46 - تعلقت السمكة بالطعم (2)

بسم الله الرحمن الرحيم







..................................................



"أخبرتني نينياي بشأن..."

في حين كان رايلي يشرب مشروبه المفضل فقد ظهر صوت ناعم يأتي من البعيد.

كان قادما من فتاة ترتدي حجابا على وجهها, وقد كانت الفتاة تواجه أسترو الآن.


"المخدرات والتجارب... بالصدفة, يا أيها الساحر العظيم أسترو, هل كانت لك علاقة بهذه الأمور؟"


"مخدرات؟"

بسبب كلمة 'مخدرات' التي ذكرت في سؤال بريسيا أصبح قائد الحراس الملكيين يحدق بنظرة شرسة ناحية أسترو.


"هاها, كيف يمكن أن يحدث هذا؟"

كان أسترو يحدق ناحية نينياي بحقد وغضب بسبب تدخلها وإيقافها لتعويذة الانتقال خاصته.


بالرغم من غضبه الشديد, إلا أنه أظهر ابتسامة كبيرة عندما نظر إلى بريسيا وأجابها.

"هذا غير صحيح, سيد برج السحر سيتورط في شيء كالمخدرات؟ سيكون هذا مثيرا للسخرية"


أجاب أسترو متظاهرا بالبراءة, وادّعى بأنه ليس له علاقة بهذه الأمور.

كان مظهره جيدا بابتسامته التي تعلو وجهه.

وبلحيته الرمادية التي تحركت مع الرياح أحيانا, كان يبدو رجلا صالحا لن يفعل أي شيء سيء.


ومع ذلك...

"..."


إجابته ومظهره المخادع لم يكونوا كافين بالنسبة لبريسيا.

بمظهرها وشكلها الجميل ككاهنة.

إنها الشخص الأقرب إلى السماء وهي التي تمت مباركتها من قبل إرينيستا.


"في هذه الحالة, سأطلب منك"

تغيرت عينا يريسيا من خلف الحجاب من اللون البني الداكن إلى اللون الذهبي.

"أيمكنك أن تقسم باسم إرينيستا بأنك تقول الحقيقة؟"


إنها قوة الكاهنة.

بواسطة عينيها الذهبيتان اللتان تحدقان نحو أسترو بشراسة, بإمكانها معرفة ما إن كان صادق أو كاذبا بكلامه.


"هذا..."


كان أسترو يبتسم باابتسامة الرجل اللطيف, ولكن بدأت ملامح وجهه بالتصلب,

لأنه كان مدرك لحقيقة تلك العيون الذهبية التي لن يتمكن من الكذب أمامها.


'هم؟'

في ناحية أخرى, رايلي الذي كان واقفا بجانب الحراس الملكيين, كان ينظر إلى بريسيا للحظة ثم إلى أسترو للحظة أخرى.

لقد كان منبهرا, كانت عيناه مشرقتان.


'هذا مثير للاهتمام, إنها مثل جهاز كشف الكذب'

لقد كانت هذه هي الفتاة نفسها التي تصرفت أمامه وكأنها فتاة صغيرة مراهقة وأخرجت الكلمات الدنيئة من فمها بلا اهتمام.


هذا الوجود الذي يسمى كاهنة, كان لدى رايلي مشاعر سيئة تجاهه من حياته السابقة.

كانت بريسيا لوحدها, ومع ذلك فقد كانت تضغط على سيد برج السحر والساحر العظيم أسترو,

بدأ رايلي بالتفكير بأنها ذات جرأة وصلابة بعكس ما توقعه.


"ألن تلبّي طلبي؟"

"..."

"سأسألك مرة أخرى, تلك المخدرات والتجارب الوحشية التي تحدثت عنها نينياي...

هل صحيح أنك أنت من كان مسؤولا عنهم؟"


سألته بريسيا مرة أخرى مع تعبير شرس على وجهها.

في هذه المرة, لم تكن بريسيا تسأله عما إذا كان له علاقة بالأمر أم لا,

بل سألته عمّا إذا كان هو المسؤول عنهم.


"آه"

أنزل أسترو رأسه للأسفل وتنهد تنهيدة أفرغت كل الهواء الذي بقي فترة في رئتيه.


بسبب قوة بريسيا ككاهنة فهو لم يكن بإمكانه الكذب.

وأيضا لقد كان محاطا بالحراس الملكيين بقلعة سوليا وأيضا بفرسان معبد سوليا المقدس.


وكأن كل هذا لم يكن كافيا, نينياي التي كانت تعتبر مجرد فأر تجارب تم رميه سابقا من برج السسحر بدوائرها الست ستتدخل إن أراد الهروب وستمنعه.


كان موقفا لا يحسد عليه.

غضب أسترو عندما فكر بأن هذا كله حدث بسبب المقنع اللعين الحقير.


"آه, آه, اههاه..."

أسقط أسترو كتفيه فجأة وبدأ بإظهار ضحكة هستيرية.


لقد كان محاصرا بالكامل.

مهما فكر بعقله فإنه لن يجد طريقة يهرب بها من هذا الوضع السيء.


وبالتالي, من الواضح...

"نعم"

أجاب أسترو.


"نعم...

نعم أنا هو الشخص الذي فعل كل هذا"

"..."

"المخدرات... نعم.

قمت بتصنيع المخدرات في الطابق السفلي لبرج السحر وقمت ببيعها للنبلاء.

ومن ثم جنيت الأموال لاستخدامها في التجارب, وأجريت بعض التجارب التافهة...

تلك التجارب لم تكن لتؤذي أي شخص"


'لم تكن لتؤذي أي شخص؟'


نينياي التي كانت واقفة بجانب أفراد المعبد المقدس شدت قبضتها عندما سمعت كلمات أسترو.

لقد بدأت بالارتعاش.


"أسترو..."

ضيقت بريسيا عينيها ونادت باسم أسترو.

صوتها, وأسلوب مناداتها له, كانوا يوضحون الغضب الذي في داخلها.


"نعم, هل هناك أي مشكلة؟"

"..."

خدشت أظافر نينياي جلدها.

هي لم تكن لتغضب لهذه الدرجة لو كانت هي الوحيدة التي تم استخدامها في التجارب فقط.


'ماذا عن الصبي الصغير الذي جلبته للمعبد قبل لحظات,

لقد كان محتجزا بداخل المختبر ويصرخ بكلمات تتوسل من أحد أن يقتله.

ما الذي فعله هذا الطفل ليجرب كل تلك العقاقير والمواد الكيميائية المؤلمة؟'


لقد أوشكت نينياي على أن تصرخ بكل غضب على أسترو.

إلى أن...

"ما كل هذا يا ابن العاهرة!!"

ظهر صوت صراخ قوي من الجانب, حتى أن اكتاف نينياي قد اهتزت.

صدى صوت الصراخ في المنطقة كلها.

في ضوء الصوت القوي هذا, كلٌ من نينياي وأفراد المعبد المقدس ومشردي جنوب سوليا وجهوا نظرتهم نحو مصدر الصوت.


"مخدرات؟ أنت صنعت المخدرات؟

أيها المختل الأحمق!

أتدري كم عدد الناس الذي بكوا بدموع دموية في الحرب العظمى؟

كيف تجرؤ؟!"

كان صاحب الصوت هو رجل عجوز بزيّ خادم ويحمل على زيّه مجموعة شارات تنتمي لعائلة إفيليتا.

كان هذا الشخص هو إيان.


'آه, طبلة أذني...'


الشخص الذي كان واقفا بجورا إيان هو رايلي, والآن هو يشتكي من طبلة أذنه التي عانت من الصوت القوي المفاجئ.

شعر وكأن أذنيه لن تتمكن من سماع شيء آخر وسيصبح أصمّا بسبب هذا الصراخ.


"ابن العاهر...!"

"..."

"..."


إيان الذي لم يكن قادرا على إخفاء انزعاجه وغضبه من الأمر, كان يتنفس بصعوبة,

ألقى نظرة على إيريس وسيرا ومن ثم أغلق شفتيه بقوة.


"منذ ذلك الوقت وأنا كنت أكره السحرة الأوغاد"

"آه لقد فهمت"

بعد أن تحدث إيان بصوت هادئ نسبيا, أجابه رايلي.

منذ ذلك الوقت الذي كان إيان يلقب فيه بلقب المرتزق البطل فقد كان يكره المخدرات كرها شديدا.


لقد توقع رايلي بالفعل بأن إيان سيكون غاضبا من كل هذا,

ولكنه لم يتوقع أبدا بأن تصل ردة فعله لهذه الدرجة.


"خصوصا الحقير هذا, من بين أبناء العاهرات كلهم, هذا الحقير...

هو المجنون الحقيقي من بين الجميع, انهم جميعا مجانين"

"...أجل"

نسي رايلي عادة إيان هذه منذ فترة طويلة.

ولكنه الآن بعد أن تذكرها أومأ مجيبا لكلامه.


"السيد الشاب"

"نعم؟ ما الأمر؟"


وضع إيان يده على مقبض السيف الذي على خصره.

كان جسم الرجل العجوز ممتلئا كله بهالة القتل, بدا الأمر وكأنه سيخرج السيف ويؤرجحه في أي لحظة.


"أنا أعلم بأن هذا ليس من شأني, ولكن رجاء, هلّا سمحت لي بالتدخل بالأمر؟"

"تتدخل؟"


"بالنسبة للأوغاد المجانين, بعض الضرب يعتبر دواء جيدا لهم.

لذا أود التدخل باسم شخص من عائلة إفيليتا, أريد أضرب هذا المجنون.

لن يكون قليه في مقلاة مليئة بالفضلات كافيا, بل ينبغي أن نقطع قطعة الفضلات هذه..."

"..."

"احّم... أنت ستسمح لي صحيح؟"


بالنظر لعيون إيان المثارة.

لم يعرف رايلي ما الذي يجب عليه فعله.

نظر نحو أمه وسيرا.

أم رايلي وسيرا هزوا أكتافهم أيضا, إنهم لا يعلمون ما هو القرار الصحيح أيضا.


"آه, هذا..."

بينما كان رايلي يفكر بالقرار الصحيح الذي يجب عليه اتخاذه,

سمع أصوات سلّ سيوف من حوله.

إنهم الحراس الملكيون لقلعة سوليا.


بالنظر إليه, من رأسه إلى دروعه إلى سيفه الذي يحمله ويوجهه ناحية أسترو, إنه قائد الحراس الملكيين, يقف بالمقدمة وخلفه الحراس الملكيين.

نظر ناحية أسترو بسيفه وقال.

"إن تصنيع وتوزيع المخدرات بداخل سوليا هو أخطر جريمة ممكنة, سأطلب منك بأن تأتي معنا لقلعة سوليا.

إياك أن تقاوم, رجاء فالتضع أصفاد المانا على يديك بهدوء"

بدأت المانا حول أسترو ترتفع بشكل ينذر بخطر قريب.


"ها... هاهاها"


الشخص الذي كسر الصمت الذي جاء بعد كلمات قائد الحرس هو أسترو.

إنه الشخص الذي قاموا بتحذيره.

هز كتفيه أثناء ضحكه.


غطى أسترو وجهه بيده اليمنى ومن ثم ألقى نظرة على كل الاشخاص المحيطين به.

الملامح التي كانت على وجهه تعبر عن رأيه.

لقد كان يعتقد بأن مواجهتم إثارة للسخرية.


"هل قلت للتو بأنك ستقوم باعتقالي؟"

رد عليه أسترو.


لم يكن هناك أي رد على كلام أسترو.

قبل لحظات فقط, كانت لحيته الرمادية تبدو لطيفة ومسالمة.

ولكن الآن بدت لحيته مرعبة.

بدأت نية القتل تشع من أسترو.


"بالصدفة, هل نسيتم من أنا؟ أنا هو الساحر العظيم ذو الدوائر السبعة"

تحول رأس أسترو.


بغض النظر عن المكان الذي يحدق به, فكل ما يراه هو العيون نفسها.

كانت كل تلك العيون تحدق إليه وكأنه شخص شرير.

بالرغم من أن هذا لم يكن واضحا, إلا أن هناك بعض العيون التي امتلأت بالخوف.


"أنا هو الشخص الوحيد ذو الدوائر السبعة في سوليا.

إذا قمتم بالقبض على الساحر العظيم الوحيد هنا, ومن ثم قامت راينفيلد أو أنسيريوم بإعلان الحرب على سوليا...

فكيف ستتعاملون مع الأمر؟"


لم يكن هناك أي جواب أيضا لسؤال هذا أيضا.


"ليس هناك أي شيء جيد من أن تصنعوا مني عدوا لكم.

هل أنا مخطئ؟

السيدة الكاهنة؟"

في هذه اللحظة, أدار أسترو رأسه ناحية بريسيا.


تمددت زاوية فم أسترو بسبب عدم قدرته على معرفة تعابير وجه بريسيا التي تحت الحجاب.

لربما توقع بأن الأمر بدأ ينعكس لمصلحته.


"...بالتأكيد, ستكون هناك مشكلة"

أجابت بريسيا.

وفي ضوء إجابتها الغير متوقعة أسقط الكهنة والفرسان المقدسون فكوكهم وحدقوا بعيون فارغة.


"بالطبع, هذا صحيح"

بدأت ابتسامة كبيرة تعلو وجه أسترو وكأنه انتصر بالمعركة.

أشار على الفور إلى نينياي وقال.

"بالنسبة لهذا الشيء الذي تخلصنا منه سابقا, حسنا.

بما أن برج السحر هو الذي قام بصنعها, لذا نحن هم الذين سيقومون بالتعامل معها, لذا..."


"هذا ما سيكون عليه الأمر إذا لم تأتني أي 'رسالة إلهية' مؤخرا"

"عفوا؟..."


الرسالة الإلهية.

كانت معجزة وهبتها إرينيستا للكاهنة.

بسماع كلمات بريسيا التي تشير إلى رسالة إلهية.

سرعان ما تعكرت ملامح وجه أسترو وضيّق عينيه وحدق نحو بريسيا.


"الآن, ما الذي تعنينه ب..."

"إن الرسالة الإلهية ليست من النوع الذي من الممكن أن يسمعها شخص ذو قلب أسود...

ولكن لألخص لك الأمر, تهديدك غير ناجح!"


بعدما أنهت بريسيا كلامها, قامت برفع يدها اليمنى.

وبإشارتها التي بدا وكأن الجميع ينتظرها.

قام فرسان المعبد المقدسون بتوجيه قوتهم المقدسة في سيوفهم ودروعهم وبدأ الضوء الذهبي يشع منهم.


"اعتقلوه..."

"أنتم!!"


في هذه اللحظة, بدأ الحراس الملكيون بالتدخل أيضا.

هؤلاء الأشخاص الذي استخدموا تقنيات السيف وأظهرت سيوفهم هالة زرقاء وانطلقوا نحو أسترو بسرعة فائقة.

كما هو متوقع, ربما لأنهم محاربين مخضرمين,

بدلا من وصفهم بأنهم يجرون نحو أسترو فقط,

بالإمكان وصفهم بأنهم ينطلقون نحوه وكأنهم يطيرون.


"الحاجز!"

بعدها, كل الفرسان المقدسون والحراس الملكيون بدأوا بأرجحة سيوفهم.


باام!


الفرسان المقدسون والحراس الملكيون تم إيقاف هجماتهم بواسطة جسم شفاف ظهر أمامهم فجأة.

انطلقت السيوف المحملة بالهالة الزرقاء والطاقة المقدسة ناحية الطبقة الشفافة بشكل مباشر.

وبالرغم من كل هذا فهم لم يتمكنوا من تدمير الحاجز.


"كوك؟!"

"هل هو حاجز ما؟"


تعكرت ملامح وجوه الفرسان.

وتغيرت ملامح أسترو أيضا.

"هذا مبرر للدفاع عن النفس"

بسبب أنه صنع حاجزا وهو يقف بداخله.

من المفترض ألا يمر أي هواء إليه.

ومع ذلك كانت لحيته الرمادية تتلوى وكأنها طائرة ورقية في مهرجان.


"الشحم"

ألقى أسترو تعويذة أخرى.

الشحم, تعويذة من الدائرة الأولى.

لقد نجحت التعويذة بجعل كل شخص بداخل مجالها يسقط أو ينزلق على الأرض.


"آه؟"

"كوك!"


بسبب التعوذة المفاجئة, سقط بعض الفرسان بالفعل على الأرض.

وبالنسبة لبعضهم فقد رقصوا بطريقة غريبة ليبقوا واقفين.


"المستنقع"

"ماذا؟

"اللعنة, قدمي..."

"إنه المستنقع! فالتخرجوا منه سريعا!"

بعد أن ألقى أسترو تعويذة الشحم ألقى بعدها تعويذة المستنقع مباشرة.

سحر الدائرة الثانية الذي يحول الأرض إلى رمال متحركة.

وأيضا قام أسترو بإلقاء تعويذة الطيران وحلق في الهواء.


"حتى ولو قمتي بهذا الآن, ما رأيكي بأن تتراجعي عن الكلمات التي قلتيها سابقا أيتها الكاهنة بريسيا؟

إذا حاولتم قتالي... فبالتأكيد ستكون هناك خسائر كبيرة"

"..."


رفعت بريسيا رأسها عاليا وحدقت في أسترو.

"العلاج..."

بينما ركزت بريسيا قوتها المقدسة وبدأت بنشرها حول المنطقة بأكملها.

المنطقة التي كانت قذرة بالكامل وممتلئة بمياه المجاري القذرة بدأت بالتغير فجأة.

وبعدها عادت إلى حالتها الأصلية... المنطقة بأكملها أصبحت نظيفة تماما.


بعد أن أنهت بريسيا عملها باستخدام قوتها المقدسة ونظّفت الأرض من تعويذات أسترو, نظرت ناحيته وقالت.


"بالنسبة لما قلته قبل قليل... أرجو أن تصحح كلامك, لأن عدم إيقافك الآن سيؤدي لخسائر أكبر من الخسائر التي ستحدث أثناء قتالك"

"هاه..."


وكأنه خلُص بأن النقاش لن يكون اختيارا مناسبا,

بدأ أسترو بإكمال تعويذته التي بدأ بإلقائها عندما حلق في الهواء.


بكرات نارية ضخمة بحجم المباني, حدق أسترو للأسفل وقال.

"حسنا, لا تترددوا في ذلك وحاولوا بقدر استطاعتكم"

أرجح أسترو يده.

الكرات النارية التي استدعاها أسترو بدأت بالانطلاق ناحية جنوب سوليا.



..................................................................






ترجمة: GhareebGH

2018/07/14 · 2,123 مشاهدة · 1864 كلمة
GhaareebGH
نادي الروايات - 2024