دقّت الطبول البرونزية في ساحة القصر، معلنة عودة وانغ لي، قائد عشيرة وانغ.

وقف فو ياو، الشيخ الأعلى للعشيرة، يضع يديه خلف ظهره، ينظر إليه بنظرة ثابتة تحمل مزيجاً من القلق والحزم.

همس بصوت منخفض:

"وانغ لي عاد أخيراً..."

وقف الحرس على جانبي الممر الحجري، وساد صمت رسمي.

اقترب فارس ترتدي ملابسه أثر التعب، لكنه يحمل ختم العشيرة بيد ثابتة.

ترجل وانغ لي، عيناه نصف مغلقتان وكأن السهر أرهقه، ولحيته تغطي نصف وجهه المتعب.

انحنى أمام فو ياو وقال بصوت جاف:

"تأخرت في العودة، يا والدي، مبنى اليانغ الحقيقي دُمّر بالكامل."

ابتسم فو ياو بحنان لكن عينيه تحملان جدية:

"الخبر وصلنا، المهم أنك عدت سالماً. عودتك أهم من أي شيء آخر."

تنهد وانغ لي وقال بمرارة:

"لكن الكثير من أفراد العشيرة لم يَنجوا، والدمار كان شاملاً."

اقترب فو ياو ومسح كتف وانغ لي قائلاً:

"القائد لا يُظهر ضعفه، كما في كل مرة، سنتجاوز هذه المحنة. نحن أحفاد الشمس العملاقة الخالدة، كل تحدٍّ يزيدنا قوة."

بدأت الغيوم تتجمع في السماء مع الرعد والبرق، نظر فو ياو إلى الأعلى وقال:

"يبدو أن السماء ستُمطر بغزارة، هيا نكمل الحديث داخل القاعة."

فتح الباب الحجري المؤدي إلى قاعة الزهور، ودخل الشيوخ واحداً تلو الآخر. المقاعد الأمامية مخصصة لكبار العشيرة، وخلفهم جلس الشباب الطموح، ومن بينهم وانغ تشين الذي دخل متأخراً.

انحنى الجميع حين جلس فو ياو على كرسيه العالي، وجلس بجانبه وانغ لي.

قال فو ياو:

"ابدأ، نريد سماع كل التفاصيل."

تنفس وانغ لي بعمق وقال:

"الحدث كان غريباً. عند دخولنا المتاهة داخل مبنى اليانغ الحقيقي، بدأت الأرض تهتز فجأة، كأن قوة غامضة تستيقظ. ألسنة لهب سوداء انطلقت من الأعمدة الصغيرة، وانهدت الجدران الروحية بسرعة، وسقط الجنود واحداً تلو الآخر... ثم ظهر ضوء أصفر قوي يشبه قوس قزح مكسور ينبثق من قلب المبنى. وفي اللحظة نفسها، سمعت همساً يقول: 'العهد قريب، والمصير سيتحقق.'"

تبادل الشيوخ النظرات بقلق، وعمّ الهمس في القاعة.

قال أحد الشيوخ ذو اللحية البيضاء وهو يحدق:

"هل كنت تسمع صوت روح غو، أم كان مجرد وهم؟"

هز وانغ لي رأسه:

"لا أعلم، لكني رأيت شخصاً غريباً يرتدي رداءً بلون الغروب يراقب من بعيد، ثم اختفى وسط الدمار."

عمّ الصمت، وبدأ الشيوخ يتحدثون بهدوء ويتحسسون مدى خطورة الموقف.

تمتم الشيخ يو فانغ، ذو العين الواحدة، بصوت جاف:

"لو كان ما تقول صحيحاً، فدمار المبنى لم يكن صدفة، بل مخطط له."

قال آخر:

"أوافق الشيخ يو فانغ، لا يمكن أن يقع هذا الدمار الكبير هكذا بسهولة. لابد أن هناك قوة غو خالدة تقف وراءه."

هزّ شيخ ثالث رأسه وقال:

"إذا كانت هذه حقيقة، فهذا يعني أن هناك من يريد فضح ضعف عشيرة هوانغ جين من الداخل."

ضرب فو ياو الطاولة بقوة قائلاً:

"كفى! المبنى سقط، وهذا حقيقة لا مفر منها. الآن علينا التركيز على كيفية التصدي للتحديات القادمة وحماية عشيرتنا."

عمّت القاعة حالة من الجدية.

تابع فو ياو:

"نحن على بعد أقل من شهر من موسم اجتياح الوحوش الثلاثي، وهو حدث يحدث كل ثلاث سنوات. في آخر مرة فقدنا فيها أربعين سيد غو، وهذه المرة قوتنا ضعفت للنصف. لا نتلقى دعماً من عشيرة مو، ولا عائلة جي هوا، ولا حتى حلفاء قرية لينغ."

قال شيخ بنبرة حادة:

"الكل ينتظر سقوطنا ليستولي على خيراتنا. هؤلاء الذين وقفنا معهم في السابق، لم يعودوا يقدمون لنا شيئاً. كفى!"

طرق فو ياو الطاولة بخفة وقال بنبرة عميقة:

"مهما حدث مع مبنى اليانغ الحقيقي، الخطر الأكبر أمامنا هو موسم الاجتياح. يجب أن نكون مستعدين تماماً."

انخفضت الأصوات وتغيرت تعبيرات الحضور.

تنحنح الشيخ وانغ جينغ، أكبر حكماء العشيرة، وقال بصوت ثقيل:

"تتحدثون عن الاجتياح كما لو كان أمراً اعتيادياً، لكن هل تتذكرون ما حدث قبل ثلاث سنوات؟ قرية شياو دُمرت بالكامل."

صمت الجميع ونظروا إليه.

أضاف:

"في اليوم الرابع من الموسم، سمعنا عواء غريب من الغابات. ظنناه ذئاباً، لكنه كان أشباحاً من الجحيم. قطيع ذئاب الدم الثلجي كان أولهم، مخالبهم مسمومة وأسنانهم تخترق الفتحات البدائية."

"تبعهم أفعى الفولاذ ذات القرنَين، جسدها من الحديد، تطلق غازات سامة تذيب الحجر. خلال ثلاث ساعات، تحولت القرية إلى رماد. حتى أساتذة غو من الرتبة الرابعة ماتوا وهم يتألمون."

تنهد الشيخ جينغ بحزن:

"هذا الاجتياح لم يكن طبيعياً. الوحوش كانت منظمة كما لو كانت تتبع دودة غو ذكية."

قال فو ياو بنبرة صارمة:

"إذا حدث هذا مرة أخرى، فلن تصمد عشيرة وانغ. قوتنا ضعفت، ولا مجال للضعف."

وقف وانغ تشين من مكانه، وركع أمام والده، وعيناه تلمعان بالحزن:

"أبتاه... أخشى أن الاجتياح ليس أخطر ما يهددنا."

نظر وانغ لي بغضب:

"ماذا تعني؟ ما هو الخطر الحقيقي؟ أخبرنا."

أجهش وانغ تشين بالبكاء وقال بحزن:

"خلال غيابك ارادت عشيرة مو شانغ إذلالنا من خلال خطة قذرة "

صمت قليلاً واختلط صمته بالدموع ثم اكمل قائلا :

" في الواقع حاول أحد سادة شباب عشيرة مو شانغ استدراجي لكمين بدافع الصداقة ، وكاد يقتلني. لو لم يتدخل سادة غو القرية، لما كنت هنا اليوم."

ضرب الشيخ يو فانغ الأرض بعصاه قائلاً بغضب:

"وقاحة! هذه ليست المرة الأولى التي يتجرؤون فيها على كرامتنا. لن نسكت!"

اشتعلت القاعة بالغضب والتأييد، لكن الولاءات بدت مشتتة.

في الزاوية، جلس جاو مينغ، ابن جاو باي، يراقب وانغ تشين ببرود:

"هذا هو ، هذا من سرق حياة والدي؟ هذا الطفل التافه الذي يُبكي الجميع بدموع التماسيح "

"دعهم يتمسّكون ببعضهم الآن... في موسم الوحوش القادم، سيكون مقتل وانغ تشين حادثًا مأساويًا… لا أكثر ."

ابتسم ابتسامة باردة وأغمض عينيه، وبدأ يفكر في خطة لإسقاطه.

نظر وانغ لي إلى ابنه وقال بحزم:

"إذا حاولوا الاقتراب منك، سنضمن سحقهم قبل الاجتياح."

"غداً، سنبدأ التحرك ضد عشيرة مو شانغ، وبغض النظر عن الخسائر، لن نهدأ حتى ننتقم."

امتلأت القاعة بالحماسة والهتافات:

"هذا هو!"

"نعم، يجب أن ننتقم!"

"علينا أن نثبت قوتنا!"

"المعتدون سيدفعون الثمن!"

وقبل انتهاء الاجتماع، نهض فو ياو وقال:

"الجميع ، لقد عدتم من معارك صعبة ، من الافضل أن تستريحوا للغد ، وفي اليوم التالي سوف نقوم بسحق المعتدين "

ثم اشار لكافة الحضور بالإنصراف

2025/07/29 · 30 مشاهدة · 922 كلمة
EL7zrd
نادي الروايات - 2025