في منتصف الباحة الأمامية ، وقف وانغ تشين وحيدًا ، غارقًا في النشوة .

تمتم ضاحكًا:

"ممتاز ! لقد صعدت مباشرة إلى مستوى السيد في مسار الروح ، ودون بذل الكثير من الجهد. هاهاها! يبدو الأمر رائعًا. بوصولي إلى هذا الحد، أصبحت الأمور أكثر سلاسة مما مضى. أشعر أن رؤيتي للمسار تحولت من العمى إلى الوضوح التام. هوووه، لا شيء يضاهي المعرفة ! "

كانت هذه هي القتلة الثانية لوانغ تشين، وجاءت مباشرة بعد الأولى، وعلى عكس ما كان مخططًا له.

في الواقع، كان قد قرر تأجيل المزيد من إراقة الدماء حتى تهدأ الأمواج المحيطة ويخف الضغط عليه، خاصة بعد أن قضى على جاو فاي أمام أعين الجميع، على الرغم من كونه كان الفتى الأحمق والضعيف في أنظارهم، مما خلق صدمة عميقة في النفوس.

وبالتالي، فإن إراقة المزيد من الدم كانت ستؤدي إلى تراكم المشكلات .

لكنه، وبمجرد إجرائه للاختبار، استطاع أن يقرأ في عيني فينغ باي الشك الواضح، والذي غالبًا ما تصاحبه تساؤلات غير مرغوبة. علاوة على ذلك، فإن هذا الشخص يحترف مسار الروح بالفعل، مما يجعل بقائه خطيرًا للغاية. في حين أن القضاء عليه سيسمح للفوائد بالتدفق مباشرة، كما أن الخبرة التي يملكها في مسار الروح كانت شيئًا رغبه وانغ تشين بشدة لتعويض نقص المعلومات لديه.

كل هذه العوامل كانت كفيلة بجعل حواس وانغ تشين تشتعل برغبة شرسة نحو القضاء على هذا البائس بسرعة، وتوفير الوقت والجهد في دروس لا جدوى منها، وبالتأكيد لن تخلو من التضليل أو حجب المعلومات الأكثر أهمية.

مما جعل "الالتهام المميت" هو الوسيلة المضمونة لتحقيق أعلى نسبة من المكاسب مع أدنى مستوى من المخاطر. فما المانع إذًا من استعماله مرتين أو ثلاث؟!

القناعة التي استنبطها وانغ تشين من تأثره بفانغ يوان هي أنه دون التعرض للمزيد من التحديات فلا توجد قابلية للتطور.

المحن غالبًا ما جاءت مصحوبة بالمنح.

"الآن جاء وقت الحصاد ، اسمح لي باستعارة ديدان الغو خاصتك !"

انحنى وانغ تشين إلى الجثة الملقاة على الأرض في حالة رثة ، وأخذ يشرع في نهب ديدان الغو خاصتها حتى أفرغها من كل شيء . ثم مشى قليلًا تجاه البحيرة ، ناحية حافة القصر، وأعطى الأمر لأحد الثعابين المجنونة بالأسفل ، والذي قام بدوره بالخروج سريعًا ليلتقم جثة فينغ باي ، فتحولت إلى طعام في بطنه .

"الآن تم تسوية كل شيء بنجاح! هييييه، يا له من إنجاز في هذا اليوم. " تنهد وانغ تشين و نظر متأملًا المحيط من حوله، ثم رفع بصره للأعلى ونظر إلى الغراب الماكر و أرتسمت على وجهه إبتسامه ملتويه ، ثم مضى إلى الداخل .

"لقد بذلت جهدًا مضنيًا في إخفاء نفسي من أعين هذا اللعين، لكنه قام باكتشافي رغم كل شيء، همممم." تمتم الغراب.

" سحقاً له ، هذا الفتى لديه تقارب شديد مع السيد , إنه بالتأكيد سيجلب دمارًا حقيقيًا للعالم . تبًا.. هذا يذكرني بالأيام الخالية،، عاااااا عااااا." أخيرًا، بعد هذه التمتمة التي لم تخلُ من بعض النعيق المزعج، طار من فوق الغصن إلى حيث مكان مجهول .

*******

بالعودة لما قبل 300 الف سنة ، و في بقعة مهجورة طافية على سطح نهر الزمن ، ظهرت جزيرة غير مأهولة، محاطة بحواجز حجرية تشع بهالة من الضوء الأحمر الخافت ، أمواج الزمن كانت تتدفق حولها، شديد كثقل الأعصار، مسرَّبة هالات سحيقة لا يمكن للعالم الخارجي تحملها.

وسط النهر ارتفع منزل غو عملاق، تلمع عليه نقوش الحظ والدم، وتتوهج أسطحه بأختام الذهب اللامع. الباب يُفتح، وتخرج منه هالة هائلة، تكفي لسحق الجبال والوديان

ظهر الموقر الشمس العملاقة، بشعره الذهبي يتطاير، وصدره العاري يلمع تحت وهج منزل الغو. عيناه كانتا عميقتين كدوامة حظ، تحوي آلاف النيازك من الاحتمالات.

فجأة، صعدت زهرة لوتس حمراء كالغروب وبدئت تتضخم وتنمو حتى بلغت حجم شجرة فارهة الطول ثم انشقت وخرج منها كيان مكسو بوشاح أحمر داكن تتطاير أطرافه كبتلات لوتس محترقة. الموقر اللوتس الأحمر، صامت كالموت، عينيه مغمورتان بنظرة اخترقت الماضي والمستقبل معًا.

قال اللوتس الأحمر بهدوء و وجهه تكسوه الإبتسامه :

"لقد وصلنا إلى النقطة الحاسمة ، جو يانغ „ لا مفر من التضحية بمبنى اليانغ الحقيقي "

صمت الموقر الشمس العملاقة، ثم نظر بعيدًا نحو تموجات نهر الزمن وقال:

" هونغ تينغ „ ذاك المبنى يحمل ميراثي... كنوز لا تُقدَّر بثمن، وخطط آلاف السنين. لماذا أضحي بها من أجل مجرد شيطان من عالم ٱخر ؟! "

رد اللوتس الأحمر بثقة:

" لأنه هو الوحيد الذي يستطيع تدمير غو القدر. أنا وأنت... حتى ونحن موقران، فشلنا. أما هو... فانغ يوان، وريث الظلام، وريث الحظ المعكوس، قد يتجاوز حتى أعظم الموقرين."

زمّ الموقر الشمس العملاقة شفتيه، وتجمعت حوله رموز القدر والحظ، تتصادم بصمت.

قال بعد لحظة طويلة:

"أنت تطلب أن أضحي بكل شيء زرعته لأجل احتمال ضئيل؟"

رد اللوتس الأحمر بنبرة قاطعة:

"بل لأجل المستقبل. من دون سقوط مبنى اليانغ الحقيقي، لن يحصل فانغ يوان على المفاتيح اللازمة لاختراق قاعة القدر. ومن دون دعمنا من الخلف، لن يتمكن من تحدي المحكمة السماوية. إن خطة ’ثورة القدر‘ بحاجة إلى تضحية... ونحن أول من يجب أن يدفع الثمن."

ارتفعت الشمس خلف الموقر الشمس العملاقة، متوهجة بلون دموي غير مألوف.

ثم تنفس ببطء وقال:

"جيد. ليكن. إن كان قدر هذا العالم يجب أن يُكسر، فلنُحطم جدرانه بأيدينا ،لكن لا يزال بحثي في مسار الدم لم يكتمل بعد ، وسأحتاج للرجوع مره أخرى والقيام باعمال جريئة . هونغ تينغ."

على الفور فهم اللوتس الأحمر نواياه وأجاب :

" بالتأكيد .. اضمن لك أني لن اكون عدواً "

" وماذا عن البقية ؟! "

" همم ... الأمر يعتمد عليك حينها "

وهكذا، على تلك الجزيرة المهجورة في نهر الزمن، تم رسم أحد أخطر التحالفات في تاريخ عالم الغو — تحالف بين موقرين من عصور مختلفة، من أجل ولادة مستقبل لا يمكن التنبؤ به... من أجل فانغ يوان .

******

بالعودة للوقت الحالي، أمام ركام مبنى اليانغ الحقيقي المحطم، كان يقف بعض الجنود المتعبين، الجرحى، الملوَّثين برائحة الموت. في مقدمتهم، كان يقف وانغ لي، والد وانغ تشين، الزعيم الفعلي لعشيرة وانغ.

اقترب منه أحد الجنود ثم قال منحنياً:

"سيدي، لقد انتهينا من جمع كافة الإستعدادات ، وحملنا جنودنا المصابين في منازل السحالي كما أمرت. الآن، نحن في انتظار أوامرك التالية."

وانغ لي، الذي كان قد سلّمه والده فو ياو الزعامة قبل سنوات، خرج قبل فترة قصيرة بصحبة غالبية جيش العشيرة للمشاركة في أحداث مبنى اليانغ الحقيقي، ذلك الحدث العظيم الذي يتكرر كل عشر سنوات. كان الهدف واضحًا: تعزيز مكانة العشيرة، الحصول على الكنوز، وربما الظفر بميراثٍ خالد.

لكن هذه المرة، لم يعد بالنصر.

فقد دُمّر المبنى على يد قوى مجهولة، وغرق الميدان في فوضى عارمة. أكثر من نصف جنوده ماتوا، وتفككت قبيلة "هي" — القبيلة التي كانت عشيرة وانغ تتبع لها وتتلقى منها الدعم والتوجيه.

نظر وانغ لي في الركام من أمامه بأسى عميق. لم يكن يعلم حقيقة ما حدث بالضبط داخل المبنى، ولا مَن أشعل فتيل الدمار. لكنه كان يعلم شيئًا واحدًا: أن إرث أجداده قد ذهب الآن بلا عودة، آخذًا معه ركام هذا الصرح أو ما تبقى منه.

"هيا لنعد جميعًا إلى التلة، لا توجد فائدة من البقاء هنا أكثر من ذلك."

الآن، هو قادم للقرية بعينين غارقتين في الصمت، أدرك أن العشيرة تقف على شفا الهاوية. بلا جيش حقيقي، بلا حلفاء، وبلا حماية.

أدرك أنه عليه أن يحمل عبء الأيام القادمة، بكل ما فيها من فوضى، ومخاطر، وتهديدات لا تُعد ولا تُحصى. لقد كان طريق العودة ثقيلًا للغاية، فما مضى لم يكن سهلًا وما سيأتي هو أسوأ من ذلك

صورة تقريبية معطوبة لوصف السهول الشمالية بمساعدة الذكاء الإصطناعي

2025/07/25 · 37 مشاهدة · 1166 كلمة
EL7zrd
نادي الروايات - 2025