كانت جثة جاو يانغ ممددة على الأرض، وقد تهشمت ملامحه واختلطت دماؤه بالتراب، بينما وقف وانغ تشين بجواره، يحدّق ببرود إلى الحشد المتجمهر، الذين لم يجرؤ أيٌّ منهم على التنفس بصوت مرتفع.
كان من المستحيل على عقولهم أن تستوعب هذا التحول المفاجئ. كيف لفتى مدلل، لطالما نُعت بالأحمق عديم النفع، أن يُسقط سيد غو من المرتبة الرابعة بتلك القسوة الباردة؟
في الواقع، لم يكن وانغ تشين ممن يفضلون الاختباء أو الانتظار بصبر خلف الكواليس كما اعتاد أن يفعل فانغ يوان. لقد قرر منذ البداية أن يكشف عن مخالبه وأن يُعلن عن نفسه دون مواربة. وعلى عكس فانغ يوان الذي كان يقيّم الأوضاع ويحسن اختيار التوقيت، فإن الظروف المحيطة بوانغ تشين منحته الفرصة ليُظهر معدنه الحقيقي علناً.
كان قتله لجاو يانغ بمثابة إعلان صريح لطبيعته القاسية، وجنون مكنونٍ ظلّ يتربص خلف وجهه الهادئ.
من وجهة نظره، فإن الهيبة والمكانة لا تُنتزع إلا بالقوة، والولاء لا يُضمن إلا بالخوف والاحترام. لذا، حين سنحت له الفرصة، لم يتردد في اغتنامها لكسب هيبته بالدم.
أما عن مصدر قوته المفاجئة؟ فلم يشعر بأي حاجة إلى تبريرها. مكانته بوصفه السيد الشاب لعشيرة وانغ تكفي لسدّ أفواه المتسائلين.
تدريجياً، بدأ الضجيج الفوضوي تحت المظلة يتلاشى، وخيّم صمت ثقيل، تقطعه أنفاس متوترة ونظرات مصدومة.
حتى فينغ باي، الذي طالما عبّر عن امتعاضه من تعيينه معلّماً لهذا الفتى المدلل، غيّر موقفه تماماً، وانحنى برأسه في صمت، مشيراً إلى خضوع غير معلن.
وفي أعماق الحشد، تناهت أفكار صامتة:
> "هذا الفتى... إنه شيطان في جسد بشري!"
> "أسقط الشيخ الثاني بضربة واحدة؟ مستحيل!"
> "هل كانت الشائعات عنه مجرد ستار لإخفاء قوته الحقيقية؟"
> "هل وجد ميراثًا من العصور القديمة؟!"
لكن أحداً لم يجرؤ على النطق بها جهراً. كانت تلك الأفكار تنخر في قلوبهم مثل الحشرات، لكن الخوف قيّد ألسنتهم.
أما زعيم العشيرة، فقد بدا مضطرباً للوهلة الأولى، لكنه سرعان ما خفض رأسه، وأخفى ابتسامة راضية. لقد شعر بالارتياح لرؤية حفيده يُظهر تلك القسوة والحزم، حتى وإن لم يُفصح عن ذلك.
بالنسبة إلى وانغ تشين، فقد كان يعيش لحظة فريدة لا تشبه شيئاً مما مرّ به من قبل.
لقد قتل للتوّ إنسانًا لأول مرة في حياته. ومع ذلك، لم يشعر بالخوف أو الندم. على العكس، كان داخله يغلي بنشوة شيطانية لا يمكن تفسيرها. لقد أحب الشعور.
امتزجت الإثارة بالشهوة، واشتعلت فيه رغبة متوحشة للمزيد من الدم.
"يا إلهي... هل هكذا تعمل تقنية التهام الروح؟!"
تساؤله داخلي، لكنه كان كافياً ليوقظ فيه إدراكًا مرعبًا.
لقد حصل في لحظة واحدة على كل خبرات جاو يانغ المتراكمة، خصوصاً في مساري الأرض والشفاء، حتى أنه بات يلامس عتبة السيادة فيهما. لم يكتفِ بذلك، بل أحس بقوته الروحية تتضخم، وعقله أصبح أكثر صفاءً وذكاء.
كل تلك المكاسب، لمجرد التهام روح واحدة من سيد غو ضعيف نسبياً.
"فما الذي سأجنيه لو التهمت المزيد؟!"
كان هذا السؤال كفيلاً بإشعال نار الطمع في قلبه.
"آه... الآن أفهم لماذا كان الموقر الطيفي يتنفس القتل كما يتنفس الهواء!"
لكن رغم ذلك، لم يفقد السيطرة على نفسه. أجبر تلك المشاعر على الخمود المؤقت، وقال في نفسه:
"يجب أن أتحلى ببعض المرونة في هذا الطور من حياتي. لم يحن الوقت بعد لأُظهر وجهي الحقيقي."
استعاد توازنه ببطء، ثم وجّه نظراته المخيفة إلى الحشد من جديد.
تقدم بخطوات ثابتة نحو جثة جاو يانغ، وبدأ بنهب ديدان الغو واحدة تلو الأخرى، وألقى بها إلى فتحته البدائية كمن يؤدي طقساً مقدساً. كان يعلم جيداً أن ما يفعله يُعد جريمةً في نظر المسار الصالح، فديدان الغو من المفترض أن تؤول إلى عائلة الميت، لا إلى قاتله.
لكنه لم يكترث.
بعد أن انتهى من النهب، وقف وسط الباحة ونظر إلى الحضور ثم قال بصوت هادئ لكنه يقطر بالتهديد:
"هذا الخائن تجرأ على تهديد زعيم عشيرتنا وسعى لإحداث فتنة كان من شأنها جلب الدمار إلى القرية. لقد نال جزاءه العادل. إن كان لدى أحدكم اعتراض، فليتفضل."
خيّم الصمت من جديد. لم يجرؤ أحد على الرد.
وبعد برهة، ارتفع صوت من وسط الحشد:
"السيد الشاب أنقذنا من التمرد!"
ثم تبعه آخر:
"إنه عادل وقوي! أخيراً وجدنا من يعتمد عليه!"
وتوالت الهتافات:
"ليحيا السيد الشاب وانغ تشين!"
"لقد باركتنا السماء بوجوده بيننا!"
"إنه حفيد الزعيم بحق!"
كان هؤلاء أنفسهم من كانوا بالأمس يسخرون منه ويصفونه بالأحمق. والآن، صارت أصواتهم تعج بالمحبة والولاء.
"هكذا هو حال البشر..." فكّر وانغ تشين ببرود.
"يتبعون الأقوى، ويبدّلون مواقفهم كما يبدّلون أثوابهم."
سواء في عالم الغو أو العالم البشري، لم يكن للضعفاء مكان. الصواب والخطأ؟ يتم تحديده من قبل الأقوياء، وما البقية إلا تبعٌ لا قيمة لهم.
عندما انتهى كل شيء، بدأ الناس بالانصراف بهدوء. وحده فينغ باي بقي واقفاً بجانب وانغ تشين، ثم انحنى وقال:
"السيد وانغ تشين، إنه لشرف كبير أن أعيش حتى أعلّمك بنفسي. أرجو أن نبدأ التدريب."
لكن وانغ تشين ابتسم بازدراء وقال:
"ومن قال لك إني أحتاجك لتعلّمني؟"
ظهرت كرة سوداء في كفه فجأة، واندفعت لتصيب جسد فينغ باي الذي لم يكن مستعداً.
تجمد
في مكانه، عاجزاً عن الحركة.
اقترب منه وانغ تشين، ثم قال ببرود:
"وقت فراغي محدود."
"التهام الروح."
لقد مات ..