فصل 14:"اختبار القتال الأول"
استيقظ غريب من نومه على أشعة شمس دافئة تتسلل عبر النافذة الخشبية.
"هذه أول مرة أنام دون كوابيس أو ذكريات مجهولة..." همس لنفسه.
قال مخاطبًا سيفه:
"أيها السيف، ماذا سنفعل اليوم؟"
أجاب السيف بصوته الجاف:
"هل نسيت حديثنا البارحة؟ أتراك ترمي ذكرياتك في القمامة؟ اليوم هو يوم التدريب مع فرقة المرتزقة. هيا، بدّل ملابسك واذهب. لا تعتمد عليَّ وحدي. صحيح أنني أستطيع مساعدتك في اللحظات الحرجة، لكنك من عليه أن يقاتل."
خرج غريب إلى الساحة الصغيرة قرب غرفته، تناول بعض الطعام البسيط من الفواكه وحساء ساخن، ثم توجّه مسرعًا إلى ساحة التدريب.
هناك، رأى القائد كاين يقف وسط مجموعة من الجنود المتدربين.
لمح كاين غريب وصرخ:
"أيها غريب! تعال بسرعة! لا تأخير اليوم. كل من هنا يبدأ بالركض الآن!"
انطلقت المجموعة في سباق طويل، وغريب كان في وسطهم. لم يكن الأضعف، فقد منحه لحم البشر قوة وثباتًا يفوقان قدرته السابقة.
بعد أكثر من ثلاث ساعات من الجري المتواصل، أمر كاين الجميع بالتوقف، ثم سلّمهم سيوفًا خشبية.
"الآن، سنبدأ تدريبكم على فنون القتال بالسيف وبعض المهارات الخاصة."
بدأ المتدربون التأرجح بالسيوف الخشبية. غريب لم يكن جديدًا تمامًا على هذا، فقد وجد في ذكرياته القديمة بعض الإشارات إلى استخدام السيف، لكنه كان بحاجة إلى صقل تلك المهارات.
---
مرّ أسبوعان وهم يتدرّبون دون انقطاع. ثم جاء اليوم المنتظر: الاختبار الأول.
تقدّم أول مقاتلين:
الأول يُدعى رافين، ذو بنية طبيعية ونظرات حادة.
الثاني، درانوس، عملاق يبلغ طوله مترين، جسده أشبه بجبل متحرّك.
رفع كلاهما سيوفهما.
اندفع درانوس كالصخرة المنطلقة، قدماه تهزّان الأرض تحت وزنه، واصطدم بـ رافين، فانفجرت شرارات نارية من حديد سيوفهما، وغبار كثيف غطى ساحة النزال.
تراجعا قليلاً بعد الضربة الأولى. فجأة، خدش رافين ذراعه فظهرت عليها حراشف داكنة كقشور التنين. نبت نصل قصير من يده، ورفع ذراعه مطلقًا منها موجة من الماء المغلي باتجاه خصمه.
لكن درانوس لم يكن خصمًا سهلًا؛ فقد ظهرت على جسده دروع حجرية صدّت الماء، رغم أن البخار الناتج ترك حروقًا واضحة في بشرته.
ثم... اختفى رافين.
بحث درانوس في كل اتجاه، لكن لم يكن هناك أثر له.
من إحدى قطرات الماء المتبقية على الأرض، خرج رافين فجأة كالشبح، وطعن خصمه في وجهه.
صرخ كاين:
"الفائز، رافين!"
غريب كان مذهولًا مما رأى.
ثم جاء دوره، ضد رجل يُدعى زارك، أحد المحرّمين الذين تطوّعوا للقتال. كان زارك يحمل خنجرًا مسمومًا، ويخفي فمه خلف قطعة قماش سوداء.
لكن دون انتظار إعلان كاين، هجم زارك فجأة، محاولًا قطع يد غريب قبل أن يتمكن من سحب سيفه.
تفطّن غريب بسرعة، قفز للخلف وسحب سيفه الأسود اللامع من غمده، ثم اندفع للأمام كوميض برق.
بضربة حاسمة، قطع يد زارك اليسرى، وقف وسط الساحة والدم يقطر من سيفه.
لكن زارك لم يسقط.
من مكان اليد المقطوعة، خرجت يد لزجة سوداء...
"لقد تحوّل إلى مسخ!" صرخ أحد الجنود.