في القصر الملكي

أكمل (غريب) الحديث عن ماضيه ليقول

" بعد أسبوع سأبلغ السادسة عشر ،(أسينا) ستنتهي حياتي العام المقبل، فأي علاقة يمكن أن تربطك....برجل ميت"

الدموع سالت على خد (أسينا)، لكنها مسحتها ة هي تنظر إليه بعيون حازمة

" و ماذا تعرفه عني.؟...............ماذا تعرف عن حياتي الماضية ؟، لقد كنت منبوذة و وحيدة و مسجونة، لسنوات لم يكلمني أحد و لم أسمع حرفا واحدا يشير إلي.

تمنيت أن يحدثني أحد، أن أتشاجر مع أحد، أن يوبخني أحد أن يلومني أحد ،.......... تمنيت أن يشتموني فقط لأسمع صوتا يخاطبني، أتفهم ما يعنيه أن تتمنى الشتم و الذم( صمتت لحظة لتمسح دموعها ثانية)

تمنيت الحصول على أخ أو أخت، تمنيت الحصول على صديقة، تمنيت ......... و تمنيت...........و تمنيت بلا فائدة

في النهاية قام أحدهم بإخراجي من ذلك المكان لكن ليس بهدف تحريري، لقد كان يريد موتي أعطاني درعا يتغذى على حياتي،

ارتداؤه يعني الموت المحتم، لكن لم أبالي كنت أريد الخروج ، كنت أريد الحرية..... لكن اكتشفت لاحقا أنني خرجت من سجني الصغير إلى سجن أكبر و أوسع.

إلا أن جاء اليوم الذي قابلتك فيه، يومها أنت لم تستخدم كامل قوتك كي لا تؤذيني، يومها قلت أنك أمسكت بي لتحررني ، تحررني من سجني ( أنت الوحيدة التي تملك حق تقرير مصيرها و ما ستصبحين في المستقبل)

أليس تلك هي جملتك، أنت لم تحررني و حسب لقد بقيت معي تحقق لي أمنياتي الواحدة تلو الأخرى

منحتني أول صديق لي سفاري و أول أخت (آريا) و أخا صغيرا مشاغبا (يزن ) و منافسة لحبي (ميرنا ) ، منحتني أصدقاء و عائلة و هدف أعيش لأجله....

منحتني رجلا أتطلع إليه و أعرف معنى الحب معه....... منحتني كل ما قد تمنيته منحتني السعادة، عليك أن تعلمسواءا كنت ستعيش لسنة واحدة أو لشهر أو لساعة ................. و لو لدقيقة ، فلا تتجرأ أن تفكر في أن تعيشها بعيدا عني لأنني لن أذهب لأي مكان ، سأبقى معك شئت أم أبيت...........

=======================

في الغرفة المجاورة حيث كانت (آريا) و البقية يتصنتون على كلامهما، كانت (آريا) تمسح دموعها، تأثرا بما سمعت في حين (يزن ) بدأ يشخر و هو يمسح دموعه الآخر

" كل ذلك...( كلام متقطع بسبب البكاء) ..الوقت و هي تعتبرني كأخ لها...... في حين...أنني......ظننتها تكرهني"

" كف عن البكاء، ألست رجلا بالغا......... تلك الحمقاء تعتقد أني معجبة بـ(غريب)، و كأني سأعجب بمن حاول قتلي يوما"

صاحت (ميرنا ) بـ(يزن )، لكنها كلمته دون أن تنظر إليه مباشرة كي لا يرى دموعها هي الأخرى.

*طاخ* صوت تحطيم الباب و وقوعه على الأرض هز المكان، ليظهر (وولفي ) من خلف الباب و هو يبكي و يصيح

"سيدي..........سيدي......ما كان عليك التضحية لهذه الدرجة لأجلنا.........سيدي"

اجتمع الحراس حول (وولفي ) ليمسكوه لكن الذئب الضخم استمر في الصراخ و البكاء ، التفتت (ميرنا ) لـ(آريا) سائلة

" هو لم يكن معنا فمن أين علم بحكاية (غريب) ؟ "، هزت (آريا) كتفيها في إشارة أنها لا تعلم هي الأخرى ما حدث هنا

وصل عويل (وولفي ) لأذني (غريب) فخرج مستفسرا عن الأمر، ما إن رآه هذا الأخير، حتى ازداد بكاءه و عويله، لكن الأغرب من ذلك أن حتى الحراس كانوا متأثرين و راحو يمسحون دموعهم و يشيحون بوجوههم عنه.

هذا الأمر حير (غريب) ، قبل أن يهرول إلى الشرفة و ينظر إلى مدخل القصر، حيث كان الحراس يحاولون منع الناس من اقتحام القصر و ما أن لمحوا (غريب) حتى بدأوا الصراخ و الهتاف

" سيدي الملك لا تستسلم ، بالتأكيد ستجد علاجا"

" سيدي عليك العيش سعيدا ، حتى و لو سنة واحدة ، عليك الزواج من (أسينا)..."

"(أسينا)..........هي أميرتنا، إنها فتاة صالحة لا تضيعها من يديك............"

" سيدي جرب عشبة التنين الأرجواني إنها تطيل العمر ، تقبلها كهدية مني.............."

اختلطت المباركات بالزواج ،مع النصائح الطبية، مع الهتافات، مع أصوات البكاء، كل متعاطف على طريقته، و كل يصيح على هواه، تنهد (غريب) و التفت لرفاقه مع نفس الابتسامة التي ترتسم على وجهه في هكذا مواقف

" (أسينا)....... هل استعملت حجر الاتصال الذي يعمل بتشكيل الضوء، أثناء حديثنا الخاص"

هالة (غريب) تغيرت و صارت أقرب لـ(غريب 2)، و كون (آريا) هي صاحبت الفكرة ، بلعت ريقها و تراجعت للخلف فقد أدركت أن (أسينا) استخدمت حجر الاتصال نفسه الذي استعملوه للحصول على اعتراف (هازار)، و هذا الحجر مرتبط بحجر ضخم وسط المدينة يعمل كمكبر صوت، كل صغير و كبير في المدينة سمع حوارهما، و هذا هو سبب الإضطراب في الخارج

قبل أن تجيب (أسينا)، فرت (آريا) هاربتا لتتبعها (ميرنا ) و (يزن )، و هي تصيح

"لقد كان خطئي.........أنا آسفة".

--------------------------

في نفس اليوم، في فرع النقابة جلست (آريا) و الدموع في عينيها، سمعت صوت أقدام خلفها فقالت

"(شادو)...........أنت كنت تعرف أنه لن يعيش طويلا"

" أجل سبق و أن أخبرني بذلك........... يومها عرفت مقدار عزيمته لتحقيق هدفه، هو لا يسعى لاسترجاع ملكه، هو فقط أراد إنقاذ شعبه"

" هذه الحياة ليست عادلة ، (أسينا) و (غريب) يستحقان العيش بسعادة، بعد كل ما قاسوه"

تقدم (شادو) بهدوء، و عانقها من الخلف.

----------------------------------------------------

في المدينة كان (وولفي ) يسير بخطوات متثاقلة قبل أن يصطدم به أحد ليقع هذا الأخير أرضا

" أيها الغبي العملاق ألا ترى أمامك................ سيد (وولفي ) أنا آسف أرجوك لا تغضب"

" أغضب على ماذا يا هذا........... ملكنا ضحى بحياته لأجل أن نكون سعداء، فكيف أستطيع أن أغضب لسبب سخيف كهذا"

صوته كان عميقا، و حزينا و قد تساقطت دموعه على خده رؤية رجل قوي مثله يبكي، يحرك حتى الحجر.

(باني) و بصوتها العذب قالت

" لقد قلتها، لنكون سعداء ، فلماذا هذه الدموع ( مسحت (باني) دموعها و أضافت) تضحيته لن تذهب سدى، علينا أن نضحك، علينا أن نفرح علينا أن نكون سعداء .......... علينا أن نريه أنه تمكن من تحقيق حلمه..........."

مدينة ريشة القمر، التي عرفت بالمدينة الكئيبة، بسبب هالة الحزن التي تحيط بشعبها، في ليلة واحدة تغيرت تلك الهالة لتصبح مشرقة و جميلة................... تحت القبة التي تغطيها ، شعب المملكة قرر أن يحقق حلم ملكهم و أن يكونوا سعداء.

2017/12/28 · 878 مشاهدة · 933 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024