قضى أعضاء الفيلق اليوم كله في الاحتفال....يبدو أنهم أشخاص بلا فائدة....يمضون معظم أوقاتهم في الاحتفالات و الجلوس من دون فعل شيء....خاصة بعد أن وجدوا الفرصة المناسبة من أجل الاحتفال....بعد انهاء الحفل الترحيبي سقط الجميع مغشيا عليهم من كثرة الاكل.....و كأنهم أصيبوا بالتخمة
" تبا لقد أكلت كثيرا "
" بطني ...هذا مؤلم "
كان كوجا يجلس في مؤخرة صالة الاحتفالات....يحدق في أعضاء الفيلق مستغربا من تصرفاتهم الغبية
" إنهم حقا حمقى....لا أدري ما الذي أفعله في مكان كهذا...."
فاتجه نحو بوابة المركز مغادرا المكان....و ما إن كان على وشك فعل ذلك أوقفته رئيسة الفيلق التي كانت تبدو في وعيها....عكس البقية
" هاي أنت....إلى أين انت ذاهب....؟ "
" ااه أنت ما تزالين صاحية...لقد حل الظلام لذلك سأبحث عن مكان يمكنني المبيت فيه...لقد أعتدت النوم لوحدي "
فركت الرئيسة رأسها قائلة بهدوء :
" آه هكذا إذا....توجه إلى نهاية هذا الشارع....ستجد فندق السيد نبيل....مصمم على الطراز الأندلسي.....أخبره بأنني من أرسلتك إليه...أتمنى أن لا تقدم على أي أمر متهور... "
بدت علامات الصرامة على الرئيسة بعد آخر كلمات قالتها....
" اه...حسنا أنا ذاهب...."
توجه كوجا إلى الفندق الذي أرسلته اليه الرئيسة و هو يفكر في حل ما لمعضلته التي كان عليها....
لكن الأمور التي تبعث بالحيرة هي...سبب إيقانه بأنه في خطر محدق حتى من طرف المنظمة التي تعتبره جزء لا يتجزأ منها....ثم تخليه ثانيا عن مسدسه الذي لا يفارقه مطلقا....و كلا الأمران مرتبطان بهالة الرايم التي استشعرها من منزله....ما الذي تعنيه تلك الهالة يا ترى ؟ و لمن تعود ؟
كان بطلنا على تلك الحالة يفكر و يفكر حتى تأتي تلك اللحظة التي....حدث فيها أمر غريب تماما...سمع الفتى أثناء سيره صوتا رقيقا يهمز في أذنه بعذوبة....

" شكرا لك....على إنقاذي....أيها الفتى "

....فالتفت بسرعة نحو الخلف بحرص شديد...قائلا بصوت عال :
" من هناك ؟ أظهر نفسك ؟ "
لكنه لم يرى أحدا....
" غريب متأكد أنني سمعت صوت شخص ما... "

التفت كوجا نحو الأمام مجددا لكي يواصل سيره...ليرى أمامه........

فتاة جميلة ذات شعر أحمر لامع طويل...تبدو في نفس عمره...ترتدي فستانا مبهرجا جميل....لقد كانت نفس الفتاة التي أنقذها كوجا في صباح نفس اليوم....لم يكن يتوقع أنه سيقابلها مجددا...بعد ردة فعلها الغريبة التي أبدتها....ابتسمت ذات الشعر الأحمر ابتسامة ماكرة فاتنة....مخاطبة كوجا قائلة :
" أشكرك على إنقاذي....أيها الفتى "
ثم بحركات ماكرة جعلت شعرها الأحمر يتطاير في السماء...و بابتسامة لا أحد يعلم ما إن كانت صادقة أو تحمل نوايا خبيثة !! و بنظرات حادة....انحنت نحو الأمام كالأميرات مواصلة حديثها قائلة :
" أنا أدعى ليزابيث جريموجروفيا....شكرا على إنقاذي أيها الفتى "
نظر كوجا في الفتاة باستغراب....و بأعصاب هادئة تماما...و عقله لا يتوقف عن تحليل الأمور من حوله....تلك هي غريزة العميل التي لا تتوقف عن العمل....ثم قال في نفسه :
" هذه....الفتاة....إنها نفسها فتاة الصباح....قالت ليزابيث....جريموجروفيا....؟ لم أسمع بهذا الاسم من قبل...لكن أشعر و كأننا تقابلنا في مكان ما....رغم أنني لم أحادث العامة منذ زمن طويل "
خاطب كوجا الآنسة ليزابيث بهدوء قائلا :
" أنت....لما غادرت المكان بسرعة ؟ هل هناك ما أزعجك ؟ "
كانت الفتاة أكثر هدوء من كوجا.....فقالت بابتسامة :
" آه...لقد كنت في عجلة من أمري...لذلك غادرت مسرعة بعد أن قمت بإنقاذي....و لهذا اضطررت للبحث عنك من أجل شكرك على ما قدمته من أجلي "
إن كوجا عميل تم تدريبه لمدة ثمان سنوات كاملة حتى يكون عميلا مؤهلا....و من تعبيرات وجه الفتاة علم أنها كانت تخفي أمرا ما....
" هكذا إذا....أيتها الفتاة....ألا تعتقدين أننا التقينا من قبل في مكان ما ؟ لدي حدس بأنني قابلتك من قبل...لكن لا أدري أين "
فجأة....توسعت عينا الآنسة ليزابيث بعد سماعها لكلمات كوجا التي لم تتوقع أن يقولها مطلقا....لكن لسبب ما شعرت بفرحة غامرة....لدرجة أنها ذرفت بعضا من الدموع....ما سبب ذلك يا ترى ؟ لما قد تشعر بالفرح في موقف كهذا ؟ هذا الفتاة تزداد غموضا أكثر فأكثر
أجابت الآنسة ليزابيث بعد أن قامت بمسح عيناها من الدموع التي انهمرت من عيناها فجأة....قائلة بتردد :
" ل...لا...لا أعتقد ذلك.."
" آه....ما...ما الخطب ؟ هل أنتِ بخير ؟ "
عادت الابتسامة إلى وجه ليزابيث...مواصلة مسح دموعها بأناملها و مواصلة حديثها بلطف قائلة :
" آه...لا شيء مطلقا...آسفة لإقلاقك علي....على كل حال...أعتقد أنه وقت رحيلي...بالمناسبة إلى أين يتجه الفتى الوسيم في هذا الوقت المتأخر من الليل...؟ "
قام كوجا بفرك شعره الأسود الكثيف بهدوء تام محدقا في الفتاة....و مجيبا على سؤالها في نفس الوقت قائلا :
" هممم أنا ذاهب لحجز غرفة في الفندق الذي يقع في نهاية هذا الشارع...لما تسألين ؟ "
ردت الفتاة بتعجب :
" همم ؟ نهاية هذا الشارع ؟ هل تقصد فندق السيد نبيل ؟ "
" نعم... "
ضحكت ليزابيث ضحكة عفيفة مواصلة كلامها :
" لقد أغلق السيد نبيل فندقه منذ مدة بسبب قلة الزائرين....و قد تم تحويل المكان إلى مقهى...حدث ذلك منذ مدة..... و جميع من في المدينة يعلم بذلك "
شعر كوجا و كأنه قد تم الاحتيال عليه....فتراجع خطوات نحو الخلف.........
" ما...ماذا ؟... تلك اللعينة...لم تكن في وعيها بعد كل شيء....لا بد أنها كانت تهلوس "
ضحكت ليزابيث و هي تضع كفها على فمها....ثم نظرت في عيني كوجا مبتسمة كالعادة...مواصلة حديثها قائلة :
" تبدو في ورطة....اممم بما أن لا مكان لك لتبيت فيه فما رأيك أن تأتي للمبيت في منزلي ؟ "
" آتي....للمبيت في منزلك ؟ و لما قد أفعل ذلك ؟ "
قال كوجا ذلك بعد أن زاد شكه في الفتاة أكثر...هذه الفتاة....هل تقوم باستدراجه ؟....ثم واصل حديثه مخاطبا نفسه قائلا :
" لكن....لا بأس بذلك....عندها سأكشف الغموض عنها و ما تكون عليه "
بعد أن لاحظت ليزابيث تغير ملامح كوجا فجأة....لتصير متوترة نوعا ما....أرادت طمأنته حتى يشعر بالراحة لها...فأجابت بنبرة مريحة
" آه لا تقلق بشأن ذلك....سأجهز لك غرفة في الطابق العلوي بينما سأنام أنا في الغرفة السفلية....عندها لن تشعر بوجودي حتى "
ابتسم كوجا ابتسامة مصطنعة....بعد أن لم يجد ما يقوله...فما كان عليه سوى قبول ذلك من أجل تقصّي أمر الفتاة الغامضة....و يكشف السر عنها....فحدس كوجا لا يخطأ....هو حتما رأى هذه الفتاة في مكان ما


2019/08/26 · 369 مشاهدة · 936 كلمة
zeedo
نادي الروايات - 2024