رحلت صاحبة الشعر الأحمر الطويل من المنطقة بمجرد رؤيتها لحضور كوجا....كانت ردة فعلها غريبة بعد رؤيتها لقدومه و اقترابه من الرصيف الذي كانت تتعرض للتنمر فيه....و كأنها تعرفه من قبل ؟ و كأنهما التقيا من قبل ؟ لا ندري بالضبط....لكن كل ما نعرفه الآن هو أن هذه الفتاة الغامضة....حتما تخفي سرا ما.....وراء تصرفاتها الغريبة تلك....فما هو هذا السر يا ترى ؟
في تلك اللحظات التي أنقذ فيها كوجا الفتاة من كيد عصابة التجار.....خرجت امرأة مخيفة من باب مركز فيلق العنقاء وهي تصرخ بغضب شديد بعد أن أحدث أعضاء العصابة جلبة كبيرة في الرصيف المقابل للمركز....فصرخت هذه الأخيرة بنبرة مخيفة قائلة :
" هااااي من هذا الأحمق الذي تجرأ على إيقاظي في مثل هذا الوقت ؟....ااايييه ؟ من هذا الذي يريد الموت ؟ "
" يا إلاهي...إنها هي "
" فليهرب الجميع "
" ستحدث كارثة "
" إنها رئيسة فيلق العنقاء المجنونة....ستقتلنا جميعا....فليهرب الجميع "
ذاك ما كان يصرخ به أهل المدينة بعد أن خرجت رئيسة فيلق العنقاء من المركز و هي في أسوء حالاتها.... فالجميع يعلم أنها تصير وحشا ما إن حاول أحدهم إيقاظها أثناء غفوتها .
ظهرت أخيرا....المسؤولة عن الفيلق الذي تنتمي إليه مايا....الرئيسة هي امرأة في نهاية العشرينات من العمر...ذات شعر أسود طويل يصل إلى خسرها...ذات ملامح حادة...و جسد طويل متناسب مع هيئتها المخيفة
" فليهدئ الجميع...رئيسة انها أنا مايا لقد عدت أخيرا " ذاك ما قالته مايا و هي تحاول تهدئة الناس في الخارج
فأجابتها رئيسة فيلق العنقاء بهدوء بعد أن لمحت حضورها
" هممم ؟ مايا !! اووه هل عدت حقا ؟ ظننتك لن تعودي مجددا....اذا هل انهيت مهمتك في جمع المال ؟ "
ابتسمت مايا ثم التفتت نحو كوجا مشيرة بأصبعها نحوه قائلة :
" في الحقيقة لقد تكرم علي هذا الفتى وسدد لي الفاتورة منذ لحظات فقط "
" ..... "
حدقت رئيسة فيلق العنقاء في عيني كوجا بضع لحظات....كانت نظراتها صارمة نوعا ما....هل عرفت أنه من المنظمة يا ترى ؟
" هل هذا....؟ "
ردة فعل الرئيسة عند رؤيتها للحرف إبسيلون...كانت غريبة نوعا ما....هل يعرفان بعضهما يا ترى ؟ لا أظن ذلك فكوجا لم يبدي أي ردة فعل تدل على ذلك...التفتت الرئيسة نحو مايا قائلة بهدوء :
" مايا....من يكون هذا الفتى الغني ؟ "
أجابت مايا باستهزاء :
" آه...أعرّفك بصديقي المتشرد....لقد صار بلا منزل كما ترين...لهذا أحضرته إلى هنا...و أيضا هناك ما يريده من حفيدة زعيم المدينة "
التفت كوجا نحو الجهة المعاكسة حتى لا ترى رئيسة الفيلق وجهه....بعد أن شعر بالتوتر الشديد...فقد كان واقفا أمام عدوة من أعدائه....لكنه رغم ذلك كان هادئا للغاية
قامت الرئيسة بالتنهد و هي تفرك رأسها....ثم قالت بهدوء مخاطبة الاثنين :
" آه...هكذا إذا...فهمت..."
ثم التفتت نحو كوجا بنظرات شريرة مواصلة حديثها قائلة :
" بما أنك فتى غني....فلن أمانع انضمامك إلينا.....و الآن بإمكانكما الدخول..."
شعر كوجا في تلك اللحظة برعشة في جسده....فقال في نفسه...
" أشعر و كأنه سيتم السطو علي "

دخل كل من مايا و كوجا المركز بعد غياب مايا عنه لفترة طويلة....فتفاجأ جميع أفراد الفيلق عند رؤيتهم لمايا...بعد أن ظنوا أنها لن تعود مجددا....فلو لم يقم كوجا بإنقاذها من دينها....لبقيت حياتها كلها خارج المدينة تجمع المال من أجل تسديد الدين
" ما...ماااااايااااا مرحبا بعودتك لقد اشتقنا إليك حقاااا...يا الاهي انها حقا مايا...لم نتوقع انك ستعودين أبدا " ذاك ما كان يصرخ به أفراد الفيلق....بل بعد أن لاحظوا دخول مايا إلى المركز رفقة كوجا و الرئيسة
" الجميع لقد اشتقت اليكم أيضا....."
أسرع الجميع يعانق الفتاة بعد غيابها الطويل الذي أخذها بعيدا عن الديار...تعتبر مايا عضوا أساسيا في الفيلق لهذا يحبها الجميع هناك....فالأغبياء دائما ما تكون لديهم شعبية كبيرة بين الناس....و أيضا لا ننسى أن مايا هي نفسها النايتكور...خاطبت كاترينا الآنسة مايا بلطف شديد....و كاترينا هي نائبة الرئيسة اللطيفة
" مرحبا بعودتك مايا.....كما قال الجميع لم نتوقع عودتك مطلقا....على كل حال يبدو أنك أحضرت معك فتى وسيما هذه المرة....هلا عرفتنا به ؟ ما اسمك أيها الفتى ؟ "
إن نائبة الرئيسة المدعوة بكاترينا هي فتاة شقراء قصيرة....تعود أصولها للجمهورية الزرقاء...محبوبة لدى الجميع...ليس بين أعضاء الفيلق فحسب....بل في مدينة إزميليا كلها وذلك بسبب لطفها و تعاطفها معهم....واعتناءها الدائم بالغير
لم يجد كوجا ما يقوله....أراد أن يعرّف بنفسه أولا حتى لا يشك الجميع فيه....فقال بتردد :
" أنا...أدعى ب...."
لكن....لم يكمل عبارته حتى قامت مايا بمقاطعة كلامه.............!!!

" ااه إنه صديقي الجديد كوجا.....عميل من المنظمة الخاصة...أتمنى أن تعتنوا به ! "

........!!!

......؟؟؟

......

هل....فعلتها لتوها ؟ هل فعلت ذلك الأمر الذي لا يجب أن يحدث و حدوثه قد يحدث كارثة ؟ نعم لقد فعلتها.....فعلتها الغبية و أفسدت الأمر تماما....نقضت الوعد الذي قطعته لكوجا....هل قامت الغبية بكشف هوية حرف قاتل الآن ؟
أما كوجا فقد كان يبدو مصعوقا تماما في تلك اللحظة....فتراجع خطوات نحو الخلف بعد أن نشطت كل غرائزه القتالية للحظة و كأنه صار مستعدا للقتال
" ماذا !!! "
ليس كوجا فحسب....فحتى أعضاء الفيلق لم يستوعبوا الأمر....فصرخوا بصوت عال و هم مصعوقين تماما....
" ماااذااا هل هو نفسه الحرف إبسيلون ؟ ما الذي يفعله حرف قاتل من المنظمة في مدينة إزميليا ؟ "
اقترب كوجا من مايا بخطوات سريعة بعد أن تلبسه الذعر...ممسكا إياها بقوة....و بصوت خافت قال :
" أيتها المحتالة لقد اتفقنا على أن لا تكشفي هويتي....ما الذي تريدينه مني ؟؟...هل تنوين الانتقام مني هنا ؟ أيتها الجبانة "
فجأة قامت مايا بضرب كوجا على رأسه بقوة....مشيرة بسبابتها نحو أعضاء الفيلق مواصلة كلامها

" أصمت أيها الأحمق و لتنظر "

.....
" اممم لكن بما أن مايا من أحضره الى هنا....فهذا يعني أنه لا يشكل خطرا.... أليس كذلك ؟ "
" نعم...فنحن نثق بأختي الكبيرة مايا "

لقد حدث ما لم نكن نتوقعه....يبدو أن أعضاء الفيلق قد تأقلموا مع الوضع أسرع مما كنا نتوقع....بعد أن ظن كوجا أنه سيقوم بمقاتلة الجميع هناك....و بعد أن أفشت مايا سره....ها هم أعضاء الفيلق يبدون حمقى تماما مثلها....
لكن ربما يعود سبب تأقلمهم السريع إلى أن كوجا لم يقم بمهاجمة أعضاء هذا الفيلق من قبل....فعادة ما تقوم المنظمة بإرسال الحرف إبسيلون في مهام خارج القارة....و في بعض الأحيان تقوم بإرساله في مهمات صعبة جدا للقضاء على أحد المعرقلين لسير نظام المنظمة....تماما كما حدث مع النايتكور...فيمكن القول أن النايتكور هو أول عضو من فيلق العنقاء يقوم كوجا بالهجوم عليه
" هل....هؤلاء مجانين أم ماذا ؟ هل يعلمون ما يعنيه حرف قاتل ؟ "
لكن....سرعان ما هدء بطلنا بعد أن رأى تاقلم الجميع معه....لكن ذلك زاد استغرابا
اقترب لويس و هو طباخ الفيلق....و أكبر عضو فيه....واضعا يده على كتف كوجا....مخاطبا إياه بابتسامة و ارتياح....قائلا بهدوء :
" هاي أيها الفتى....لابد أنك جائع من طول السفر....هل تود الحصول على بعض سمك السلور العملاق ؟ "
التفت كوجا نحو الطباخ لويس....فاتسعت عيناه قائلا :
" همم ؟ مرحبا...يا سيد....أنا لم أسمعك جيدا..."
أعاد لويس كلامه مجددا...
" آه أظن أنك لست مهتما بالسمك....إن سمك السلور هو نوع نادر...."
قاطع كوجا كلام لويس...
" قلت....سمك السلور ؟ هذا النوع لا أشاهده إلا في شبكات الواقع الافتراضي...انه نوع شبه منقرض....لا أصدق أنك تملك هذا النوع من السمك "
ابتسم لويس ثم ضحك بصوت عال قائلا :
" نعم إنه كذلك...لكن لحسن الحظ فنحن نملك الكثير منه في هذه المدينة....بما أنك متحمس له سنقيم إذا حفل شواء خاص..."
ثم استدار نحو أعضاء الفيلق مكملا كلامه بهدوء....

" ترحيبا بعودة مايا من رحلة العمل الطويلة....و ترحيبا بصديقها الجديد "

" نعم !!!!!.....لقد مر وقت طويل لم نحتفل فيه.....فلنحضر قاعة الاحتفالات "


****

احتفل الجميع بعودة مايا من رحلتها الطويلة....بعد أن قضت نصف عام كامل خارج المدينة تبحث عن عمل...لقد كان الجميع يحتفل بصخب و بفرح شديد....فجعل ذلك الأمر من كوجا يبتسم بعد رؤيته لتصرفات أعضاء الفيلق و مدى غباءهم و حماقتهم....و أيضا مدى محبتهم التي تجمعهم...فقال في نفسه :
" هذه الأجواء تذكرني في الماضي....عندما كنت بالجيش...لقد مر وقت طويل على ذلك "
دخلت رئيسة فيلق العنقاء إلى المركز بعد أن كانت في الخارج للحظات....لمحتها نائبتها كاترينا...فراحت إليها قائلة :
" أوه الرئيسة....أين كنت ؟ لقد بدأ الاحتفال من دونك "
أجابت الرئيسة بهدوء و هي تلتفت يمينا يسارا :
" ذهبت لقضاء بعض الأمور "
ابتسمت كاترينا ابتسامة عريضة و كأنها فهمت قصد الرئيسة.....
" آه هكذا إذا..."
في تلك اللحظات لمحت رئيسة فيلق العنقاء جلوس كوجا لوحده في مؤخرة المركز...فاتجهت نحوه و هي تبدي ملامح صارمة....ثم جلست بالقرب منه....و ما إن فعلت ذلك....قامت بوضع يدها في جيب معطفها من دون أن يلحظ كوجا....ممسكة سكينا بقوة و كأنها كانت في وضعية الدفاع....؟
" يبدو أنك لا تستمتع بوقتك كثيرا هنا....هل هناك ما يزعجك ؟ "
كانت نظرات الرئيسة نحو كوجا توحي بمدى حرصها و فطنة غرائزها القتالية....مستعدة لأي هجوم....فأجاب كوجا بهدوء بعد أن التفت نحو الرئيسة و هو ينظر فيها بنظرات حريصة...و بعد أن شعر بنوع من التوتر
" آه...هل تظنين ذلك ؟ "
ثم قام بوضع كفيه وراء رأسه و كأنه متكئ عليهما بينما كان يمسك قبضة سيفه عنق التنين براحة يده اليسرى...
ابتسمت الرئيسة مواصلة حديثها قائلة :
" لما هذه النظرات الباردة ؟ لا أظن أنك تنوي فعل شيء ما...أليس كذلك أيها الحرف القاتل إبسيلون ؟ "
" نفس الشيء بالنسبة لك....تبدين حريصة جدا....هل هناك ما يقلقك ؟ و أيضا....كيف عرفت أنني الحرف إبسيلون...؟ فأنت لم تكوني هنا عندما أعلنت مايا ذلك أمام أعضاء الفيلق " ذاك ما قاله كوجا بعد أن برزت على وجهه ابتسامة مصطنعة توحي بمدى قلقه
و كأنه شعر بالخطر للحظة...يبدو أن هذه الرئيسة خطرة لحد ما
أجابت الرئيسة :
" آه....لقد سمعت ذلك من مايا منذ قليل..."

صمت الاثنين للحظات مواصلين مشاهدة أعضاء المركز يرقصون فرحين و محتفلين بصخب....ثم واصل كوجا حديثه قائلا :
" هؤلاء الأشخاص....لا يبدون سيئين مطلقا...."
ثم قام بتناول قطعة من السمك مواصلا كلامه....
" بما أنني حظيت بهذا النوع النادر من السمك....لا أعتقد أن الأشخاص السيئين بإمكانهم إعطاء هذا النوع من السمك بالمجان "
سمعت الرئيسة كلام الكوجا الخافت فابتسمت ابتسامة باردة قائلة له :
" ربما رأى الأغبياء فيك جانبا طيبا لم تلحظه في نفسك...لذلك هم يعاملونك كشخص عادي... بعد كل شيء انت صديق مايا و مايا لا تصادق الاشخاص السيئين "
ذلك ما قالته رئيسة الفيلق لكوجا و هي تدّعي الاطمئنان....فالحقيقة هي أنها كانت غاضبة نوعا ما...بعد دخول الحرف إبسيلون إلى المدينة التي لا تسمح بدخول أعضاء المنظمة...لذلك كل ما كان عليها فعله هو حراسته بشدة كونها رئيسة الفيلق....
لكن تحركاتها الغريبة تلك....توحي أنها كانت تخطط لأمر ما...لقد كانت الرئيسة غاضبة من مايا لإهمالها الزائد ذاك...و في نفس الوقت مسرورة لسبب ما لأنها أحضرت كوجا إلى مقر الفيلق....

" صديق ؟ هل...هذا ما تعنيه...الصداقة يا ترى ؟ لقد مر وقت طويل....لم أشاهد أمرا كهذا يحدث أمامي "
صمت كوجا للحظات....ثم استدار نحو الرئيسة بعد أن تذكر أمرا ما...فخاطبها قائلا :
" أعتقد أنك رئيسة الفيلق أليس كذلك ؟ أريد تنظيم هدنة لمدة وجيزة....أراك غير سعيدة بحضوري...لذلك فلنقم بهدنة سلمية حتى يتفادى كلانا المشاكل....ما رأيك ؟ "
استدارت الرئيسة نحو كوجا بحرص شديد قائلة :
" ما الذي تنوي فعله ؟ "
فأجاب كوجا بهدوء :
" كما قالت تلك الغبية مايا من قبل...أتيت من أجل استجواب حفيدة الزعيم لا غير....حتى لو لم تفشي أمري بتلك الطريقة الغبية....كنت حتما سأرحل بعد أن أقوم باستجواب الفتاة..."
قالت الرئيسة بنبرة صارمة :
" حفيدة الزعيم ؟ كما توقعت....أنت في مهمة من المنظمة إذا...لا أدري كيف استطاعت مايا إدخالك إلى هذه المدينة بتلك السهولة.....لكن... أنا لن أدعك تفعل ما تخطط له "
أجاب كوجا بهدوء....نافيا ما قالته الرئيسة...
" لا الأمر ليس كذلك....أنا خارج دوام عملي الآن....أنا الآن في حالة طوارئ و ليس لدي الوقت لأملأ رأسي بكم....و أيضا...لست مجنونا حتى أهاجم شخصا في مدينة كهذه...يمكنك القول أنني في خطر حقيقي....وحفيدة الزعيم هي الوحيدة التي بإمكانها مساعدتي....لهذا...أعدك بأن أرحل مباشرة بعد أن أقوم باستجوابها....و بهذا لن نتسبب في المشاكل لبعضنا "
حدقت الرئيسة بضع لحظات في عيني كوجا....ثم تنهدت قائلة :
" آه لا يبدو أنك تكذب...حسنا سأخبر مايا أن تذهب لإحضارها غدا....فلا أظن أنك قد تسببت بالمشاكل لفيلقنا من قبل لهذا....سأقبل طلبك "

2019/08/26 · 352 مشاهدة · 1874 كلمة
zeedo
نادي الروايات - 2024