بسم الله الرحمن الرحيم







..................................................



في معبد سوليا المقدس في وقت متأخر من اللليل,

ظهر وميض أزرق فجأة بين أعمدة المعبد.

ومع ازدياد الضوء الأزرق ظهر رجل عجوز بشكل مفاجئ.


"كووو..."

كان يحمل ذراعه المقطوعة بيده الأخرى.

كان وجهه الباهت يبين كمية الدم الكبيرة التي فقدها.


"...أي كاهن!"

بدأ العجوز في البحث حوله عن أي كاهن موجود.


"أين الكاهن؟ أريد كاهن!!"

كان صوته مرتفعا جدا بسبب المانا.

هرع الكهنة الذي كانوا مستيقطون نحو مصدر الصراخ.


"ما الذي جاء بك إلى هنا... ذراعك!!"


"أحضر لي أي كاهن لعين!!

إحتاج إلى خياطة ذراعي"

"انتظر..."

ذهب بعضهم لإستدعاء كبير الكهنة.

قبل لحظة ظهر أسترو في وسط المعبد مع ذراع مقطوعة يحملها بيده.

أتى كبير الكهنة الذي يستطيع أن يتعامل مع هذا الموقف.

"اووه, ما الذي يفعله أفراد برج السحر هذا اليوم؟"

"..."

"ليس واحد فقط, بل جاء اثنين منهم بذراع مقطوعة, كيف حدث هذا؟"

كانت أولى خطوات علاج الذراع هي استخدام الكاهن لقوته المقدسة ثم القيام بخياطة الذراع بعدها.

كانت خطوة الخياطة بالذات مؤلمة جدا, كان تعبير وجه أسترو سيئا جدا.


بالطبع لم يصل الألم لنفس قدر الألم الذي تحملّه أثناء قطع ذراعه من قبل رايلي.


"هل حدث شيء ما في برج السحر؟"

سأل الكاهن أثناء استخدامه لقوته المقدسة لشفاء يد أسترو.

منذ أن جاء شخصان بذراع مقطوعة, كان هذا أمرا مريبا ينبغي الاستفسار عنه.

موقع المعبد هو في شرق سوليا.

لذا سأل الكاهن خوفا من أن يحدث لهم أمر مشابه ويصيبهم ما أصاب برج السحر الذي كان قريبا من المعبد المقدس.


"..."

كان أسترو على وشك إخبارهم بما حدث ولكنه أغلق فمه في اللحظة الأخيرة.

كان سبب قطع ذراعه هو ذلك الحقير المقنع وتلك الأداة التي تم التخلص منها, وهؤلاء الاثنين اكتشفوا مخدرات مخزنة بالسر في الطابق السفلي لبرج السحر.

وأيضا قاموا باقتحام المختبر السري.


كان مستحيلا أن يخبرهم أسترو حول الأمر, وخصوصا أنهم كهنة من المعبد المقدس.

فكرة إخبارهم بالأمر هي جنون فقط.


"لا, لم يحدث شيء معين"


"سيدي أسترو, تم قطع ذراعك, هل أنت متأكد من عدم..."

"أخبرتك بأنه لا يوجد شيء معين! كل ما ينبغي عليك فعله هو الإسراع والتركيز على العلاج,

أسرع وقم بإعادة ذراعي لمكانها بشكل سليم"


كان أسترو خائفا حول السبب الذي جعل تلك الفئران تتسلل لمختبره السري.

كل ما أراده أسترو هو العودة بأسرع وقت ممكن.

أقسم أسترو في ذهنه على أن يمزقهم ويتخلص منهم عندما ينتهي من العلاج ويعود لبرج السحر.



***



كان جسد نينياي يرتعش بأكمله, لربما تذكرت تلك الأيام الخوالي التي تم تعذيبها فيها.

أدار رايلي مقبض الباب ودخل المختبر تاركا نينياي خلفه.


"...تسك"

تعكر وجه رايلي.


"آه..."

كان ذلك بسبب اندفاع الهواء الفاسد نحو وجهه عندما قام بفتح الباب.

كان المختبر ممتلئا برائحة عفنة.

كانت الرائحة قوية بما يكفي لتتجاوز قناع رايلي وتصل إلى أنفه مباشرة.

إنها رائحة الجثث المتعفنة والمواد الكيميائية والفضلات.


'أشعر بوجود أحد ما هنا'

تمكن رايلي من الإحساس بحياة شخص هنا.


بعد أن قام رايلي بقياس حجم المختبر بالمانا بدأ رايلي بالولوج لداخل المختبر.

'المكان لا يبدو كبير جدا...

وبالنسبة لعدد الأشخاص الأحياء هنا... أهو ثلاثة؟

لا يبدو أنهم سيتمكنون من العيش لفترة طويلة'

كان يمكن تسمية نينياي بالمحظوظة مقارنة بالأشخاص الذين كانوا خلف القضبان الحديدية.

بينما كان يمشي ويتأمل المنطقة حوله نظر رايلي للخلف ورأى نينياي واقفة عند مدخل المختبر.


"ألن تأتي؟"

كانت نينياي مترددة, ولكن سرعان ما عقدت عزيمتها ودخلت المختبر والتحقت برايلي.


"سمعت قبل فترة أن بيرودا قام بتعليمك السحر"

قام رايلي بفتح محادثة ليقوم بتهدئة نينياي المتوترة.

"أنت تعرف معلمي؟"


عندما سمعت نينياي سؤال رايلي نظرت إليه بفضول.


"لا يمكنني القول بأني أعرفه, ولكنني قابلته مؤخرا"

"حقا؟"

أشرقت عين نينياي عندما سمعت إجابة رايلي.

حولت نظرتها لمكان آخر وبدأت تروي قصتها مع معلمها بيرودا.


"معلمي بيرودا هو الوحيد الذي تعامل بلطف مع الناس الذين كانوا هنا.

أعطى مرهما لمن لم يتمكن من تحمل الحكة في جلده.

وكان يعطي البعض منهم طعاما لذيذا.

وبالنسبة لي, أخبرته بأنني أريد قراءة الكتب, لذا أهداني بعض الكتب"

"هم..."


لم يكن متوقعا أن ذلك الشاب بيرودا قام بتعليم شخص ما.


كان رايلي يفحص المكان حوله أثناء استماعه لقصة نينياي.


"قام أيضا بإرسال الوصايا الأخيرة لمن يموتون هنا إلى عائلاتهم.

وبالنسبة لي, قام بإرسال رسالة إلى أمي التي لم تتعرف علي عندما قابلتها"


بالرغم من أنها في حالة سيئة, إلا أنها لازالت تعتبر على قيد الحياة,

وبالرغم من أنها لا تزال على قيد الحياة إلا أن أمها اعتبرتها متوفية.


"يا لها من قصة حزينة"

"..."

"إذًا أنت تعلمت السحر الأسود من بيرودا؟"

"لأكون دقيقة... لا"

هزت نينياي رأسها مجيبة بالنفي.

"أتَذكُر, لقد قلت لك بأن بيرودا أهداني بعض الكتب"

"آه, أهي..."

"نعم, لقد كانت كتبا عن السحر, من مستوى المبتدئين إلى المستوى المتوسط...

قام بإهدائي الكتب بالترتيب, ولقد أثنى على سرعتي في التعلم"


ست دوائر.

كان هذا هو المستوى الذي وصلت إليه نينياي.


بالنسبة لأسترو,

لم يتمكن من الوصول إلى الدوائر الستة إلا عندما كان في الستين من عمره.


نينياي التي لازالت في العشرينات من عمرها قد وصلت لست دوائر,

كانت هذه السرعة دليلا على تميزها وموهبتها.


"ربما... كان السبب هو تلك العقاقير والأدوية"

سرعة تركيزها للمانا,

وإلقائها السريع للتعويذات ,

ولون سحرها الأسود...

كلهم كانوا نتاجا للأدوية التي ابتلعتها.


"أنا لا أعرف ما تأثير تلك الأدوية التي ابتلعتها"


استنادا إلى النتائج التي حصلت عليها نينياي, يبدو أن أسترو كان يجري بعض التجارب ليرفع عدد دوائره السحرية.

"إذًا كيف تمكنتي من تمييزي في الساحة الرئيسية, ذلك لم يكن بسبب السحر, أليس كذلك؟"

"صحيح, لم بكن سحرا, إنه كان..."


رفعت نينياي غرة شعرها وأظهرت العين التي كانت وراءها,

كانت عينا بيضاء اللون.


"لأنني كنت في حالة عقلية سيئة, فأنا لست متأكدة حول الذي سكب السائل علي,

أهو أنا التي سكبتها على نفسي أم أحد السحرة الآخرين.

ولكن التأثير والميزة التي حصلت عليها لم تكن بسبب دواء ما.

كانت ميزة حصلت عليها بالصدفة من إحدى المواد الكيميائية"


أعادت نينياي غرتها لمكانها بالرغم من أنها لم تخفي عينها بالكامل.


"هذا الشرح غير واضح, أيمكنك إثبات الأمر بتطبيق عملي؟"

"هل هناك شخص تريد مني إيجاده؟"

"ام..."


"أنا لست بحاجة لأسمائهم, حتى لو أخبرتني بها فإنني لا أستفيد منها في قدرتي,

كل ما عليك فعله هو تخيل الشخص الذي تفكر به في رأسك"


كان رايلي يفكر حول من يجب التفكير به.

تخيل أمه أولا, ثم إيان وسيرا الذين كانوا نياما في الفندق.

لكنه سرعان ما غير تفكيره وتخيل الشقيقين من عائلة إرينجيوم.


"..."


بينما تخيل مظهرهم في رأسه.

أدارت نينياي رأسها ببطء وحدقت نحو جدار لم يكن عليه أي شيء مميز.

ثم رفعت رأسها تدريجيا وأشارت بإصبعها نحو مكان مرتفع.


"الأشخاص الذين تبحث عنهم في هذا الإتجاه, أهم نبلاء؟

يبدو أنهم في فندق حاليا.

هذا هو كل ما يمكنني معرفته بقدرتي"


كان إصبعها مشيرا للأعلى, كان الأمر منطقيا بما أنهما كانا في الأسفل.

المكان الذي أشارت إليه نينياي هو غرب سوليا.


"الأشخاص الثلاثة الآخرين الذين فكرت بهم في البداية هم أيضا في غرب سوليا.

وهم أيضا الأشخاص الذين أمرتني بيتا بالبحث عنهم"

والآن تحدثت حول سيرا وإيان وإيريس.


أعجب رايلي بهذا وتمتم.

"إنه كالرادار"

"رادار؟"

"لا شيء"


كانت قدرتها شبيهة بالرادار الذي كان يعرفه في حياته السابقة.

فكر رايلي حول قدرتها ثم سألها.

"أيعرف السحرة من برج السحر هذه القدرة؟"

هزت نينياي رأسها نافية.


"لا, لا يعلمون.

إذا أخبرتهم أظن أنني سأتورط معهم مرة أخرى"

"ولكن, أأخبرتي تلك المرأة؟"

"..."


صمتت نينياي عندما فكرت ببيتا من جنوب سوليا.

بيتا, تلك المرأة التي أخبرتها بأنها تثق وتؤمن بها.

وهي نفس المرأة التي أهانتها بكل الإهانات الممكنة.

تلك المرأة لم تعد تعيش في هذا العالم.


"إذًا... ما فهمته هو أنك حصلتي على اللون الأسود لسحرك بسبب المختبر هذا, أليس كذلك؟"

أومأت نينياي على جواب رايلي بينما كانت مغلقة لشفتيها بقوة.

"...وني"

"...؟"

كانت نينياي تمشي خلف رايلي بوجه ذو تعابير فارغة بينما سمعت صوتا مفاجئا.

من الجانب...

تمكنت من سماع صوت خافت من إحدى الزنزانات.

"...اقتلوني"

بدا أن المتحدث كان يتكلم بصعوبة بالغة, كان ذلك الشخص يطلب الموت.


"أنا..."


فتحت نينياي شفتيها بلا وعي منها.

يبدو أنها تذكرت نفسها عندما كانت محبوسة في الزنزانة.

في ذلك الوقت, وصلت لحالات من الألم والمعاناة التي جعلتها تتمنى فيها الموت.


"أرجوكم... اقتلوني..."

داخل القفص, تواجد طفل صغير,

بدا الطفل أصغر من نينياي بكثير.

لم يكن الطفل يعلم إذا كان هناك أحد قريب منه يسمعه.

كان يطلب من أحد قتله بعيون جوفاء.

عندما رأت نينياي ذلك المنظر تراجعت نحو الخلف بخوف ثم اصطدم رأسها بجسم شخص ما.


"..."

كان ذلك الشخص هو رايلي.

يبدو أنه لاحظ ما بداخل القفص.

حدق رايلي نحو نفس المكان التي كانت نينياي تنظر إليه.


"أرجوكم..."


فتحت نينياي فمها.

كانت تريد من رايلي أن يخلص هؤلاء من معاناتهم وآلامهم ويقوم بقتلهم.

قبل أن تبدأ بالحديث حتى,

تحرك رايلي نحو القفص وقام بالتلويح بسيفه.


"آه..."

أرجح رايلي سيفه.

لم تكن نينياي متأكدة من رغبتها بمشاهدة منظرهم وهم يُقطعون بالسيف.

لذلك أغلقت عينيها.


"..."


لم يحدث ما توقعته نينياي...

لم تظهر أي أصوات لأجسام يتم قطعها بالسيف, بل ظهر صوت 'كلينك'.

كان صوت ضرب معدن بمعدن.


"...؟"


بعد أن قطع رايلي بوابة القفص أعاد سيفه لغمده وسأل نينياي الخائفة التي كانت مغمضة عينيها بشدة.


"أنت... ألديك بعض الإمكانيات القيادية؟"

"قيا...دية؟"

بالنظر إلى نينياي التي لم تفهم المغزى من سؤال رايلي.

أدخل رايلي يده في جيبه ثم أخرج شارة صغيرة الحجم.


"أنا أتحدث عن القدرة على تحمل المسؤولية وقيادة الناس"


بعد أن قام رايلي بتبسيط سؤاله,

ألقى رايلي الشارة التي أخرجها من جيبه على الأرض.


"أتعني... عندما طلبت منك أن تقتل هؤلاء؟"

لم تتمكن نينياي من فهم السبب وراء سلوك رايلي, لذا قامت بإمالة رأسها وسألته.


"لقد حان الوقت لفعل ما علمتك إياه قبل لحظة"

"ما هو الذي علمتني إياه قبل قليل؟"

"لقد حان الوقت لكي تتأخري بخطوة واحدة"


تابع رايلي كلامه أثناء التحديق بشارة عائلة إرينجيوم التي ألقاها أرضا.

"أعتقد أنه من خلال النظر لعيون الرجل العجوز ذاك, فأنا أظن بأنه قد جنّ جنونه بالفعل,

لذا لن يستطيع أن يلاحظ الأمور ويستنتجها بشكل سليم,

إنه يعتقد أن بإمكانه فعل ما شاء في أي وقت شاء...

أظن أن هذا يكفي لخداعه"

"...؟"

"بهذه, فقد اكتمل كل شيء بالفعل, كل ما نحتاج لفعله هو البقاء متأخرين بخطوة واحدة والاستمتاع بمشاهدة المسرحية القادمة"


كانت الشارة التي أخرجها رايلي هي الأساس الذي سيكمل به لوحته الفنية.

لأن نينياي لم تفهم أي شيء قام به رايلي,

فكل ما قامت به هو التحديق إليه بعلامات استفهام بادية على وجهها.

علت ابتسامة ماكرة وجه رايلي.



..................................................................

بالمناسبة, الفصول الثمانية القادمة ستكون حماسية جدا,

لذا ما رأيكم أتريدون أن أبقى على روتيني وأرفع فصلا أو فصلين يوميا,

أو أن أقوم بجمعهم ثم تنزيلهم مرة واحدة معا؟



ترجمة: GhareebGH

2018/07/04 · 2,208 مشاهدة · 1662 كلمة
GhaareebGH
نادي الروايات - 2024