استمرّت هجمات عشيرة وانغ في تمزيق قرية مو شينغ، حتى غرق المكان في بحرٍ من الدماء والرماد. الجدران تهدمت، الأجساد تناثرت، وصراخ الأطفال والشيوخ تردّد كأصداء مأساةٍ لا خلاص منها.
في قلب هذا الجحيم، وقف وانغ تشين في زاويةٍ معزولة، عيناه تلمعان بوميضٍ بارد، بلا أثر للتردد أو الشفقة .
أخرج حقيبة جلدية سوداء من بين طيات ردائه، وفتحها بهدوء، كأن ما يحدث حوله لا يعنيه.
عاد ذهنه للحظةٍ مضت — يوم ابتلع روح فينغ باي.
حينها، اجتاحت ذكريات القتيل وعيه: مشاهد متداخلة، أسرار دفينة، ومعلومات لا يعرفها سواه. من بين تلك الذكريات، لمح موقعًا مخفيًا خلف شلال البحيرة الفضية... هناك، حيث خبّأ فينغ باي متعلّقاته الأهم.
بعد يومين من اغتياله، تسلّل وانغ تشين إلى الموقع، وعثر على الحقيبة. في داخلها، كان هناك "وعاء الأرواح" — أداة عتيقة ليست من ديدان الغو، بل مصمّمة خصيصًا لامتصاص الأرواح التائهة بعد الموت. سطحه أملس، منقوش بدوائر معقدة، يتوهّج بخفوتٍ كما لو أنه يتنفّس.
في الحاضر، وضع وانغ تشين الوعاء وسط تلال الجثث. همهمة خافتة بدأت تنبعث من داخله، تبعها اهتزاز خفيف. ثم فجأة، بدأ الضوء الأزرق ينبثق من فوهته، ومعه... انجذبت الأرواح.
أرواح سادة غو، جنود، شيوخ، نساء... انطلقت من الأجساد نحو الوعاء، وهي تصرخ، تتوسّل، تتشبّث بالهواء... بلا جدوى.
انكمشت بعض الأرواح وهي تُسحب، أخرى كانت تصرخ دون صوت، بينما تجمّدت أخرى في منتصف الطريق قبل أن تُبتلع بالكامل.
نظر وانغ تشين إلى المشهد بعينين ساكنتين، وقال ببرود:
> "إمدادات جيدة... هذا سيكفيني مؤقتًا."
---
مرت ساعات. انتهت المعركة تمامًا.
قُتل معظم سادة غو في قرية مو شينغ. من تبقّى على قيد الحياة، خضع لتفتيش شامل، وسُلِبت منه ديدان غو بالقوة، ثم وُضع تحت رقابة مشددة.
سُلّمت النساء والأطفال لعشيرة وانغ كعبيد وجواري. منازل القرية نُهبت، مواردها أُفرغت، وخزائنها أُعيد ترتيبها تحت إدارة وانغ لي المباشرة.
لم يُقتل الجميع، لكن كل من بقي... فقد كل شيء.
في الساحة المركزية، اشتعلت النيران في كومةٍ ضخمة من ممتلكات قبيلة مو شينغ. الرماد تراقص في الهواء، كأن لسان حال القرية يقول: "لقد انتهى كل شيء."
---
في الأعلى، على غصنٍ يعلو شجرة ضخمة عند أطراف القرية، جلس الغراب الماكر. ريشه الأسود اختلط بسواد الليل، وعيناه المتوهّجتان راقبتا المشهد دون أن ترمشا.
قال بصوت خافت، كأنما يتحدث لنفسه فقط:
> "خبيث… ماكر… تمامًا كما أراد سيدي."
> "في بضعة أيام فقط، اخترع كذبة، فجّر عشيرة، وأشعل نار حرب."
> "والآن، سيبدأ بنسج أسطورة قوته الجديدة، وسينسج حولها قصة مزيفة عن ميراث غامض وجده في كهف مهجور."
> "لقد فهم اللعبة بسرعة… فانغ يوان، لم تعد وحدك من يرى المستقبل."
---
مع بزوغ الفجر، انسحبت قوات عشيرة وانغ.
تركت خلفها قرية مدمّرة، أرضًا سوداء من اللهب والرماد، وأرواحًا تائهة لا قبر لها.
بينما عادت القافلة إلى معقلها، كانت عيون وانغ تشين مُغلقة، لكنه لم يكن نائمًا... بل يُعيد في ذهنه تنظيم كل مكاسبه و كيف يمكنه الإستفادة منها
ملحوظة [ المؤلف ] :
رغم امتناني لاهتمام القرّاء ومتابعتهم لهذا العمل، لا يسعني إغفال إحباطي من نظام هذا الموقع.
لقد حاولت التواصل مع الإدارة أكثر من مرة بخصوص السماح بتعديل الفصول القديمة – خصوصًا وأن النظام يمنع التعديل بعد مرور نصف شهر – لكن للأسف، لم أتلقَّ أي رد.
أودّ التوضيح أن استمراري في النشر هنا يعود فقط لكون الموقع يحظى بشهرة كبيرة، ووجود غالبية القراء عليه، لا بسبب جودة خدماته أو تجاوب مشرفيه.
أشكركم على دعمكم الدائم، وأنتم السبب الحقيقي في استمرار هذا العمل .
صورة لموقر الحب العظيم " من ابداعات الفانز"