39 - أصوات انفجارات في الساحة الرئيسية (4)

بسم الله الرحمن الرحيم






..................................................



حدثت كارثة غير متوقعة حوّلت ساحة سوليا الرئيسية إلى فوضى كاملة.

ظهرت الكاهنة بهيئتها المقدسة في الساحة الرئيسية.

كان ظهورها مثل هطول الأمطار في موسم الجفاف أو كرؤية واحة خضراء وسط الصحراء.


"أوه, إنها السيدة بريسيا"

"السيدة بريسيا..."

"يا إرينيستا, أرجوكي احفظينا"


استجابت بريسيا لأصوات الناس اليائسة بالتلويح بيديها وبابتسامة على وجهها.

وبعد ذلك قامت بفحص المنطقة حولها فحصا شاملا.

كانت هناك العديدة من المباني المدمّرة والمقصوفة,

ووجدت أيضا العديد من الجرحى والقتلى.


"كم عدد الضحايا؟"

"عشرون جريحا, وأربعة قتلى."

"بالنسبة لما حدث, بإمكاننا الإعتبار أن عدد الضحايا يعتبر منخفضا جدا"


لقد جاءت العاصفة ودمرت كل شيء وذهبت بالفعل.

تعكر مزاج بريسيا بسبب وصولها للمكان بعد انتهاء الكارثة.


"بالرغم من قلة الضحايا, إلا أن هذا لا يغير من حقيقة مجيئنا المتأخر"

"كامل اعتذاراتي, أنا أتأسف عن كلماتي اللامبالية"

قام الفارس الملكي من قلعة سوليا بخفض رأسه عند سماعه لكلمات بريسيا.

هو لم يؤمن بإمكانية حدوث شيء مماثل لهذه الكارثة بداخل سوليا الآمنة.

بل لام نفسه أيضا بسبب تقصيره وعدم وجوده هنا باللحظة التي تعرض فيها الناس للخطر.

"أعتقد أنني بحاجة للصلاة, أيها الفارس, من فضلك, هلّا تنحيت جانبا؟"

"آه, نعم"


عندما رأى الفارس الملكي بريسيا تلوح بيدها فهم ما قصدته وأومأ وتنحّى جانبا.

بعدها, بدأت بريسيا صلاتها بيديها.

كانت تصلي للأشخاص الذين فقدوا أرواحهم اليوم.

"أهذه صلاة الكهنة؟"

"إنها جسدها يضيء... كما هو متوقع..."

تحول الناس الذي كانوا ينظرون نحو بريسيا بملامح فارغة وحدقوا نحو موضع جثث القتلى الأربعة.

كان الموتى ساكنين وجاميدن مكانهم وغطيت وجوههم بقماش أبيض.

تجمعت عائلاتهم ومعارفهم حولهم بملامح حزينة تعلوهم.

بدأ هؤلاء الأشخاص بالصلاة مثل الكاهنة بريسيا.


لم يكن القتلى كثر يستحقون جنازة أنيقة,

ولكن بسبب تدخل بريسيا وترأّسها الأمر أصبحت الجنازة كبيرة.


"بيتا, أنا..."

كان هناك رجل بحالة سيئة بين الأشخاص الذين تجمعوا حول الموتى,

مظهر الرجل أوحى أنه من جنوب سوليا.

ويبدو أنه كان إما قريبا للمرأة الوحيدة بين القتلى أو أنه كان من معارفها.

"واحد من قرف جنوب سوليا جاء أيضا"

"آه, أنظروا إليه فقط, يمكنني شمّ رائحة كريهة منه"

"أهذا يعني أن المرأة الميتة أيضا من جنوب سوليا؟"

"ربما؟ بالرغم من أن ملابسها نظيفة إلى حد ما"


أثناء نظرهم نحو الشخص الوحيد الذي يقف بجانب المرأة المتوفية تمتم الناس وتكلموا تعبيرا عن إنزعاجهم.


لم يكونوا سعداء بوجود شخص من جنوب سوليا في جنازة مقدسة كهذه.


"بالمناسبة, إذا صلت الكاهنة بهذه الصلوات, هل من الممكن أن ترجع الأرواح لأجساد الموتى وتعود للحياة؟"

كانت الكاهنة من معبد سوليا المقدس.

سأل أحدهم بترقب, لعلّ ذلك يكون ممكنا بسبب قوتها المقدسة.

أجابه شخص آخر كان مراقبا للجنازة.

"لا, لازال إحياء الموتى مستحيلا"

كان صوت المتكلم فخما وأنيقا.

نظر معظم الناس الذين كانوا يراقبون الجنازة نحوه.

يبدو أن المتكلّم جاء من برج السحر.

ارتدى الرجل رداء على كتفيه.


"إحياء الموتى هو... أمر مختلف, أمر لا ينبغى للبشر التدخل به"

أنهى الرجل شرحه بعيون تحدق للأسفل.


كان الناس ينظرون إليه وهو يشرح الأمر, ثم فجأة نظروا لمن خلفه


"بيرودا..."

"...؟"

إنه الساحر العظيم الذي تعرفه سوليا بأجمعها.

تحولت نظرة الناس بسبب أسترو الذي جاء خلف الرجل الذي كان يتكلم عن إحياء الموتى.

"..."

وقف أسترو خلف الرجل وهمس له بهدوء بكلمات غير مسموعة.

تساءل الناس حول موضوع حديثهم.

مسح الرجل الذي يدعى بيرودا وجهه.


"نعم... فهمت"

كل ما شاهده الناس هو إيماءة بيرودا المؤدبة بعد إنتهاء أسترو من كلامه.

لم يتكلم بيرودا بعدها أبدا.



***



لم تكن الجنازة هي الحدث الوحيد في الساحة الرئيسية.

بل تواجد الفرسان الملكيون وقاموا باعتقال أي مشتبه بهم في الكارثة التي وقعت.


"سأسألك مرة أخرى, لما كنت تتوجه نحو جنوب سوليا؟"

"هناك شخص ما أردت مقابلته"


في هذه اللحظة تواجد اثنان من الأشخاص الذين وضعوا في قائمة المشتبه بهم,

وهما النبيلين من عائلة إرينجيوم.

والسبب هو وجهتهم التي أرادوا الذهاب إليها,

جنوب سوليا.


"أردت لقاء شخص ما؟"

"نحن لا نحتاج لتفسير ذلك لكم"

"ماذا, فقط..."

"مهلا!, أنت تتظاهر بكونك تعرف كل شيء,

الإنخراط في أعمال النبلاء الخاصة ليس جيدا.

ما أخبرك هو أننا لسنا متورطين بالحادث بأي شكل من الأشكال"

أصرّ الخادم من عائلة إرينجيوم على عدم تورطهم في القضية وغالط كلمات الفارس الملكي.


لم يحرز الفارس الملكي أي تقدم في تحقيقه.

في الواقع, هو لا يستطيع إعتقال النبلاء لفترة طويلة.

تنهد الفارس تنهيدة طويلة ثم نظر نحو الإبنين من عائلة إرينجيوم الذين ينتظرون خلف الخادم.


"..."

"الأخ الأكبر, هل أنت بخير؟ الأخ الأكبر؟"

نظر السيد الشاب الذي بدا وكأنه الأكبر للمنطقة حوله برعب وكأن شبحا قام بالتباسه.

وبالنسبة للسيد الشاب الأصغر, كان التوتر باديا على وجهه بسبب أخيه الأكبر.

بدا السيد الشاب الأصغر ينتظر بيأس للعودة من حيث جاء مع الجميع ويريح كل همومه.


"ألم أشرح لك من البداية أن الحادثة كان سببها هو السحر؟"

"هذا... هذا صحيح... ولكن..."

"في هذه الحالة, لا علاقة لنا بالأمر لكوننا من عائلة إرينجيوم. سحر تسببت به عائلة مشهورة بالمبارزة؟

يالها من فكرة سخيفة, أيها الفارس, ألا تعتقد هذا أيضا؟"

"هم..."


باام!


ضرب الخادم الطاولة بيده ثم توقف.

"علاوة على ذلك, نحن جزء من المتضررين,

أحد الضحايا الذي توفوا بسبب الحادثة كان خادما ينتمي لعائلة إرينجيوم!"

"آه, نعم... نعم, حاليا, أرجوك إهدأ, أنا لا أقول أنكم قمتم بعمل خاطئ"

"إذا ما الذي قد تعنيه اتهاماتك وأسئتلك الماضية؟ هاا؟"


لم يعد الخادم يحتمل وترك الأسلوب الرسمي النبيل وبدأ يتحدث بإهمال.

لعن الفارس الملكي في ذهنه هؤلاء النبلاء الغير مهذبين ثم كتب شيئا على ورقة بسرعة.\


"نعم, أتفهم الأمر, مع ذلك لم يتم حل المسألة بالكامل...

أرجو أن تعود في حالة اتصالنا بك"


بااات!


أخذ الخادم الورقة التي كتبها الفارس الملكي بانزعاج ثم أعطى الفارس الملكي ظهره بوجه متجهم.


"اللعنة! يالهم من..."

"..."

عندما انتزع الخادم الورقة من يد الفارس الملكي انتفخ العرق على جبين الفارس.

"السيدان الشابان, انتظرتوا طويلا, اليوم سنعود للمنزل.

سنتناول الطعام قبل الإنطلاق"


عبس الفارس الملكي بمشاهدته للخادم سيء الأخلاق يعطي ظهره له ويمشي نحو أسياده وينصحهم بالعودة.



***



"اوو..."

كافحت نينياي التي كانت فاقدة للوعي لكي تنهض.

وبمجرد أن نهضت, أمسكت ببطنها التي آلمتها جرّاء ضربة رايلي.


بعد قليل, هزت رأسها عدة مرات ثم نظرت حولها بملامح فارغة على وجهها.

لم تكن ترى جيدا بسبب الظلمة.


"أولا, الضوء... أووك؟"

كانت إحدى التعويذات الأساسية في السحر.

أوشكت نينياي على إلقاء تعويذة الضوء التي تُظهر كرة مضيئة في الهواء,

لكنها تألمت.

لم يكن جسمها هو الشيء الوحيد الذي لم تستطع التحكم به بشكل سليم.

حتى المانا التي في داخلها كانت مهتاجة ولم تتمكن من تحريكها.


'الآن, بعد التفكير بالأمر... في ذلك الوقت...'


قبل فقدانها لوعيها بلحظة,

تذكرت نينياي الضربة التي أصابتها بواسطة الرجل المقنع.

عندما تذكرت ذلك زمّت على شفتيها.


وأخيرا بدأت عيناها تعتاد على الظلام.

بدأت تفحص محيطها ببطء.


"...هذا المكان؟"

"كانت الغرفة ممتلئة بالغبار وبشباك العناكب, بدت وكأن أحدا لم يزرها لفترة طويلة.

كانت الأرضية خشبية الصنع, وكانت هناك نافذة لم تلاحظها مسبقا بسبب دوارها الشديد.


لاحظت نورا فضيا باهتا يأتي من النافذة.

كان الضوء يزداد إشراقا.

يبدو أنه القمر, والغيوم تغطي نوره.

هذا يعني أن الوقت هو الليل الآن.


"..."


بداخل الغرفة الهادئة, لم تتمكن نينياي من سماع أي ضوضاء من الخارج.

استنتجت نينياي أن الوقت هو في منتصف الليل.

وأخيرا طلع الصبح ولازال الجميع نائما.

كانت نينياي تعانق ركبتيها لتتحمل الألم الذي في بطنها.


'عاهرة لعينة!'

'أنت غير مأمول منك أي شيء!'

'لا شك في أنهم طردوك من برج السحر!'

ظهرت الكلمات في عقل نينياي وكأنها تسمعها بهذه اللحظة.

"لا, أنا..."

تمتمت نينياي بألم.


حاولت حماية بيتا بحياتها, ولكن الشيء الوحيد الذي عُوّضت به هو تلك الكلمات القاسية.


بدلا من أن تتضايق بسبب خيانة بيتا, بدأت نينياي ببغض ذاتها أكثر فأكثر.

دفنت نينياي وجهها بين ركبتها.


"من أجل إظهار امتناني لكي... هذا هو السبب..."

تم القبض على يدي نينياي فجأة من قبل شخص ما.

يديها ترتعشان بسبب الأحداث الصادمة التي مرّت بها.


"...هل أنت مستيقظة؟"

سمعت صوتا مألوفا من أمامها.

رفعت نينياي وجهها الذي كان مدفونا بين ركبتيها بعد معرفتها لمصدر الصوت,

ونظرت للشخص الذي أمامها.

لم تتمكن من رؤية وجهه جيدا بسبب وضعها المأساوي.

لكنها ميزت الشخص الواقف أمامها وعرفته بواسطة المانا الخاصة به.


كان هو الرجل المقنع الذي ضربها وأفقدها وعيها في الساحة الرئيسية.


"أنت..."

"إذّا أنت مستيقظة"

اقترب وجه الصبي أكثر نحو نينياي.

تمكنت من رؤية وجهه بلا قناع.


والصبي مدرك لحقيقة أن نينياي تستطيع رؤية وجهه.


"بيتا... ما الذي حدث لها؟"

سألته نينياي بحذر.


"لست متأكدا؟"

أجابها رايلي.

الطريقة التي تحدث بها رايلي كانت غير مبالية وصارمة بنفس الوقت.

أدركت نينياي ما حصل من نبرة صوته تلك.

بيتا قد ماتت.


"..."

"سأسألك بشكل مباشر"

بدأ بالتكلّم معها وكأنه يقول أنه لا يوجد وقت للحزن والتأسي.


"لماذا عندما...

حسنا, هذا لا يهم. كيف استطعت إيجادي؟"

لم يحتاج رايلي للتفكير بعمق لمعرفة السبب الذي جعل امرأة من جنوب سوليا تدعى بيتا تقوم بمهاجمته.

لذا غير رايلي سؤاله في المنتصف.


فبدلا عن سؤالها عن سبب مهاجمتها له.

سألها عن طريقة تعرفها له وهو يرتدي قناعا اشتراه من الساحة الرئيسية.

كان رايلي يرتدي قناعا في ذلك الوقت, وكان هادئا عندما كان واقفا فوق العربة.


لذا سألها رايلي مرة أخرى.

"هذا أمر لن يتمكن أصدقائي من ملاحظته.

أريد أن أعرف كيف عرفتي أن الذي كان يرتدي قناعا هو أنا"

نظرت نينياي نحو رايلي بعقل مشوّش.

وتساءلت عمّا إذا كان يجب عليها أن تهاجمه انتقاما لفعلته التي فعلها لبيتا أو أن تشكره لإبقائها على قيد الحياة.


كانت متشوشة بالكامل.


"..."

بعد أن أتعبت عقلها بالتفكير, استنتجت نينياي أنه من الأفضل عدم الاستجابة له بأي طريقة كانت.

"...ليس لديّ سبب للشرح لك"

أجابته نينياي بينما أعادت وجهها وأخفته في ركبتيها.

غيّر رايلي الذي كان يراقبها من الأعلى سؤاله وقال

"في هذه الحالة, أنت, من أنت؟"

"..."

"أنت لست كالسحرة المعتادين, لون سحرك كان مختلفا!"

هذه المرة كان سؤاله فضوليا.

كان رايلي فضوليا حيال أمور مثل لون سحرها الأسود أو المانا السوداء المتعفنة بداخل جسدها.


"هل أنت فريدة من نوعك؟ أهذا هو السبب؟"

سألها رايلي مرة أخرى


وأجابت نينياي بنفس إجابتها السابقة

"...ليس لديّ سبب للشرح لك"

"... أأنت متأكدة؟"


أومأ رايلي كما لو أنه يفهم ما يحدث عندما رأى نينياي تعانق ركبتيها بصمت.

نقل يده اليمنى نحو خصره وسلّ سيفه.

"إذّا, ليس لدي أي خيار آخر"


ظهر صوت السيف أثناء انسلاله من غمده.

تمكنت نينياي من سماع صوت انسلال السيف بسبب هدوء الصباح.

والآن, أشار رايلي بسيفه نحو عنق نينياي.



..................................................................






ترجمة: GhareebGH

2018/07/02 · 2,271 مشاهدة · 1615 كلمة
GhaareebGH
نادي الروايات - 2024