بسم الله الرحمن الرحيم







..................................................



"رايلي, ياا رايلي,... المبارة واشكت على البدأ, هلّا استيقظت؟"

كان رايلي في قعلة سوليا حيث ستقام بطولة المبارزة.

استخدم رايلي يديه كالوسادة واستمع إلى صياح وتشجيع الجماهير وكأن أصواتهم هي أغنية النوم.

والآن كافح رايلي لفتح عينيه بسبب إيريس التي كانت توقظه.


"اووو..."

"من النادر مشاهدة حدث نادر كهذا, هيا لنشاهد المباراة"

"...حسنا"

كان ابنها يشتكي لأنه لم ينم بالقدر الكافي,

وهي كانت تهدئه وتأمره ليشاهد المباراة.

لقد كانت إيريس مراعية له بالفعل, فقد نام رايلي طوال فترة البطولة إلى أن أوشكت المباراة النهائية على البدأ.


"هل هو إرينجيوم؟"

"نعم, عائلة إريجنيوم وصلت للنهائيات"

عندما سمع إيان النقاش حول عائلة إرينجيوم أدار وجهه تلقائيا ناحية رايلي.

لازال إيان يتذكر كامل الأحداث التي وقعت أمام ممر المرحاض.


'سيدنا الشاب كان مذهلا...

ولكن عند التفكير بالأمر,

حتى الابن الأول لعائلة إرينجيوم كان ذو مهارات عالية'


الشخص الذي يتمتع بمهارات عالية...

تمكّن من اختراق حصار إيان وانطلق نحو رايلي.

كانت حركته تلك مذهلة بالتأكيد.

والآن, بالتفكير في ذلك, كان هناك شيء غريب حول حركته تلك.


'الحركة التي قام بها... بدت غير ملائمة لنوعية جسده؟'


بالنسبة للمبارزين, هناك حركات وأساليب استخدام مانا تتلاءم مع بنيتهم الجسدية.


كانت الحركة التي قام بها الابن الأول لعائلة إرينجيوم تعتبر مخيفة بالتأكيد.

ولكن لازال هذا لا يغطي حقيقة كونها تقنية حركية محرجة بطريقة ما.


توقع إيان بأن شخصا مثله سينفذ تقنيته بطريقة مختلفة بما أنه من عائلة إرينجيوم.

مثل أن يحرك جسده العلوي بطريقة مختلفة عمّ فعله سابقا, أو يحرك قدمه بأسلوب معين.


"سمعت أن الابن الثاني لعائلة إرينجيوم قد شارك بمباراة بالأمس"

"آه, صحيح, إيان أنت لم تكن موجود بالأمس..."

أجابت إيريس على تمتمة إيان.


ثم قالت سيرا.

"نعم, المتسابق الذي نافسه كان مبارزا مزدوجا , لذا تمنيت لو أنه انتصر وهزم الإبن الثاني لعائلة إرينجيوم.

لازلت أشعر بالخيبة إلى الآن, لم أتوقع أن تنتهي تلك المباراة بهذه السرعة"

"مبارزا مزدوجا؟ أتعنين جينيير؟"

"نعم"

"هم..."


كان جميع المشاركين تحت سن العشرين عاما.

قام إيان بحك لحيته وحدق نحو الساحة التي كانت المباراة على وشك أن تبدأ فيها.

"سيرا"

"نعم؟"

"خلال مباراة الأمس, هل لاحظتي أي شيء غريب حول الابن الثاني لعائلة إرينجيوم؟"

"أي شيء... غريب؟... لست متأكدة من هذا"

أمالت سيرا رأسها وأجابت


"خلاف ذلك الأمر الذي لم أستوعبه إلى الآن وهو هزيمة جينيير بضربة واحدة, فأنا لم ألحظ شيئا آخر"


بالرغم من أنها كانت حزينة لانتصاره, إلا أنها لم تشك في إرينجيوم.

فهي قد لاحظت الاختلافات الجسدية بين المبارز الازدواجي وبين الابن الثاني.

وأيضا كان هذا هو السيناريو الأكثر شيوعا عندما ينهزم مبارز ازدواجي.


"ماذا عن الروائح؟"


دخل رايلي المحادثة وسأل سيرا عندما تحدثت هي وإيان مع بعضهما,

"نعم؟"

"رائحته, رائحة ذلك الرجل"

أشار رايلي بذقنه نحو الابن الثاني.

أبليون, كان واقفا بوسط الساحة منتظرا لتعليمات الحكم.

كان جسمه يرتعش بالكامل على عكس الأمس.


"رائحة... هل هناك أي شيء بخصوصها..."


شم شم


سيرا ذات حاسة الشم القوية استنشقت الروائح حولها.

وكما قال رايلي, كانت رائحة أبليون مختلفة عن رائحته بالأمس.

كان فرق الرائحة بسيطا للدرجة التي لم يلاحظه أحد إلا لو تمعن وركّز في الأمر.


"كيف كان؟"

"..."


نظرت إيريس وإيان نحو سيرا متسائلين عن النتيجة.

لم تكن لديهم حاسة الشم القوية مثل خاصتها.


"بالتأكيد, الرائحة مختلفة"

"مختلفة؟"

"بعكس الأمس, هناك شيء مفقود..."


بدأ العد التنازلي في الوقت الذي كانت فيه سيرا تفكر حول الرائحة التي حيرتها.


"أمي, هل قلتي أن هذه هي آخر مباراة لليوم؟"

"نعم"

"إذًا لما لا نذهب؟ من الغريب قول هذا, ولكن المباراة قد حسمت بالفعل"


تمددت يدا رايلي ثم نهض من مقعده.

كان يفكر حول عشائه لهذه الليلة.


"لكن, السيد الشاب ألا ينبغي لنا مشاهدة المباراة قبل الرحيل؟"

"نعم, هذه هي آخر مباراة لليوم, لذا..."

"انظروا لجسم ذلك الرجل, إنه يرتعش بالكامل, أتعتقدون أنه قادر على القتال؟"

ظهرت علامات الستفهام على وجه إيان وسيرا ونظروا نحو الساحة

مع بقاء ثلاث ثوان, ازدادت رعشة ورجفة أبليون أكثر فأكثر.

بالرغم من أنه كان متوترا بالامس, إلا أنه لم يصل لهذه الدرجة.


"هواااب!"

انتهى العد التنازلي وبدأت المباراة...


وكانت النتيجة مثلما توقع رايلي.

هزم أبليون بأقل من ثلاث ثوان.



***



"اللعنة... كيف لهذا أن يحدث؟!"


باام!


ضرب الابن الأكبر المنضدة في غرفة إعداد المستابقين.

لم تكن المشلكة أن قبضته أصبحت حمراء جرّاء الضربة.


"يجب... كان يجب أن يعطينا هي بالأمس! لماذا فجأة!!"

"السيد الشاب... فالتهدأ رجاء"

"هل تعتقد أن بإمكاني الهدوء؟! لقد انهزم أخي الصغير!"


بام!


اهتزت المنضدة مرة أخرى.


كانت الخطة هي الحصول على بعض الأشياء عند ذهابهم لجنوب سوليا.

لكنهم لم يجنوا أي شيء.

وهذا هو سبب غضب أبلوك.

رد الخادم عليه لتهدئته.


"لقد انطلقت نحو جنوب سوليا هذا الصباح, لكنهم قالوا بأنهم لا يستطيعون تسليم أي شيء لعائلة إرينجيوم بعد الآن, لذا..."

"ماذا؟"


كانت نظرة أبلوك المرتعشة في عينيه غريبة.

عقله ليس سليما بالتأكيد.


"الأوغاد من جنوب سوليا قاموا بخيانتنا؟"

"هذا... يبدو الأمر كذلك, حاولت تهديدهم, ولكنهم استهزؤا بي وطلبوا مني فضحهم إن كنت أجرؤ"

"القمامة اللعينة, أيجرؤون..."


بااف!


نهض أبلوك من كرسيه فجأة وأسقط الكرسي الذي كان جالسا عليه وبدأ بحك رأسه.


لم يكن جنونه بسبب نية القتل الشديدة التي أطلقها عليه رايلي, بل كان جنونه نتيجة انقطاعه عن ما يدمن عليه.

كان جسده يرتعش بالكامل.

شعوره كان مشابها لحشرة تتحرك بداخل جسمه.


"كيف... كيف يجرؤون على هذا!!؟"

أوقف أبلوك حك رأسه, والآن كانت عيناه مليئتان بنية القتل.


"بالرغم من أني لم أتناول الدواء الذي أحتاجه, فإنني لن أكون ضعيفا لدرجة تمنعني من هزيمة بعض الأوغاد المشردين"


باللحظة التي فكر فيها أبلوك بالأمر, بدأ بالمشي متوجها لمكان ما.


"السيد الشاب, أين أنت ذاهب؟"


لم يجب أبلوك على خادمه وأكمل سيره نحو جنوب سوليا.

لقد تغير لون عينيه وتحولا للون الأحمر.


"يجب عليك أن تواسي أبليون على خسارته! السيد الشاب؟ السيد الشاب!"


وأخيرا انتهت مباريات بطولة المبارزة لهذا اليوم.

غادر أبلوك قلعة سوليا التي امتلأت بأصوات التصفيق للشخص المنتصر.



***



خمسة أشخاص يمشون بداخل معبد سوليا, كان مظهرهم فظيعا, حتى الأشخاص الذين يمرون من جانبهم سيصابون بالإشمئزاز والقشعريرة منهم.

ولأن نينياي كانت حافية القدمين, فقد كانت آثار أقدامها السوداء تنطبع على الأرضية البيضاء للمعبد.


كانت تفكر فيما قاله رايلي هذا الصباح.

'عندما تنتهي بطولة المبارزة, انتظري حوالي... عشر... لا, انتظري لعشرين دقيقة

ثم انطلقي نحو المعبد المقدس'

'لكن... لن يسمحوا لنا بالدخول'

'بلى, سيفعلون'

'ماذا؟ أنا... بالرغم من أني عشت في جنوب سوليا لفترة قصيرة, إلا أنني الآن أصبحت فردا من قمامة جنوب سوليا, وأيضا... مظهري...'

'تحتاجين إلى إغوائهم بطعم!'

'طعم؟'

'نعم, طعم لا يمكن أن يتجاهلوه'


أدخلت نينياي يدها في جيبها.

كان هناك قطعة عشب صغيرة في جيبها, وهي نفس العشبة التي كانت مخزنة في برج السحر.


"أنتم, توقفوا! جميعكم!"


قبل أن يتمكنوا من الدخول تم إيقافهم بواسطة كاهن يسير حول المنطقة.

لربما أوقفهم بسبب رائحتهم الكريهة.

والآن, حتى الفرسان المقدسون المسؤولون عن حراسة المنطقة تجمعوا حولهم,

كان الفرسان المقدسون يحدقون نحوهم بعيون مليئة بالشك والريبة.


'الذهاب إلى قلعة سوليا سيكون أفضل, ولكن إذا ذهبت إلى هناك فإن احتمالية طردكم مباشرة قبل الاستماع إليكم ستكون كبيرة.

لذا سيكون خيار الذهاب للمعبد المقدس هو الخيار الأفضل, على الاٌقل سيستمعون إليكي قبل اتخاذ أي قرار'


طبّقت نينياي نصيحة رايلي وذهبت حيث أخبرها.

كان الأشخاص الذين يتبعونها بالخلف مرتعشين من الخوف.

وبسبب أعراض دواء ما من برج سحر, كان هناك شخص يتسرب الدم من فمه.


"..."

كل الذين يتبعون نينياي هم من الأشخاص الذين استخدمهم أسترو كفئران تجارب.

ووفقا لما قاله رايلي, فإن الكلمات التي ستقولها الآن هي التي ستحدد مصير أمثال هؤلاء الناس.


"أنتم... استنادا إلى مظهركم فأنتم جميعا من جنوب سوليا, صحيح؟

لا يمكن لسكّان جنوب سوليا الدخول إلى المعبد بلا إذن, فالترحلوا رجاء"


قام الكاهن بهز رأسه وأمرهم بالرحيل.

في تلك اللحظة تقدمت نينياي خطوة للأمام وفي لحظة وجّه الفرسان المقدسون سيوفهم نحوها.


"رجااء..."


تجمدت نينياي للحظة بسبب ضوء السيوف الذهبي, ولكنها تذكرت حقيقة كونها ستموت قريبا لذا تشجعت وتجرأت لإنقاذ فئران التجارب هذه من أيدي سترو, لقد كانت نينياي أملهم الأخير للحياة.


"رجااء... انتظروا للحظة"

تكلمت نينياي بكل أدب واحترام.

كان الأمر محرجا بالنسبة لها لأنها اعتادت على اللهجة الفظيعة المستخدمة في جنوب سوليا.

وهذا الوقت لم يكن مناسبا للتكلم بلهجة مسيئة.


"من بيننا جميعا, أنا هي الوحيدة التي جاءت من جنوب سوليا, هؤلاء الأشخاص...

هؤلاء الأشخاص ليسوا مثلي, لقد كانوا يعيشون في شرق أو في غرب سوليا"

"...؟"


شكّ الكاهن بصدق كلامها.

بالرغم من أن صوتها كان يائسا صادقا, إلا أن الفرسان المقدسين لم ينزلوا سيوفهم بعد.

والسبب هو مظهرهم المشبوه.


"هناك شيء أريد قوله... أعني, هناك شيء أرجو من معبد سوليا بأن يستمع إليه.

إنه شيء مهم جدا"

أخرجت نينياي العشبة التي كانت في جيبها.

بسبب قذراة جيبها فقد اتسخت العشبة وانطبعت عليها بعض البقع السوداء.

ولكن بشكل عام فإنها لازالت واضحة.


وأيضا لازالت رائحة العشبة واضحة بالرغم من اختلاطها ببعض الروائح الأخرى.


"...هذا؟"

تقوّس حاجبي الكاهن.

"حول هذه العشبة الممنوعة, وحول الطابق السفلي لبرج السحر... هناك أمور أطلب منكم سماعها مني"


نظر الكاهن حوله, توتر الكاهن بسبب جهله حول القرار الذي سيتخذه الآن,

أغلقت نينياي عينيها بإحكام وبقيت ممسكة بالعشبة.


"أنا أعلم أنكم تحتقرون سكّان جنوب سوليا, ولكن, هؤلاء ليسوا من سكانها,

بدل التفكير بالأمر وكأنكم تسمعون القصة مني, فاعتبروا أن هذه قصتهم وليست قصتي"


"أبوربر..."

لربما بسبب تلك التجارب الوحشية, لم يتمكن الأشخاص خلص نينياي من الحديث بشكل سليم وصحيح.


كل ما كانوا يفعلونه هو خدش أذرعتهم أو وجوههم فقط.

لقد ذاقت نينياي نفس الألم الذي يذوقونه الآن.


"بسبب التجارب, فهم ليسوا بخير.

هذا هو السبب الذي منعهم من الحديث بشكل سليم, ولذا أنا... أتحدث نيابة..."

في اللحظة التي لازالت نينياي تشرح الوضع, ظهر شخص يرتدي ثوبا أكثر بياضا ونصاعة من الذي يرتديه الكاهن, وكان هذا الشخص يتوجه إلى داخل المعبد.

والآن توقف هذا الشخص للنظر نحو نينياي.

"..."

بعكس نينياي التي غطت نصف وجهها المشوه بواسطة غرة شعرها.

كان ذلك الشخص يغطي وجهه بواسطة حجاب نظيف.

استنتجت نينياي من ملابسه أنه شخص مهم في المعبد.


"رجااء!"

صاحت نينياي بصوت عال.


"رجاء, لضمان عدم حدوث هذا الأمر مرة أخرى!"

"..."


سار الشخص الذي غُطي وجهه بالحجاب نحو نينياي.

"الكاهنة..."

رفع الكهنة القريبين من المكان أيديهم لمنعها خوفا من أن تتضرر.


لكن الشخص ذو الحجاب أمرهم بإنزال أيديهم.

لازال الشخص يقترب من نينياي بالرغم من رائحتها الكريهة.


"هلّا أخبرتني باسمك؟"

لقد طلبت من نينياي أن تذكر اسمها.

"إن... إنه نينياي"

أجابتها نينياي.


رفع الشخص ذو الحجاب يده وكشف عن حجابه ببطء.

كانت تحدق نحو نينياي بنظرة قوية.

اهتزت كتفي نينياي بسبب وجهها الجميل الذي كان مغايرا عن ملامح وجهها.

لم تتمكن نينياي من النظر للكاهنة حتى.


"ام..."

"...؟"

حدقت الكاهنة لفترة نحو نينياي,

وبعدها علت الابتسامة على وجهها وقالت.

"أستيل"

"نعم؟"

لابد أن أستيل هو اسم الشخص الذي كان واقفا بجوار الكاهنة بريسيا.

"كم من أفراد المعبد يمكن أن تجمعهم الآن؟"



..................................................

صلّ على رسول الله




2018/07/13 · 2,298 مشاهدة · 1685 كلمة
GhaareebGH
نادي الروايات - 2024