28 - حياة فانغ يوان الأولى

الحدود الجنوبية ــ قبل عدة عقود

في قرية غو يوي، التابعة لجبل كينغ ماو، كان الصباح يُشرق بهدوء على الأراضي الخضراء. اليوم، هو يوم طقوس اليقظة.

تجمّع أبناء العشيرة اليافعون حول نبع الروح، استعدادًا لاختبار المواهب .

كانت العيون تترقّب شخصًا واحدًا: فانغ يوان، الفتى البالغ من العمر خمسة عشر عامًا، الذي عُرف بين الجميع بذكائه المبكر، انضباطه، وتصرّفاته التي تفوق سنه.

لقد مشى في شهره الرابع، وتكلّم في سن الثالثة، وبدأ ينشد الشعر عند الخامسة. كان مصدر فخر لعائلته، ورُعِي من قِبل عمّه وعمّته على أمل أن يكون مستقبل العشيرة.

في المقابل، كان فانغ تشنغ، شقيقه الأصغر، يوصف بالغباء وضعف الموهبة، وقد لاقى الكثير من التوبيخ والإهمال. وحده فانغ يوان من كان يحنو عليه، ويحميه.

وقف الشيخ بو وبدأ في تلاوة أسماء المشاركين:

> "غو يوي تشينغ بو... غو يوي ران شي... غو يوي تشو هينغ..."

كانت النتيجة حتى الآن محبطة: خمسة فشلوا في إيقاظ فتحاتهم البدائية، ولم تظهر أي موهبة من الدرجة B أو أعلى.

عضّ الزعيم الأكبر على شفتيه وهمس:

> "الآمال كلها معلّقة على فانغ يوان. لا تخذلني..."

حين دخل فانغ يوان إلى مياه نبع الروح، بدأت الزهور الروحية السحلبية تتماوج حوله. مشى بثبات، خطوة تلو الأخرى. ومع كل خطوة، تردّد صدى في النبع.

عند الخطوة السابعة والعشرين... ارتجف جسده، وتعثر قليلاً، ثم توقّف.

أعلن أحد الشيوخ:

> "الموهبة: من الدرجة C."

سادت لحظة صمت، أعقبها همسات مشوبة بالدهشة:

> "فقط الدرجة C؟" "أين العبقرية؟" "كنت أظنه قدَر القرية..."

سرعان ما تحوّل الحزن المصطنع إلى شماتة علنية. لم يحتج الأمر إلا لحظة كي تنكشف نفوسهم، ويُظهروا احتقارهم تجاه من كان يومًا مميزًا.

في أعينهم، الموهبة قدر، ولا مكان فيه للتعاطف أو الاعتراف بالمثابرة. حتى أولئك الذين كانوا يُثنون عليه، لم يترددوا في احتقاره.

نظر فانغ يوان إلى شقيقه الأصغر، فانغ تشنغ، الذي تفادى عينيه.

> "لا بأس، أخي. ستجد طريقك لاحقًا..." قالها فانغ تشنغ ببرود، وعيناه لا تحويان سوى شفقة جارحة.

كان ذلك أقسى من أي كلمة .

---

بعد أعوام من التجاهل والمعاناة في قرية غو يوي، أدرك فانغ يوان أن لا مستقبل له هناك. فرصته الوحيدة هي المغادرة.

انضم إلى قافلة مرتحلة، وعمل كسيد غو من الرتبة الأولى، يؤدي المهام البسيطة، يجمع الأعشاب، ويصغي.

سنوات مضت، راقب خلالها الحروب، درس ديدان الغو، وفهم طبيعة العالم. شيئًا فشيئًا، كوّن معرفة واسعة، دون أن يتوقف لحظة عن التعلم.

---

بعد ثلاثمائة عام من الجهد المستمر، وأثناء خدمته كجندي مراسلات في الحدود الجنوبية، عثر على ميراث قديم من مسار الدم .

كان محفورًا على جدران الكهف:

> "مسار الدم... لا يسلكه إلا شيطان."

نظر فانغ يوان إلى النقش، وقال:

> "لقد أنفقت ثلاثمائة عام في مسار الصالحين، وما زلت وضيعًا. إن كان الظلام هو الثمن، فليكن."

من دون تردد، قبِل الميراث. أنشأ منطقة مستقلة، وجنّد الأتباع، وبدأ رحلة صعوده في الظل. تقدّم للمرحلة الرابعة، ثم الخامسة، ثم السادسة.

---

في قصره الخاص، جلس يفكّر:

> "مع أنني في ذروة المرحلة السادسة، لم أحصل بعد على دودة غو خالدة... لماذا؟ "

بعد فشل متكرر، قرّر استخدام وصفة غو خالدة نادرة: غو سيكادا ربيع الخريف.

> "لكنها تتطلب التضحية بأرواح خمسة ملايين إنسان... وإذا فشلت، سأحتاج للتضحية بالمزيد "

لم يتردد.

أطلق دودة من مسار المعلومات نحو أتباعه، وأمر بالمذبحة. قرى دُمّرت، مدن محيت من الوجود، وسُفكت الدماء.

في المحاولة الثانية، نجح. بين يديه، توهجت دودة غو خالدة بلون زمردي نابض.

> "غو سيكادا ربيع الخريف... ليست من مساري، لكنها خالدة. كل شيء كان يستحق."

---

لكن فرحته لم تدم.

حين انتشر خبر صقله للسيكادا، اجتمعت قوى القارة الوسطى. لم يتحركوا حين قُتل الملايين، بل تحرّكوا بدافع الجشع.

حوصِر فانغ يوان. عشرة من السادة الخالدين جاؤوا لإيقافه.

> "هم لا يسعون للعدالة... بل للطمع فقط."

أدرك أنه لا مفر. قرر تفجير نفسه، لكن قبل أن يفعل...

> "سأجربها. غو سيكادا ربيع الخريف... دعينا نرَ إن كنتِ تستحقين."

وفي لحظاته الأخيرة، قال:

> "في الحياة القادمة... سأكون شيطانًا منذ البداية."

---

فتح عينيه.

كان مجددًا في غرفته داخل قرية غو يوي. المطر ينقر على النافذة، والليل يلفّ المكان.

ابتسم بهدوء.

> "لقد نجحت. غو سيكادا ربيع الخريف... أعادتني إلى طقوس اليقظة."

لكن الآن، يحمل في ذاكرته خمسمائة عام من الخبرة.

> "جيد. لن أسلك الطريق ذاته. لن أرتكب الأخطاء نفسها."

كانت عيناه باردتين كالجليد، وابتسامته تنذر بعهد جديد.

> "فلنبدأ اللعبة من جديد."

وهكذا... بدأ فانغ يوان رحلته مرة أخرى، لكن هذه المرة، لم يكن فتى موهبة C بلا حيلة... بل شيطانًا نائمًا يستعد للانبعاث

ملحوظة [ المؤلف ] :

رغم الجهد الكبير المبذول في بناء هذا العمل فصلًا بعد فصل، فإن التفاعل المنخفض وعدد القرّاء القليل يثيران في نفسي شعورًا بالإحباط. لا أكتب بحثًا عن الشهرة، لكن أي كاتب يحتاج إلى من يشعر بكلماته ويتابع خطواته.

إذا استمر الوضع على هذا النحو، فقد أتوقف عن الاستمرار، وأكتفي بما نُشر حتى الآن.

شكرًا لكل من قرأ ودعم، ولو بكلمة واحدة.

2025/08/06 · 42 مشاهدة · 770 كلمة
EL7zrd
نادي الروايات - 2025