بسم الله الرحمن الرحيم







..................................................



في جنوب سوليا.

في الوقت الذي بزغ في القمر.

انتشرت أصوات الصراخ من خلال أروقة المجارب.


"واااك!"

"كوااا"


وييك!


كلما ظهر صوت نصل يتحرك في الهوء كلما تبعه صوت صراخ بعد أن يظهر صوت قطع لحم.

كان الذين يصرخون هم الضعفاء الذين لا يملكون ذرة من القوة للدفاع عن نفسهم.

كانوا هؤلاء الأفراد من جنوب سوليا الذين ليس لهم أي مأوى.


"هذا... هذا الحقير!"

"من هذا النبيل اللعين؟"

"هذا المجنون, المجنون الفاسق"


كان الذي يحمل السيف هو سيد شاب لعائلة نبيلة,

إنه الابن الأكبر لعائلة إرينجيوم, أبلوك.

أثناء سيلان لعابه, كان يؤرجح السيف ويقطع كل متشرد أمامه.


"أنتم أبناء العاهرات! أتعتقدون أن بإمكانكم فعل هذا لي؟!"

بعد أن بلغت أعراضه الذروة بدأ أبلوك يصرخ بصوت غريب وقطع شخصا آخر بسيفه.


بسبب هجوم غير متوقع من قبل نبيل ما, أصبحت جنوب سوليا في فوضى وأصبحت مشابهة لحد كبير إلى الساحة الرئيسية لسوليا قبل يومين.

علاوة على ذلك, لم يكن في جنوب سوليا حرس ما ليقوموا بحل الأمر.

لم يكن هناك أي شيء من الممكن أن يزيل هذا الخطر ويبعده.


"لا تذعروا! كل ما نحتاج إليه هو إسقاطه في المجاري!"

"ارموا أي شيء يمكنكم الإمساك به! أقتلوه!"

"منذ متى خفنا نحن مشرّدي جنوب سوليا من النبلاء؟ اقتلوه! اقتلو المجنون اللعين هذا!"

بدأ المشردون الذين يهربون منه بتغيير موقفهم.

بدأوا يصبحون أكثر عنفا.


'إذا تم لدغك, فانتقم بلدغة أقوى'

كان ذلك بسبب شعارهم المشهور,


"انظروا إلى عيونه!, لا شك في ذلك! أسرعوا واقتلوه!"

"هذا اللقيط مجرد مدمن, أسقطوه أرضا!"

بدأ المشردون برمي كل شيء يمكنهم الاستحواذ عليه.

معظم الأشياء التي رموها عليه كانت تحتوي على بعض الفضلات, لذا كانت لزجة.

لم تتوقف أصوات القطع بالسيف...

ولكنها بدأت تقل بشكل ملحوظ, يبدو أن أبلوك بدأ يفقد طاقته.


"سلموها لي... سلموا مخدراتي... سلموا ما هو ملك لي!"

استمر أبلوك بأرجحة سيفه نحو المشردين.

ولكن الآن,

بسبب الفضلات التي غطت كامل جسده فقد بدأ جسمه يتحرك بطريقة غريبة.


إضافة لأعراض الإدمان التي يواجهها, بدأت المانا خاصته بالنضوب.

كان وضعه يتحول تدريجيا للأسوأ.

حتى 'هالة الشفرة' وهي التقنية التي يفخر بها لم تعد فعالة.


"اوو, اعطوني! اعطوني تلك المخدرات اللعينة"

"مهلا هذا يكفي!"

"توقفوا عن رمي الاشياء عليه, سيكون قتله خساره!"

في منتصف هذه المعركة الطينية الممتلئة بالفضلات.

بدأت هذه الهجمات بالانخفاض.

كان السبب هو كسب المال منه.


"إنه نبيل! بإمكاننا استخدامه كفدية, أو يمكننا أن نبيعه كعبد.

مهما كانت الطريق, فيمكننا كسب المال منه!"

"صحيح, أبقوه حيّا!"

"مهلا! توقفوا عن رمي الفضلات!"


بالطبع تواجدت آراء مختلفة تقول أنه ينبغي عليهم قتله فقط.


"مهلا! أأنت تهلوس؟ إنه مدمن للمخدرات لن يشتريه أي شخص! اقتلوه فقط!"

"هذا صحيح! هو الذي قام بضربنا أولا!

لما علينا أن نبقيه حيّا؟ إذا لم تتمكن من التعامل مع الأمر, لاحقا ستقتل أنت!"

"ومع ذلك, فهو نبيل! قتله مضيعة للمال!"

"يمكننا الحصول على بضعة أرغفة خبز منه!"

"أتذكرون ما حدث لبيتا؟ لا تتحمسوا لأجل عدد من أرغفة الخبز!"


باللحظة التي توقفت فيها الهجمات الطينية من مهاجمته بدأ أبلوك بالحركة مرة أخرى وقطع رأس رجل مشرد.


"كواااك!"

والآن تلطخت الفضلات التي حول أبلوك بالدم.

بدأ بالضحك 'هيهي'.

كانت ضحكته ضحكة مجنونة.

والآن انطلق نحو مشرد آخر.


"إذا لم تسلموني مخدراتي... إذًا فسآخذ دماءكم!"

"كما قلت! نحن بحاجة لقتل الحقير هذا!"


منذ لحظة, كان رجلا أسودا مغطى بالفضلات.

والآن بدأ لون دماء المشردين الأحمر بتغطيته.

أومأ مشردي جنوب سوليا وكأنهم وصلوا إلى اتفاق ما.

بالرغم من أنهم كانوا مشتتين ويتشاجرون مع بعضهم دائما.

إلا أنهم أظهروا تعاونا كبيرا هذه المرة.


هم لم يلقوا سوى الفضلات إلى الآن, ولكن يبدو أن الوقت قد حان ليصبحوا أكثر شراسة.


"اقتلوه"

"اقتلوه فحسب"

في اللحظة التي انطلق كل المشردين نحو أبلوك لقتله حدث شيء غريب.

"مطرقة الهواء..."

وووش!

ظهر شيء شبيه بالجدار بجانب أبلوك وانطلق نحوه وحطمه بالكامل.


"اووك, كرييك؟"

طار جسم أبلوك جنبا إلى صوت عظامه التي تم سحقها.

طار جسمه وكأنه طائرة ورقية وارتطم بجدار المجاري.


بعد أن شاهدوا جسده يضرب بشيء ما,

أوقف مشردي سوليا تحركاتهم ونظروا في بعضهم البعض.


"ما هذا؟"

تمتم شخص من المشردين.

قريبا, تمكن من سماع الإجابة...

"من الآن فصاعدا, أي شخص يتدخل بالأمر فسأقوم أنا شخصيا بحرقه"

واارورورك!

مع صوت شيء يحترق, حوّل المشردين نظرتهم نحو الصوت.

ظهر وميض أزرق فجأة وبدأ بالتراكم إلى ان اختفى فجأة وظهر رجل عجوز يقوم بحرق الأشياء حوله.

"هل...؟"

"إنه أسترو"

"ماذا؟ رئيس برج السحر؟"

"هذا الساحر العظيم؟ ما الذي أتى به هنا؟"


المشردين الذين لم يعرفوا العلاقة بين جنوب سوليا وبرج السحر ظهرت علامات الاستفهام على وجوههم.


فقط القلة الذين أدركوا الأمر بدأوا بالتراجع للخلف.

"أيها الفأر الصغير..."

بدا أسترو غاضبا كما لو كان على وشك الانفجار.

تخلص من جثث المشردين والفضلات التي كانت في طريقه باسخدام سحر الرياح.

سار أسترو نحو المكان الذي سقط فيه أبلوك وصرخ قائلا.

"هل كنت تعتقد بأني لن أعرف؟"

"...اووك"

أثناء سير أسترو نحوه, أخرج قطعة من العشب.

لم يتمكن أبلوك من التحكم في جسمه بسبب إصاباته وحدق نحو أسترو الذي كان يسير إليه.


"...؟"

وبعدها...

بدأت عينا أبلوك بالإشراق عندما لاحظ ما في يد أسترو.

"لقد كنت مراعيا لك وأعطيتك خصما على ما ترغب به,

ولكن إذا فعلت شيئا من هذا القبيل وخنتني..."


"آه..."

أظهر أسترو العشبة التي لطالما أرادها وتمناها أبلوك.

وبعد أن قام بإظهارها بدأ بهزها بيديه أمامه وكأنه يغويه بها.

انطلقت رائحة العشبة ودغدغت أنف أبلوك من بين روائح جنوب سوليا الكريهة.


كان أبلوك يقمع رغبته القوية بواسطة المذبحة الدموية التي صنعها,

ولكن الآن وأخيرا قد وصل لأقصى قدر ممكن.


"آه, اووو, آه!"

"أهذا ما تريده؟ أهذا هو الشيء الذي جعلك تجري في الأرجاء متخفيا بقناعك؟"

أومأ أبلوك على كلامه بجنون.


لربما كان الأمر بسبب جنونه, ولكن يبدو أن أبلوك لم ينصت أو يفهم أي كلمة قالها أسترو.

"لكن, ما الذي يجب عليّ فعله؟ إنه لعار كبير"

ظهرت ابتسامة على وجه أسترو وأخرج من جيبه شارة كانت شبيهة بخاصة أبلوك.


"يبدو أنك قد أسقطت هذا قبل خروجك"

"...؟!"

العشب الذي كان ينظر إليه برغبة شديدة اختفى من أمامه.


"آه, آه!"

بالرغم من أن العشبة احترقت وانتشرت أجزاؤها المحترقة على الأرض.

قام أبلوك بخدش الأرض وكأنه يحاول إعادة العشبة كما كانت.

وبالرغم من أن يده تلطخت بالكامل بسبب الرماد الذي ظهر بعد حرق العشبة إلا أنه لم ييأس وبقي يحاول إعادة العشبة كما كانت.


'ام؟'


كان أسترو ينظر إلى حالة أبلوك الجنونية.

ولكن خطر شيء ما إلى ذهنه فجأة.

أدرك أنه لم يفكر جيدا بسبب يده المقطوعة ودماغه الغاضب.

والآن لاحظ شيئا ما...

'ما هذا؟ شيء ما... يبدو غير صحيحا؟'


كان أسترو رجلا لم يذق طعم الخطر الحقيقي ولا مرة في حياته.

ولكن الآن, لأول مرة في حياته أدرك بأن هناك شيء خاطئ يحدث.

'ذلك اللعين... هل كان ضعيفا لهذه الدرجة؟'



***



والآن بعد وجبة العشاء.

كان إيان في طريق عودته إلى الفندق عندما توقف فجأة وقال

"أنا... أعتقد أنه يجب أن أذهب لقلعة سوليا"

"قلعة سوليا؟"


الأشخاص الثلاثة الذي كانوا يمشون أمامه توقفوا وأداروا رؤوسهم نحوه.


'لا يمكن...'

بعد أن شاهدت سيرا تعابيره الجدية أمالت رأسها أيضا بعلامة استفهام على وجهها.


"بغض النظر عن الطريقة التي أفكر بها. هناك شيء مريب حول عائلة إرينجيوم تلك"

"ما الذي تقصده بالمريب؟"

سمعت إيريس كلام إيان ثم سألته باستغراب.


"لربما لاحظت سيرا الأمر... يبدو أن أفراد عائلة إرينجيوم يستخدمون أمورا لا ينبغي عليهم استخدامها"

"يستخدمون شيئا لا ينبغي عليهم استخدامه؟"

"أنا أتحدث عن المخدرات"

"عفوا؟"

غطت إيريس فمها بيديها وتراجعت خطوتين للخلف من هول ما سمعته.

بدا الأمر وكأنها لم تتوقع سماع كلمة 'المخدرات' في المحادثة.


"الحقيقة, هي إنه قبل يومين كنت قد تواجهت مع الابن الأكبر لعائلة أبلوك, ولقد أظهر مهاراته وقدراته أمامي... ومنذ ذلك الوقت وأنا أشك بهم"

كانت طريقة سير المباريات مشبوهة ومريبة تماما.

في البداية تمكن أبليون من هزيمة المنافس الماهر في القتال المزدوج وهو الشخص الذي كان أقوى مرشح للفوز بالبطولة,

والآن مع مشاركته لآخر قتال كان قد هزم هزيمة نكراء من شخص يفترض أنه أضعف من المقاتل الازدواجي.


'هل ماحدث منطقي؟'

كلما فكر إيان بالأمر, كلما زادت شكوكه.

كانت هناك مشكلة بالتأكيد.


"هذا هو السبب الذي جعلني أرغب في الذهاب إلى قلعة سوليا للتحقيق حول خلفية عائلة إرينجيوم,

إن هذه المسألة هي مسألة خطيرة جدا"

قال إيان ذلك بوجه جدّي.


كانت طريقة تفكيره سليمة.

قبل عشرين عاما خلال الحرب العظمى عندما كان إيان يعمل مرتزقا.

لم يكن سبب حدوث الحرب تلك إلا من المخدرات.

كان إيان قلقا من نشوب حرب عظمى ثانية.


"سأقدم تقريرا لقلعة سوليا ثم أعود إليكم, انتظروني في الفندق رجاء..."

كان إيان على وشك الطلب من إيريس وسيرا ورايلي من انتظاره في الفندق إلى أن قاطعه صوت ما في منتصف حديثه.

"...أنا أريد الذهاب"


كان مصدر الصوت هو رايلي.

بدأ وجه إيان بالتجهم عندما سمع هذه الكلمات.


"عفوا؟"

"سنرافقك جميعا, أمي, ألا بأس بذلك؟"

"نعم لا مشكلة, ولكن..."

ردت إيريس على ابنها رايلي ثم نظرت ناحية سيرا لتعرف ما هي ردة فعلها حول الأمر.

يبدو أن سيرا لم تكن معارضة للأمر.


"ومع ذلك..."

تردد إيان.

إن الذي توقعه إيان من رايلي هو كلمات كسولة حول الأمر مثل أنه مجرد أمر مزعج.

والآن, بعكس توقعاته,

اقترح رايلي الذهاب مع إيان.


نظر رايلي نحو سيرا وتكلم.

"أن تكوني لوحدك, ألا تعتقدين أنه سيكون صعبا عليكي؟"

إنه يتحدث حول حرسة سيرا لرايلي وإيريس لوحدها بدون مساعدة من إيان.

"إذا رجعنا, فلن أتمكن من النوم على الأرجح..."

رايلي الذي نام طوال فترة البطولة هز كتفيه.

نظر إيان بنظرة فارغة نحو رايلي الذي ابتسم ابتسامة مخيفة توحي وكأنه يترقب شيئا ما.


"..."

لم يتمكن إيان من تصديق ما يراه, ولكن بعد أن تبادل النظرات مع رايلي,

قام إيان بخفض رأسه وقال.

"...حسنا, لنذهب جميعا"

هناك شيء ما خاطئ حول رايلي, ولكن كان إيان يؤمن بحقيقة أن رايلي خيّر يهتم بمن حوله.

لذا لم يقلق من أن يقوم رايلي بأي شيء سيء.

قاد إيان الطريق نحو قلعة سوليا.

"آه, انتظر... انتظر لحظة"


أمسك رايلي بكم إيان قبل أن يكملوا عدة خطوات.


"ماذا هناك سيدي الشاب؟"

أدار إيان رأسه ناحية رايلي وسأله.

"قبل إنطلاقنا..."

"...؟"


الأربعة الذين كانوا متجهين ناحية الفندق أصبحوا فجأة في الساحة الرئيسية.

وبسبب هجمات نينياي السحرية فقد أُغلقت الكثير من المحلات والمتاجر هنا,

ولكن بقيت معظم المتاجر على حالها واستمروا في عملهم.

نظر رايلي نحو أحد المتاجر وقال.

"هل يمكنني شراء بعض البيرة السوداء وإحضارها معي؟"

"...عفوا؟"

وبسبب طلب رايلي الغريب هذا ومع ابتسامة كبيرة على وجهه.

فلم يسع الثلاثة الذين ينظرون نحوه إلا أن يتعجبوا منه.


"أنا... فقط أشعر أنني عطش قليلا"

وبسبب تحديق الثلاثة نحوه بنظرة فارغة, قام رايلي بخدش رأسه وشرح لهم الأمر.



..................................................


صلّ على خير الأنام.

2018/07/13 · 2,318 مشاهدة · 1655 كلمة
GhaareebGH
نادي الروايات - 2024