صباح هذا اليوم (غريب) اجتمع مع السيد (ساجاي) والد (ميرنا) على إنفراد، لتتفاجئ لاحقا من أبيها و هو يطلب منها أن تصحب (غريب) في جولة.
في وسط المدينة ، و بعد أن زار (غريب) رفقة (ميرنا) عدة أماكن و تناولوا الغداء في أحد المطاعم و تفقدوا عدة متاجر بادر (غريب) بالسؤال
" آنستي، هل تستطيعين إخباري أين هم سكان المدينة"
" عفوا ، ما ذا تعني بأين هم السكان و هؤلاء الناس من حولنا ماذا يكونون؟"
" عبيد، إنهم ليسوا من أشباه البشر لكنهم عبيد أيضا، التجار و الأشخاص من المطعم ، و حتى الأطفال هناك الذين يلعبون في الساحة كلهم من العبيد، و وفقا لقوانين مملكة ريشة القمر ،العبيد لا يمتلكون أي حقوق و لا يعتبرون من السكان؟"
" ها............ ما الذي تهذي به، إنهم سكان المدينة، و لا يوجد بشري عادي كعبد في المملكة"
تنهد (غريب) ، ثم رفع أصبعه باتجاه المطعم الذي كانوا فيه منذ قليل
" الأشخاص الذين كانوا في المطعم ، جميعهم لم يقوموا بطلب أي طبق مرتفع الثمن، و اكتفوا بالسلطة أو الحساء وبعضهم كان يسرق الخبز خفية، و أيضا لا أحد منهم إشترى أي غرض من المتاجر التي تفقدناها"
عيون (ميرنا) كانت تحدق بالمارة ، و لم تقتنع تماما بكلامه ليشير (غريب) إلى مجموعة الأطفال و يقول
" سأعد إلى العشرة، و بعدها الأطفال الذين يلعبون هناك سينتقلون إلى آخر الشارع، إمرأتان أو ثلاثة سيدخلون لمحل القماش و يحاولن مساومة البائع ، لكنهن لن يشترين شيئا، شاب و فتاة ممسكان بيدي بعضهما سيمرون من أمامنا
واحد.........اثنان...........ثلاثة........................................ عشرة"
أمام عيون (ميرنا) مما لا يدع مجالا للشك ، دخلت إمرأتان إلى محل القماش، انتقل الأطفال لآخر الشارع و شاب و فتاة مرا من أمامهما .
" ما معنى هذا، هذا أمر غير منطقي ؟ ، أهي خدعة .... هل تحاول خداعي، ماذا عن العامة الذين اقتحموا قاعة الحفلات بالأمس"
" كلهم من خارج العاصمة ، قمت بدعوتهم مسبقا بعد أن زورت الدعوات، إن لم تصدقيني فماذا عن معهد الفنون القتالية ، هل التحق طلاب من العامة بمعهدكم هذه السنة"
" بعد الزلزال الكبير منذ سنتين، إنهار جزء كبير من المعهد، و الجزء الذي تم إصلاحه لا يكفي لكل المنتسبين، لذلك تم تحويل إحدى المدارس إلى معهد فنون القتالية "
" حولوا المدارس إلى معاهد.... ها ها ها .........يا لها من نكتة، ما أكرم النبلاء ، على الأغلب دفعوا مالا من جيوبهم لبناء هذا المعهد لأجل مصلحة متدربي القتال من عامة الشعب.............. (ميرنا) لا يوجد معهد غير الموجود في العاصمة .
التجار و ميسوري الحال من العامة فروا إلى المدن الداخلية بعيدا عن العاصمة بسبب الاضطهاد و عرقلة أعمالهم التجارية، أما الفقراء لم يجدوا حتى الطعام و لذلك كما ترين باعوا أنفسهم كعبيد للنبلاء، و الذين ابتكروا هذه التمثيلية، للحفاظ على المظهر العام أمام الزوار و التجار من باقي الممالك، هذه هي حقيقة مملكة ريشة القمر "
(ميرنا) صعقت تماما بسماعها هذا الكلام، حتى إنها لم تجد ما تقوله ، حتى و إن كانت لم تهتم بالسياسة يوما و ركزت كل وقتها و جهدها في التدريب فكيف يعقل أن تتجاهل الأمر، بمجرد أن اكتشفت الأمر عقلها صار يراقب و يلاحظ ، لتكتشف المزيد و المزيد من الخدع التي كانت تحدث أمام عينيها طوال سنين، لكن الأسوء من كل هذا هي أنها أدركت الخطر الحقيقي القادم
( طيلة سنوات لم يتخرج من المعهد سوى عدد قليل، لو حدث شيء في المستقبل، فمن سيحمي المملكة)
" حسنا ، هذا القدر يكفي اليوم ، لقد تأخر الوقت سأعيدك لمنزلك، و سنكمل حديثنا في وقت لاحق"
واصلا الاثنان السير و بعد وقت قصير من خروجهم من السوق ، شعر (غريب) بالدوار وضع السبابة و الوسطى على رقبته ليتحسس النبض لتتغير ملامح وجهه، ويلتفت إلى (ميرنا) التي وجدها مغميا عليها
" اللعنة..... لقد تم تخديرنا.....المطعم ...... لقد خدرونا..." ليقع مغما عليه.
---------------
اقتحم ( تاراك) الفتى اللص الذي وظفه (غريب) ،فرع نقابة المرتزقة الذي فتح مؤخرا في مملكة ريشة القمر كالمجنون ليبادر بالكلام
" أحد الأطفال رأى رجلان بعباءات سوداء يحملان شابا و فتاة بشعر أحمر ليختفيا في الغابة إنهما السيدة (ميرنا) و السيد (غريب)"
(أسينا) تجمدت في مكانها ،(غريب) ركيزتها، الرجل القوي الذكي الذي يعرف كل شيء، و الذي أخرجها من عالم الظلام و الوحدة و منحها حياة جديدة قد لا تراه ثانية
" مستحيل، اليد التي ستمتد على (غريب) سأقطعها"
" هو بخير بيني و بين سيدي رابط خاص ........ بف بف بف ..........هو يطلب منكم الانتظار" صوت سفاري صدر مباشرة من عقلها ، لتلتفت حولها سفاري لم يكن هنا ، لذلك فاجأها الأمر.
أما الراوي و (آريا ) جلسا بكل أريحية على طاولة الطعام ، قال (شادو) و هو يحاول بلع طعامه
"إنه في احد مراكز صائدي العبيد عند أطراف الغابة، كل شيء على ما يرام ما دام طلب منا الانتظار و عدم التدخل"
لكن (أسينا) هبت فيهم غاضبة
" كيف تتناولان الطعام بكل هدوء و (غريب) في الأسر ، أول ما سيفعله المختطفون هو أن يأخذوا خاتمه منه ،....... (غريب) بلا أسلحته لا يملك أملا بالنجاة"
" اللعنة........... (صرخت آريا) سفاري يتحدث معنا عن طريق التخاطر، لا يحدث ذلك إلا عندما......." ثم همست لـ(شادو) بكلمات جعلته يفتح فمه حتى أن الطعام سقط منه ليصيح
" (مازن) (يزن)، بسرعة أحضروا أسلحتكم و تعالوا معي......... لدينا مهمة إنقاذ"
بينما ذهب (يزن) لإحضار العربة راح (شادو) يشرح المهمة
" إنهم مجموعة من الصائدين، سيد واحد و بضع متمرسين علينا الوصول إلى هناك قبل فوات الأوان"
التفت (مازن) لـ(آريا ) وسألها
" ما الذي يحدث، هل حقا تم اختطاف النبيل الذي كان معكم في المزاد"
" او........ بخصوص ذلك، نحن ذاهبون لإنقاذ المختطفين من (غريب )....... .أرجوا أن لا يتعكر مزاجه و إلا سيفوت الأوان"، ركز (مازن) على كلامها ليسألها ثانية
" عفوا ماذا قلتي للتو ."