وصل غريب إلى بحيرة خلف المستوطنة، دخلها لينظف نفسه ويبدّل ملابسه. كان المكان مظلمًا لدرجة أن العين المجردة لا تكاد ترى شيئًا، ولولا امتلاكه لقدرة النظر في الظلام، لما استطاع التحرك.
بعد أن استحمّ وارتدى ملابس جديدة، شعر بحدسه أن هناك شخصًا قريبًا. حمل سيفه، وألقى نظرة وسط الغابة. لم يكن سوى قائد المرتزقة.
اقترب منه، فتفاجأ القائد وقال بصوت واضح:
"ماذا تفعل هنا وحدك في هذا الظلام؟ هيا، تعال اجلس بجانبي لنتحدث قليلًا."
جلس غريب بجواره، فقال القائد مبتسمًا:
"حسنًا، دعنا نتعرّف، أنا لا أعرف حتى اسمك. اسمي كاين، أنا قائد فرقة مرتزقة نحارب المسوخ مقابل الذهب. وأنت؟"
تجمّد غريب للحظة، وسمع همسات السيف في رأسه:
"انتبِه، لا تخبره أنك لست من هذا العالم. فقط قل إن اسمك غريب."
فأجاب:
"لا أملك اسمًا… فقط نادني غريب."
مال كاين للخلف مستلقيًا وقال:
"حسنًا، يا غريب… وماذا تفعل في هذا المكان؟"
ردّ غريب بهدوء:
"لا أعرف تمامًا، كنت فقط أحاول العبور… لكني أرغب بالانضمام إليكم. أريد أن أتعلم لأتمكن من النجاة."
تنهد كاين وقال:
"سأقبل بانضمامك بشرط أن تأتي غدًا إلى ساحة التدريب لنرى ما يمكنك فعله."
قاطع غريب قائلاً بحماسة لم يُظهرها منذ وصوله إلى هذا العالم:
"أوافق، فقط علّمني القتال يوميًا."
نهض كاين وتحدث بنبرة جادة:
"نبدأ من هذه اللحظة. لا أعرف لماذا أشعر برغبة في مساعدتك، رغم أني لا أعرفك جيدًا… لكن تذكّر: التركيز مفتاح النجاة."
شعر غريب بسعادة لم يعهدها من قبل.
قال كاين بهدوء:
"أمسك سيفك وتعال إلي بكل ما لديك."
سحب غريب سيفه الأسود، فتلألأت شفرته بضوء باهت في الظلام.
صرخ:
"أنا قادم، أيها القائد!"
صدّ كاين الهجوم بسهولة، ثم طرحه أرضًا.
"كيف ما زلت على قيد الحياة بهذه المهارة؟!" تمتم متفاجئًا.
استمر التدريب لبعض الوقت حتى قال كاين:
"كفى لليوم. الراحة مهمة أيضًا. اذهب الآن."
جمع غريب سيفه، وعاد إلى غرفته، ثم غطّ في نوم عميق.