بعد وقت قصير عادت أسينا و في يدها أرنب بني ضخم، و علامة الفخر و الزهو بادية عليها

"أرأيت ، لم أحتج لأكثر من سهم."

ابتسم غريب و أخذ الفريسة من يدها

" سأصنع لك سلاحا مناسبا، لمهارتك الفذة في الرماية" لمعت عينا أسينا فرحا

" حقا ،سأحصل على قوس آلي لطالما رغبت في واحد، بهذه الطريقة لن يسخر أحد مني، كما فعل ذلك القبيح الذي كان معك"

" لا لن يكون قوسا آليا، سيكون شيئا مختلفا لم يسبق أن رأيت مثله، كما أنه سيساعدك في السيطرة على طاقة الضوء لديك، فأنت لن تستخدم ذلك الدرع ثانية"

" السلاح الجديد،هل يحتاج إلى طاقة الحياة ليعمل" القلق بادي عليها

"إذن كنت تعرفين ذلك" من ملامحها بدى أنها لا ترغب في الحديث عن الدرع و كيف حصلت عليه ، لذلك اكتفى بطمأنتها

"لا تستهيني بي يا فتاة، أنا الأبرع في صناعة الأسلحة، ما سأمنحه لك سيكون سابقة تتحدث عنه المماليك السبع للمئة السنة القادمة"

كلماته الواثقة و صوته الهادئ يبعث بالطمأنينة لكن حياة أسينا الصعبة جعلتها تشعر بالقلق، بالرغم من معاملة غريب الجيد لها، لكنها لا تزال تملك بعض الشكوك

"ما المقابل، أحضرتني إلى هنا ،أريتني قصة أركنيا و حقيقة جان الظلام و حقيقة قوتي , و وعدتني بالملابس و السلاح فما المقابل"

كان غريب قد حضر كل ما يحتاج للطبخ، وبدون تأخير سلخ الأرنب الشيطاني و بدأ في تقطيعه لكن ذلك لم يلهه عن الإجابة

" معدن الدرع الأسود ، هو معدن جاء من بعد آخر و لا توجد قطعة أخرى منه في كامل الممالك السبع، وأنا في حاجة إليه ، أنا لا أملك المال الآن لكن ما سأمنحك إياه إن رافقتني سيكون أكثر قيمة من أي مال.

و أيضا لم أكن لأسمح بتكرير قصة أركنيا ثانية، هذا العالم العفن إن كنت ضعيفا فأنت حشرة و إن كنت تملك قوة لا يستطعون فهمها فأنت وحش يجب التخلص منه.

هدفي الوحيد هو إعلامك بحقيقتك أنت الوحيدة التي تملك حق تقرير مصيرها و ما ستصبحين في المستقبل، حتى لو أردت أن تصبحي وحشا فعلى ذلك أن يكون بإختيارك، وليس بسبب خرافة إبتدعوها منذ مئات السنين ليداروا بها على جرائمهم ومن ثم صدقوها"

أسينا كانت تستمع بعناية، هي تعرف أنه صادق، فهي كانت تحت سيطرة ختمه لو هدف لاستغلال قوتها أو الحصول على الدرع بلا مقابل فمن باستطاعته منعه.

"أنت لا تملك المال، لقد رأيتك ترمي ستة بطاقات ذهبية و كأنها لا شيء، و الآن ترغب في أخذ الدرع الذي معدنه لا توجد قطعة أخرى منه في الممالك السبع، مقابل سلاح لم تصنعه بعد، كان عليك دفع تلك الأموال لي أتعرف الملابس التي أستطيع شراءها بستين مليون"

عادت العروق لتظهر على جبينه من الغضب وفي يده سكين ملطخ بدماء الأرنب

"أنت فعلا تركزين على المسائل الخاطئة ،لم تهتمي سوى بالجزء الخاص بالمال، أنت ناكرة للجميل، ذلك الدرع كان يستزف حياتك و كنت ستبقين ملتصقة به حتى وفاتك "

"أنت قلت أنه معدن قيم ،حتى أنك لم تستطع إبقاء يديك بعيدا عني و قمت بنزعه عن جسدي، بعد كل ما فعلته بي ترفض تعويضي" و راحت تمسح دموعها المصطنعة

(لا يجدر بك مجادلة إمرأة ، اللعنة ذلك الراوي الأحمق كان محقا، أقسم أنه سيدفع المال مقابل رؤيتي على هذه الحال) فكر غريب قبل أن يستعيد هدوءه

" قبل ذكر المال كنت تصرخين علي بأن أنسى ما حدث، لكن الآن تحاولين استغلال الأمر. على كل هذا لا يغير شيئا ، سبق و أخبرتك ما ستحصلين عليه سيكون أعلى قيمة حتى من عشرة دروع"

مسحت أسينا دموعها المزيفة و ابتسمت و هي تعرف ،أنها حصلت على مبتغاها

"إذا عليك الإعتناء بي من الآن وصاعدا ، بالنسبة للطعام كم علينا الانتظار بعد؟"

فكر غريب في الوضع ، فتقنيا هو قد أنقذت حياتها لكن بطريقة ما، هو يشعر أنه صار تابعا لها، و ليس العكس لكنه لم يهتم ففي النهاية الأمر لديه إحساس بأنها ستكون خير حليف مستقبلا

" لقد انتهيت تقريبا ......"

اخرج غريب ثلاث أطباق و وضع على كل طبق قطعة لحم و عليها صلصة حمراء مليئة بأعشاب مختلفة، رائحة الطعام الشهي ملأت الكهف، أسينا بالكاد سيطرت على لعابها، استغربت وجود طبق ثالث لكنها لم تقل شيء فقط قامت بقضم قطعة اللحم، كانت هذه أول وجبة محترمة تحصل عليها منذ سنين

قال غريب " الطبخ شيء مهم في حياتنا، فالطعام ليس فقط لسد الجوع فالطعام هو ..." قاطعته أسينا

"الطعام ذكريات، ذكريات للحظات الجميلة مع من نحبهم ،...إنه نفس الطعم،.......إنه الطبق الذي إعتاد أبي صنعه لي"

أخذت قضمة أخرى و مع كل واحدة كانت دموعها تنهمر، وذكريات عن أيامها الهادئة مع والدها و التي لم تفكر فيها منذ سنوات عادت إليها

"قد تكون صدفة غريبة لكن منذ 10 سنوات تقريبا علمني أحدهم هذه الوصفة مقابل كتاب حكايا الأطفال ممزق الغلاف، أيعقل أنه كان..." قاطعته أسينا ثانية

"كتاب ممزق الغلاف إنه هو، لقد كان أبي ذلك كان.... آخر هدية منه ، قبل ...(اختنقت آخر كلمة وسط الدموع) وفاته"

حاول غريب التخفيف عنها لكن لم يعرف كيف ،لكنها سرعان ما بدأت في الابتسام

" تمنيت طويلا أن أتذوق هذا الطبق ثانية،و أنت حققت لي هذه الأمنية.... ( شكرا لكل شيء قمت به من أجلي) " تمتمت بآخر جملة كي لا يسمعها

أرادت أن تسأل عن كيف التقى بوالدها، لكنها تفاجأت بوجود وحش باري يأكل من الطبق الثالث ، كان جميل الشكل مقارنة بمطيات الباري التي تعودت رؤيتها، و عليه خط ذهبي يمتد من رأسه حتى ظهره، بدون شعور مدت يدها لتربت عليه

"أبعدي يدك عني أيتها البشرية الجانية الضوئية الظلامية الحمقاء البدينة"

قفزت أسينا من الخوف لتصرخ متلعثمتا

"هذا البابا.....باري تكلم، تكلم بلغة البشر....."

2017/10/22 · 997 مشاهدة · 875 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2025