العصر القديم – قبل مليون عام تقريبًا

السهول الشمالية – قرية مهجورة على أطراف أرض الصقيع

كان الجو رماديًا، والريح الباردة تصفع جدران الأكواخ المهترئة .

جلس صبي في الحادية عشرة على عتبة كوخ متهدم ، يرتدي رداءً ممزقًا بالكاد يستر جسده النحيل .

عيناه السوداوان كانتا أعمق من سنّه، لا تحملان براءة، بل احتراقًا صامتًا.

كان يُدعى "يِنغ هان" (影寒)، مجرد لقيط شريد نبت في زوايا البؤس.

لكن في تلك الليلة، بدأ شيء ما يتغير.

في الساحة، تجمّع بضعة فقراء حول نار خافتة. شيخ مسن بلحية بيضاء وعينين مطفأتين جلس على صخرة محدقاً في الشرر ، ثم قال بصوت خافت، محاطٍ بالرهبة:

"يُقال إن رين زو، في أحلك اوقاته ، وجد غو نادرة تُدعى غو العُقد السابعة. لم تكن غو قتاليّة، بل غو معرفيّة. من يمتلكها، يستطيع أن يرى العُقد السبع في مصيره."

تناول من بعض الحساء بجانبه ثم تابع قائلاً :

"رأى رين زو أن عُقدته الأولى كانت الولادة في المكان الخاطئ. الثانية حب الأم الزائف. الثالثة الخيانة من الأخ. والرابعة... موته الأول.

ثم رأى الخامسة: رغبته في تمزيق القدر.

والسادسة: العزلة الكبرى، حيث لا إله ولا بشر يصغون .

أمّا السابعة... فلم يرَها، لأنها كانت مخفية حتى عن غو نفسها."

ثم ابتسم الشيخ، نصف حزن ونصف دهشة:

"قال رين زو للغو :

— أيمكنني أن أُحلّ العُقد كلها؟

فردّت غو العُقدة:

— إنك تُشبه الخيط يا رين زو، كلما حاولت شدّه، اشتدت العُقد أكثر."

قال لها متحديًا :

— سأحرق الخيط !

قالت:

— إذًا ستحترق معه.

فردّ :

— لا بأس. سأولد من رمادي خيطًا آخر."

صمتٌ خيّم على المكان.

"ولكنه حين أوشك أن يستخدم غو النار الأزليّة لحرق "خيط المصير"، قالت له غو العُقدة:

— إنك الآن على حافة العُقدة السابعة. إما أن تحرقها، أو...

فقال :

— أو ماذا؟

قالت:

— أو تفكّها، كما تفكّ الأم ثوب طفلها قبل أن تغسله."

أغمض رين زو عينيه، وقال بهدوء:

"ربما... لا أحتاج أن أقاتل القدر. ربما، أحتاج فقط أن أفهمه."

عندها فقط، رأى العُقدة السابعة : الذات نفسها.

---

يرفع الشيخ بصره، ثم يهمس:

"يقال إن رين زو في تلك الليلة... لم يربح، ولم يخسر. لكنه ابتسم ابتسامة لم يرَها أحد من قبل."

"حين خسر رين زو العظيم كل شيء، قال:

‘من يسير في الوحل، قد يصعد إلى السماء، لكنه لا يحق له كره الأرض تحت قدميه. فالقدر رحيم بمن يقبله.’"

ثم تمتم:

"لا تسخطوا. لا تغضبوا. ما كُتب لكم فسيأتي، وما حُرمتم منه، لم يكن لكم منذ البداية..."

ضحكة مريرة خرجت من الطفل عند العتبة. نهض وسار بهدوء نحو الحلقة، نظر في عيونهم، ثم قال:

"إذًا، رين زو خسر كل شيء... وقَبِل بذلك؟"

أومأ الشيخ دون رد .

"لو كنت مكانه، لم أكن لأقبل. كنت سأمزّق القدر نفسه."

احترقت عيناه بشرارة أقرب إلى الجنون :

> "السماء؟ الأرض؟ القدر؟... كلها سلاسل. من يرضى، يختار قيوده. أما أنا... فسأكسرها."

سكت الجميع. قال الشيخ بتحفظ:

> "كلماتك خطيرة... من يسلك هذا الدرب، لا يعود."

ردّ الطفل وهو يحدق في لهب النار:

> "وهذا ما يجعله مثيرًا."

ثم غادر... كما لو أن الظلام كان نداءه الأول.

---

بعد 20 عامًا

السهول الشمالية – أطلال معبد سماوي غابر

وقف شاب ذو شعر طويل، يرتدي ثيابًا رمادية مهترئة، عيناه كأنهما تحدّقان في شيء لا تراه العيون.

كان يقف وسط أنقاض معبد منهار، عند قدميه جثة خالد من المرتبة السابعه ، محاطة ببقايا غو ممزقة، أدوات فلكية مكسورة، وساعة رملية متوقفة.

مدّ الشاب يده، التقط حبّة رمل، وهمس:

> "حتى بمساعدة مسار الزمن... لم يستطع هذا المسكين الحفاظ على لحظاته."

جلس، وأخرج لوحًا من الحجر الأزرق، وبدأ ينقش فيه رموز داو غير معروفة.

قال بهدوء:

> "النار، الأرض، الدم، السماء، الظلام، الروح ، الزمن ... كأن الكون مجرد تشريحٍ لمسارات.

لكن من سمح لتلك المسارات أن توجد؟ من وضع النظام ثم فرضه؟"

أغمض عينيه، وأطلق روحه في خواطره.

اختلطت أفكاره، وامتزجت روحه بمكنونات الطبيعة.

ثم بدأ شيء غريب يتشكّل في فتحته الخالدة، شيء لا يشبه أي مسار آخر.

فتح عينيه، وكتب الكلمة الأولى :

> "مسار الحكم"

---

بعد 5 سنوات

السهول الشمالية – قرب أدغال جبل شيان

ظهر شاب يبدو في الخامسة والعشرين من عمره، لكن هالته كانت هالة داو خالدة من المرتبة السابعة .

أمامه بثلاثين خطوة، وقف رجل يرتدي عباءة أرجوانية، تتوهج حوله هالة خالدة من الرتبة الثامنة .

صرخ :

> "أخيرًا التقينا، أيها الوغد! لقد أفسدت السهول الشمالية! ونشرت الخراب في كل مكان، الآن... جاء وقت انتقامي !"

ابتسم الشاب دون أن ينظر إليه:

"أنا لم أُفسد شيئًا عن عمد ... كان ذلك لغرض تأسيس قونين الداو الخاص بي "

" إذاً تذوق طعم قانوني .. مُت.""

أطلق خصمه غو هجوميًا من مسار البرق، على شكل رمح ذهبي يشبه زئير السماء.

لكن الشاب حرّك إصبعه الأوسط فقط... فتجمّد الرمح في الهواء.

> "الحكم الأول: ما يتحرك بلا سبب... يعود بلا أثر."

رسم الشاب دائرة داوية بيده. فتحت تموجات في الفضاء، وظهرت غو غير مصنّفة، تصرخ من الداخل.

> "الحكم الثاني: كل غو وُجدت تحت سلطة قانون داو. إن كسرتَه، أطلقت وحشًا. وإن فهمتَه... خلقت قانونًا جديدًا."

صاح الخصم :

> "هذا هراء! لا وجود لشيء اسمه قانون داو شامل!"

نظر إليه الشاب نظرة باردة:

> "وهذا هو خطأكم الأول."

اختفى وظهر خلفه، واضعًا يده على ظهره.

> "الحكم الثالث: من لا يحترم القانون... يصبح عبرة ، حكم التبديل ."

اضاءت يده بشعاع ذهبي ثم تحوّل الرجل إلى تمثال رملي وسقط أرضًا.

---

عاد الشاب إلى لوحه الحجري، ونقش:

> "الحكم الرابع : كل مسار... في النهاية، يُحكم بمسار آخر ،حكم الإشتقاق"

— كانت هذه هي بداية عصر الموقر الشيطان بلا حدود

---

2025/07/30 · 30 مشاهدة · 886 كلمة
EL7zrd
نادي الروايات - 2025