ملامح البهجة و السرور طغت على الوجوه اهل المملكة، الضحكات و الابتسامات ملأت الاجواء الجميع ارتدى افضل ما لديه، نساءا و رجالا و أطفالا

البشر و أنصاف البشر، يمرحون و يتسامرون في انسجام لا يكاد يصدق ، و حتى من المدن المجاورة جاء الآلاف لمشاركة هذا اليوم

و الذي أصبح عيدا، و زينت المدينة بالشرائط و الورود و الفوانيس ، و قد عزموا على أن الأفراح و الليالي الملاح ستدوم سبع أيام و سبع ليالي.

-----

أمراء و نبلاء من كل أقاصي الممالك قدموا اليوم إلى ما كان يعرف يوما مدينة الأموات و أضعف الممالك،حفل الزفاف أقيم في حديقة القصر في الهواء الطلق، فلا توجد قاعة تكفي للعدد المهول من المدعوين، و الفضوليين الذين جاؤوا يلقون نظرة على المملكة التي تم فصلها عن العالم الآخر بواسطة قبة شفافة لمدة عام كامل.

على أطراف الحديقة تم تنصيب أعمدة بيضاء عملاقة، عليها نقوش و رسومات لطيور في غاية الجمال، كما تدلت من هذه الأعمدة أشرطة حريرية بمختلف الألوان.

الزهور و الورد كانت منتشرة بتناسق مذهل في كل مكان و قد ترك عبقها رائحة زكية دغدغت الأنوف، و بالرغم من كل هذه الزهور فهي لم تقدر على تغطية روائح أشهى الأطباق المعروضة في الجزء الغربي من الحديقة

وقفت فتيات القطط من أشباه البشر بملابس الخدم البيضاء و السوداء في صف، و كان جمالهن حديث الرجال من الحضور

في الجانب الشرقي كانت هناك منصة زينت بأسلوب ملفت للانتباه، وقفت وسطها حسناء بأذان أرنب ، و قد ارتدت ثوبا لامعا زادها إشراقا، و قد أثارت الفضول فلم يعرف أحد من تكون و ما الهدف من هذه المنصة.

أما الضريح الذي سيقام به الزفاف، فكان تحفة تخطف الأبصار، عمودان من اليشم الأبيض التف حولهما قماش يتغير بأزهى الألوان بين الفينة و الأخرى و ثماثيل لطيور الطاووس يكاد يجزم المرء أنها حقيقية، و باقة زهور في الخلف صممت على شكل قلب عملاق

حديقة القصر تم تحويلها إلى روضة من رياض الجنة احتفالا باليوم المجيد.

----------------------

" ذلك المطلوب للعدالة أصبح ملكا و علينا مجاملته ، يا لها من سخرية"

تحدث نبيل مع رفيقه و هو في طريقه إلى الحديقة

" عليك إبقاء لسانك في فمك إن أردت الخروج من هنا حيا، لم نقدر عليه و هو مقاتل متجول، فما فرصتنا بعد أن أصبح يمتلك كل تلك الوحوش تحت يديه"

رد عليه رفيقه بحزم، قبل أن يظهر من العدم أمامهما فتى بأذان قط، الصقيع المنطلق من هالته تسبب في ان يتجمدا في مكانهما، شبيه البشر الصغير تحدث مع عيون شبه مغمضة و ابتسامة عريضة مرعبة على وجهه

" هل كنتما تتحدثان عن معلمي؟................لقد تم التحقيق في كل التهم الموجهة إليه، و تم تبرئته منها جميعها"

" نحن لم نقصد..............."

رفع كاتو اصبعه ليسكته و أشار إلى من تحدث عن معلمه بسوء

" أنت ، ألست النبيل من ريشة البحر الذي هرب من مملكته بعد تهمة تعذيب العبيد............تنين الضباب و الذي هو بالمناسبة صديق والد غريب ، سيكون سعيدا بلقائك"

تصبب العرق البارد على جبين النبيل، منذ سنوات فر هذا الرجل من مملكته إلى ريشة الأرض خوفا من بطش تنين الضباب و غير اسمه حتى أنه يستخدم الوهم لتغيير ملامحه، لكنه تم اكتشافه لحظة وطأت قدمه أرض مملكة ريشة القمر.

فر النبيل هاربا يجاري الرياح في سرعته دون التجرؤ على الالتفات خلفه، تاركا رفيقه في صدمة

' ما هذا ؟ ، سمعت بأن لديهم عيونا و جواسيس في كل مكان، لكن لم أتوقع أنهم بارعون لهذه الدرجة'

عاد كاتو يبتسم في وجه الضيوف

" لا تلقوا بالا للأمر، إنه مجرد ضيف غير مرغوب فيه............تفضلوا أرجوكم، استمتعوا بوقتكم"

بسط الفتى القط ذراعه مشيرا إلى العمودان العملاقان المنتصبان و اللذان أصبحا كمدخل للحديقة

" هذه............ أهذه الأعمدة مصنوعة من عظام الماموث الشيطاني.........قطعة واحدة منه تساوي ثروة، و هم يستخدمونه للزينة "

صرخ أحد النبلاء من مملكة أخرى بكفر ، قبل أن تقع عينيه على قماش شرنقة حشرة الجليد ليصرخ ثانية حانقا

" شراشف و أغطية للموائد و شرائط زينة.............من المجنون الذي يستخدم هذا القماش الباهظ كشراشف"

" اهدأ هل جننت؟، أنت ممثل لمملكة ريشة الشمس و مهما رأيت اليوم عليك البقاء ثابتــــ..............

صمت الرجل للحظة قبل أن يصيح في كفر هو الآخر

" أهذه ورود الزنابق الشتوية ، إنها تنموا فقط في مملكتي و نحن نعاني الأمرين للحصول على واحدة فقط............ أي مجنون يستخدم هذا الدواء النادر في الزينة، و كيف حصل بحق الجحيم على هذه الكمية "

بعد أن كان يلوم زميله على سخطه أصبح هو الآخر كالمجنون أمام فضاعة ما رآه من بذخ و تبذير.

"و أعمدة اليشم هناك إنها كنوز لا تقدر بثمن، يا لها من سخافة أيجب أن يصلوا إلى هذا الحد في الاستعراض بثرواتهم"

أمير آخر تحدث ساخرا، قبل أن يقاطعه أحدهم

" لحظة، هناك شيء غريب.............. ألا تستشعرون بطاقة غريبة في الأعمدة و الأقمشة"

*بووووم*

قبل أن يسمع الجواب دوى انفجار من أعلى غرف القصر ليقع جسد أسود كالفحم وسط الحديقة، ارتطامه أطلق موجة اهتزازية و أثار سحابة غبار في المكان.

في نفس الثانية، أضاءت الأعمدة و الأقمشة بضوء أبيض ساطع أعمى الأبصار

*بام.........بام......طاخ..............سووويش*

صوت الإنفجارات، و صفير اللكمات التي اخترقت الرياح أرعب الحضور الذين فقدوا ثواني أبصارهم، أخيرا بعدما استرجعوه سقطت أفواههم على الأرض من هول ما رأوه

كانت المعركة طاحنة بين الملك و الراوي، لم يكن مجرد شجار الإثنان كانا يتقاتلان و كأنها أعداء منذ دهور، شادو مع لون جلده الأسود كالليل ، طاقته بعد أن أصبح بمستوى خبير كانت خانقة حتى على أسياد القتال الأشد بأسا عاجزون على التنفس أمامه، و بالرغم من ذلك كان يضرب كطفل بلا حول و لا قوة له من قبل الشاب القصير.

لكن ما أسقط أفواه الحظور ليست المعركة الطاحنة و المرعبة، و لا العريس الذي يقالت مع وجه مرعب في يوم زفافه، بل السحر الغامض الذي لف المكان، القتال كان يجري أمامهم و في نفس الوقت لم يكن.

بدى و كأن غريب و شادوا تم إرسالهما لبعد آخر، بالرغم من أنهما يتقاتلان أمام أعينهم و يسمعون شجارهم و يشعرون بطاقتهم، لكن لا تأثير لهم في هذا العالم

لا أشجار متساقطة، و لا زهور متناثرة و لا أدوات محطمة............ و كأنهما شبحان غير ماديان يتقاتلان.

في الأخير فهم الجميع سر ما اعتقدوه استعراضا و تفاخرا بالأموال، لقد كان استعراضا و تفاخرا بالقوة و التفوق و ليس مجرد بذخ زائف.

" هذا مؤلم أيها اللعين، أتريد قتلي......"

صرخ شادو حانقا و قد آلمته لكمات غريب، و بالكاد هو قادر على الوقوف

" أيها العضلي المهووس بالشقر اللعين، أي نوع من الأصدقاء أنت ، إنه يوم زفافي و لم أسمع منك كلمة مشجعة واحدة ألا يفترض بك أن تؤازرني"

*بووم* انفجرت لكمة اخرى على بطن شادو فهوى على ركبتيه و كادتتسبب في إقيائه

" بواا...... لحسن الحظ أنني لم أتناول شيئا بعد.................، ماذا تريدني أن أقول ، أنا سيء في الوداع"

" ها.............."

جلس شادوا مفترشا الأرض و نظر في عيون رفيقه

" قبل اختفاء سفاري، أخبرني عن عالم في بعد مواز، البشر هناك يعانون فقط لكونهم مختلفون....... أنا و زوجتي سنغادر الليلة إلى ذلك العالم "

" منذ اختفاء سفاري و أنت تخفي الأمر عني، و منذ متى صرت تهتم بالآخرين ؟"

" أتراني شخصا أنانيا لا أهتم بالآخرين، حسنا ذلك صحيح لكن يبدوا أنني تغيرت بعد أن شاهدت ما فعلته بهذه المملكة، نظرات الناس إليك هي أمر يصعب وصفه، ذلك الاحترام و التمجيد و المحبة، أنا أريد ذلك

لقد جئت إلى هذا العالم ، و أنا أتساءل....... كيف يعقل أن لا أكون بطل القصة، أي مؤلف معتوه يحضر شخصا من عالم الأرض ليمنحه دورا ثانويا ((حتى أنه مجرد هاو و ليس مشهورا ))، أخيرا توصلت إلى الجواب أنا هنا كي أتعلم معنى البطولة منك قبل أن أسير لمغامرتي الحقيقية"

مع وداع الأصدقاء المؤثر لم تجد آريا ما تضيف، بينما وولفي العاطفي راح يكلمها و هو يمسح دموعه

" ذلك الشادو الأحمق، سيضيع بدونك..........مهمتك القادمة صعبة"

" معك حق، هو زوجي و هذا واجبي"

مد غريب يده لصديقه الأرضي و سأل

" ما هو معنى البطولة؟؟"

غريب يعرف تماما أن ما قاله شادو هو حوار سبق و أن تمرن عليه، و السؤال المفاجئ سيفحمه، راح شادو يحاول جمع عباراته بينما بقي غريب ينظر إليه مستمتعا بتعابير ارتباكه، التي لن يراها ثانية.

------------------------------

من خلال جوهرة الإتصال تم الإستنجاد بالفتيات من طرف باني

" آريا، ميرنا...................بسرعة إلى غرفة العروس، إنها حالة طارئة...........أسينا ستلغي الزفاف"

======================


تأليف: magicien


" نهاية قصة هي بداية قصة جديدة...........و هذه بداية قصة شادو......... الصراحة أنا لا أحب هذا الشخص ، و هو أيضا لا يحبني........كما أنه لا يستحق آريا كزوجة له.......... و لذلك عليه ان يبحث عن مؤلف آخر يكتب له روايته"



2018/07/22 · 895 مشاهدة · 1348 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024