حلّ الليل على محيط التلّ الأحمر، ولفّه ظلام كثيف وصمت كالصخر، كأنّ الطبيعة تحبس أنفاسها قبيل عاصفةٍ مدوّية.
وسط ظلال الأشجار المتشابكة، بدأت مجموعة من سادة الغو التسلّل تحت قيادة الزعيم وانغ لي شخصيًا، متجهين نحو قرية مو شينغ.
لم تكن القرية بعيدةً عن معقل عائلة وانغ، وكانت النزاعات على الموارد في هذه المنطقة أمرًا مألوفًا، لكنها لم تخرج يومًا عن الحدود غير المكتوبة — صراعات باردة، دون دماء تُسفك.
فعلى السطح، كانت "قواعد المسار الصالح" هي ما يحكم قبائل السهول الشمالية، أما في العمق، فكان البلاط الإمبراطوري يُغمض عينيه عن المناوشات المستترة، ما دامت لا تهدّد ميزان القوى.
لكن... بعد سقوط مبنى اليانغ الحقيقي رقم ثمانية وثمانين، تخلخل النظام، وتلاشت القيود، وانتشرت الفوضى كالنار في الهشيم.
اغتنمت عشيرة وانغ الفرصة لتصفية حسابات قديمة تحت راية الانتقام. خاصّة بعد الحادثة التي "روّج" لها وانغ تشين — حادثة الكمين الذي نصبته قبيلة مو شينغ له.
في الحقيقة، لم يكن سوى أكاذيب مغلّفة ببعض الحقائق.
وانغ تشين الأصلي، بغروره وجهله، تحرّش بفتيات مو شينغ علنًا، مُستفزًا شبّان القبيلة حتى تلقّى إصابات بليغة على أيديهم.
أما وانغ تشين الحالي، فقد رأى في الحادثة فرصة ذهبية لإشعال حرب، يحصد من ورائها أرواح سادة غو، ويستولي على فتحاتهم وديدانهم النادرة — وقودًا لمسيرته نحو القوة.
كانت معركة تحمل لباس "الثأر والكرامة"، بينما حقيقتها سلبٌ ونهبٌ بقناعٍ من الشرعية.
---
في قرية مو شينغ، ساد هدوء خادع. معظم سادة الغو كانوا في منازلهم، عدا بعض الحُرّاس على البوابات.
وفجأة، دوّى انفجار قرب البوابة الرئيسية. اندلعت النيران من عدة جهات، وانقضّت قوات وانغ كمخالب الليل على القرية.
دقّت أجراس الإنذار، وعمّت الفوضى.
في الساحة المركزية، اجتمع الشيخ شوانغ شيان مع أربعة من شيوخ القبيلة.
قال أحدهم:
> "العدو يهاجم! إنهم من عشيرة وانغ!"
أجاب آخر:
"يتذرّعون بالانتقام للسيد الشاب... لكن نواياهم واضحة!"
عبس الشيخ الأكبر وقال بحدة:
"هؤلاء الأوغاد يريدون السيطرة، لا مجرد انتقام."
ركض حارس شاب و انحنى مبلغاً :
> " السادة الكبار، الهجوم شامل! إنهم يطالبون برأسنا لقاء ما حدث لوانغ تشين!"
قال أحد الشيوخ بازدراء:
"كاذبون... إنهم يستغلّون فوضى مبنى اليانغ الحقيقي ليغزونا بلا رادع. تبا لهم!"
أمر الشيخ الأكبر:
"أغلقوا المداخل، ثبّتوا الدفاعات، اشتروا لنا الوقت لإيجاد مخرج."
---
عند البوابة، وقف فو ياو ووانغ لي مع كبار سادة الغو من عشيرتهم.
صرخ فو ياو في الصفوف:
> "اسمعوني جميعًا! اليوم ننتقم! اليوم نمحو مو شينغ من الوجود!
شوانغ هير... أطلق العنان لهجومك!"
أجاب شوانغ هير بابتسامة باردة:
> "بكل سرور، أيها الشيخ الأكبر."
بإشارة من يده، اندفعت عشرون ألف فأر غو متوحّش، اجتاحوا الأسوار، مزقوا الأخشاب، وبثّوا الرعب في الأزقة.
صاح أحد الحراس:
> "هذه الفئران اللعينة لا تنتهي! دفاعاتنا تنهار!"
قال آخر بهستيريا:
> "تبًّا... كان عليّ أن أتزوج العام الماضي! الآن سأموت عازبًا بفم فأر مسعور!"
حاول الشيخ شوانغ شيان رفع المعنويات:
> "ثبّتوا مواقعكم! لا تسمحوا لهم بالاختراق!"
لكن مسار الاستعباد، كما هو معروف، كان دائمًا واحدًا من أخطر المسارات في المعارك الجماعية، ولا يُقاوم بسهولة.
صعد الشيخ إلى سطح أحد المباني، وأرسل رسالة عبر دودة غو:
> "يا عشيرة وانغ، لماذا تهاجموننا بهذا الشكل؟! ما ذنبنا؟! أهذه هي قواعد المسار الصالح؟!"
جاءه الرد من وانغ لي نفسه:
> "أنتم من بدأتم هذا، حين نصبتم كمينًا لولدي أثناء غيابي. ستدفعون الثمن!"
رد مينغ شيان:
> "هراء! لم نُقدِم على شيء من هذا القبيل! الأمر مجرد سوء فهم!"
قهقه وانغ لي:
> "كفى تبريرًا، أيها العجوز! لدينا الأدلة. هذه الليلة... تنتهي قبيلة مو شينغ!"
كان وانغ لي سيد غو في المرحلة الرابعة - ذروة المستوى، ومتخصّصًا في مسار الرياح، يتمتّع بخبرة قتالية مرعبة.
فعل غو الرياح، وارتفع جسده في الهواء، ثم أطلق إعصارًا هائلًا اخترق الدفاعات، وحطّم الأسوار الحجرية.
صاح فو ياو:
> "الآن! إلى الهجوم!!"
اندفعت قوات وانغ داخل القرية، مستخدمين ديدان غو متنوعة — من مسارات النار، البرق، الصوت، القوة، والظلام.
اشتعلت النيران، تردّدت صرخات الموت، وسالت الدماء على الطرقات.
---
في عمق القرية، ارتفعت أصوات الأطفال، وبكاء النساء، وسط لهبٍ لا يرحم.
كان وانغ تشين يقف بهدوء، خلف الخطوط الأمامية، يُراقب المشهد بابتسامة جامدة، وعينين تلمعان بالطمع.
همس لنفسه:
> "الآن... وقت جني الفوائد."
أطلق غو من مسار الروح، أصابت خصومه بالارتباك، فأصبحت أرواحهم تتخبط، وبعضهم انهار فورًا من الضغوط النفسية.
مع ديدان الغو التي حصل عليها من فتحة فينغ باي، بات بإمكانه تجاوز قيوده المؤقتة.
ركز على الهجمات الحسية — تشويش، خوف، انهيار داخلي. وسرعان ما سقط العديد من سادة مو شينغ دون مقاومة تُذكر.
ومع تزايد الهجمات، اهتزّت الأرض، وسُحقت الأجساد، وعمّ الهلع...
لكن في مكانٍ ما، خلف الدمار واللهيب... كانت هناك قوة أخرى... تُراقب.