31 - ذكريات من عالم الأرض

كان الفجر على وشك البزوغ، والظلام ينسحب ببطء من بين أشجار الغابة التي تعجّ بأصوات الوحوش المتداخلة؛ زمجرة هنا، وصيحة بعيدة هناك.

سلك وانغ تشين المسار الآمن الذي يعرفه، خطواته ثابتة، وعيناه معلّقتان بالأفق… نحو المنزل.

قبل أقل من يوم واحد، انطلق في رحلة لاقتحام ميراث قديم، برفقة ثلاثة عشر سيّد غو من رتب ومسارات مختلفة، كان أغلبهم من عشيرة مو شينغ، فيما الثلاثة الآخرون كانوا أعمامه وسادة من عشيرته.

أما الآن… فقد عاد وحيدًا.

البقية تحوّلوا إلى مواد زراعة داخل وعائه الروحي، بينما بحوزته الكنوز التي كان الميراث يحرسها، إضافة إلى كل ديدان الغو التي سلبها من فتحات أسياد غو الذين ذاقوا حتوفهم.

توقف عند شجيرات كثيفة قرب بحيرة صغيرة، وعيناه تتفحصان المكان بصمت. أخذ نفسًا عميقًا وفكّر:

> "ها أنا ذا… لم يعد يفصلني عن القصر سوى هذا الماء."

خفض بصره يتأمل جسده، ثم تمتم:

> "لا… سيكون الأمر مريبًا إن عدت بهذه الهيئة."

أخرج سكينًا حادًا، وبدأ بتمزيق جسده ببطء من مواضع متفرقة. لم يكتف بذلك، بل عمد إلى حرق وتشويه بعض الجروح، حتى يبدو وكأنه خرج للتو من معركة دامية. كان يعلم أنهم لن يتقبلوا عودته سالمًا بينما مات جميع من معه.

خلال ذلك، خطرت في ذهنه حادثة شهيرة… حين كان فانغ يوان في رحلة القافلة، ومزّق جسده عمدًا لكسب عاطفة السيدة "تشانغ شين تشي". ضحك وانغ تشين في قلبه:

> "هاهاها… ذلك الوغد الحقير، قتل القافلة كلها دون أن يرف له جفن، ثم شرع في تمزيق نفسه ليخدع فتاة ساذجة ما زالت غارقة في أوهامها بحبه. يا ترى… أين انتهى بها المطاف الآن؟"

كان مظهره الآن أشعث، ملابسه ممزقة، وجهه ملوث بالدم والتراب، وكأنه نجا من موت محقق. أما جروحه، فكانت سطحية لكنها مُقنعة.

بالنسبة لديدان الغو التي نهبها، فكّر قليلًا في تدمير بعضها لإضفاء المصداقية على قصته، لكنه عدل عن ذلك. إن تركها بلا غذاء، فسوف تموت وحدها عاجلًا أم آجلًا.

دخل البحيرة بخطوات متثاقلة حتى بلغ المنتصف ، وما إن اقترب من القصر حتى اندفع نحوه بعض الحراس، أحدهم من الرتبة الثانية، وقد بدت عليه الصدمة:

– "سيدي الشاب! أنت مصاب بشدة، دعني أحملك!"

أومأ وانغ تشين برأسه، مظهرًا الضعف والعجز عن الكلام. حمله الحارس على الفور إلى جناحه الخاص.

سرعان ما حضر الجد فو ياو، والأب وانغ لي، وعدد من الشيوخ وأسياد الغو المختصين بالعلاج. كانت الشمس قد أشرقت، وأصداء القلق والضجيج تملأ أرجاء القصر.

بدأ العلاج فورًا، وبعد ساعة ونصف، استعاد جسده عافيته. جلس على السرير، ودموع خفيفة تلمع في عينيه وهو ينظر إلى والده وجده.

قال الأب بقلق:

– "ماذا حدث؟ هل وقعتم في كمين؟ هل هاجمتكم إحدى القوى الشيطانية… أم كانت الوحوش وراء ذلك؟"

أجاب وانغ تشين بنبرة حزينة:

– "اقتحمنا الميراث بسهولة، ولم نواجه مقاومة أثناء الدخول. لكن عند لحظة جمع الكنوز… خانتنا عشيرة مو شينغ وهاجمتنا بغدر."

زمجر الجد فو ياو وضرب الحائط بقبضته:

– "الأوغاد الخائنون! كنت أعلم أن نواياهم ليست صافية."

سأل وانغ لي بصوت ثقيل:

– "وكيف نجوت؟ أين رجالنا؟ لا تقل لي…"

خفض وانغ تشين رأسه وصوته معًا:

– "نعم… أعمامي الثلاثة وسادة عشيرتنا ضحّوا بأنفسهم لحمايتي. قاتلنا حتى الرمق الأخير، لكنهم أصرّوا على القضاء علينا بحجة الثأر."

– "أكمل."

– "تمكنا من قتل ستة منهم، وبقي أربعة. قبل أن أهرب، سمعتهم يذكرون الانضمام إلى عشيرة باي غان."

انتفض الجد فو ياو:

– "باي غان شو؟! بالطبع… إنهم حلفاء مو شينغ."

قال وانغ لي ببرود قاتل:

– "إن كان ما تقول صحيحًا، فلن ينجو أحد منهم من غضبي."

لكن الجد فو ياو أوقفه بلهجة حازمة:

– "الآن ليس وقت الانتقام، الوحوش في التل بدأت تتحرك، ويجب أن نركز على صدها أولًا."

أومأ وانغ لي:

– "صحيح… حماية القرية أولًا، ثم يأتي الحساب."

ثم التفت إلى وانغ تشين:

– "دودة الميراث… ما زالت معك؟"

أومأ وانغ تشين بالإيجاب.

– "جيد، ركّز على الزراعة في الأيام القادمة، فكل ذرة قوة ستكون في صالحنا."

ابتسم الجد فو ياو بحنان نادر:

– "سلامتك أغلى من أي كنز، يا حفيدي. إن احتجت أي موارد، فاطلبها دون تردد."

قال وانغ تشين:

– "أشكرك يا جدي، أحتاج بعض الأحجار البدائية، والعزلة لفترة في جناحي."

ابتسم الجد وأجاب:

– "لك ما تريد… والآن استرح."

غادر الجميع، وبقي وحيدًا في غرفته، يتأمل وضعيته كسيّد شاب للعشيرة. لأول مرة، شعر بروابط العائلة الحقيقية… لكن صور ماضيه من عالم الأرض تسللت إلى ذهنه؛ طفولة بائسة، فقر مدقع، إهمال، ونظرات احتقار من مجتمع لا يقدّر سوى الفاسدين.

اشتعل الغضب في قلبه:

> "لماذا عشت تلك الحياة المذلة؟ لماذا تركتني أمي وتزوجت بآخر؟ لماذا ذقت الفقر والجوع؟ من أفسد المجتمعات وزاد الفساد حتى ضاعت الشعوب؟"

في تلك اللحظة، تمنّى العودة إلى عالمه السابق، لا بدافع الشوق أو الإصلاح، بل بدافع الغضب… والرغبة في إحراق كل شيء حتى لا يبقى منه سوى الرماد.

وبينما الغضب يشتعل داخله كبركان، بدأ الحجر الأزرق في غرفته يهتز بعنف، مطلقًا وهجًا أزرقًا شديد السطوع. ارتفع في الهواء، ثم اندفع كشعاع خاطف يخترق صدر وانغ تشين… فغاب عن الوعي على الفور.

2025/08/12 · 32 مشاهدة · 779 كلمة
EL7zrd
نادي الروايات - 2025