في محيط فضائي لا نهائي تغمره العتمة، كانت النجوم والكواكب تشع بألوان باهتة بعيدة، وكأن الكون نفسه يهمس بأسراره القديمة. فتح وانغ تشين عينيه ليجد نفسه طافيًا وسط هذا الامتداد الشاسع، جسده الشفاف يتراقص بين الضوء والظلام، وروحه كذرة غبار ضائعة في فضاء بلا حدود.

تجمد بصره على البعيد، حيث تتلألأ نجوم زرقاء وكواكب ملوّنة كأنها لوحات معلّقة في أعماق السماء. همس لنفسه بصوت بالكاد يُسمع:

«أين أنا؟! كيف وصلت إلى هنا؟»

حاول استرجاع آخر ما يتذكره، فتجلّت أمامه صورة الحجر الأزرق وهو يخترق قلبه، تلتها موجة غامرة اجتاحت روحه… ثم انقطعت كل صلة بالعالم.

قطّب حاجبيه وهو يحدق في الخواء المحيط به، فلم يكن هناك أحد سواه، فقط صمت كوني يراقبه من بعيد. تمتم بصوت خافت:

«الحجر الأزرق… ما طبيعتك؟ وما الغرض من استدعائي إلى هذا المكان؟»

لكن الفضاء ظل ساكنًا، لا يجيبه أحد.

أغمض وانغ تشين عينيه محاولًا فهم السر الكامن وراء الحجر. هل هو مجرد أداة لنقل الروح؟ أم بداية مسار يقوده إلى ميراث "سارق السماء"؟ شيئًا فشيئًا تلاشى شعوره بالعجز، ليحل محله فضول عميق وحافز غامض يدفعه للمضي قدمًا.

وحين فتح عينيه مجددًا، لمح خيوطًا زرقاء دقيقة تتقاطع بين النجوم البعيدة، وكأنها إشارات كونية مرسومة خصيصًا له. شعر بأن هذه العلامات ليست عشوائية، وأن الحجر الأزرق ليس مجرد حجر… بل بوابة، واختبار حقيقي لقواه.

بينما كان يحدق، اجتاح روحه تيار خفي، كأنه مسار غير مرئي يمتد بين نقاط الكون. لم يكن مجرد إحساس عابر، بل خيطًا غير منظور ربطه بقوانين لم يفهمها بعد. تمتم بدهشة:

«غريب… لا أشعر بأي كيان حي هنا، فقط فضاء لا ينتهي ونجوم بعيدة».

ثم فجأة أحس بنبضات دقيقة تتسرب إلى أعماق روحه الشفافة. ومع كل نبضة، شعر براحة غير مألوفة. كانت ذرات كريستالية عائمة في الفضاء تنجذب نحوه ببطء، أو ربما هو من كان يجذبها دون قصد. ومع التصاقها بروحه، أحس بقوته تزداد شيئًا فشيئًا.

«لا أعرف كيف وصلت إلى هنا… لكن قلبي يخبرني أن هذه فرصة لا يمكن هدرها!»

لم يكن قادرًا على التحكم الكامل بروحه بعد، بالكاد استطاع أن يثني جسده الشفاف ويجلس متربعًا، ثم أغمض عينيه بكل تركيز.

«عليّ أن أجذب أكبر قدر ممكن من هذه الذرات إلى أعماق روحي…»

دون أن يدرك تمامًا ما يفعله أو ما النتيجة، بدأ وانغ تشين عملية صقل روحي غير مسبوقة، غير مدرك أنه يمارس أعظم فن يمكن أن يمتلكه على الإطلاق.

---

في قرية وانغ، كان الجميع في حالة تأهب قصوى.

الحراس يحرسون المداخل، والدوريات تتحرك في كل اتجاه، وفي الساحة الرئيسية على بُعد أميال من البحيرة، كان الشبان يتدربون على أساليب الدفاع والهجوم بحماس مشتعل.

أما في قصر البحيرة الفضية، وتحديدًا في القاعة الخارجية، جلس وانغ لي على المقعد الرئيسي، وعن يمينه الشيخ الأكبر وعدد من الشيوخ مصطفين في كلا الجانبين.

قال وانغ لي موجّهًا حديثه إلى الشيخ شيان شونغ، المسؤول عن تأمين التحصينات:

«كيف هو وضع الأسوار في الناحية الجنوبية؟»

أجاب الشيخ العجوز، وهو خبير في مسار الأرض من المرتبة الثالثة:

«يا سيدي، فرق البناء تعمل بكفاءة، لكننا بحاجة إلى موارد إضافية لإكمال الحائط المطلوب. لدي قائمة بالكميات اللازمة…»

تناول وانغ لي الورقة وقرأها بعناية:

أربعة أطنان من مسحوق الحجارة البنية،

ثلاثمائة كيلو من النحاس الأزرق المتوهج،

طن من الفضة الشائكة…

ثم التفت إلى الشيخ مورينغ، المسؤول عن التبادل التجاري:

«هل يمكننا توفير المطلوب عبر التبادل مع العشائر الأخرى؟»

تنحنح مورينغ وقال:

«الوضع صعب يا سيدي. الجميع يمر بظروف مماثلة، ولن يوافقوا إلا على شيء ذي قيمة عالية.»

تدخل الشيخ فو ياو:

«لو كنا مكانهم لما تخلينا عن موارد الدفاع في موسم اجتياح الوحوش!»

ساد الصمت للحظات، حتى قطعت الصوت فتاة شابة من وسط المجلس:

«ماذا عن تبادل بعض ديدان الغو مقابل الموارد؟»

التفت الجميع نحو المتحدثة، السيدة راو فانغ شيان، الملقبة بجنية قصر شيان، والخطيبة السابقة للسيد الشاب وانغ تشين.

تعالت أصوات الاعتراض:

«مستحيل! ديدان الغو إرث لا يُفرّط فيه!»

«كيف نعطي الآخرين قوة إضافية؟»

«يا لجمالها… لكنها طائشة!»

لكن وانغ لي لم يبدُ منزعجًا، بل قال بهدوء:

«في الواقع… اقتراح جيد.»

صُدم الحضور، فأوضح:

«لقد اهتزت سمعتنا بعد الهجوم الأخير على مو شينغ، والجميع صاروا يتعاملون معنا بحذر. أرسلت طلبات شراء موارد بكميات ضئيلة… و مع ذلك قوبلت بالرفض. السبب أنهم يريدون إضعافنا عمداً. إذن، سنقدّم ديدان غو نادرة مقابل الموارد المطلوبة.»

وافق الشيخ فو ياو بعد تفكير:

«قد يخفف ذلك من حذرهم ويعيد العلاقات إلى طبيعتها. في تل جاو، لا يمكن الانعزال كليًا عن الآخرين.»

أمر وانغ لي العم شياو بانغ:

«اكتب رسالة للعشائر المجاورة. نحن مستعدون لتبادل الموارد مقابل ديدان غو محددة… أريد الخطاب أن يصل إلى عشيرتي تشاو باي ورينغ بو اليوم.»

تمتم وانغ لي في نفسه:

«يا فتاة، كان رفضك لابني خسارة حقيقية له… لكنك لا تعلمين أي تغيير يمر به الآن!»

---

على بعد 500 كيلومتر، كانت الوحوش تزحف كالسيل الجارف. آلاف التماسيح ذات القرون، والذئاب النارية، والذئاب المدرعة دمّرت كل شيء في طريقها، والعشائر الصغيرة والقوافل الضعيفة لم تصمد أمام هذا المد الكاسح.

أما في القصر، فكان وانغ تشين ممددًا على فراشه بلا وعي، جسده يتنفس لكن روحه غائبة بالكامل. مضت 24 ساعة وهو أشبه بجثة حية.

وفي أعماق الفضاء، فتحت روحه عينيها فجأة، وارتسمت ابتسامة عريضة على وجهه:

«عظيم!»

2025/08/18 · 16 مشاهدة · 809 كلمة
EL7zrd
نادي الروايات - 2025