كان الليل قد خيّم على قرية وانغ، والرياح تعصف برايات العشيرة المعلّقة على الأعمدة الحجرية القديمة.
في قاعة داخلية معزولة داخل القصر، اجتمع ثلاثة رجال من نفس الدم: الشيخ فو ياو، والشيخ الأكبر وانغ لي، سيد العشيرة؛ والثالث هو الشاب وانغ تشين.
جلس الثلاثة حول طاولة مربعة من خشب الزيزفون الأسود، تتوسّطها شموع مشتعلة تطلق عبيرًا خافتًا وهي تحترق ببطء.
قال فو ياو بنبرة باردة:
"آن الأوان أن تخبرنا بالحقيقة يا وانغ تشين. ما هو السبب وراء قوتك الغريبة التي أظهرتها في الباحة؟ تكلّم بصراحة ولا تُخْفِ شيئًا. لبعض الوقت شككت في أنك متسلل، لكن الدم لا يكذب. ما الذي كنت تخفيه عنّا؟"
نظر وانغ تشين إلى والده أولاً، ثم إلى الجد، قبل أن يتنهد بخفة، مترددًا:
"أيها الحفيد الغِر، هل تخشى من كشف أسرارك لأقرب الناس إليك؟ نحن عائلتك، ولا أحد في هذا العالم يهمّه أمرك أكثر منا. تكلم، ولا تخف."
أخفض وانغ تشين رأسه قليلاً، ثم قال بصوت ثابت:
"لم أخفِ الأمر عمدًا، بل كان خارجًا عن إرادتي."
قطّب وانغ لي حاجبيه وسأل:
"ما الذي تقصده؟ أي أمر هذا؟ تكلّم."
أجاب وانغ تشين بنبرة هادئة:
"كل شيء بدأ منذ عام تقريبًا... أثناء مسابقة شباب التل الأحمر. في أحد الأيام، أثناء مطاردتي لغو بري، سقطت عن حافة جرفٍ محطم. عندما استيقظت، وجدت نفسي داخل مغارة أثرية، جدرانها مغطاة برموز قديمة لا تتبع أي مسار مألوف. وفي أعماقها... كان هناك ميراث غريب."
همس وانغ لي بدهشة:
"ميراث؟ من أي نوع؟ ولماذا لم تُخبرنا وقتها؟"
هزّ الشاب رأسه قائلاً:
"لم أفهم طبيعته في البداية. في مركز المغارة، كان هناك تمثال مكسور لرجل بعينٍ واحدة، ينبعث منه ضوء بنفسجي. وعندما لمسته، دخل كيان غريب إلى ذهني. لم يخبرني باسمه، لكن قبل أن يختفي، همس لي قائلاً:
'أنت هو الطفل المُقدّر، سليل سلف القمر المضيء. روحك تحمل جوهر السيادة، وبوجودي ستملك كل شيء، وستنحني لك الكائنات من تلقاء نفسها.'"
صمت للحظة، ثم تابع:
"بعدها مباشرة، شعرت بصدمة روحية شديدة، وألمٍ لا يُطاق اجتاح جسدي. صرخ الكيان في عقلي قائلًا: الظلام يتبدد وسط خيوط النور، والضباب يقاوم المطر، والروح المصقولة لا تخشى العثرات. بعد عامٍ من الآن، ستتذكّر كل شيء، وتسير نحو قدرك."
نظر إلى والده وجده وأكمل:
"ثم فقدت وعيي، واستيقظت خارج الكهف دون أن أتذكّر شيئًا مما حدث. لم أسترجع تلك الذكريات إلا بعد كمين عشيرة مو شينغ... حينها عادت كل التفاصيل إلى ذهني، وشعرت بقوة جديدة تجتاح روحي."
ساد الصمت داخل القاعة، ثم بدأت الدموع تتساقط من عيني الجد وانغ لي:
"أيها الحفيد الوقح، كان يجب أن تُخبرني فورًا عندما تذكّرت، لا تعلم كم كنت قلقًا عليك... لكن لا بأس. يبدو أن الميراث قد اختارك فعلًا، وروح الشمس العملاقة قد باركتك. كم أنا فخور بك يا وانغ تشين."
قال وانغ تشين بخجل:
"أعتذر، يا جدي. لم أكن واثقًا من قوتي بعد، وفضلت التأكّد منها قبل أن أخبركم بشيء.
ضحك وانغ لي وقال بسرور:
"لم أتخيل أن يأتي يومٌ أطمئن فيه على مستقبل ولدي. قوتك ستكون حجر الزاوية في تعزيز موقع العشيرة، خصوصًا مع اقتراب العاصفة القادمة."
تردد وانغ تشين، ثم قال:
"لكن يا والدي، لا يسعني إلا أن أشعر بالخجل من قرار الهجوم على عشيرة مو شينغ بسبب ما حدث لي. نحن على مشارف موسم اجتياح الوحوش، وتوفير قوة العشيرة يجب أن يكون الأولوية. الانتقام لا يُقارن بمصلحة العشيرة."
ربت وانغ لي على كتف ابنه وقال بلطف:
"أُقدّر مشاعرك، لكن عشيرة مو شينغ ليست نِدًّا لنا. لقد انتهكوا كرامتنا في غيابي، وهذا لا يُغتفر. يجب تلقينهم درسًا، ولو بسيطًا، ليعلم الجميع أننا لا نتهاون في حماية أبنائنا. لا تقلق، اذهب واستعد، وسنهتم أنا وجدك بالباقي."
انحنى وانغ تشين مستأذنًا، ثم غادر القاعة بهدوء، تاركًا الجد والأب لوحدهما.
---
في كهف مهجور عميق داخل القارة الجنوبية، حيث الهواء مشبع بطاقة باردة وغريبة، ظهرت ثلاث ظلال غامضة .
كل واحدة منها كانت تُصدر ضغطًا روحيًا كثيفًا ، كأنها أرواح قديمة فقدت أجسادها منذ زمن طويل، لكنها رفضت أن تختفي تمامًا.
قال أحدهم، بصوت أجوف كأنه صدى داخل كهف:
"مبنى اليانغ الحقيقي... تم تدميره."
رد الآخر، وكان صوته منخفضًا وثقيلًا:
"أسرع مما توقعنا. الحاجز الخالد تم اختراقه، ودودة غو 'تحويل الكوارث' دُمّرت. كل حظ المبنى، المتراكم عبر مئات السنين، تبخّر في لحظة."
قال الثالث بهدوء:
"الناس يظنون أن السهول الشمالية فقط هي من خسرت. لكن سقوط المبنى هزّ مسار الحظ في المنطقة كلها. المبنى كان مركزًا لتوازن قوي، والآن هذا التوازن انتهى."
أضاف الأول:
"الارتباك في طاقة الحظ سيساعدنا. الأرواح ستضيع، والمعاناة ستنتشر. إنها ظروف مناسبة لخطة جسد السيادة."
قال الثاني:
"بعض التقارير تقول إن هناك شخصًا تسلل إلى المبنى، متخفيًا تحت هوية مزيفة. استخدم غو نادرًا لاختراق الدفاعات. من دون هذا التسلل، المبنى لم يكن ليسقط بهذه السرعة."
قال الثالث:
"لا يهم من فعلها. الأهم أن المكان الآن مليء ببقايا طاقة الحظ... ومع كل قبيلة تسقط، نحصل على مزيد من الأرواح التي يمكن استخدامها."
سكتوا قليلًا.
ثم قال الأول:
"خطة جسد السيادة لا تزال بحاجة إلى كمية ضخمة من الموارد. لكن سقوط مبنى اليانغ خلق فرصة كبيرة لتسريع التقدم."
هتف الثاني:
"دعهم يستمرون في القتال. الدماء والأرواح هما الطريق. عندما تضعف الحواجز، سنبدأ."
ثم بدأت الظلال تختفي واحدة تلو الأخرى، حتى عاد الكهف إلى سكونه التام ، كأن شيئًا لم يحدث فيه أبدًا.