الفصول الخاصة :
هي فصول تروي أحداثا وقعت في الماضي سواء كان الماضي بعيدا أم قريبا....

لقد قلنا سابقا أن القارة المنسية والتي كانت تدعى في العالم القديم بقارة أفريكانيا....هي القارة التي تعود أصول بطلنا كوجا إلى شمالها...إنها القارة التي تدمرت منذ أكثر من خمسين سنة...و القارة التي لم يطأها أحد منذ أن انقرضت تماما ( راجع الخريطة )

لقد بدأ كوجا في البحث عن سبب تدمّر هذه القارة منذ أكثر من أربع سنوات....لكن للأسف لم يعرف شيئا حتى الآن....ما الذي حدث هناك بالضبط....هل ما حدث هناك مجرد كارثة طبيعية أم هناك من قام بالتسبب فيما حدث للقارة ؟ اذا كان هناك من تسبب في حدوث ذلك الأمر الشنيع فمن يكون ذاك الشخص يا ترى ؟....تساؤلات و تساؤلات أخذت سنوات من كوجا دون جدوى...دون أن يعرف حقيقة ما كان يحدث هناك....فيا ترى ما الذي حدث لتلك القارة بالضبط ؟

في سنة 2060....ظهرت القارة الجديدة في المحيط الأطلسي و التي سميت فيما بعد بالأرض الغامضة....أراد علماء الأحياء أن يدرسوا إمكانيات الحياة فيها....كما أراد علماء الجيولوجيا دراسة سبب ظهورها الغريب ذاك....بعد استطلاعات و أبحاث دامت لمدة عامين إكتشف بالصدفة عالم الأحياء توماس فرانكنيتزل وجود إشعاعات حرارية في قاع القارة الجديدة على بعد عشرة أمتار عن سطح الأرض......إتجه هذا الأخير نحو المنطقة بعد ان حدد مكان الاشعاعات بالضبط....ثم شرع بالحفر والحفر والحفر لمدة ثلاثة أيام لوحده....من دون اللّجوء لأية مساعدة رغبة في أن يكون أول من يكتشف السر الذي تخفيه هذه الأرض العجيبة التي ظهرت من العدم...بعد عناء طويل وبحث طويل إستطاع أخيرا أن يجد مصدر الاشعاعات الحرارية....
" يا...يا إلاهي....لا أصدق ما أراه....!! ما...ما هذا الشيء ؟ "
لقد كان سبب الاشعاعات الحرارية....هو مادة سوداء اللون تتحرك باستمرار دون توقف...مادة جديدة لم يسبق أن رأى البشر مثلها من قبل
أخذ توماس المادة اللزجة وراح يركض بأسرع ما يمكن نحو مختبره الذي يبعد حوالي أربعمائة متر عن المنطقة التي كانت تتواجد فيها المادة الغريبة
ما إن وصل....شرع في دراسة المادة من دون أن يمل من دون يكل....و من دون أن يأكل شيئا...من دون أن ينام من دون أن يتوقف...لمدة يومين كاملين
و في الأخير استطاع أن يكتشف بعض الحقائق عن هذه المادة اللزجة الجديدة التي لا تتواجد إلا في قاع تلك القارة الغامضة...لقد كانت مادة حيوية متمثلة في باكتيريا دقيقة يمكنها أن تتغير من حالة لحالة حسب العوامل الطبيعية التي تأثر عليها...
لو تعرضت لدرجة حرارة عالية تتحول هذه المادة إلى سلاح متفجر مدمر مصحوب بغازات سامة لا تزول أبدا و قد عرف ذلك بعد تعريض هذه المادة لحرارة تجريبية خافتة...فلاحظ تسارع جزيئات تلك المادة بشكل طفيف
أما إذا ما تعرضت لدرجة حرارة ما دون الصفر تصبح مادة أصلب من الفولاذ...مادة لا يوجد على الارض ما هو أصلب منها.....أما الخطر الحقيقي الذي يكمن في هذه المادة هو تركها على حالها....يمكن لهذه المادة المتكونة من باكتيريا دقيقة من نوع جديد أن تستعمل لغرض التهجين...إذا ما تم وضع مورثتين لأي نوعين حيوانيين مختلفين ودمجهما مع هذه المادة....ستحدث المعجزة التي حلم البشر في العالم القديم بتحقيقها....يمكن لتلك الباكتيريا أن تنسجم مع المورثتين ودمجهما معا مشكلة مورثة جديدة لنوع حيواني جديد...فرح توماس بإكتشافه العظيم ذاك...مصدقا أن تلك المادة ستخلق عصرا جديدا للأسلحة الفتاكة.....و ستغير مصير البشرية جمعاء....و كان على حق في اعتقاده بذلك...
أخذ هذا الأخير المادة والوثائق التي تحمل نتائج مجهوداته...واستقل باخرته الخاصة متجها مباشرة نحو الجمهورية البيضاء....ليعرض على مركز الأبحاث أهم اكتشاف في تاريخ البشرية....المادة التي ستجلب ضجة عالمية في القرون القادمة
بعد أربعة أيام من الإبحار....استطاع أخيرا الوصول الى مركز الأبحاث العلمية العسكرية...فقام بعرض أبحاثه على رواد المركز...ظانا أن ما يفعله أمر صائب...تقبل بالطبع الباحثون الأمر و قد ذهلوا بما تخبأه تلك المادة العجيبة من أسرار
و لهذا لم يتوقف تعطشهم للمعرفة إلى ذلك الحد...بل أرادوا القيام بتجارب حقيقية على أرض الواقع...لمعرفة القوى الحقيقية التي تخبئها هذه المادة
كافأت حكومة الجمهورية البيضاء العالم توماس فرانكنيتزل على اكتشافه و على اللّجوء إليها مباشرة دون أية جمهورية أخرى....فرح العالم بما حظي به من مكافئات...بيت ضخم على الساحل الشرقي للقارة...أموال ضخمة...افخم السيارات وافخرها....جواز سفر يمكنه من السفر إلى أي مكان يريد....وحماية من المنظمة الخاصة التي أنشأتها حكومة الجمهورية البيضاء بعد شهرين من إقامة النظام العسكري على القارة والسماح لأي شخص بالهجرة إلى الأرض الغامضة....و لاننسى شرف أن يكون من أوائل المعمرين .

بعد عام من الاكتشاف...
عاش توماس خلال تلك المدة أجمل وأروع أيام قد يحظى بها المرء مع عائلته المكونة من زوجته و ابنه.....أيام ظن أنها الجنة التي يعيش الطيبون من أجلها....ويترجون دخولها...بينما كان العالم جالسا في شرفة بيته الذي يقع في الساحل الشرقي للقارة.....

رأى من الشرفة المطلة على البحر شيئا غريبا يلبّد السماء الزرقاء....ذهب توماس بسرعة لإحضار منظاره الذكي لتفقد الأمر....و ما إن وضع عينه على المنظار....صعق مما شاهدته عيناه أنذاك....فصرخ بصوت عال من شدة الخوف...قائلا بتردد شديد :
" لا...لا...مستحيل...ما...ما الذي فعلته...لا لم افعل شيء...هذا ليس خطأي...لا يمكن للأمور أن تؤول إلى هذا الحد..."
لم يستطع العالم تصديق ما رآه...فسقط مغشيا عليه جراء الصدمة العنيفة التي أصابته...
لقد حدث شيئ مريب حقا....مركز الأبحاث العلمي والعسكري التابع للمنظمة الخاصة قام بتحرير الطاقة العظمى الكامنة في المادة السوداء بأمر من الرئيس السابق للمنظمة الخاصة
بعد أن تم تكليفه مسؤولية تلك المادة العجيبة....كون المنظمة الخاصة هي المسؤول الرسمي عن كل ما يدور في الأرض الغامضة
أما الكارثة الكبرى....هي أنه قد تم تفجير المادة السوداء وسط قارة أفريكانيا...ظانين أن الطاقة التي تنبعث من المادة لا تصل نصف الطاقة المنبعثة من تفجير قنبلة نووية....و ما حدث لم تضعه فرقة البحث العلمي في الحسبان تفجر وسط القارة كليا...أما بالنسبة للجمهورية الواحدة و جنوبها فقد انقرضتا تماما جراء السم القاتل الذي انبعث من الانفجار الهائل......تلفت المحاصيل الزراعية....إختفت المدن تغير لون السماء من الأزرق إلى الأسود القاتم الذي يجلب الشر و البؤس...أصبح اللون الأسود في كل مكان....ومات كل من كان في القارة....هكذا كانت نهاية قارة أفريكانيا....القارة التي أصبح اللون الاسود يعمها....القارة التي أصبحت منسية تماما و حرم الإقتراب منها....
بعد كل ما جرى...إختفى توماس فرانكنيتزل عن الوجود كليا....فهناك من قال بأنه فر إلى جمهورية الدب القطبي وهناك من قال أنه انتحر جراء الصدمة

2019/08/27 · 339 مشاهدة · 942 كلمة
zeedo
نادي الروايات - 2024