حان وقت الاجتماع المهم الذي أقيم بالقرب من حدود مدينة إزميليا....كما قلنا سابقا هذا الاجتماع الخاص يضم أكابر القارة من أجل التوصل إلى هدنة سلمية مدتها شهرين كاملين.....و ذلك بمناقشة القضايا المشتركة بين الطوائف ومحاولة حلها....كُلّف السيد النبيل كاشيلو دي كالسيوس بمهمة تسيير الاجتماع الدوري لهذه السنة....يحمل هذا الأخير شهادة دكتوراه في تسيير العلاقات الاجتماعية...لذلك تم التوصية به كونه ذو خبرة في الميدان....و قيل أنه خبير في التعامل مع الناس لهذا سيكون من السهل تفادي الوقوع في المشاكل و شخص مثل السيد كاشيلو يقود الاجتماع الدوري...
" مرحبا بكم أيها السيدات والسادة !! أتمنى أن تكونوا في......."
لم يكمل السيد كاشيلو حديثه حتى قام السيد زيوس كبير عشيرة المافيا زيروسا بمقاطعة حديثه قائلا :
" هااااي دعنا من المقدمات....فلننهي هذا الهراء بسرعة....أنا لا اريد اظهار وجودي أمام الحثالة....فلتدعوني أوقع حضوري فقط....فلدي الكثير من الاعمال تنتظرني !! "
" اااه كالعادة.....الصراع...عدم التفاهم...عدم الوصول إلى اتفاق...الروتين الممل اااه " ذاك ما قاله رايمون أنتونيو....رئيس فيلق الوميض الأبيض بعد أن شعر بالملل الشديد....
ومعه حق في ذلك...فدائما ما تؤول الأمور إلى ذلك المنحى الغريب...وسبب ذلك اختلاف وجهات النظر
واصل السيد كاشيلو كلامه بنبرة حسنة....بعد أن بدأ التوتر يتسلل داخله...قائلا :
" لحظة لحظة يا جماعة.... لقد قررنا هذه المرة مكافئة الحاضرين بجوائز مالية على المجهودات التي تقومون بها رغم اختلاف وجهات النظر اهيه....لذلك فليهدأ الجميع من فضلكم "

" إن كان الامر كذلك...." قال السيد زيوس ذلك بعد أن أخذ نفسا عميقا


" حسنا...فليبدأ الاجتماع فلنحاول مناقشة الحلول و الطلبات....من أجل التوصل إلى حل يوقف الصراع الدائم بين الطوائف و السلطات....والبحث عن الاستقرار الدائم....فهدنة لمدة شهرين مدة ضئيلة بالمقارنة مع المدة التي يمكن أن نحصل عليها في حالة ما وجدنا حلا للصراعات القائمة بيننا.....وأيضا فلنحاول إبعاد الشعب عن ظل الحروب...لأن ذلك يمس مكانتكم كأكابر القارة....أعتقد أن ملاحظتي الأخير كانت موجهة إلى......."
قام أحد النبلاء الداعمين للمنظمة بإيقاف كلام السيد كاشيلو مجددا....بعد أن تلبّسه الغضب....شعر النبلاء و كأن حديثه ذاك مجرد تفاهات....مؤمنين بأن الصراع لا ينتهي إلا بفوز أحد الأطراف في الصراع
" رأيي أن نوقف هذه المهزلة ونعود أدراجنا....فلا شيء يمكننا مناقشته هنا.... نبيل مثلي لا يناسبه مكان دنيء كهذا...يا أصحاب الطبقة الدنيئة "
تسارع نبض السيد كاشيلو....بعد أن بدأ يشعر بفقدان الأمل في الحاضرين المتعصبين لاعتقاداتهم...فتنهد مجيبا النبيل الذي أوقفه قائلا :
" أرجوك فلتهدأ يا سيدي "
ثم واصل السيد كاشيلو حديثه في نفسه...
" يا إلاهي هذا كثير علي حقا...ما الذي يتوجب علي فعله "

بعد أن عمت الفوضى في القاعة و بينما كان الجميع يتهامسون فيما بينهم....وقفت إحدى أعضاء الأتشيزورس من المقام التي كانت تجلس عليه....ثم اقتربت من الحاضرين قليلا قائلة بنبرة ماكرة لا توحي بالخير.....و الأتشيزورس هي الفرقة التي اعتادت على الصمت و عدم النطق بأي شيء أثناء الاجتماع...

" امممم يا جماعة....ما رأيكم أن نجعل الأمور أكثر تشويقا ؟....فلنلعب لعبة للقضاء على الملل الذي ينشره السيد كاشيلو في القاعة " ذاك ما قالته السيدة الأتشيزور ساتانيا بنبرة تغطرس
و بابتسامة عريضة قد تبعث بالرعب في وجوه الحاضرين....لو لم تكن تغطي وجهها بذاك القناع
فقد إعتاد أعضاء فرقة الأتشيزورس على إخفاء ملامح وجههم بأقنعة غريبة و الجلوس في مؤخرة قاعة الاجتماعات....و بسبب ذلك وجد الحاضرون أنه من الغريب أن تبدأ السيدة ساتانيا في الحديث...

فجأة في تلك اللحظات و في خفية و سرية....قامت السيدة ساتانيا بوضع جهاز تسجيل تحت الطاولة من أجل تسجيل ما سيدور من حوار

شعر الجميع بالاستغراب...ماذا ؟ الآنسة ساتانيا ؟ إحدى الأتشيزور تتحدث معنا ؟ ما الذي يجري هنا ؟

" م...ما الذي تقصده....هل تريد التلاعب بنا ؟......هذا غريب حقا هذه أول مرة أسمع فيها صوت السيدة ساتانيا " ذاك ما كان يتهامس به الحاضرون بصوت خافت لا يسمع

" م...ما الذي تقصدينه يا سيدتي ساتانيا ؟؟ " و ذاك ما قاله السيد جابريال تريس رئيس المنظمة الخاصة

هذا الاجتماع شمل صديقنا رئيس المنظمة أيضا...

" اااه....لا تقلقوا يا سادة انا أنوي فقط جعل هذا الاجتماع مسل !! إذا ما رأيكم أن نبدأ مع....رئيس المنظمة بما أنه أول من تفاعل معي ؟....اممم إن المنظمة تخفي شيئا ما عن السلطات العالمية.....شيء محرم لا يمكن التغاضي عنه مطلقا....و لن تقبل البشرية حدوثه....هل يعلم أحدكم يا سادة ماذا يكون هذا الأمر الغامض ؟ الفائز الذي سيجيب سيحظى...بشرف أن يكون أتشيزور ليوم كامل...يفعل ما يشاء دون أن يوقفه احد "

استدار باقي الأتشيزورس نحو ساتانيا دون قول شيء....و هم يحدقون فيها بنظرات صامتة...عكس باقي الحاضرين الذين...........

" مااااذاااا !!! ش ش ش ش شرف أن تكون اتشيزور و ليوم كامل !! "

الذين لم يصدقوا ما قالته السيدة ساتانيا لتوها.........

ضغط السيد جابريال على أسنانه بقوة تعبيرا عن غضبه....و قد فهم أن السيدة تنوي فعل شيء ما...هذا الأمر لا يبشر بالخير مطلقا....فقال الرئيس في نفسه :

" أيتها اللعينة....ماذا تق...تقصدين ؟ أي نوع من الالعاب تلك ؟؟ "

فجأة...قامت رئيسة فيلق العنقاء بلكم طاولة الاجتماع بقوة....ملتفتة نحو رئيس المنظمة....مخاطبة إياه بغضب شديد...و محدقة فيه بنظرات تبث الرعب
" اييييي أيها اللعييين....ما الذي تخفونه ؟ تكلّم و إلاّ سأحطم رأسك ! "
واصلت السيدة ساتانيا الاستهزاء برئيس المنظمة....بعد أن اقتربت منه أكثر قائلة :
" هااي جابريال هذه اللعبة تشملك أيضا....و ستحظى بالشرف لو أجبت بالإجابة الصحيحة !! "

" س...سحقا هل يمكن أنها تتحدث عن.."


استغرب الجميع من عدم إجابة السيد جابريال على سؤال ساتانيا

" لما لا يجيب ؟....سيحظى بشرف أن يكون أتشيزور ليوم كامل...لما هو متردد هكذا ؟ هل يعقل أن المنظمة تخفي شيئا خطيرا إلى ذلك الحد ؟ "
واصلت ساتانيا عبثها....قائلة بابتسامة ماكرة :
" اممم سأعطيكم تلميحا بسيطا....عندما كنت أجوب المناطق المحرمة في القارة...لمحت من بعيد شيئا غريبا يركض في الأرض....نسر عملاق برأس أسد ؟ يبدو أنه كان ضائعا او شيئا من ذلك القبيل...اووه كان الامر غريبا من اين اتى ذلك المخلوق الغريب يا ترى ؟ "
صعق الجميع مما قالته ساتانيا....هذا مستحيل تماما...لا...الحقيقة أنه لم يعد كذلك....لم يعد أمرا مستحيلا...لكن هذا الأمر يعني شيئا واحدا فقط...أن المنظمة........
صرخ الجميع في نفس الوقت...بعد أن قاموا من مقاعدهم من شدة الصدمة متحدثين فيما بينهم :
" ماااذا ؟ مستحيل !! هل يمكن....أن المنظمة تستعمل الميكا ميديام....لغرض التهجين ؟....إن مشروع المونتيكو للتهجين لمشروعٌ محرم....لما قد تفعل المنظمة شيئا كهذا ؟ "
صرخ أحد النبلاء المعارضين للمنظمة الخاصة....بعد أن تملّكه الغضب تماما...لدرجة أنه رغب في قتل رئيس المنظمة أنذاك....فقال بصوت عال مخاطبا رئيس المنظمة :
" هاااي هل صحيح ما قالته السيدة ساتانيا ؟ ألا يكفيكم أنكم دمرتم قارة أفريكانيا بسبب إهمالكم أيها الحمقى ؟ ألا يكفيكم أنكم قد تسببتم في اختلال بشري حاد في دقائق معدودة ؟؟ حتى و لو حدث ذلك منذ زمن بعيد....و حتى و لو قامت هيئة الجمهوريات المتحدة بالتغطية عليكم في الماضي....فنحن لم ننسى ما سببتموه يا خونة القارة...و هل حقا تستعملون الميكا ميديام لغرض التهجين ؟....."

ضحكت ساتانيا بصوت عال بعد الذي قاله النبيل المعارض لنظام المنظمة...و كأنها كانت تنتظر أحدهم أن يقول ذلك...فقالت بنبرة خبيثة :

" اووه لقد عرفتم الاجابة بسرعة.....لم اتوقع ذلك "

ملاحظة :
( الميكا ميديام ) هي التسمية الجديدة للمادة السوداء التي اكتشفها العالم توماس فرانكنيتزل....وهي في حالتها الطبيعية
( الميكا هاي ) هو اسم المادة السوداء عند تحولها لجسم صلب لا ينكسر أبدا
( الميكا لاو ) وهو اسم المادة السوداء عندما تصل قابلية الانفجار

صعق رئيس المنظمة بعد رؤيته للذي حدث أمامه.....و بعد أن أحاط به الجميع و كادوا يقومون بقتله....لكن للأسف...ليس بإمكانهم فعل ذلك....فمكان الاجتماع ذاك محرم القتل فيه....و لو حدثت أي جريمة قتل هناك...سيعاقب الفاعل بسجن مأبد و يتم مصادرة كل أملاكه

لم يكن يتوقع رئيس المنظمة أن احد الاتشيزورس قد يعيقه فجأة ويتدخل في شؤون المنظمة...فأمر كذلك غير منطقي البتة....فالأتشيزورس مجرد مقيمين للوضع الذي يحدث في الأرض الغامضة

أما بالنسبة للمخلوق المهجن....فقد كان مخلوقا هجينا هرب من مختبر التجارب العسكري التابع للمنظمة ....

" ه...هااي لم....لما تفعلين ذلك ؟...هل تريدين اشعال فتيل الحرب في هذا المكان ؟ " ذاك ما قاله رئيس المنظمة بتوتر شديد
فأجابت السيدة ساتانيا بعد أن علت وجهها نظرات أبرد من الجليد....قائلة :
" لما أفعل ذلك ؟...سنرى مع الوقت....لكن....سأنبئك منذ الآن أن....نهايتكم باتت قريبة....فهذه نبوءة إليك "

بعد قول ساتانيا تلك الكلمات الغامضة...و التي لم يفهمها رئيس المنظمة نفسه....التفتت هذه الأخيرة نحو الحاضرين قائلة بهدوء :
" تذكرت...بالنسبة لشرف الأتشيزورس.....جميعكم عرف الإجابة في نفس الوقت للأسف...لهذا لا يمكنني جعلكم جميعا أتشيزورس فهذا سيدمر القارة في أقل من نصف يوم "
خرجت ساتانيا مباشرة من قاعة الاجتماع بعد أن سجلت حضورها....و بعد أن أخذت جهاز التسجيل الذي وضعته تحت الطاولة....و في تلك اللحظات أسرعت رئيسة فيلق العنقاء للحاق بها...كأنها أرادت التحدث معها
" سيدتي....سيدتي "
استدارت ساتانيا نحو الرئيسة مجيبة عليها قائلة بهدوء :
" اااه أهذه أنت ؟... "
أومأت الرئيسة برأسها....
" نعم...أعتقد أن الأمر سار كما خططنا له تماما....شكرا لك لتعاونك معي...."

ابتسمت ساتانيا ابتسامة لطيفة....مربتة على رأس الرئيسة رغم أنها أكبر منها....قائلة :
" آه لا داعي للشكر....لا تنسي أننا نشترك الهدف...."
أنزلت ساتانيا رأسها نحو الأسفل و كأنها شعرت بالحزن فجأة....ثم واصلت كلامها بنبرة غريبة قائلة :
" أتمنى أن تتكفلي بالباقي....تبدو الأمور معقدة عليه تماما....لهذا لا أريد أن أزيد الأمور تعقيدا عليه....بأن أظهر له حقيقة ما أكون....لا أصدق أنه نساني تماما....لم أتصور أن يحدث ذلك مطلقا...لقد قسم قلبي في تلك اللحظة "
ثم قامت بإعطاء جهاز التسجيل للرئيسة مواصلة حديثها الغامض قائلة :
" خذي هذه...و تكفلي بالباقي....حتما ستأتي اللحظة التي...سأجعله يتذكرني مجددا "
صنعت رئيسة فيل العنقاء وجها جادا....قائلة بنبرة صارمة :
"حسنا طلباتك أوامر سيدتي....عمت مساءً "


2019/08/27 · 374 مشاهدة · 1480 كلمة
zeedo
نادي الروايات - 2024