رواية الملك

بسط (هوك) جناحيه و رفرف بهما ليحلق عاليا بضع أمتار قبل أن يشد قبضته و ينقض عليه كما يفعل الصقر بفريسته و عندما لم يبقى بينه وبين (غريب) إلى بوصات، تفاجأ بشيء يصطدم بوجهه ، إنها حفنة تراب

ما إن اقترب (هوك) من (غريب) حتى رماه هذا الأخير بحفنة تراب على وجهه مما تسبب في عماه، تغير مسار طيرانه بعد أن غطى عيناه لا إراديا ليقع أرضا، و ما كانت هذا يمر على (تاكيرو ) ليقفز عليه و قد غرز في صدره إبرة طبية

نهض بعدها من فوقه تاركا جسده على الأرض عاجزا عن الحراك

" ما ذلك، ما ذاك الشيء الذي طعنه به" تساءل أحد الأطفال ، لتجيبه فتاة الراكون

" ألا تعلم أن (غريب) يتدرب الطب على يد المعلمة، و هو بارع في استخدام الإبر الطبية"

نهض (تاكيرو ) من على (هوك) و هو يقول

" لا تحاول الحركة، ستتألم و حسب، أنت مدين لي باعتذار و تفسير لما فعلته. .... أنت أول صديق لي ، لماذا.... لماذا فعلت هذا بي؟ "

تشنج جسد (هوك) بالكامل بسبب مقاومته، الألم كان واضحا عليه لكنه أعند من أن يصرخ ، إنه (هوك) الفخور، بصعوبة بالغة و الألم يعتصره وقف على قدميه و هو يئن

" ثلاثة أشهر، لقد منحتني ثلاثة أشهر من السعادة، ماذا كنت أفعل أنا في الماضي لقد قمت بالتنمر عليك إهانتك و الإساءة إليك ، و في المقابل أنت...........

أنت صديقي الذي منحني ثلاثة أشهر إضافية مع أمي، أنت الغبي الضعيف الذي عرف علاجها و دخل الغابة بمفرده لإحضار العشبة غير مبالي بالخطر ، لقد ماتت سعيدة بسببك ، ماتت و الابتسامة على محياها،لأنها عاشت حتى احتفلت بعيد مولدي العاشر، و يوم وفاتها جئت إلي ،لا كي تطالب بثمن علاجها و لا كي تسمع شكرا على مجهودك ،و لا كي ترى حزني و ندمي، يومها جئت .......

لمحت في عقل (هوك) ذكريات مرت عليها شهور ،(تاكيرو ) واقف أمامه و الدموع في عينيه

" آسف. .... أنا آسف لقد قرأت كل ما استطعت من الكتب لكني، لم أجد علاجا .... "

مرت ستة أشهر فقط ، لكن (تاكيرو ) الواقف أمامه يبدو أكثر قوة و أكثر جرأة

" يبدو أنك لم تعد في حاجة لحمايتي، و لكن إعلم أنني أقسمت يومها أنني سأحميك دائما حتى من نفسك، لذلك علي الفوز بهذه المعركة،"

تقدم (هوك) خطوة للأمام و رفح جناحيه ، و قد اسود وجهه من شدة الألم ليصيح

"(تاكيرو ) تعني في لغتنا الأصلية، الظلام .... و هذا لا يليق بك... فأنت شخص مختلف ليس بشكلك بل بقلبك ... مميز و مختلف ................و (غريب)، أنا لن أرضى لك بإسم لا يليق بك، أنا لن أخسر"

تجمد (تاكيرو ) في مكانه غير مصدقا ما قاله (هوك)، بعد وفاة أمه أصبحت العلاقة بينهما أفضل ، لكنه لم يتصور أن مكانته عنده بهذا العلو، اقترب (غريب) من صدر (هوك) و بهدوء سحب الإبرة ، في نفس اللحظة شعر (هوك) و كأن جبلا كان على صدره و قد انزاح

" هل أنت غبي ، كان عليك فقط إخباري، بما أنك صغت الأمر بهذه الطريقة فكيف سأجيب"

" (تاكيرو ) لقد فاز (تاكيرو ). ... لا أصدق ذلك.............."

" (غريب)، اسمي (غريب) ....... (هوك) أعني صديقي (هوك) هو الفائز "

--؛؛؛----

في منزل (غريب) الأجواء متوترة كون القيصر والد (غريب) يجمع ملابسه و بعض الأدوات و كأنه يستعد للرحيل

" ماذا قلت، قتلت نبيلا، ماذا كنت تفكر لتتورط في قتال ضد النبلاء؟"

" لم يكن ذنبي، ذلك المجنون كان خبير قتال، هاجمني بلا سبب هربت فتبعني، تظاهرت بالخسارة و الخوف ، لكن ذلك جعله مصرا أكثر على القتال ، المجنون كان يتحدث عن كيف أن خنجره الروحي الملعون سيكتسب طاقة قادرة على هزيمة القديسين ، و كيف علي أن أكون فخورا لأنه اختارني لهكذا شرف، وذلك الشيء المريب على جهته"

" ماذا رأيت على جبهته ؟ "

" ليست متأكدا ، لقد لمحت وشما على جبينه "

" هل يمكن أن تكون تعويذة. ..... و كأنه سيكون في هذا العالم من يقدر على تفعيل تعويذة بهذه القوة "

" لا أحد يعلم بعلاقتنا لكن احتياطا سأبتعد لبعض الوقت، لا يوجد خبراء قتال قادرين على مواجهتي، لكن ليس في مصلحتنا أن يكتشفوا أمرك و أمر (تاكيرو ) ، سأنشر إشاعة أنني ذهبت خلف زوجتي لريشة السماء "

أحس القيصر بقشعريرة بسبب تحديق زوجته به

"زوجتك ، عما تتحدث... .... يبدوا أنني سمعتك خطأ"

"أنا أيضا تفاجأت مثلك تماما، يبدو أن هناك إشاعة مفادها أني متزوج من فتاة أخرى و اتضح أنها خدعة من الفتاة (هلينا) و هي صديقة طفولة و يتيمة مثلي، عائلتها بالتبني أرادت تزويجها لأحد التجار، و هي كانت تحب شخصا آخر ، مقاتل بهيئة تنين الضباب، فاستغلت كوننا نعرف بعضنا البعض و ادعت أننا متزوجان و رحلت إلى ريشة السماء"

" تريد القول أن (هلينا) هذه نشرت إشاعة أنكما متزوجان للتخلص من زواجها المدبر و تفر مع حبيبها لمملكة أخرى

" بالضبط ، و أنا بدوري سأستغل كذبتها ،إنها أفضل طريقة لإخفاء حقيقة زواجنا وربح الوقت ، حتى استرجع كامل قوتي"

رفع قميصه لترى الضمادات التي تغطي الجرح الغائر في بطنه، معركته مع الخبير انتهت لتعرضه لإصابة بالغة

" أيضا أحتاج لجمع بعض الحلفاء الأقوياء و بعدها ..... سيكون قرارك بالعودة لتتولي مكانك الشرعي ، أو عدمه"

" و ماذا عن (تاكيرو ) ، هؤلاء النبلاء لن يدعوه و شأنه، كونه أمير بلا قوة روحية ..... سيكون محط سخريتهم، ومن يجرؤ على السخرية من صغيري فسأجعله يدفع الثمن ، لا أحد من هؤلاء المغرورين المتعجرفين الأنذال في ذكاء و عبقرية إبني فكيف يجرؤون على النظر إليه بفوقية، أخبرني هل يوجد طفل قادر على حفظ كتاب مبادئ النقوش بقراءته مرة واحدة... هل يوجد ... أجبني هل يوجد من يحفظ في سنه كل أنواع الأعشاب الطبية بالطبع لا .... لكنهم....سيتنمرون عليه لأنه بلا طاقة روحية ، و إذا حدث ذلك فأنا. ....."

أمسك القيصر بيد زوجته ليهدئها ، فهو يعرف أنها عندما تتوتر تتحدث بلا توقف

" اهدئي عزيزتي، خطوة بخطوة ليس و كأنهم سيستقبلونك ا بالورود ،الطامعين بالملك لن يكونوا سعداء برؤيتك، علي استرجاع قوتي و جمع أتباعي أولا و من ثم لكل حادث حديث "

غادر القيصر القرية ، دون علم بما تخبأه الأقدار ، مرت الأيام و الأسابيع إلى أن جاء ذلك اليوم المشؤوم.