكرة "هي هي هي هي "،أ طلق ضحكة شريرة
"سأطبخ بعض الطعام لنفسي، أنت يمكنك شويه إن أردتي، آه تذكرت السموم يمكن أن تسبب زيادة في الوزن"
كلمة زيادة وزن لها وقعها على أسينا،فقد قفزت بمجرد سماعها
"بالطبع أنا لم أكن لأشوي أي شيء بعد أن حذرتني، إضافة أنني سبق و أخبرتك أنني عاجزة تماما بدون الدرع لذلك أرجوا أن تحسب حسابي معك في الطعام " ضمت كفيها متوسلة و حدقت به بعيون كبيرة دامعة.
توسلها ذكره بالصغيرة ياسمين كانت تفعل نفس الشيء عندما ترغب في شيء ما، و ذلك لم يترك سوى حرقة في صدره
" إن لم تستمري في معارضتي، فسأحسب حسابك، عليك فقط الخروج و اصطياد بعض الوحوش" و قام برمي القوس الذي سرقه منها سابقا، أمسكت القوس لكنها لم تتحرك من مكانها
"أنا لست بارعة في القوس و السهام، أنت لاحظت ذلك في قتالنا السابق"
بالطبع لاحظ غريب الأمر بل ذلك كان جزءا من خطته لأسرها، لكنه اعتقد أنها الأمر يتعلق بشكل الدرع الدائري الضخم الذي كان يعيقها عن رمي السهام بشكل دقيق، فببساطة كانت ترتدي برميلا
"هل أنت فعلا من الجان أم أن تلك الآذان على رأسك مزيفة، كيف يعقل أنك لا تجيدين الرماية، إنها تأتي بالفطرة لدى شعبك"
"بالطبع أجيد الرماية حتى أني أستطيع إصابة عين الطير في السماء( تحدث بكل زهو)، لكن المشكلة أنني لا استطيع إبقاء السهم على خيط القوس"
حملت القوس بيدها و وضعت سهما على القوس و بمجرد أن سحبت الخيط أوقعت السهم أرضا، و استمر الحال لبعض الوقت في كل مرة توقع السهم تكرارا و مرارا ، أخيرا سحبت الخيط و السهم ما زال على القوس و بكل ثقة قالت
" سوف ترى مهارتي في الرماية الآن" و على تلك الوضعية خرجت ببطء حتى لا تسقط السهم من يدها و بذكر لباسها الرجالي القصير، شكلها و تصرفاتها جعلت غريب ينفجر ضاحكا حتى دمعت عيناه، تلك ضحكته الأولى منذ وفاة ياسمين.
---------------------
أنا أنهيت الفصل أبكر من المتوقع، و بصراحة لقد استمتعت كثيرا و انا أكتب هذا الفصل و أتمنى أن تستمتعوا بقراءته أنتم أيضا......