تقدّم غريب عبر غابة كثيفة، يقترب من مستوطنة حدودية محاطة بأسوار خشبية عالية. عند البوابة، وقف عدد من الحراس، أغلبهم يحملون علامات القوة الناتجة عن أكل لحم البشر.

عندما حاول غريب العبور، أوقفه أحد الحراس بنبرة حادة:

"ماذا تفعل هنا؟"

أجاب غريب بصوت خافت بالكاد يُسمع:

"أمرني أحدهم بالقدوم إلى هنا..."

اقترب الحارس منه محاولًا دفعه بعيدًا، لكن صرخة من أحد القادة خلفهم:

"اتركه يمر. نحن بحاجة إلى المزيد من الرجال لإبادة المسوخ."

أومأ الحارس بطاعة، وسمح لغريب بالعبور. اقترب القائد من غريب وسأله:

"هل ترغب بالانضمام إلى فرقتنا؟"

رد غريب دون تردد:

"لا. فقط أريد المرور."

تأمل القائد ملامحه قليلًا، ثم أشار إلى أحد الخدم قائلاً:

"جهّز له غرفة وبعض الملابس."

قاد الخادم غريب إلى غرفة ضيقة مصنوعة من خشب رخيص، وسلّمه ملابس نظيفة.

قال غريب وهو ينظر حوله:

"هل يوجد مكان لأغتسل فيه؟"

أجابه الخادم: "نعم، خلف المبنى."

بعد مغادرة الخادم، جلس غريب بصمت. ساد الهدوء المكان... حتى قطعه صوت السيف بصوته الخشن:

"لِمَ رفضت الذهاب مع المرتزقة؟ هذه فرصة لتتعلم. لحم البشر وحده لا يصنع محاربًا."

تنهد غريب وقال:

"ذهني مزدحم... لم أعد أتحمل هذه اللعنة. أكل البشر يدفعني نحو الجنون. لا أريد أن أتحول إلى وحش بلا ضمير."

ضحك السيف بصوت أجش:

"أنت ثاني شخص يقول هذا. الأول كان غريب قبلك... لقد كان ممتعًا. إن كنت ترفض أكل الأبرياء، فافترس المتحولين. على الأقل، سيكون للجنون طعمٌ أنظف."

أجاب غريب بتردد:

"ربما... لكنها تبقى أرواح بشر."

قال السيف:

"أفضل من أكل الضعفاء. لا تنسَ، لحم المتحولين أشد تأثيرًا، وقد يُسرّع تحولك... أو يُقويك."

سكت غريب قليلًا ثم قال:

"حسنًا. سأجرب... وسأحاول ألا أفقد نفسي."

قاطعه السيف:

"إذن، انضم إليهم. تعلّم كيف تقاتل. لا تعوّل على الحظ مجددًا، فلن تنجو مرة أخرى كما في السابق."

حلّ الليل، وساد ظلام كثيف بلا نجوم. وقف غريب وتوجه بهدوء إلى مكان الاغتسال، غارقًا في أفكاره.

2025/05/04 · 1 مشاهدة · 294 كلمة
Amen
نادي الروايات - 2025