كان باب الغرفة لا يزال مفتوحاً، فتوجه نحوه وأشار إلى خادمة كانت بالقرب.
أسرعت الخادمة لتلبية نداء السيد الشاب، وعلى وجهها ابتسامة خافتة تحمل أملاً في قضاء ليلة ممتعة معه.
على الرغم من حماقته السابقة، كان "وانغ تشين" وسيماً جداً، وجسده ينضح بالروعة والرجولة. بعد التناسخ، زادته برودة مظهره جاذبية وجمالاً. لهذا السبب، كانت كثير من خادمات وجواري القصر يقعن في حبه، ولم يكنّ يمانعن في الاستمتاع معه إذا رغب في ذلك.
لكنه أحبطها حين قال: "ليان ووشي، سأدخل الآن في الزراعة المغلقة لبعض الوقت. حتى أنتهي، أريدك أن تتأكدي ألا يزعجني أحد. هل فهمت؟"
تمتمت في نفسها: "وسيم للغاية... آاه، ويخاطبني بكل هذا الود! لا أستطيع التحمل، يا إلهي."
نظر "وانغ تشين" إليها منتظراً الرد، لكنها كانت مستغرقة في نظرات الشغف والتخيلات.
"احم، يا فتاة، هل ما زلتِ هنا؟"
استفاقت من أحلامها وأجابت في تلعثم: "نع... نعم سيدي الشاب، يمكنك الاعتماد علي."
ابتسم "وانغ تشين" في وجهها: "حسناً، أراكِ لاحقاً." وبمجرد أن أغلق الباب، سقطت الخادمة على الأرض، غير قادرة على حمل نفسها. نظرت إلى الأسفل وتمتمت في نفسها: "آاه، كم هذا متعب."
داخل الغرفة، حيث يسود السكون والظلام، جلس "وانغ تشين" على الأرض، متربعاً، وأمامه وعاء الأرواح وصندوق ديدان "الغو".
"هذه العملية دقيقة جداً وتتطلب تركيزاً وجهداً. لنبدأ."
فتح الصندوق وأخرج دودة "الغو" التي كانت ملتفة داخل شرنقتها. بدأ في صقلها بدقة بعد أن أماط الغلاف عنها.
"بناءاً على المعلومات الواردة في كتاب الميراث فهذه هي دودة 'غو النجم المتصاعد' من النوع المستهلك، من الرتبة الرابعة. وجودها نادر جداً، وما يجعلها كذلك هو عدم وجود طريقة لصقلها. فهي تتشكل فقط من أضواء النجوم فوق قمم الجبال الذهبية اللامعة، وتحتاج إلى 500 سنة لتكتمل. كان صاحب الميراث متجولاً ووجدها بعد جهد كبير، ثم احتفظ بها لتكون نافعة لأحفاده من بعده، لكنها في النهاية آلت لشخص ليس من عشيرة 'مو شينغ'."
سخر بشدة وهو يفكر: "المستقبل غامض ولا يسير في طريق واحد. من يضع الخطط وفقاً لقواعد ثابتة هو مجرد أحمق. وحدهم الذين يتكيفون مع المتغيرات هم القادرون على النجاة في هذا العالم المليء بالمفاجآت."
نجح سريعاً في صقل دودة "غو النجم المتصاعد"، إذ مع تراكم الوقت ودخولها في حالة ثبات، أصبحت إرادتها أضعف، ولم يواجه صعوبة في الصقل.
البشر هم روح الكائنات الحية، و"الغو" هو جوهر السماء والأرض.
بتحكم بسيط منه، قفزت دودة "الغو" المتوهجة إلى فتحته البدائية، وبدأت في الذوبان والاختلاط مع جوهره الأحمر الفاتح.
تُعد الفتحة الأساسية مساحة غامضة داخل جسد سيد "الغو"، وهي الأساس لتخزين الجوهر وتنمية الزراعة. تبدأ هذه العملية بالنجاح في فتحها، ثم تُغذى جدرانها بالجوهر الذي يتحوّل إلى جوهر اعلى مع كل تطور، وبعد وصولها إلى ذروة القوة، يتم تحطيمها للانتقال إلى مرحلة جديدة.
شيئاً فشيئاً، بعد ذوبان دودة "الغو"، بدأ الجوهر الأحمر الأساسي في فتحة "وانغ تشين" بالاهتياج. هنا، تأتي الخطوة التالية التي تتطلب تركيزاً شديداً من سيد "الغو".
عقد "وانغ تشين" حاجبيه وبدأ في توجيه اهتياج الجوهر البدائي نحو جدران الفتحة التي بدأت تتأثر. كانت الفكرة هي تسريع كامل لتطور الفتحة الأساسية، بحيث يتخطى عدة مراحل دون الحاجة إلى وقت طويل. ولكن ليس كل سادة "الغو" قادرين على تحقيق ذلك، فهذا الإنجاز يتطلب موهبة كبيرة وقدرة قوية. وما جعل دودة "غو النجم المتصاعد" قيمة بحد ذاتها، هو أنها لا تقوم بتسريع الوقت فحسب، بل تتخطى حاجز الموهبة كذلك.
بتحكم شديد منه، بدأت جدران الفتحة في التحطم والانهيار، مما أفسح المجال لظهور جدران جديدة.
"الآن انتقلتُ من المرحلة الأولى إلى المتوسطة، هذا مرهق. يجب أن أكمل من المتوسطة إلى الذروة، ثم أنتقل إلى الرتبة الثالثة وما بعدها بنفس الطريقة."
بدأ العرق البارد يتراكم على جبينه، وجوهره الأساسي بدأ يخفت. لكنه كان مستعداً لذلك، إذ أحضر معه خمسين ألف حجر أساسي ساعده جده في جمعها.
أخذ حفنة من الأحجار وبدأ في امتصاصها عبر يده لتعويض الجوهر الأساسي المفقود نتيجة التطور المستمر.
مرت ساعة أخرى، ولا يزال البحر الأساسي في فتحته مضطرباً، لكنه حافظ على تحكمه، موجهاً إياه لضرب جدران الفتحة الجديدة.
الآن أصبحت فتحته في ذروة المرحلة الثانية، وبات قريباً جداً من دخول الرتبة الثالثة. الجوهر الفولاذي الأحمر تحول من اللون الفاتح إلى الغامق قليلاً، ثم إلى اللون القرمزي.
وفجأة، توقف الاضطراب في حالة من الصدمة وعدم التصديق من "وانغ تشين".
"ما هذا؟ لماذا توقف التطور عند درجتين فقط من المستوى الثاني؟ لم أرتكب أي أخطاء، لكن هذا هو الحد الأقصى للتطور!"
تعقد وجهه بانزعاج، وحاول أن يجد السبب لعله فعل شيئاً خاطئاً، لكنه كان الحد الأقصى بالفعل. لقد تخطى المرحلة الأولى والثانية فقط، ووصل إلى ذروة الرتبة الثانية، لكنه لم يتمكن من اختراق الرتبة الثالثة.
"كان من المفترض أن يستمر الجوهر الأساسي في الاضطراب والتحول حتى أصل إلى الرتبة الرابعة على الأقل، لكن هذا هو الحد؟"
فكر قليلاً محاولاً إيجاد تفسير لما حدث، لكنه لم يتوصل إلى تفسير قاطع.
"هناك احتمالان لما حدث: إما أن هذه الدودة لم تكن تستطيع الوصول إلى ما هو أعلى من ذلك من البداية، والمعلومات حولها كانت خاطئة، أو أن قدرتها تضاءلت مع مرور الوقت. يا لها من خسارة "
لم يستغرق وقتاً طويلاً ليتقبل الحقيقة الصادمة، ولم يتأثر نفسياً بذلك. كان قلبه مثل الجليد الراسخ، ومثل هذه الحوادث العابرة لا يمكن أن تهز رسوخه.
"بما أني وصلت إلى هذا الحد، فسأعتمد على اجتهادي في الوصول إلى الرتبة الثالثة ثم تخطيها إلى ما بعدها."
بعد أن صفا ذهنه، اتجه إلى الوعاء الروحي وبدأ في التهام أرواح ضحايا الميراث، واحدة تلو الأخرى، حتى حل الصباح.